الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة
إِطلاق النهي عن الشيء لعينه يقتضي فساد المنهي عنه عندنا وعند جمهور الفقهاء من الحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية (3) والظاهرية (4) وغيرهم وبعض المتكلمين، قال الخَطَّابي (5): هذا مذهب العلماء في قديم الدهر وحديثه (6).
ثم قيل: النهي يدل (7) على الفساد شرعًا، وقيل: لغة، وتارة قاله أصحابنا، وتارة: لا.
(1) انظر: أصول السرخسي 1/ 80، وكشف الأسرار 1/ 257.
(2)
انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 73، ومختصره 2/ 95، وشرح تنقيح الفصول/ 173، ومفتاح الوصول/ 27.
(3)
انظر: اللمع/ 14، والتبصرة/ 100، والمستصفى 2/ 9، والمنخول/ 126، والأحكام للآمدي 2/ 188.
(4)
انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 188.
(5)
هو: أبو سليمان حَمْد بن محمَّد بن إِبراهيم بن الخطاب البُسْتي، حافظ فقيه محدث، توفي سنة 388 هـ.
من مؤلفاته: معالم السنن، وغريب الحديث.
انظر: وفيات الأعيان 1/ 453، وتذكرة الحفاظ/ 1081، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 282، والبداية والنهاية 11/ 236.
(6)
جاء في المسودة/ 83: ذكره الخطابي في الأعلام في النهي عن بيع الكلب. وانظر: معالم السنن 3/ 753.
(7)
نهاية 208 من (ح).
قال ابن عقيل (1): فلو قام دليل [على](2) أنه ليس للفساد لم يكن مجازًا؛ لأنه إِنما انتقل عن بعض موجَبه كمسألة صرفه عن التحريم إِلى التنزيه كما سبق (3).
وهذا المعنى في العدة (4) والتمهيد (5) وغيرهما.
قال بعض أصحابنا (6): مبني على أن الفساد مدلول عليه بلفظ النهي، وإلا فإِن علم بعقل أو شرع لم يكن (7) مجازاً ولا إِخراج (8) شيء، وكذا عدم كل دلالة لزومية: هل يَجعل اللفظ مجازاً؟ وهل يكون تخصيصًا؟
وقال كثير من الحنفية (9) كالكرخي (10) وعامة
(1) انظر: الواضح 2/ 44 ب، والمسودة/ 84.
(2)
ما بين المعقوفتين من (ظ).
(3)
في ص 659 - 660.
(4)
انظر: العدة / 441.
(5)
انظر: التمهيد/ 49 ب.
(6)
انظر: المسودة/ 84 - 85.
(7)
يعني: انتفاؤه.
(8)
يعني: ولا إِخراج بعض مدلول اللفظ.
(9)
انظر: مذهبهم في: أصول السرخسي 1/ 80، وكشف الإصرار 1/ 257، وتيسير التحرير 1/ 376، وفواتح الرحموت 1/ 399.
(10)
جاء في أصول الجصاص/ 110 أ: وكذلك -أي: القول بالفساد- كان يقول شيخنا أبو الحسن، إِلا أنه كان يقول مع ذلك: قد قامت الدلالة على أن النهي عنه إِذا كان=
المعتزلة (1) والأشعرية (2) والمتكلمين: لا يقتضي فسادًا، وحكاه الآمدي (3) عن محققي أصحابهم كالقفال والغزالي.
وذكر أبو محمَّد التميمي (4) عن أحمد (5): أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، وأن له عنده صيغة، وأن (6) أصحابه اختلفوا في ذلك.
وحكى جماعة (7) عن بعض العلماء: يقتضي الصحة. وفيه نظر.
وعند أبي الحسين (8): يقتضي فساد العبادات فقط.
وجه الأول: حديث عائشة عنه عليه السلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدّ). متفق عليه (9).
=إِنما تعلق النهي به لمعنى في غيره لا لنفسه لم يوجب فساد هذه العقود ولا القرب المعقولة.
(1)
انظر: المعتمد/ 184.
(2)
انظر: البرهان/ 283، والإِحكام للآمدي 2/ 188.
(3)
انظر: الإحكام للآمدي 2/ 188.
(4)
نهاية 75 ب من (ظ).
(5)
انظر: المسودة/ 22.
(6)
في (ح): واختلف في ذلك أصحابه.
(7)
انظر: المسودة/ 82.
(8)
انظر: المعتمد/ 184.
(9)
أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 184، ومسلم في صحيحه/ 1343 - 1344 واللفظ له.
ولأحمد: (من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو مردود)(1).
واعترض (2): آحاد، ثم: المراد: لا يثاب عليه.
وأجاب أصحابنا: تلقته الأمة بالقبول، فهو كالتواتر، ثم: هذا من مسائل الاجتهاد، فهو كالفروع (3).
والرد ظاهر فيما تعلق به (4).
ولأن الصحابة والأئمة لم تزل تستدل على الفساد بالنهي، والأصل عدم قرينة، وعادة (5) المحتج بيان الدليل، ولنقلت؛ لئلا يضيع الشرع.
