المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أبواب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ٢

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في زكاة الحلي قوله تصدقن ولو من حليكن]

- ‌[باب في زكاة مال اليتيم]

- ‌[باب ما جاء في الخرص]

- ‌[باب في رضا المصدق]

- ‌[باب من تحل له الزكاة]

- ‌[باب كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم إلخ]

- ‌[باب ما جاء في حق السائل]

- ‌[باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم]

- ‌[باب المتصدق يرث صدقته قوله كان عليها صوم شهر]

- ‌[باب ما جاء في نفقة المرأة من بيت زوجها

- ‌[باب ما جاء في صدقة الفطر قوله صاعًا من طعام]

- ‌[باب في تعجيل الزكاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك]

- ‌[باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال]

- ‌[باب الشهر يكون تسعًا وعشرين]

- ‌[باب ما جاء في الصوم بالشهادة]

- ‌[باب ما جاء شهرًا عيد لا ينقصان]

- ‌[باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم]

- ‌[باب ما يستحب عليه الإفطار]

- ‌[باب ما جاء في فضل السحور]

- ‌[باب ما جاء في الكفارة]

- ‌[باب فيمن استقاء عمدًا]

- ‌[باب ما جاء في الصائم يأكل ويشرب ناسيًا]

- ‌[باب في كفارة الفطر قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا]

- ‌[باب السواك للصائم]

- ‌[باب الكحل للصائم]

- ‌[باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل]

- ‌[باب في إفطار الصائم المتطوع]

- ‌[باب في وصال شعبان برمضان]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان]

- ‌[باب ما جاء في صوم يوم السبت]

- ‌[باب ما جاء في الحث على صيام عاشوراء

- ‌[باب ما جاء في صيام العشر]

- ‌[باب ما جاء في العمل في أيام العشر]

- ‌[باب في صوم ثلاثة من كل شهر]

- ‌[باب في فضل الصوم]

- ‌[باب في صوم الدهر]

- ‌[باب الحجامة للصائم]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الوصال في الصيام]

- ‌[باب الجنب يدركه الفجر وهو يريد الصوم]

- ‌[باب في إجابة الصائم الدعوة]

- ‌[باب في كراهة صوم المرأة إلا بإذن زوجها]

- ‌باب الاعتكاف

- ‌[باب الصوم في الشتاء]

- ‌[باب ما جاء فيمن أكل ثم خرج يريد سفرًا]

- ‌[باب في تحفة الصائم قوله الدهن والمجمر]

- ‌[باب في قيام شهر رمضان]

- ‌أبواب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في حرمة مكة]

- ‌[باب ما جاء كم فرض الحج]

- ‌[باب كم حج النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في أي موضع أحرم النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في إفراد الحج]

- ‌[باب ما جاء في التلبية]

- ‌[باب ما جاء في الاغتسال عند الإحرام]

- ‌[باب ما جاء ما يقتل المحرم من الدواب]

- ‌[باب في كراهة تزويج المحرم]

- ‌[باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم]

- ‌[باب ما جاء في صيد البحر للمحرم]

- ‌[باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم]

- ‌[باب ما جاء في الاغتسال لدخول مكة]

- ‌‌‌[باب في استلام الركن اليمائي والحجر دون ما سواهما]

- ‌[باب في استلام الركن اليمائي والحجر دون ما سواهما]

- ‌[باب في الطواف راكبًا]

- ‌[باب في فضل الطواف قوله خمسين مرة]

- ‌[باب في دخول الكعبة]

- ‌[باب الخروج إلى منى]

- ‌[باب تقصير الصلاة بمنى]

- ‌[باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلقة]

- ‌[باب في تقديم الضعفة جمع من بليل]

- ‌[باب ما جاء أن الجمار التي ترمي مثل حصى الخذف]

- ‌[باب في إشعار البدن]

- ‌[باب في تقليد الهدى للمقيم]

- ‌[باب ما جاء في تقليد الغنم]

- ‌[باب إذا عطب الهدى]

- ‌[باب ما جاء بأي جانبي الرأس يبدو في الحلق]

- ‌[باب الطيب عند الإحلال]

- ‌[باب ما جاء في نزول الأبطح]

- ‌[باب في حج الصبي]

- ‌[باب الحج عن الشيخ الكبير والميت]

- ‌[باب منه]

- ‌[باب في عمرة رمضان]

- ‌[باب ما جاء في الذي يهل بالحج فيكسر]

- ‌[باب ما جاء أن القارن يطوف طوافًا واحدًا]

- ‌[باب مكث المهاجر بعد الصدر]

- ‌[باب ما جاء في المحرم يموت في إحرامه]

- ‌[باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في الإحرام ما عليه]

- ‌[باب قوله أولاً أن معي هديًا لأحللت]

- ‌أبواب الجنائز

- ‌[باب ما جاء في الوصية بالثلث والربع]

- ‌[باب في تلقين المريض عند الموت والدعاء له]

- ‌[باب في التشديد عند الموت]

- ‌[باب ما جاء في كراهية النعي]

- ‌[باب الصبر في الصدمة الأولى]

- ‌[باب غسل الميت]

- ‌[باب المسك للميت]

- ‌[باب الغسل من غسل الميت]

- ‌[باب ما يستحب من الأكفان]

- ‌[باب النهي عن ضرب الخدود وشق الجيوب]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب في قتلي أحد]

- ‌[باب فضل المصيبة إذا احتسب]

- ‌[باب التكبير على الجنازة]

- ‌[باب ما يقول في الصلاة على الميت]

- ‌[باب كيف الصلاة على الميت]

