الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحل، وجعله دم فساد؛ فإن بها لا يثبت إلا بنص أو إجماع، أو دليل يجب المصير إليه، وهو منتف
(1)
.
الدليل الخامس:
حيض المرأة: خروج دمها في أوقات معلومة لغة وشرعاً، وهذا كذلك، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة إلى قدر عادتها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجلسي قدر الأيام التى كنت تحيضين فيها"، فدل على أن عادة النساء معتبرة فى وصف الدم وحكمه، فإذا جرى دم الحامل على عادتها المعتادة ووقتها من غير زيادة ولا نقصان، ولا انتقال دلت عادتها على أنه حيض، ووجب تحكيم عادتها وتقديمها على الفساد الخارج عن العادة
(2)
.
الدليل السادس:
[30]
ما أخرجه الدارمي، قال: أخبرنا حجاج، ثنا حماد، عن يحيى ابن سعيد، عن عائشة، أنها قالت: إذا رأت الحبلى الدم فلتمسك عن الصلاة فإنه حيض
(3)
.
[صحيح لغيره]
(4)
.
(1)
انظر المرجع السابق.
(2)
زاد المعاد (4/ 235).
(3)
سنن الدارمي (928).
(4)
ورواه الدارمي أيضاً (294): أخبرنا أَبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سعيد، قال: أمر لا يختلف فيه عندنا عن عائشة: المرأة الحبلى إذا رأت الدم أنها لا تصلي حتي تطهر.
وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا أن فيه انقطاعاً؛ فإن يحيى بن سعيد لم يدرك عائشة.
قال علي بن المديني: لا أعلمه سمع من صحابي غير أنس. قلت: لم يذكر المزي من شيوخه عائشة، بل ولا ذكر من شيوخه امرأة غير عمرة بنت عبد الرحمان، وهي تابعية. وليحيى متابع فقد روته أم علقمة عن عائشة. أخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 239) من طريق ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد، عن بكير بن عبد الله، عن أم علقمة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سئلت عن الحامل ترى الدم. أتصلي؟. قالت: لا تصلى، حتى يذهب الدم.
وابن لهيعة هنا الراوي عنه عبد الله بن وهب، وهو ممن أمسك عن الرواية عنه بعد احتراق كتبه، وقد تابعة ثقة الليث بن سعد.
وفي الإسناد: أم علقمة واسمها مرجانة.
روى لها البخاري تعليقاً، في كتاب الحيض، باب (19): إقبال المحيض وإدباره، روى عنها ابنها علقمة كما في الموطأ (1/ 59)، وبكير بن عبد الله الأشج، كما في سنن البيهقي (1/ 423، 281، 61).
وذكرها ابن حبان في الثقات. الثقات (5/ 466).
وذكرها الذهبي في الميزان (4/ 610) من المجهولات.
وفي التقريب: مقبولة، يعني حيث توبعت.
والذي أراه أن حديثها في مرتبة الحسن لذاته.
أولاً: لأنها من التابعين، والكلام في التابعين قليل، واشتراط أن يوجد فيها نص على توثيقها متعسر؛ لقلة الكلام في الرواة، ولكون الكذب في عهدهم لم يتفش.
ثانياً: البخاري قد علق في كتاب الحيض، في باب (19) إقبال الحيض وإدباره أثراً عن عائشة بصيغة الجزم، وهذا يقتضي صحته إلى من علقه عنها، وهو لا يعرف إلا من رواية أم علقمة، عن عائشة، فلو كان فيها ما يقدح في روايتها لعلقه البخاري عنها، عن عائشة.
ثالثاً: أن مالكاً أخرج لها في الموطأ (1/ 59)، ومعلوم شدة الإمام مالك، وتنقيته
أجاب أصحاب القول الأول عن أثر عائشة:
بأن كلامها محمول على ما تراه قريباً من الولادة بيوم أو يومين، وأنه نفاس جمعاً بين قوليها.
قلت: هذا الجواب من الممكن أن يقبل لو قالت: لا تصلي، وأما مع التصريح بأنه حيض كما في رواية يحيى بن سعيد، عنها فلا يصح هذا الاحتمال.
والراجح من الأقوال أن الحامل تحيض، لكن لما كان الغالب في الحامل
للرجال، وهي مدنية، ومالك من أعلم الناس في أهل المدينة. والله أعلم.
