الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: بل جاء في المبسوط للسرخسي: "ابنة أبي مطيع البلخي، صارت جدة ولها من العمر تسعة عشر عاماً" اهـ
(1)
.
وحساب ذلك أن يكون أبو مطيع زوج ابنته، وهي ابنة تسع سنين فوضعت لأقل الحمل: أي بعد ستة أشهر، وكانت أنثى، وزوجها هي الأخرى، وعمرها تسع سنين، فوضعت لأقل الحمل هي الأخرى، فأصبحت الأم جدة، وعمرها تسعة عشر عاماً.
دليل من قال: يمكن أن تحيض الجارية وعمرها ست سنوات
.
لا أعلم له دليلاً، لا من الأثر، ولا من النظر. وإنما قال ذلك أبو نصر محمَّد بن سلام، وقد سئل كما في المبسوط: عن ابنة ست سنين إذا رأت الدم، فهل يكون هذا دم حيض؟
فأجاب: إن تمادى بها مدة الحيض، ولم يكن نزوله لآفة، فهو حيض
(2)
.
فهذا جواب على سؤال افتراضي لا دليل عليه لا من الأثر، ولا من النظر ولم يكن سؤالاً عن أمر واقع حتى يبنى عليه حكم. والله أعلم.
قوله: "وقد رأيت جدة لها إحدى وعشرون سنة
…
" فهذه لم تثبت عنه، فقد رواها البيهقي (1/ 319) من طريق أحمد بن طاهر ابن حرملة، قال: حدثني جدي، عن الشافعي قال: رأيت بصنعاء جدة لها إحدى وعشرين سنة.
وأحمد بن طاهر هذا كذبه الدارقطني، وقال ابن عدي: حدث عن جده، عن الشافعي حكايات بواطيل، يطول ذكرها. انظر الميزان (1/ 105).
(1)
المبسوط (3/ 149).
(2)
المبسوط (3/ 149).
دليل من حدد سن الحيض بسبع سنين.
[19]
استدلوا بما رواه أَحمد، قال: حدثنا محمَّد بن عبد الرحمن الطفاوي، وعبد الله بن بكر السهمي، المعنى واحد قالا: حدثنا سوار أبو حمزة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه: عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. وإذا أنكح أحدكم عبده فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإنما أسفل من سرته إلى ركبته من عورته"
(1)
.
[صحيح لغيره]
(2)
.
(1)
المسند (2/ 187).
(2)
الإسناد مداره على سوار بن داود المزني أبي حمزة الصيرفي.
قال أحمد: شيخ بصري، لا بأس به. روى عنه وكيع فقلب اسمه، وهو شيخ يوثق بالبصرة. لم يرو عنه غير هذا الحديث. يعني: حديثه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "علموا أولادكم الصلاة". الجرح والتعديل (4/ 272)، تهذيب الكمال (12/ 236).
ووثقه يحيى بن معين، كما في رواية إسحاق بن منصور عنه. الجرح والتعديل (4/ 272)، تهذيب التهذيب (4/ 253).
وقال الدارقطني: لا يتابع على حديثه فيعتبر به. تهذيب الكمال (12/ 236) تهذيب (4/ 253).
وذكره العقيلي في الضعفاء. الضعفاء الكبير (2/ 167).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. الثقات (1/ 422).
وفي التقريب: صدوق له أوهام.
قلت: إذا كان الأمر كما قال أحمد: لم يرو عنه إلا حديث واحد: "مرو أبناءكم بالصلاة
…
" فكيف يمكن أن يقال: له أوهام. ولعل الحافظ تابع ابن حبان حين ذكره في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثقات، وقال: يخطئ، ولو اقتصر الحافظ على كلمة (صدوق) لكان أولى.
أما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. فقد اختلف الناس فيه:
فمنهم من ضعفه مطلقاً.
ومنهم من وثقه مطلقاً.
ومنهم من وثق عمراً في روايته عن غير أبيه.
والحق أن حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده من قبيل الحسن لذاته. وإليك تفصيل هذه الأقوال:
أما من ضعفه مطلقاً، فمنهم يحيى بن سعيد، فقد نقل عنه علي بن المديني أنه قال: حديثه عندنا واهٍ. الجرح والتعديل (6/ 238)، الكامل (5/ 114).
وقال ابن عيينة: حديثه عند الناس فيه شيء. تهذيب الكمال (22/ 64).
وقال أيضاً: غيره خير منه. وهذا من الجرح. الضعفاء الكبير - العقيلي (3/ 273).
وقال أحمد: له أشياء مناكير، وإنما يكتب حديثه، يعتبر به، فأما أن يكون حجة فلا. تهذيب الكمال (22/ 64).