- ‌[باب في كراهية الصلاة على الجنازة، عند طلوع الشمس وعند غروبها]

- ‌[باب في الصلاة على الأطفال]

- ‌[باب الصلاة على الميت في المسجد]

- ‌[باب أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة]

- ‌[باب الصلاة على النجاشي]

- ‌[باب فضل الصلاة على الجنازة]

- ‌[باب قوله صلى الله عليه وسلم: اللحد لنا والشق لغيرن

- ‌[باب ما جاء في الثوب الواحد يلقى تحت الميت]

- ‌[باب في تسوية القب

- ‌[باب في كراهية الوطي على القبور والجلوس عليها]

- ‌[باب في كراهية تجصيص القبور

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر]

- ‌[باب في زيارة القبور]

- ‌[باب الثناء على الميت]

- ‌[باب في ثواب من قدم ولدًا]

- ‌[باب في المديون]

- ‌[باب ما جاء في عذاب القبر]

- ‌[باب في النهي عن التبتل]

- ‌[باب فيمن ترضون دينه فزوجوه]

- ‌[باب النظر إلى المخطوبة]

- ‌[باب في إعلان النكاح]

- ‌[باب ما يقال للمتزوج]

- ‌[باب من يجبي إلى الوليمة بغير دعوة]

- ‌[باب ما جاء لا نكاح إلا بولي]

- ‌[باب لا نكاح إلا ببنية]

- ‌[باب استيمار البكر والثيب]

- ‌[باب في الوليين يزوجان]

- ‌[باب في نكاح العبد]

- ‌[باب في مهور النساء]

- ‌[باب في نكاح المتعة

- ‌[باب النهي عن نكاح الشغار

- ‌[باب لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها]

- ‌[باب في الشرط عند عقدة النكاح]

- ‌[باب في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة]

- ‌[باب في الرجل يسلم وعنده أختان]

- ‌[باب في كراهة مهر البغي]

- ‌[باب لا يخطب على خطبة أخيه]

- ‌[باب في العزل]

- ‌[باب القسمة للبكر والثيب]

- ‌[باب في الزوجين المشركين يسلم أحدهما]

- ‌[باب الرجل يتزوج فيموت قبل أن يفرض]

- ‌[أبواب الرضاع

- ‌[باب في لين الفحل]

- ‌[باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر]

- ‌[باب الأمة تعتق ولها زوج]

- ‌[باب الولد للفراش]

- ‌[باب في الرجل يرى المرأة فتعجبه]

- ‌[باب في حق الزوج]

- ‌[باب في حق المرأة]

- ‌[باب في كراهية إتيان النساء في أدبارهن]

- ‌[باب في كراهية خروج النساء في الزينة]

- ‌[باب في كراهية أن تسافر المرأة وحدها]

- ‌[باب في كراهية الدخول على المغيب

- ‌أبواب الطلاق واللعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في أمرك بيدك]

- ‌[باب في الخيار]

- ‌[باب ما جاء في الخلع]

- ‌[باب ما جاء في مداراة النساء]

- ‌[باب ما جاء في طلاق المعتوه

- ‌[باب في المظاهر بواقع قبل أن يكفر]

- ‌[باب في الإيلاء]

- ‌[باب في اللعان]

- ‌[باب أين تعتد المتوفى عنها]

- ‌أبواب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ترك الشبهات]

- ‌[باب في آكل الربا]

- ‌[باب في كتابة الشروط]

- ‌[باب في المكيال والميزان]

- ‌[باب في بيع من يزيد]

- ‌[باب بيع المدبر]

- ‌[باب في كراهة تلقى البيوع]

- ‌[باب في النهي عن المحاقلة والمزابنة

- ‌[باب في كراهية بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في الصرف]

- ‌[باب ما جاء في من يخدع في البيع]

- ‌[باب ما جاء في المصراة]

- ‌[باب ما جاء في اشتراط ظهر الدابة عند البيع]

- ‌[باب في شراء القلادة فيها ذهب]

- ‌[باب ما جاء في اشتراط الولاء]

- ‌[باب إذا أفلس للرجل غريم]

- ‌[باب في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر يبيعها له

- ‌[باب ما جاء في الاحتكار]

- ‌[باب في اليمين الفاجرة]

- ‌[باب ما جاء إذا اختلف البيعان]

- ‌[باب ما جاء في بيع فضل الماء]

- ‌[باب ما جاء في كراهة عسب الفحل]

- ‌[باب ما جاء في كسب الحجام]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمار للمار بها]

- ‌[باب ما جاء في الثنيا]

- ‌[باب كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن البيع على بيع أخيه]

- ‌[باب ما جاء في بيع الخمر

- ‌[باب ما جاء في احتلاب المواشي بغير إذن الأرباب]

- ‌[باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام]

- ‌[باب كراهية الرجوع من الهبة]

- ‌[باب ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النجش]

- ‌[باب ما جاء في الرجحان في الوزن]

- ‌[باب ما جاء في الأنظار للمعسر]

- ‌[باب ما جاء في السلف في الطعام والثمر]

- ‌[باب ما جاء في الأرض المشترك يريد بعضم بيع نصيبه]

- ‌[باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان]

- ‌[باب في هدايا الأمراء]

- ‌[باب ما جاء في التشديد على من يقضي له بشيء ليس له أن يأخذه]

- ‌[باب ما جاء في اليمين مع الشاهد]

- ‌[باب ما جاء في العمري]

- ‌[باب ما جاء في الرقبي]

- ‌[باب في الرجل يضع على حائط جارة خشبًا]

- ‌[باب أن اليمين على ما يصدقه صاحبه]

- ‌[باب أن الوالد يأخذ من مال ولده]