وقد نقلت في أدلة القول الأول ترجيح الإمام أحمد لرواية أم علقمة عن عائشة، على رواية عطاء عنها. وبالتالي فالأثر عن عائشة إذا انضم إلى الطريق الأول يكون صحيحاً لغيره.
وروى مالك في الموطأ (1/ 60) أنه سأل ابن شهاب عن المرأة الحامل ترى الدم قال تكف عن الصلاة قال يحيى: قال مالك وذلك الأمر عندنا.
وقد رواه الدارمي (921) حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مالك به. وهذا إسناد صحيح.
وروى الدارمي (927) أخبرنا حجاج، ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني أنه قال: امرأتي تحيض، وهي حبلى.
[إسناده صحيح].
قال أَبو محمد الدارمي: سمعت سليمان بن حرب يقول: امرأتي تحيض، وهي حبلى.
وروى الدارمي أيضاً (926) أخبرنا أَبو النعمان، ثنا أَبو عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} [الرعد: 8]، قال: إذا حاضت المرأة، وهي حامل، قال: يكون ذلك نقصاناً من الولد، فإذا زادت على تسعة أشهر كان تماماً لما نقص من ولدها.
وهذا سند صحيح عن مجاهد. وثبت مثله عن عكرمة.
وممن قال إن الحامل تحيض: قتادة وربيعة، ومالك والليث بن سعد، وعبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهوية، وجماعة. انظر التمهيد كما في فتح البر (3/ 499)، وزاد المعاد (4/ 234).
أنها لا تحيض كان الواجب على المرأة أن تتأكد بأنه دم حيض، بحيث يمكن أن نقول: إن استمرت عادتها، ولم تنقطع أبداً بسبب الحمل بحيث تأتيها في وقتها من كل شهر، فهذا واضح أنه حيض يمنعها من الصلاة والصيام، وإن انقطعت عادتها بسبب الحمل، ثم عاودها الدم نظرت:
فإن كان صفرة أو كدرة لم تلتفت إليه؛ لأن الصفرة والكدرة بعد الطهر لا يلتفت إليها. وإن كان دماً، فإن كان إنما نزل عليها قطعة من الدم ثم توقف لم تلتفت إليه أيضاً لاحتمال أن تكون حملت شيئاً ثقيلاً، فنزل معها هذا الدم. وإن كان دماً استمر معها نزوله نظرت المرأة إلى طبيعة الدم، وما تعرفه من عادتها، لأن هذا الدم قد يكون مقدمة لسقوط الجنين، وهو ما يسمى عند نسائنا (العوار) وإن كان الدم دم الحيض بلونه ورائحته وثخونته التي تعهدها المرأة من دم الحيض كفت عن الصلاة، وإن شكت المرأة لم تمتنع عن الصلاة، وإنما قلت: لم تمتنع بالشك، لأمرين:
الأول: أن وجوب الصلاة متيقن، ووجود المانع مشكوك فيه، والشك لا يقضي على اليقين.
الثاني: أن دم الحيض قد ارتفع بسبب الحمل، فيُسْتَصحب هذا الحكم حتى يتيقن نزوله. والله أعلم بالصواب.
هكذا كان الرأي قبل مراجعة كلام الأطباء، وهم أهل الاختصاص، وبعد مراجعة المراجع الطبيه تبين لي أن الحامل لا يمكن أن تحيض بحال، وأن ما تراه المرأة من الدم لا ينطبق عليه أنه حيض، وإليك كلامهم:
لا بد من التصور أولاً كيف يحدث الحيض؟ ثم بعد ذلك إذا عرف مصدر دم الحيض كان من السهولة معرفة هل الحامل تحيض أم لا؟
يقرر الأطباء أن الدورة تبدأ مباشرة بعد الحيض؛ حيث يكون الغشاء المبطن للرحم رقيقاً وبسيطاً، ولا تزيد ثخونته عن نصف ميليمتر، ثم تأتي مرحلة النمو بواسطة تأثير هرمون الانوثة (الاوستروجين) الذي تفرزه حويصلة جراف من المبيض، فينمو الرحم وأوعيته الدموية، وكذلك تنمو غدد الرحم، وتبدو كالأنابيب
…
ويبلغ ثخونة غشاء الرحم في هذه المرحلة خمسة ميليمترات
…
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الافراز بواسطة تأثير هرمون الحمل (البروجسترون) الذى تفرزه حويصلة جراف بالمبيض بعد خروج البويضة منها، وتدعى الحويصلة عندئذٍ الجسم الأصفر .. وينمو غشاء الرحم نمواً عظيماً، ويبطن الغشاء بطبقات وثيرة من الدماء والغذاء، وتنمو غدد الرحم نمواً هائلاً استعدداً لعلوق البويضة الملقحة (النطفة الامشاج) .. وتبلغ ثخونة غشاء الرحم في هذه المرحلة ثمانية ميليمترات (أي 16 ضعف ما كان عليه عند بدء الدورة)
(1)
.
