الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه فإذا احتيج إليه كالبثرة خرجت على وجهه أو غير ذلك من الضرورات فلا كراهية فيه.
[باب فيمن يستشهد وعليه دين]
قوله [كيف قلت] أعاد عليه السؤال دفعًا لتوهم الغلط ولعلهم لو لم يعد عليهم السؤال فهموا أن هذا الاستثناء لغير الشهيد لأنه أجابه مطلقًا فدفعه.
قوله [نعم وأنت صابر] فالبعض من تلك القيود المذكورة ههنا مما توقف عليه أمر الشهادة كالاحتساب (1) وبعضها لا تتوقف عليه الشهادة، نعم يدور عليه تقليل الأجر وتكثيره كالصبر والإقبال، فقوله نعم وأنت، بيان لأعلى مراتب الشهادة وهي المكفرة لجميع الذنوب الصغيرة والكبيرة ثم إن استثناء الدين، لعله منقطع إذ السائل إنما سأل خطاياه وليس الدين منها وإنما أورده دفعًا لما عسى أن يتوهم أن الشهادة كما هي مكفرة حقوق الله تعالى وآثامه فكذلك هي كافية في حقوق العباد وليس المقصود إنه يغتفر كل ما سوى الدين لما ذكرنا فهو تنبيه على بعض حقوق العباد ليعلم الحال في بقيتها ولا يبعد إرجاع جملة تلك الحقوق المالية والبدنية وغيرها إلى الدين (2) فإنه الواجب في الذمة ولا شك في وجوب هذه الأمور عليه، غاية ما في الباب أن الديون تقضي بأمثالها وههنا بأجزيتها ولا ضير فيه فإن للجزاء مماثلة بالمجزي عليه في علم الله تعالى.
[باب في دفن الشهداء]
قوله [شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] الجراحات أي جراحات الأحياء فكأنهم اعتذروا أن يحفروا لكل ميت على حدة وكان الشهداء سبعين
(1) يعني لا يكون له نية غير الاحتساب كالرياء والشجاعة ونحوهما.
(2)
ويؤيد ذلك ما في جمع الفوائد برواية كبير عن ابن مسعود رفعه ((القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع)) انتهى.
فتعذر الحفر لكلهم، قوله [لا بل أن أنتم العكارون] هذا يحتمل (1) أن يكون تسلية لهم بأن ما وقع منكم لم يكن كبيرة وهذا إنما يصح إذا ثبت أن الأعداء كانوا زائدًا على ضعفيهم (2) لكنه لم يصرح بأن فعلتكم هذه لم تكن شيئًا ولا داخلاً في حد الإثم لئلا يقبلوا على مثل ذلك ثانيًا ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لما رآهم ندموا على ما اجترموه ولا فائدة بعد ذلك في اللوم وطنهم (3) بذلك القول لئلا يحزنوا وأغراهم على الكر.
(1) كتب الشيخ في تقرير أبي داؤد لا يخلو الفرار يومئذ أن يكون جائزًا لهم أو لا وعلى الأول فظاهر أنه لم يكونوا من فر فرارًا استحق الوعيد عليه وعلى الثاني فتوجيه إخراجهم عنهم أنهم لما ندموا سقط عنهم ذنبهم فلم يبق عليهم شيء وعلى الوجهين فصح تسلية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم وإدخالهم في الاستثناء المذكورين في قوله تعالى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} ولا يترتب عليهم الجزاء المترتب على من يولهم يومئذ دبره انتهى، وقال شيخنا في البذل، اختلف أهل العلم في حكم هذه الآية فقال قوم هو لأهل بدر خاصة، لأنهم لم يكن لهم أن يتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عدوه وينهزموا عنه، وأما القوم فلهم الانهزام، وقال آخرون حكمها عام في كل من ولى الدبر عن العدو منهزمًا انتهى، مختصرًا.
(2)
أي على مثليهم وليس المراد أربعة أمثالهم، قال الراغب: الضعف متى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال ضعف العشرة فذلك عشرون وإذا لم يكن مضافًا فإن ذلك يجري مجرى الزوجين في أن كل واحد منهما بزواج الآخر فيقتضي ذلك اثنين.
(3)
قال المجد توطين النفس، تمهيدها وتوطنها تمهدها، انتهى.