- ‌[باب فيمن يكسر له الشيء ما يحكم له من مال الكاسر]

- ‌[باب في حد بلوغ الرجل والمرأة]

- ‌[باب فمن تزوج امرأة أبيه]

- ‌[باب في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء]

- ‌[باب فيمن يعتق مماليكه عند موته

- ‌[باب ما جاء في من زرع في أرض قوم بغير إذنهم]

- ‌[باب ما جاء في النحل

- ‌[باب ما جاء في الشفعة]

- ‌[باب في اللقطة

- ‌[باب في إحياء أرض الموات]

- ‌[باب ما جاء في المزارعة]

- ‌[أبواب الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في النهي عن المثلة]

- ‌[باب في المرأة ترث من دية زوجها]

- ‌أبواب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في التلقين في الحد]

- ‌أبواب الصيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل]

- ‌[باب ما جاء في صيد كلب المجوسي]

- ‌أبواب الأضاحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الجذع من الضان]

- ‌[باب في العقيقة]

- ‌أبواب النذور والإيمان

- ‌[باب في كراهية الحلف بغير الله]

- ‌[باب في كراهية النذور]

- ‌أبواب السير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب من يعطي الفئ]

- ‌[باب في طعام المشركين]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأساري والفداء]

- ‌[باب في الغلول

- ‌[باب ما جاء في خروج النساء في الحروب]

- ‌[باب ما جاء في قبول هدايا المشركين]

- ‌[باب ما جاء في سجدة الشكر]

- ‌[باب ما جاء في أمان المرأة والعبد]

- ‌[باب في الغدر]

- ‌[باب في النزول على الحكم]

- ‌[باب ما جاء في الحلف]

- ‌[باب في الهجرة]

- ‌[باب في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في بيعة النساء]

- ‌[باب في كراهية النهبة]

- ‌[باب التسليم على أهل الكتاب]

- ‌[باب في كراهة المقام بين أظهر المشركين]

- ‌[باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الطيرة

- ‌[باب في وصية النبي صلى الله عليه وسلم في القتال]

- ‌أبواب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب الصوم في سبيل الله]

- ‌[باب من أغبرت قدماه

- ‌[باب من شاب شيبة في سبيل الله]

- ‌[باب من ارتبط فرسًا في سبيل الله]

- ‌[باب في ثواب الشهيد]

- ‌[باب من يقاتل رياء]

- ‌[أبواب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في أهل العذر في القعود]

- ‌[باب فمن خرج إلى الغزو وترك أبويه]

- ‌[باب في الرجل يبعث سرية وحده]

- ‌[باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في الكذب والخديعة

- ‌[باب في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الرايات]

- ‌[باب الفطر عند القتال]

- ‌[باب الخروج في الفزع]

- ‌[باب في الثبات عند القتال]

- ‌[باب في المغفر]

- ‌[باب ما جاء في الإمام]

- ‌[باب التحريش بين البهائم والوسم في الوجه]

- ‌[باب فيمن يستشهد وعليه دين]

- ‌[باب في دفن الشهداء]

- ‌أبواب اللباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب لبس الحرير في الحرب]

- ‌[باب في جلود الميتة إذا دبغت]

- ‌[باب في الصورة]

- ‌[باب في الخضان]

الفصل: ‌أبواب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- (الجزء الثاني) -

ص: 1

بسم الله الرحمن الرحيم

‌أبواب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

[قوله قرآني مقبلاً فقال هم الأخسرون ورب الكعبة] لم يكن قوله صلى الله عليه وسلم هذا قصدًا منه برؤية أبي ذر ليسمعه بل كان النبي صلى الله عليه وسلم لعله كشف عليه شيء من أحوالهم فاتفق إتيان أبي ذر في زمان قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فلما سمع أبو ذر هذا ولم يكن هناك أحد يتكلم بالنبي صلى الله عليه وسلم خاف أبو ذر وجلس مفكرًا في نفسه لعلي أذنبت ذنبًا أو نزل في شيء، ثم إنه لم يطق أن يصبر حتى سأل النبي صلى الله عليه وسلم من هم فداك أبي وأمي فقال [هم الأكثرون] والمراد بذلك أصحاب النصب أي نصاب المال من النقدين وغيرهما، وقد صرح بالمال الناطق بعد ذلك فالظاهر أن يراد بالأول الصامت، وفي ذلك تأييد لما ذهب إليه (1) الإمام من أن الدراهم الكثيرة

(1) إشارة إلى مسألة الإيمان يعني من حلف على المال الكثير أو الدراهم الكثيرة يراد بها النصاب كذا في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم، قلت: إلا أن المسألة خلافية ففي الهداية: لو قال مال عظيم لم يصدق في أقل من مأتى درهم لأنه أقر بمال موصوف فلا يجوز إلغاء الوصف، والنصاب مال عظيم حتى اعتبر صاحبه غنيًا به والغني عظيم عند الناس، وعن أبي حنيفة أنه لا يصدق في أقل من عشرة دراهم وهي نصاب السرقة وعنه مثل جواب الكتاب وهذا إذا قال من الدراهم أما إذا قال من الدنانير فالتقدير فيها بالعشرين وفي الإبل بخمس وعشرين لأنه أدنى نصاب يجب من جنسه وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب، ولو قال دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة هذا عند أبي حنيفة، وعندهما لم يصدق في أقل من مأتين، انتهى، وهكذا قال صاحب البدائع في الدراهم الكثيرة زاد ولو قال لفلان على مال عظيم أو كثير لا يصدق في أقل من مأتى درهم في المشهور، وروى عن أبي حنيفة رحمه الله أن عليه عشرة، انتهى، فعلم أنهم فرقوا بين المال الكثير والدراهم الكثيرة فتأمل.