وقال يحيى بن معين: ليس بذاك، كما في رواية أبي بكر بن أبي خيثمة. الجرح والتعديل (6/ 238).
وقال الآجري: قيل لأبي داود، عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، حجة عندك؟ قال: لا، ولا نصف حجة.
قلت: ينبغي أن يحمل تضعيفه على روايته عن أبيه، عن جده، فهذا يحيى القطان يقول فيما رواه صدقة بن الفضل عنه: إذا روى عنه الثقات، فهو ثقة يحتج به.
ومنهم من وثقه مطلقاً.
قال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين. قال البخاري: من الناس بعدهم؟ تهذيب الكمال (22/ 69)، والتاريخ الكبير (6/ 342) وليس في التاريخ قوله:"من الناس بعدهم". وانظر الترمذي (2/ 140).
وقال يحيى بن معين: ثقة، كما في رواية الدوري عنه. الجرح والتعديل (6/ 238)،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولعله يقصد روايته عن غير أبيه، لأني نقلت عنه قبل قليل قوله: ليس بذاك.
وقال العجلي: ثقة. ثقات العجلي (2/ 178).
ومن الناس من فصل:
قال ابن حبان: فليس الحكم عندي إلا مجانبة ما روى عن أبيه، عن جده، ولاحتجاج بما روى عن الثقات غير أبيه، ولولا كراهة التطويل لذكرت من مناكير أخباره التي رواه عن أبيه، عن جده أشياء يستدل بها على وهن هذا الإسناد. المجروحين. (2/ 71).
وقال يحيى بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فهو كتاب ومن هنا جاء ضعفه، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب، أو سليمان بن يسار أو عروة فهو ثقة عن هؤلاء.
وقال أبو زرعة: روى عنه الثقات مثل أيوب السختياني وأبي حازم والزهري والحكم ابن عتيبة، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه، عن جده، وقال: إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها. وقال أبو زرعة: ما أقل ما نصيب عنه مما روى عن أبيه عن جده من المنكر وعامة هذه المناكير التي تروى عنه إنما هي عن المثنى بن الصباح وابن لهيعة، والضعفاء.
وقال أبو رزعة أيضاً: مكي كأنه ثقة في نفسه، وإنما تكلم فيه بسبب كتاب عنده. الجرح والتعديل (6/ 238).
قال ابن حجر: فأما روايته عن أبيه فربما دلس ما في الصحيفة بلفظ: "عن" فإذا قال: حدثني أبي فلا ريب في صحتها، كما يقتضيه كلام أبي زرعة.
وقال: "والمقصود بجده الجد الأعلى: عبد الله بن عمرو، لا محمَّد بن عبد الله. وقد صرح شعيب بسماعه من عبد الله، ثم ساق جملة من الأحاديث في التهذيب يصرح فيها شعيب بسماعه من عبد الله بن عمرو. تهذيب التهذيب (8/ 43).
وقال ابن عدي: روى عنه أئمة الناس وثقاتهم، وجماعة من الضعفاء، إلا أن أحاديثه عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم اجتنبه الناس مع احتمالهم إياه، ولم يدخلوه في صحاح ما خرجوه، وقالوا: هى صحيحة. الكامل (5/ 114).
وقال ابن معين: هو ثقة في نفسه، ومما روى عن أبيه عن جده لا حجة فيه وليس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بمتصل، وهو ضعيف من قبل أنه مرسل. وجد شعيب كتب عبد الله بن عمرو فكان يرويها عن جده أرسالاً، وهي صحاح عن عبد الله غير أنه لم يسمعها. تهذيب التهذيب (8/ 43).
قال ابن حجر: فإذا شهد ابن معين أن أحاديثه صحاح غير أنه لم يسمعها، وصح سماعه لبعضها، فغاية الباقي أن يكون وجادة صحيحة، وهو أحد وجوه التحمل. اهـ.
وهذا هو غاية التحرير. وبناء عليه يكون إسناد حديثنا: "مروا أبناءكم بالصلاة" حسناً إن شاء الله تعالى.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 304) ح 3482: حدثنا وكيع، عن داود بن سوار. به، انقلب اسمه على وكيع، كما لم يرو زيادة:"إذا نكح أحدكم عبده": لكن أخرجه أبو داود (496): حدثنا زهير بن حرب، حدثنا وكيع به، بذكر الزيادة.
وأخرجه أبو داود (495): حدثنا مؤمل بن هشام - يعني: اليشكري - حدثنا إسماعيل، عن سوار أبي حمزة به، بدون ذكر الزيادة.
وأخرجه الدارقطني (1/ 230) من طريق النضر بن شميل، ومن طريق عبد الله بن بكر السهمي، فرقهما، عن سوار أبي حمزة به. بذكر الزيادة من كليهما. وأخرجه الحاكم (1/ 197) عن طريق عبد الله بن بكر السهمي به.