(1)
يقول الدكتور البار في كتابه خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 75): "ينمو الرحم نمواً هائلاً، وينمو حجمه من شق صغير لا يتسع لأكثر من ميليمترين ونصف إلى عضو ضخم تبلغ سعته سبعة آلاف ميليمتر".
ويقول أيضاً: باختصار إن نمو الرحم أثناء الحيض هو أعظم وأسرع نمو في جسم الإنسان، حي أخطر السرطانات، وأسرعها نمواً لا تنمو مثل نموه. إن الرحم الذي يبلغ طوله
فإذ حصل الحمل بإذن الله، وعلقت البويضة استمر الرحم في النمو، ويصبح الجسم الأصفر هو جسم الحمل المُنَمِّي له بواسطة إفراز هرمون الحمل، إما إذا قدر الله ولم يحصل الحمل فإن الرحم تنقبض أوعيته الدموية انقباضاً شديداً تمنع فيه تغذية الغشاء حتى يتفتت ويسقط الغشاء المبطن بالدماء والغدد على شكل دم الحيض، وينهار البناء بكامله، ويبكي الرحم دماً هو دم الحيض
(1)
.
هكذا يحصل حيض المرأة، فإذا كان كذلك ففي ضوء هذه المعطيات الطبية لا يمكن أن يكون الدم الخارج من المرأة، وهي حامل أن يعتبر حيضاً:
يقول الدكتور محي الدين كحالة اختصاصي أمراض وجراحة النساء والتوليد، يؤكد أن الدورة الشهرية للمرأة (الطمث) هى القاعدة التي تهيء الرحم للحمل، وبالتالي فلا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار ما ينزل من دم على المرأة الحامل هو الحيض الطبيعي للمرأة، بل هو دم مرضي، يسمى في الفقه استحاضة
وذكر أن ما تتوهمه الحامل حيضاً: هو في حقيقته دم خلاف طبيعة الحيض، وله أسباب كثيرة منها:
1 -
نزول الدم الناتج عن انفجار حويصلة البويضة، يظهر بعد أسبوعين من حمل المرأة.
ثلاث بوصات، وعرضه بوصتين، وسمكه بوصة، قبيل الحمل ينقلب كيانه انقلاباً تاماً أثناء الحمل
…
ويتضاعف وزنه بما يحمله مئات المرات" اهـ
(1)
انظر خلق الإنسان بين الطب والقرآن (ص: 77).
2 -
نزول دم ناتج عن انغماد البويضة في الرحم بشكل يؤثر على جدار الرحم، ويسبب نزيفاً، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من الحمل.
3 -
نزول دم قد يستمر من ثلاثة أسابيع إلى تسعة: الأولى من الحمل بسبب عدم امتلاء تجويف الرحم بالجنين.
4 -
نزيف ناتج عن التهاب في عنق الرحم في أي وقت من الحمل.
5 -
نزيف ناتج عن لحمية في عنق الرحم في أي وقت من الحمل.
6 -
جرح في المشيمة يؤدي إلى نزيف.
7 -
مرضي سرطاني.
8 -
نزف فى حالة حمل هاجر في الأنبوب، حيث يكون الرحم خالياً، وينمو الجنين فى أنبوب الرحم
(1)
.
(1)
نقله صاحب كتاب أحكام المرأة الحامل (ص: 27) من بحث في أقل مدة الحيض والنفاس والحمل وأكثرها وقائع الندوة الثالثة الطبية للفقه الطبي. نبيه الجيار. الكويت 18/ 4/ 1987 م.