ص: 1

والمال الكثير هو النصاب لا دونه لكنه يخدشه أن الواقع في الحديث صيغة التفضيل فلا يتم الاستدلال على الكثير (1) نعم يستدل بذلك على لفظ الأكثر فليسأل، ولعل الجواب أن التفضيل غير مقصود لما أنه قد ورد في تلك الرواية بعينها في طريق آخرهم المكثرون فلما كان كذلك كان المراد بهما واحدًا مع أن الاستدلال بالرواية الثانية التي ذكرناها تام لا محالة وأيضًا فالكثرة عند الشرع علم اعبتراها بالنصاب بهذه الروايات.

[قوله إلا من قال هكذا وهكذا فجيء بين يديه وعن يمينه وعن شماله] في ذلك تأييد لما ذهب إليه الإمام من أن الفضل على قوت يوم في أداء الزكاة خلاف الأولى وجه التأييد أن النصاب لما كان أقله مأتى درهم فزكاته لا تكون إلا خمسة دراهم فكيف يمكن نشره في يمينه وخلفه وشماله وبين يديه إذا أعطى كل فقير زائدًا على قوت يوم لا أن يكون (2) فقيرًا ذا عيال فإعطاؤه القدر الكثير

(1) وحاصل الإيراد أن الوارد في الحديث لفظ الأكثر فلا يتم الاستدلال على المسألة المذكورة وهي الحلف بالمال الكثير نعم يصح الاستدلال على الحلف بالمال الأكثر، وحاصل الجواب أن الصيغة وإن وردت بلفظ التفضيل لكنه ليس بمقصود في الحديث.

(2)

لم أرها صريحًا في كلامهم وذكر صاحب الدر المختار يندب دفع ما يغنيه يومه عن السؤال واعتبار حاله من حاجة وعيال، قال ابن عابدين: أشار إلى أنه ليس المراد دفع ما يغنيه في ذلك اليوم عن سؤال القوت فقط بل عن سؤال جميع ما يحتاجه فيه لنفسه وعياله، انتهى، وقال صاحب البدائع ذكر في الجامع الصغير أن يغني به إنسانًا أحب إلي ولم يرد به الإغناء المطلق لأن ذلك مكروه وإنما أراد به المقيد وهو أن يغنيه يومًا أو أيامًا عن المسألة لأن الصدقة وضعت لمثل هذا الإغناء، انتهى.

ص: 2

إعطاء لكل مسكين بقدر القوت.

[قوله أعظم ما كانت وأسمنه] أي على أحسن هيئاتها التي كانت عليها في الدنيا لأنه كان يضن بها ويفرح في هذه الحال أكثر من ضنه وفرحه في غير ذلك فيجازى به في تلك الهيئة و [قوله كلما نفذت إلخ] في بعض (1) الروايات كلما نفدت أولاها عادت عليه أخراها توجيهه أن يعتبر الأول من الجانب الأخير إذ الأول والأخير اعتبار فإن اعتبر وضع القدم (2) كان أولاها من الجانب المتقدم وإن اعتبر العد فالأكثر كون السائق خلفها فيعتبر الأول من جانبه وفي جانبه أولاها هي أخراها في وضع القدم.

قوله [حتى يقضي بين الناس] يعني أن وطيها إياه ينتهي بانتهاء القضاء فبعد ذلك إن كان إنكاره بقلبه أيضًا جوزى بإحراق قلبه في نار جهنم وإن كان مقتصرًا على ظاهره فحسب بأن كان معتقدًا فرضيته فلعل الله يعفو عنه ويقتصر على تخريب ظاهره جزءًا على إنكاره في الظاهر.

(1) كما ورد عند مسلم وقالوا قد ورد فيه قلب من الراوي قاله عياض ووجهه القاري بأنها تمر على التتابع فإذا انتهى إلى الأخرى إلى الغاية ردت من هذه الغاية كذا في البذل، وهذا التوجيه غير ما أفاده الشيخ.

(2)

يعني إن اعتبر مشي الصرمة، فالظاهر العداد من القدام وإن اعتبر ما هو المعتاد في العد فيكون غالبًا من جانب السائق لأنه يعد الأقرب فالأقرب عنه فيكون العداد من الخلف لأنه قريب من السائق.

ص: 3

[قال الأكثرون أصحاب عشرة آلاف] إنما اضطر (1) إلى هذا لأن الوعيد المذكور يحقق أن هذا ليس في الإعطاء التطوع فكان فرضًا ومقدار الفرض لا تبلغ إلى حد ينشرها في جميع جهاته إلا أن يكون قد ملك عشرة آلاف دراهم وأنت تعلم ما بينا في توجيهه (2) فالظاهر (3) أن هذا تفسير للمكثرين في بعض الأحوال يعني أن المكثر قد يطلق على هذا المعنى أيضًا.

[قوله إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك] واستدل بهذا الحديث من أنكر وجوب الأضحية قلنا فيلزم أن لا يجب صدقة الفطر مع أنكم قلتم بفرضيتها فما هو جوابكم فهو جوابنا، ويمكن أن يقال إن معناه قد قضيت ما عليك من الزكاة (4) أو من نققات التطوع أو أديت ما ورد الوعيد بتركه أو قضيت ما عليك

(1) والظاهر أنه إنما اضطر إلى هذا التفسير لأن عشرة آلاف جامعة لجملة الأعداد التي هي أساس التعداد عند العرب فإنها جامعة للآحاد والعشرات والمئين والألوف.

