الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع التاسع: صفة الغسل الكامل والمجزي
ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا فرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض، فقد روى ابن أبي شيبة، قال رحمه الله تعالى: حدثنا علي بن مسهر، عن عبيد الله - يعني: ابن عمر - عن عطاء والزهري قالا: الغسل من الجنابة والحيض واحد
(1)
.
وسنده صحيح.
ورواه الدارمي من طريق الأوزاعي، عن عطاء، والزهري به
(2)
.
وقال ابن عبد البر في التمهيد كما في فتح البر: قال مالك: اغتسال المرأة من المحيض كاغتسالها من الجنابة
(3)
.
وقال الشافعي في الأم: وغسلها من الحيض كغسلها من الجنابة لا يختلفان
(4)
.
ولعل قولهم: "غسل الجنابة والحيض واحد" يعني فيما يجب لا فيما يستحب، فالسدر، والمسك يستحبان في غسل الحيض والنفاس، ولا يستحبان في غسل الجنابة كما قد أوضحت".
وإذا كان غسل الجنابة والحيض واحداً، فسوف نفصل الاغتسال من
(1)
المصنف (1/ 74) رقم 804.
(2)
سنن الدارمي (1147).
(3)
فتح البر (3/ 421).
(4)
الأم (1/ 40).
الجنابة ما لم يرد ذكره مفصلاً في غسل الحيض، وسنعتمد إن شاء الله على مشروعيته والاستدلال عليه من وروده في غسل الجنابة.
فأقول وبالله التوفيق:
الغسل نوعان: كامل - ومجزي
أما صفة الكامل.
أولاً: أن تنوي، وقد ذكرنا موقف العلماء من حكم النية، فالجمهور على أن النية شرط، والأحناف على أن النية مستحبة، والحق مع الجمهور.
ثانياً: لا يشرع لها التسمية.
لكن إن توضأت المرأة قبل اغتسالها قد يستحب لها ذلك، وقد فصلنا الخلاف في هذا.
ثالثاً: غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالها في الإناء.
(195)
لما رواه البخاري ومسلم: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه
…
الحديث
(1)
. وهذا مستحب، إلا إن كانت قائمة من نوم الليل فالحنابلة يوجبونه
(2)
.
والجمهور على استحبابه
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (262)، ومسلم (316).
(2)
الإنصاف (1/ 130)، الكافي (1/ 26، 25)، الفروع (1/ 144)، كشاف القناع (1/ 92).
(3)
تبيين الحقائق (1/ 4، 3)، البحر الرئق (1/ 19، 18)، شرح فتح القدير (1/ 20)، البناية (1/ 124)، بداية المجتهد مع الهداية (1/ 105)، الشرح الصغير (1/ 118)، الخرشي
(196)
وفي حديث ميمونة في البخاري، ومسلم:
فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً
(1)
.
(197)
وفي حديث عائشة عند مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة فبدأ فغسل كفيه ثلاثاً
(2)
.
رابعاً: غسل الأذى الذي على البدن.
(198)
لما رواه مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل بدأ بيمينه فصب عليها من الماء فغسلها ثم صب الماء على الأذى الذي به بيمينه، وغسل عنه بشماله حتى إذا فرغ من ذلك صب على رأسه
(3)
.
قلت: وهذا الأذى إن كان يمنع وصول الماء كانت إزالته واجبة وإلا فمستحبة.
خامساً: تنظيف اليد بعد غسل الأذى.
(199)
لما روى البخاري، ومسلم، واللفظ له:
عن ميمونة رضي الله عنها قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه،
(1/ 132، 133)، حاشية الدسوقي (1/ 96)، الأم (1/ 24)، مغني المحتاج (1/ 57)، نهاية المحتاج (1/ 185).
(1)
صحيح البخاري (272)، ومسلم (317).
(2)
صحيح مسلم (316).
(3)
صحيح مسلم (321).
وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً
…
الحديث
(1)
.
فيستحب بعد غسل الأذى على البدن، أن تدلك يدها لتطهرها، إما بالأرض، أو بالحائط، أو ما يقوم مقامهما من الصابون ونحوه.
سادساً: البداءة بالغسل بأعضاء الوضوء.
وهو سنة، ومحله قبل الاغتسال، وتتوضأ إلا في رأسها فإنها تغسله بدل مسحه، ولا يشرع في هذا الوضوء غسل الأعضاء ثلاثاً بل تكتفي بغسلها مرة واحدة بنية رفع الحدث الأكبر، ثم تغسل بقية بدنها ولا تعيد غسل أعضاء الوضوء مرة ثانية، ولا تنقض شعرها لغسل الجنابة والحيض ولا لغيرهما، ويستحب لها غسل ما استرسل من الشعر، وسواء دخل الماء إلى باطن الضفائر أم لا.
والسنة في غسل الرأس أن تخلل شرها بالماء حتى إذا ظنت أنها قد أروت بشرة رأسها أفاضت عليه الماء ثلاثاً، مبتدأة بجانب رأسها الأيمن، ثم الأيسر ثم الأوسط، تعم رأسها فى كل حفنة، ولها أن تغسل رجليها مع الوضوء، ولها أن تؤخر غسل رجليها إلا بعد الفراغ من الغسل.
سابعاً: ثم تفيض الماء على ما تبقى من بدنها مرة واحدة.
ثامناً: يستحب لها أن يكون مع الماء سدر أو ما يقوم مقامه من صابون وغيره، وهذه للحائض والنفساء خاصة.
(1)
البخاري (257)، ومسلم (317) ..
تاسعاً: فإذا فرغت من غسلها أخذت قطعة من القطن، ووضعت فيها شيئاً من المسك ونحوه وتتبعت بها أثر الدم.
والغسل المجزي: أن تنوي وتعم بدنها بالغسل مرة