ومن طريق عبد الله بن بكر، أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 167) والخطب في تاريخه (2/ 278) والبيهقي (3/ 84).
وله شاهد ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 304) ح 3481، وأحمد (3/ 404) والدارمي (1431) وابن الجارود في المنتقى (147) وأبو داود (494) والترمذي (407) وقال: حسن صحيح. والطحاوي في مشكل الآثار (3/ 231) والدارقطني (1/ 230) والحاكم (1/ 201) وقال: صحيح على شرط مسلم!! وأقره الذهبي!! وأخرجه البيهقي (2/ 14)(3/ 83) كلهم من طريق عبد الملك بن الربيع بن سبرة، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغ الغلام سبع سنين أمر بالصلاة، فإذا بلغ عشراً ضرب عليها".
هذا لفظ أحمد. والحديث إسناده ضعيف. فيه عبد الملك بن الربيع.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال ابن معين: أحاديث عبد الملك، عن أبيه، عن جده ضعاف. الجرح والتعديل (5/ 350).
وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً يروي عن أبيه ما لم يتابع عليه. المجروحين (2/ 132).
ووثقه العجلي.
وقال أبو الحسن بن القطان: لم تثبت عدالته، وإن كان مسلم أخرج له، فغير محتج به. تهذيب التهذيب (6/ 349).
يقصد أن مسلماً لم يحتج به. وإنما أخرج له حديثاً واحداً في المتعة متابعة، فليس على شرط مسلم. ولهذا لم يصب الحاكم عندما قال: على شرط مسلم. ومع ضعف إسناده إلا أنه صالح في الشواهد. فيكون الحديث صحيحاً لغيره.
وقد روي من حديث أنس. أخرجه الحارث في مسنده، كما في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (ص 48) قال: حدثنا داود بن المحبر، ثنا عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لثلاث عشرة".
وأخرجه الطبراني كما في مجمع البحرين (537): من طريق أبي بكر الأعين، ثنا داود ابن المحبر، ثنا أبي، عن ثمامة به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 231) من طريق الفضل بن سهل، ثنا داود بن المحبر، ثنا عبد الله ابن المثنى به.
فالحديث ضعيف جداً، وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (349) من مسند أنس. وقال: فيه داود بن المحبر، متروك، وقد خالف في هذا الحديث سنداً ومتناً.
يقصد الحافظ: مخالفته في الإسناد: وذلك بجعله من مسند أنس، وهو غير معروف، والمخالفة في المتن، فإن المعروف في لفظه:"واضربوهم عليها لعشر" وهذا قال: "لثلاث عشرة".
قلت: داود بن المحبر، قال فيه أبو حاتم: غير ثقة، ذاهب الحديث، منكر الحديث. الجرح
وجه الاستدلال:
قالوا: إن الأصل في الأمر الوجوب، ولا يؤمرون إلا إذا كانوا بالغين؛ لأن غير البالغ قد رفع عنه القلم.
وهذا الاستدلال فيه ضعف؛ لأن الأمر لم يوجه للصبيان، وإنما خوطب به الأولياء، من باب التربية، وتعويدهم على الصلاة وتدريبهم عليها، حتى إذا بلغوا كان قيامهم بالأمر سهلاً، ولو كان الخطاب موجهاً إليهم لكان ممكن أن يصح الاستدلال.
والتعديل (3/ 424).
وقال الدارقطني: متروك. تهذيب التهذيب (3/ 173).
وكذبه أحمد. ضعفاء الأصبهاني (61).
وقال أيضاً: شبه لا شيء، لا يدري ما الحديث. التاريخ الكبير (3/ 242)
وقال البخاري: منكر الحديث. التاريخ الكبير (3/ 244).
وقال أيضاً: منكر الحديث، شبه لا شيء، كان لا يدري ما الحديث. الضعفاء الصغير (110).
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث على "الثقات" ويروي عن المجاهيل المقلوبات.
وقال الدارقطني: كتاب العقل وضعه أربعة: أولهم ميسرة بن عبد ربه، تم سرقه منه داود ابن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة .. الخ كلام الدارقطني. تاريخ بغداد (8/ 359).
وقال يحيى بن معين: ثقة. فتعقبه الخطيب، وقال: حال داود ظاهرة في كونه غير ثقة، ولو لم يكن له غير وضعه كتاب العقل بأسره لكان دليلًا كافياً على ما ذكرته. تاريخ بغداد (8/ 359).
ومع شدة ضعفه فإن داود بن المحبر تارة يحدث به عن عبد الله بن المثنى وتارة يحدث به عن أبيه، والله أعلم.