(2)

الظاهر أنه إشارة إلى ما تقدم من أن المراد بالكثرة النصاب.

(3)

وعلى ما في الحاشية من أن التفسير عن الضحاك ورد في موضع آخر لا حاجة إلى التوجيه ولفظها هذا التفسير من الضحاك لحديث آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم من قرأ ألف آية كتب من المكثرين المقنطرين، وفسر المكثرين بأصحاب عشرة آلاف درهم، وأورد الترمذي هذا التفسير ههنا لمناسبة ضعيفة، انتهى.

(4)

وعلى هذا ففائدة الكلام أنه لا يبقى بعد أداء مال الزكاة شيء آخر منتظر لسقوط الزكاة كأكل النار وغيره بل يكفي لفراغ الذمة أداء مالها نعم يشكل سقوط نفقات التطوع بأداء مال الزكاة، اللهم إلا أن يقال أن المعنى لم يبق بعد أداء الزكاة كاملاً مكملاً مزيد فاقة إلى التطوعات، فإن أداء الفرائض كاف للنجاة أو المعنى إذا أديت مال الزكاة في نفقات التطوع لم يبق للنفقات مزيد احتياج إلى مال آخر فتأمل. والأوجه عندي في معنى الحديث أنك إذا أديت الزكاة بعد برهة من الزمان ولو بعد سنين مثلاً فقد قضيت ما عليك ولا يجب شيء آخر لأجل التأخير كما قالوا بوجوب الفدية أيضًا بتأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر، هذا هو الأوجه عندي في معنى الحديث لكني لم أره في كلام أحد من المشايخ فتأمل، ولا يبعد أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم دفع بذلك ما يتوهم من قوله الآتي قريبًا إن في المال لحقًا سوى الزكاة من وجوب شيء آخر سوى الزكاة فنبه عليه السلام بهذا أن الحديث الآتي من مكارم الأخلاق.

ص: 4

ما ذكره الله تعالى في كتابه بقوله {وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ} الآية، أو يقال إن قوله ذلك كان قبل وجوب الفطرة (1) والأضحية أو المراد قضيت ما وجب بالكتاب، وإن كان بعض ما وجب بالسنة باقيًا بعد، والحق في الجواب أن هذا بيان للحقوق التي تجب بنفس المال ولا تحتاج في وجوبها إلى سبب آخر بل سبب وجوبها المال فقط، وإن شرط في ذلك شيء آخر وليس هذا إلا الزكاة، وأما صدقة الفطر والأضحية فإنما وجوبهما مضاف إلى سبب آخر وإن كان المال مشروطًا فيهما فإن الأضحية لو تعلق وجوبها بنفس المال كالزكاة لما ساغ للمالك أن يأكل منها كالزكاة بل الواجب فيها هو الإراقة بعارض الضيافة وهو حاصل بالذبح فيجوز الأكل بعد ذلك منها لعدم تعلق القرية بعين اللحم فهلا أنكر الشافعية بذلك الحديث وجوب نفقة الزوجات والولد الصغار والأبوين المحتاجين والأقرباء الآخر إذا كانوا محتاجين غير قادرين على الكسب وهو غني وهلا أعفاهم عن الحج والصوم والصلاة فإن كلمة ما عامة وتخصيصه بالمال خلاف الظاهر.

(1) قيل إنه لحن أو غلط حتى أوردوا على صاحب القاموس أيضًا لكن اللفظ كثير الاستعمال في كلام الفقهاء كما قاله ابن عابدين.

ص: 5

[وقوله إلا أن تطوع] مثل ما (1) ذكرنا فيما تقدم.

[قال كنا نتمنى أن يبتدئ الأعرابي العاقل] كان ذلك حين منعوا (2) عن السؤال من غير حادثة نجمت أو واقعة وقعت، وكان السبب في ذلك مبالغتهم في السؤال عما لا يغنيهم وكان ذلك لما عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق الذي لا يتصور عليه مزيد وكانوا بعد المنع يحبون أن يسأل أحد فيسمعوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حكمه ولم يمنع الأعراب ومن أتى من بعد فإنهم كانوا مرخصين في المسألة ما شاؤوا مما وقع ولم يقع وذلك لما في الإتيان لمسألة مسألة من الحرج عليهم وقيده بالعاقل لأن من لا يعقل فلعله يفعل شيئًا يسوء به النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه ولأن غير العاقل ليس في سؤاله كثير فائدة لأنه لا يسأل إلا على قدر فهمه، وكان من جملة دلائل عقل هذا السائل أنه لم يعتمد في اعتقاديات مذهبه وأصول أعماله على خبر الواحد وأنه جيء بين يديه صلى الله عليه وسلم، وأنه ذكر في تحليفه الأول ما ذكر به المحلوف عظمة شأنه وجلال كبريائه حتى لا يقدم على الحلف الكاذب باسم الرب تبارك وتعالى الذي هو شأنه ثم لما أقر برسالته اقتصر على الحلف بالمرسل، ولم يحتج إلى ذكر خلق تلك المخلوقات العظام ثانيًا وإنه لما علم أن الرسالة لا يثبت أمرها إلا بشهادة ملك ولا يمكن رؤيته في صورته وإذا تصور بصورة بشر فمن أين الاعتماد على أنه ملك فاقتصر على التحليف لأنه لم يجد إلى الإشهاد سبيلاً ولقد علمت بذلك أن الاعتماد والحكم على الحلف واجب عند انتهاء البيئة وأنه وثب بعد سماع ذلك وتقريره ولم يلبث لئلا يقع لبث في تبليغ ما أرسله قومه لتصديقها ووكلوه من

(1) ينظر في أي محل تقدم فلم أره.

