الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع: إذا انقطع الدم عن المرأة الكبيرة، ثم عاد
إذا انقطع الدم عن المرأة الكبيرة لكونها كبيرة، ودام انقطاعه سنوات ثم عاودها الدم فما الحكم؟.
الجواب: إذا كانت صفرة أو كدرة فلا تلتفت إليه؛ لأن الصفرة والكدرة في زمن الحيض، ووقت العادة حيض، أما هذه فقد يئست، كما أن الدم إن كان مجرد قطعة من الدم لم يكن متصلاً فكذلك لا تلتفت إليه؛ لأن ذلك ربما كان ناتجاً عن حمل المرأة شيئاً ثقيلاً نزل على أثره قطعة من الدم. فإن كان الدم جارياً، ولا تعلم له سبب، فقد اختلف العلماء هل يكون دم فساد مثله مثل من به سلس بول، أو يكون حيضاً؟. والأقوال لا تخرج عن ثلاثة أقوال:
الأول: أنه دم فساد، يكون حكمه حكم من به حدث دائم.
قال أحمد في المرأة الكبيرة ترى الدم: لا يكون حيضاً، هو بمنزلة الجرح، وإن اغتسلت فحسن
(1)
. فلم يجعل حكمها كحكم الاستحاضة، وذلك بالعمل بالتمييز، أو العادة؛ لأنه لا يرى أن يتأتى منها الحيض، وهي بهذا السن.
وقال ابن رشد: "وأما العجوز التي لا يشبه أن تحيض، فما رأت من الدم حكم له بأنه دم علة وفساد لانتفاء الحيض مع الكبر، كما ينتفي مع الصغر"
(2)
.
(1)
المغني (1/ 447).
(2)
المقدمات (1/ 30).
القول الثاني:
إن كان الدم على صفة دم الحيض، فإنه حيض، وهو اختيار ابن حزم، قال:"وإن رأت العجوز المسنة دماً أسود فهو حيض مانع من الصلاة والصوم والطواف والوطء، برهان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه قبل بإسناده -: "إن دم الحيض أسود يعرف". وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأته بترك الصلاة، وقوله عليه السلام في الحديث: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم" فهذا دم أسود، وهي من بنات آدم، ولم يأت نص ولا إجماع بأنه ليس حيضاً، كما جاء به النص فى الحامل، فإن ذكروا قول الله عز وجل {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}
(1)
. قلنا: إنما أخبر الله تعالى عنهن بيأسهن، ولم يخبر تعالى أن يأسهن حق قاطع لحيضهن، ولم ننكر يأسهن من الحيض لكن قلنا: إن يأسهن من الحيض ليس مانعاً من أن يحدث الله تعالى لهن حيضاً، ولا أخبر تعالى بأن ذلك لا يكون ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}
(2)
فأخبر تعالى أنهن يائسات من النكاح، ولم يكن ذلك مانعاً من أن ينكحن بلا خلاف من أحد ولا فرق بين ورود الكلامين من الله تعالى من اللائي يئسن من المحيض، واللائي لا يرجون نكاحاً، فكلاهما حكم وارد في اللواتي يظنن هذين الظنين، وكلاهما لا يمنع مما يئسن منه من
(1)
الطلاق، آية:4.
(2)
النور، آية:60.
المحيض والنكاح. اهـ
(1)
.
وقال ابن تيمية: "إذا انقطع دمها ويئست من أن يعود، فقد يئست من المحيض، ولو كانت بنت أربعين، فإذا تربصت وعاد الدم، تبين أنها لم تكن آيسة" اهـ
(2)
.
ودليل آخر أن الله سبحانه وتعالى علق أحكام الحيض على وجوده، فقال سبحانه وتعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}
(3)
. فإذا وجد الأذى وجد حكمه، ولا فرق بين كونه يتقدمه طهر طويل، أو طهر قصير، ما دام أن هذا الدم له لون دم الحيض، ورائحته النتنة التي تعرفها المرأة من عادتها.
القول الثالث:
لا نحكم له بأنه حيض حتى يتكرر ثلاث مرات، وقد جاء في مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله "سألت أبي عن امرأة قد أتى عليها نيف وخمسون سنة، ولم تحض منذ سنة، وقد رأت منذ يومين دماً ليس بالكثير، ولكنها إذا استنجت رأته، ولم تفطر، ولم تترك الصلاة. ما ترى لها؟
(1)
المحلى (مسألة: 265).
(2)
مجموع الفتاوى (19/ 24)
(3)
البقرة، آية:222.
فقال أبي: لا تلتفت إليه، تصوم وتصلي، فإن عاودها بعد ذلك مرتين أو ثلاثاً فهذا حيض، وقد رجع تقضي الصوم. قلت: فالصلاة؟ قال: لا" اهـ
(1)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله (ص: 46).