ولأن النهي (6) طلب ترك الفعل، ولا يخلو من حكمة: إِما وجوبًا (7) أو بحكم الواقع (8)، على اختلاف المذهبين، ثم: لو خلا (9) فنادر والحكم
(1) انظر: المسند 6/ 83 ولفظه: (من غير أمرنا). وأخرجه أبو داود في سننه 5/ 13 بلفظ: (من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو رد).
(2)
نهاية 101 ب من (ب).
(3)
فيكفي فيه الآحاد.
(4)
يعني: في جميع ما يتعلق به، فلا يثاب عليه، ويكون فاسدا.
(5)
يعني: لو كان الدليل لا يتم إِلا بقرينة لبينوها؛ لأن عادة المحتج بيان الدليل.
(6)
نهاية 209 من (ح).
(7)
على مذهب المعتزلة.
(8)
عن مذهب الأشعرية. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 189.
(9)
عن الحكمة.
للأغلب (1)، فلو لم يفسد لزم لنفي المنهي عنه حكمة للنهي (2)، ولثبوته حكمة لصحته، واللازم باطل؛ لأنهما إِن تساويا أو رجحت حكمة الصحة امتنع النهي (3) لخلوه (4) عن الحكمة، وإلا امتنعت الصحة لعدم حكمتها.
القائل "لا يدل لغة": فساده نف أحكامه، والنهي لا يشعر بذلك؛ لأنه طلب ترك الفعل، بدليل:"لا تبع غلامك، فإِن فعلت ملكه المشتري" لم يتناقض لغة.
القائل "لغة": لخبر (5) عائشة (6).
رد: لا حجة فيه (7)، ثم: لقوله: (فهو رد)(8).
ولاستدلال العلماء.
رد: لم يقولوا: لغة، بل (9) لفهمهم شرعًا.
(1) وهو عدم الخلو.
(2)
يعني: لوجود النهي.
(3)
في (ح): لخلوة.
(4)
يعني: لخلو النهي.
(5)
في (ب): بخبر.
(6)
فالمردود ما ليس بصحيح ولا مقبول، ولا يخفى أن المنهي عنه ليس بمأمور به ولا هو من الدين، فكان مردودًا.
(7)
على الفساد. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 191.
(8)
يعني: أصبح الدليل شرعيًا لا لغويًا.
(9)
في (ح) و (ب): ثم.
قالوا: الأمر يقتضي الصحة، والنهي مقابله، فيقتضي نقيضها؛ لتقابلهما.
رد: الأمر لا يقتضي الصحة لغة.
ثم: المتقابلات (1) يجوز اشتراكها في لازم واحد (2).
ثم: يلزم أن لا يقتضي الصحة (3) لا أن يقتضي الفساد.
القائل "لا يدل على الفساد مطلقًا": لأنه لا دليل عليه.
ولأن الشارع لو قال: "نهيتك عن هذا لعينه، فإِن فعلتَ ثبت حكمه" صح ولا تناقض، ولو دل النهي تناقض.
رد: تقدم الدليل.
وبمنع لزوم التناقض؛ لأنه يدل (4) ظاهرًا، والصريح أقوى (5).
القائل "يدل على صحة (6) غير (7) العبادة): لو لم يدل (8) كان المنهي
(1) يعني: لا يجب اختلاف أحكامها، بل يجوز
…
إِلخ.
(2)
فضلاً عن تناقض أحكامها.
(3)
لأنه نقيض: (يقتضي الصحة).
(4)
يعني: لأن النهي يدل على الفساد ظاهرًا.
(5)
من الظاهر.
(6)
في (ب): الصحة.
(7)
نهاية 102 أمن (ب).
(8)
على الصحة.
عنه غير شرعي؛ لأنه لو كان شرعيًا كان صحيحًا.
رد: الشرعي: صحيح وفاسد (1)؛ لقوله عليه السلام للحائض: (دعي (2) الصلاة) (3).
قالوا: لم يكن المنهي (4) عنه الشرعي صحيحًا كان ممتنعا، فلم يُمنع منه، لعدم فائدة.
رد: امتنع للنهي لا لذاته.
ثم: صلاة حائض (5) ونكاح مشركة (6) ممتنعان (7) وقد منعا (8)، فإِن حملا (9) على اللغة لم يصح في حائض لعدم منعها من الدعاء، والنكاح
(1) فليس كل شرعي صحيحا.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 51، 67، ومسلم في صحيحه/ 262 من حديث عائشة مرفوعًا.
(3)
وصلاة الحائض لا تصح اتفاقًا.
(4)
نهاية 210 من (ح).
(5)
في (ب) و (ظ): الحائض.
(6)
قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُوْمِنّ). سورة البقرة: آية 221.
(7)
فإِن النهي فيهما لا يدل على الصحة بالإجماع.
(8)
فهذا ينقض قولكم.
(9)
هذا رد على سؤال مقدر، قالوا: نحمله على اللغوي فلا يلزم الصحة. قلنا: دليلكم قائم في اللغوي وهو أنه -حينئذ- يمتنع اللغوي وقد منعوا عنه.