(2)

قال الحافظ في الفتح: وقع في رواية موسى بن إسماعيل بسنده عن أنس في أوله قال نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فكن يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل الحديث، وكان أنسًا أشار إلى آية المائدة، انتهى.

ص: 6

جانبهم كافة لتحقيقها ولئلا يكون طول جلوسه ثقلاً عليه صلى الله عليه وسلم وظنه ذلك بنفسه لحقارتها عنده لا يستلزم أن يكون كذلك في نفس الأمر أيضًا.

[فقال والذي بعثك بالحق لا أدع منهن شيئًا ولا أجاوزهن] المراد بذلك أن لا أتصرف بزيادة ولا نقصان في تبلغيها أو المراد لا أنقص ولا أزيد في أركانها وواجباتها وأفعالها التي علمتنيها، ولا يبعد أيضًا أن يقال لا أزيد ولا أنقص عن هذه الأركان الأربعة أو لا أزيد ولا أنقص على هذه في اعتقاد وجوب العم بها أو لا أزيد على هذا معتقدًا بوجوب الزيادة وكذا في شق النقصان غاية الأمر أنه يلزم القول بعدم إقراره التطوعات في جميع (1) ذلك ولا ضير فيه، لأن هذه الأفعال كافية في دخول الجنة وهو الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم والتطوع لرفع الدرجات ولم يذكره.

[وقوله إن صدق الأعرابي] أي بلغه كما قال أو فعله كما قال دخل الجنة لأنه بلغه غيره، فالظاهر أنه لا يتركه أيضًا.

[قوله قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق] هذا دليل لما قال الصاحبان من عدم وجوب الزكاة في الخيل (2) ومن أقوى أدلة الصاحبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما

(1) أي في جميع الأحكام المذكورة في الحديث، وليس المراد جميع التوجيهات فإن في بعضها لا يلزم الإقرار بترك التطوعات كما في توجيه اعتقاد وجوب العمل.

(2)

في البدائع: الخيل إن كانت تعلف للركوب أو الحمل أو الجهاد فلا زكاة فيها إجماعًا، وإن كانت للتجارة تجب إجماعًا، انتهى، وحكى الحافظ في الفتح عدم وجوب الزكاة فيها مطلقًا عن أهل الظاهر، ولو كانت للتجارة، لكن عامة شراح الحديث ونقلة المذاهب ذكروا الإجماع على وجوب الزكاة إذا كانت للتجارة فكأنهم لم يلتفتوا إلى خلاف أهل الظاهر وأما إذا كانت الخيل سائمة فالأئمة الثلاثة وصاحبا أبي حنيفة قالوا بعدم وجوب الزكاة فيها لحديث الباب وهو مختار الطحاوي، وقال الإمام أبو حنيفة بوجوب الزكاة وبه قال زفر وحماد بن أبي سليمان وإبراهيم النخعي وزيد بن ثابت من الصحابة، ورجحه ابن الهمام وبسط الكلام على الدلائل كذا في الأوجز.

ص: 7

لم يبين مقدار نصاب الخيل ولا مقدار الواجب فيه علم أنه لا زكاة فيها وإلا فكيف يتصور عنه صلى الله عليه وسلم أن لا يذكر هذا النوع مع كثرة (1) احتياجهم إليه ولم يخل عن استعماله زمان عسر ولا يسر والجهاد ماض إلى يوم القيامة وعلى هذا المذهب قرائن من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا يتمشى في أكثرها تأويل ولا جواب (2) فالظاهر أن الذي ذهبا إليه هو الصواب، مع أنه لا شك أن الذي اختاره الإمام أحوط المذاهب وعليه قرائن (3) أيضًا من الروايات، وما ورد من الروايات المشعرة بعدم وجوب الزكاة فهي عند الإمام محمولة على خيول الركوب أو الغير السائمة وما يشعر منها بالوجوب فيها فهي عند المنكرين محمولة على ما إذا كانت للتجارة، فالزكاة فيها إذًا على حساب أموال التجارة والعروض.

[قوله حتى قبض فقرته بسيفه] وفي العبارة تقديم وتأخير والأصل أنه صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة فقرنه بسيفه فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض وفرضيته الزكاة قيل في السنة الثانية من الهجرة، وقيل الثالثة وقيل فرض الصوم في الثانية من الهجرة والزكاة في الثالثة، وقيل على العكس، وقيل غير ذلك وأيًا ما كان فالعمل قبل الكتابة يجوز أن يكون على هذا إلا أنه كان غير منصوص عليه عند عمال

(1) هذا مسلم لكن الخيل مع كثرة الاحتياج إليها وعدم خلو زمان عن استعمالها لم تكن كثيرة إذ ذاك كما لا يخفى على من طالع كتب المغازي، فإن في الغزوات والسرايا لم تكن الخيل إلا قليلة.

(2)

غير أن عمر رضي الله عنه وضع الزكاة بعد الاستشارة عن الصحابة كما بسط في الأوجز فنص الآثار مقدم على القرائن المرفوعة.

(3)

ونصوص أيضًا توجب الحق في ظهورها ورقابها كما بسطت في الأوجز.

ص: 8

الصدقة بالكتابة بل كانوا يعلمون ويعملون بقوله صلى الله عليه وسلم.

[قوله ففيها حقتان إلى عشرين ومائة] وعلى هذا اتفق العلماء من لدن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا، وأما قوله ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون هذا عند الشافعي رحمه الله (1) وأما عند الإمام فالواجب استئناف الفريضة بعد العشرين ومائة، ووجه ذلك زيادة (2) هذه العبارة التي أخذ بها الإمام في بعض الروايات، ولعل الشافعي رحمه الله لم تبغله أو لم يعتبرها.

[ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمعي هذا أن الحكمين يجب الامتثال بهما على المالك وعلى المصدق ومعناهما إذا كان خطابًا للمالك أنه لا يجمع بين متفرق مثل أن يكون لرجلين ثمانون شاة لكل أربعون، فأرادوا أن يجمعوهما لكيلا تجب فيا شاتان بل يجزيهما واحدة فنهاهما عن ذلك وأما معنى قوله ولا يفرق بين مجتمع مثل أن يكون لرجل سبعون شاة فخاف أن يأخذ المصدق منها شاة ففرقها اثنين في كل قطيع خمس وثلاثون، وأظهر المالك لكل قطيع مالكًا على حدة فلا يأخذ منها لقلتها عن مقدار النصاب ومعنى قوله مخافة الصدقة مخافة كثيرة الصدقة أو مخافة وجوب الصدقة، وهذا علة للنهيين جميعًا وأما إذا كانا نهيين للمصدق فمعنى قوله لا يجمع جمع مالين كل منهما لا يبلغ النصاب على حدة، ومعنى قوله لا يفرق بين مجتمع كأن يكون لرجل مائة وعشرون شاة ففرقها المصدق ثلاثًا ليأخذ في كل أربعين شاة وقوله مخافة الصدقة معناه مخافة قلة الصدقة أو مخافة أن لا تجب الصدقة لو لم يفعل ذلك.

[وقوله فإنهما يتراجعان بالسوية] أي على قدر حصصهما [وقوله ولا ذات عيب] أي الذي يضر بنقصان القيمة.

(1) وكذا مالك وأحمد مع الاختلاف فيما بينهم فيما بين مائة وعشرين إلى مائة وثلاثين كما بسطت في الأوجز.

(2)

بسطت في المطولات من العيني والبذل وغيرهما والتلخيص في الأوجز.

ص: 9

[وفي كل أربعين مسنة] أشار بأول الجملة من الحديث إلى أخذ المسن ههنا أيضًا والتفاوت بين الذكر والأنثى من الغنم في أداء الزكاة هدر لأن الشرع أمر بإيتاء الشاة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في كل أربعين شاة شاة واسم الشاه يتناولهما وكذلك البقر والجاموس لإهدار تفاوت ما بينهما، ولعل ذلك في عرفهم لعدم استعمالهم بذكور البقر (1) وأيًا ما كان فيجزى فيهما الذكر والأنثى سواء وأما الإبل فلم تؤمر فيها إلا بأداء الإناث فإن أدى الذكر منها لم يجز عن (2) الزكاة إلا أن تبلغ (3) قيمته الواجب فيجزى به لذلك فكأنه أدى القيمة لا نفس الإبل.

[قوله عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله] أشاروا إلى تغليط هذا والترمذي أيضًا يؤمى (4) إلى ذلك والظاهر أنه يدل بإعادة الجار قوله [ومن كل حالم دينار] هذا ليس مبنيًا على أن الجزية على هذا القدر وإنما كان الصلح على ذلك ولذلك ورد في بعض طرق هذه الرواية من كل حالم وحالمة مع اتفاق العلماء قاطبة أنه ليس على المرأة (5) جزية ومذهبنا منقول عن عمر وعلي وعثمان وغيرهم والتفصيل في الهداية في باب الجزية ومذهب الإمام (6) في ذلك أن يؤخذ من

(1) بل مع الاستعمال أيضًا فإن في الذكور لو كانت فائدة الزراعة ففي الإناث نفع اللبن فتساويا.

(2)

لفحش التفاوت بين قيمتهما غالبًا.

(3)

هذا عندنا الحنفية خاصة، والمسألة خلافية بسطت في الأوجز.

(4)

لم يحفظ.

(5)

فقد قال ابن رشد: اتفقوا على أنها إنما تجب بثلاثة أوصاف الذكورية والبلوغ والحرية، انتهى، كذا في الأوجز.

(6)

ولو شئت تفصيل مسالك الأئمة في ذلك واختلاف مذاهبهم فارجع إلى الجزء الثالث من أوجز المسالك، وما ذكره الشيخ من مسلك الإمام هو المسمى بجزية العنوة والجزية عندنا على نوعين: إحداهما هذا، والثانية جزية الصلح وهي ما اصطلح عليه الإمام وهي التي أشار إليها الشيخ في توجيه الحديث.

ص: 10

الفقراء درهم في كل شهر ومن الغنى أربعة في كل شهر ومن المتوسط درهمان في كل شهر والدينار عشرة دراهم عند الإمام، وهذا الذي نأخذ من فقراءهم يفضل على قدر الدينار فكيف بالذي نأخذ من أغنيائهم فلا مصير إلا إلى الجواب الذي ذكرنا وهذا ثابت بتاريخ الثقات وبالحديث الآخر [أو عدله معافر] نوع من الثياب يجلب من اليمن.

قوله [فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله] هذا أول ما يجب على العاقل وبهذا يثبت وضع كل شيء في مرتبته من التقديم والتأخير [قوله فإن هم أطاعوا لذلك] وإن لم يطيعوا ففيهم السيف أو الجزية [وقوله ترد على فقراءهم] دفع لما عسى أن يتوهموا أن هؤلاء إنما يفعلون ما يفعلون ليجمعوا بذلك أموالاً، فلما أمر بردها إلى فقرائهم لم يبق لهم توهم وعلم بذلك أيضًا أن المفتي والقاضي والواعظ وغير ذلك إذا ذكر شيئًا يتبادر إليه شبهته ينبغي أن يدفعها لئلا يفسد بذلك عقائد الناس وعلم بذلك أيضًا أن زكاة كل بلدة يفرق على فقراءها أو إلى أحوج منهم [وقوله ليس بينها وبين الله حجاب] لا يقتضي الحجاب في غيرها إذ المقصود منه لما كان هو السرعة في الإجابة لم يبق معناه الحقيقي مقصودًا وفيه إشارة إلى النهي عن أن يأخذ خيار أموالهم فإن ذلك ظلم يكون سببًا لدعوة المظلوم.

[قوله وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة] قال (1) الإمام ليس هذه

(1) وتوضيح الخلاف في ذلك أنهم اختلفوا في العشر ونصفه هل له نصاب أم لا، فذهب إلى الأول لحديث الباب مالك والشافعي وأحمد وداود وصاحبا أبي حنيفة وغيرهم مع الاختلاف فيما بينهم فيما لا يكال ولا يوسق كالزعفران وغيره كما بسطت في الأوجز، وذهب الإمام الأعظم ومن معه كعمر بن عبد العزيز ومجاهد وإبراهيم النخعي وزفر وغيرهم إلى الثاني لعموم الأحاديث الصحيحة من العشر فيما سقت السماء ونصف العشر فيما سقى بالنضح وقالوا: حديث الباب محمول على مال التجارة أو منسوخ كما قرره العيني أو أخبار الآحاد لا تقبل بمقابلة عموم الكتاب وغير ذلك من الأجوبة العشرة المبسوطة في الأوجز، قال ابن العربي: أقوى المذاهب مذهب أبي حنيفة دليلاً وأحوطها للمساكين وأولاها قيامًا شكر النعمة وعليه يدل عموم الآية والحديث.

ص: 11

المسألة عن قبيل العشر حتى يستدل بها عليه وإنما ذلك في الزكاة كما أن سائر ما ذكر ههنا في بيان الزكاة، ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى تفتيشهم قيم الطعام ليدفعوا عن قدره الزكاة عن أموالهم للتجارة عين النبي صلى الله عليه وسلم لهم مقدارًا يبلغ قيمته النصاب في العادة، وكان غالب معاملتهم بالوسق، ولكن الإنصاف خلاف ذلك فإن تفاوت أسعار الثمار والشعير والحنطة غير قليل، فكيف يعلم ماذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حتى يعلم حكمه ولا يبعد أن يقال وسع عليهم في ذلك أن لا يحرجوا فكان هذا حكمًا عامًا لجميع أنواع الأطعمة التي كانت توجد عندهم.

[قوله ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة] هذا مما يدل على مذهب الصاحبين، وهذا محمول على عبيد الخدمة ودواب الركوب عند الإمام، وأنت تعلم أنه قول من غير بينة إلا أنه يدل عليه إضافته إلى نفسه فإن المراد لو كان على الإطلاق لما أضيف إليه إذ الملك مستفاد بقرينة إيجاب الزكاة عليه إذ لا يجب الزكاة إلا على المالك.

قوله [في العسل في كل عشرة أزق زق] هذا ظاهر على مذهب الإمام (1)

(1) اختلفت الأئمة في وجوب العشر في العسل فقال بوجوبه أبو حنيفة وصاحباه والشافعي في القديم وأحمد وابن وهب من المالكية والأوزاعي وغيرهم ونفاء مالك والشافعي في الجديد والثوري وغيرهم كذا في الأوجز مع البسط في الدلائل.

ص: 12

وليس ذكر عشرة أزق تحديدًا للنصاب حتى لا يجب العشر في أقل منها، وإنما هي بيان لمقدار الواجب في العسل بأنه زق في عشرة أزق، ومنع الشافعي رحمه الله وحمله على دود القز (1) والجواب أن القز إنما يتولد بأكل الدودة أوراق الأشجار، وليس فيها عشر حتى يجب فيما يتولد منها ولا كذلك النحل فإن العسل إنما يتولد بأكلها من ثمار الأشجار وأزهارها، وفيها العشر ثم إن أبا يوسف ومحمد رحمهما الله اشترطا نصابًا لا يجب العشر في العسل ما لم يبلغه، وقد ذكره في الهداية (2) مع اختلاف الروايات عنهما في ذلك ولم يقدر عند الإمام بنصاب ينتفي الوجوب بقلته عنه.

[قوله لا زكاة على المال المستفادة حتى يحول عليه إلخ] فيه شقوق فإن مستفيد المال إما أن يكون قبل استفادته فقيرًا لا شيء له فلا اختلاف في وجوب الزكاة بعد

(1) ليس المعنى أنه حمل الحديث على دود القز بل المراد أنه قاس العسل على الإيريسم والكلام مأخوذ من صاحب الهداية ولفظه في العسل العشر إذا أخذ من أرض العشر، وقال الشافعي: لا يجب لأنه متولد من الحيوان فأشبه الإبريسم ولنا قوله صلى الله عليه وسلم في العسل العشر، ولأن النحل يتناول من الأنوار والثمار وفيهما العشر، فكذا فيما يتولد منهما بخلاف دود القز، لأنه يتناول الأوراق ولا عشر فيها، انتهى.

(2)

ولفظها عن أبي يوسف أنه يعتبر فيه خمسة أوساق، وعنه أنه لا شيء فيه حتى يبلغ عشر قرب وعنه خمسة أمناء وعن محمد خمسة أفراق، انتهى، وفي هامشه عن البناية: الأول ظاهر الرواية عن أبي يوسف، وقال أيضًا عن محمد ثلاث روايات، الثانية خمس قرب، والثالثة خمسة أمناء: انتهى مختصرًا.

ص: 13