الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحكام منه ولقد كان ودع في حجته هذه أمته المرحومة فسميت حجة الوداع ولم يدر الصحابة كلهم سبب ذلك وأما بعضهم وهم الفقهاء منهم فقد كانوا علموا من أول الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مرتحل عنهم في قليل وحسبنا الله ونعم الوكيل، ثم لما رحل النبي صلى الله عليه وسلم بعد حجه في قريب من شهرين عن الدار الدنيا إلى الدار الآخرة، علموا أن السبب في تسمية حجته حجة الوداع ماذا هو.
[باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلقة]
قوله [إن ابن عمر صلى بجمع] فجمع بين الصلاتين بإقامة قال الأستاذ أدام الله علوه ومجده وأفاض على العالمين برد ورفده: ههنا مذاهب أربعة إفرادهما وتكرارهما إفراد الأذان وتكرير الإقامة تكرير الأذان (1) وإفراد الإقامة وإلى الأول مال صاحب المذهب (2) ووجه الترجيح أن رواية ابن عمر هذه مع كونها مرجحة بفقه الراوي، وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لا يتصور ذلك لرواة الأحاديث الأخر مؤيدة بموافقة القياس فإن الأذان لإعلام الغائبين والإقامة لإعلام الحاضرين وكلاهما حاصل ههنا أي بإفرادهما هذا ما أفاده ولكن في الهداية في شرح قوله [ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة] وقال زفر رحمه الله بأذان وإقامتين اعتبارًا بالجمع بعرفة
(1) هكذا في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم ولم أجد من قال بالقول الرابع أي تكرير الأذان مع إفراد الإقامة وذكر شراح البخاري كالعيني وغيره ستة مذاهب للعلماء في ذلك الإقامة لكل منهما بغير أذان الإقامة لهما مرة واحدة الأذان مرة مع إقامتين الأذان مرة مع الإقامة مرة تكرار الأذان بتكرار الإقامة، لا أذان ولا إقامة لواحدة منهما، واختلفت أقوال الأئمة الأربعة أيضًا في مختارهم كما بسطه العيني، ولخص كلامه الشيخ في البذل.
(2)
يعني إمام الأئمة سراج الأمة الإمام الأعظم أبا حنيفة رضي الله عنه وأرضاه وبلغه عنا وعن سائر مقلديه ما يحبه ويبغاه وكذا كل إمام من أئمة الفقه والحديث عمن تبعه ومن يهواه.
ولنا رواية جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بأذان وإقامة واحدة، وقال صاحب فتح القدير على قوله هذا ما نصه (1) والذي في حديث جابر الطويل (2) الثابت في
(1) لخص الشيخ كلام ابن الهمام وتمامه هكذا: قوله [ولنا رواية جابر] روى ابن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء يجمع بأذان واحد وإقامة ولم يسبح بينهما وهو متن غريب والذي في حديث جابر الطويل إلى آخر ما ذكره الشيخ من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة وأخرج أبو داود عن أشعث بن سليم عن أبيه قال أقبلت مع ابن عمر من عرفات إلى المزدلفة فلم يكن يفتر عن التكبير والتهليل حتى أتينا مزدلفة فأذن وأقام أو أمر إنسانًا فأذن وأقام فصلى المغرب ثلاث ركعات ثم التفت إلينا فقال الصلاة فصلى العشاء ركعتين ثم دعا بعشائه قال وأخبرني علاج بن عمر ويمثل حديث أبي عن ابن عمر فقيل لابن عمر في ذلك فقال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فقد علمت ما في هذا من التعارض فإن لم يرجح ما اتفق عليه الصحيحان على ما انفرد به صحيح مسلم وأبو داود حتى تساقطا كان الرجوع إلى الأصل يوجب تعدد الإقامة بتعدد الصلاة كما في قضاء الفوائت، انتهى، وأنت خبير بأن الروايات عن ابن عمر في توحيد الإقامة كثيرة بالطرق العديدة فهي مرجحة على رواية البخاري مع أن رواية البخاري لا تصريح فيها بتكرار الإقامة.
(2)
قلت لكن في بعض طرق حديث جابر الطويل أيضًا بأذان وإقامة كما ذكره أبو داود في آخر صفة حجة صلى الله عليه وسلم برواية محمد بن علي الجعفي وهذا يؤيد رواية ابن أبي شيبة المذكورة في كلام ابن الهمام.
صحيح مسلم وغيره أنه صلاهما بأذان وإقامتين وعند البخاري عن ابن عمر أيضًا قال جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على أثر واحدة منهما وفي صحيح مسلم عن سعيد بن جير أفضنا مع ابن عمر فلما بلغنا جمعًا صلى بنا المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة، فلما انصرف قال ابن عمر هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا في هذا المكان، فإن لم يرجح ما اتفق عليه الصحيحان على ما انفرد به مسلم وأبو داود حتى تساقطا كان الرجوع إلى الأصل يوجب التعدد كما في قضاء الفوائت انتهى عبارته، فعلم بذلك أن ما رجح به حديث ابن عمر من وجهي الترجيح اللذين قدمناهما غير تام إذ قد ثبت عن ابن عمر نفسه ما يخالف ذلك فليسأل (1) عنه.
قوله [قال وحديث سعيد بن جبير عن ابن عمر هو حديث حسن صحيح] يعني أن حديث سعيد ليس في نفسه خطأ إنما الخطأ في روايته عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير ولا يرويه أبو إسحاق (2) عن سعيد بن جبير وإنما يرويه عن سعيد رجال آخرون منهم سلمة بن كهيل كما صححه المؤلف فيكون رواية إسماعيل عن أبي إسحاق عن سعيد غلطًا، والحاصل أن الآخذين من ابن عمر بواسطة سعيد بن
(1) لكن فيه أن المرجح من روايتي ابن عمر هي رواية التوحيد كما تقدم قريبًا مع أن المصير عند اختلاف الروايات إلى القياس وهو يرجح قول الحنفية كما لا يخفى على أنه يمكن الجمع بين مختلف ما روى في ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم صلى بأذان وإقامة واحدة لكن بعض الصحابة اشتغلوا بعد المغرب في عوارض كحل الركاب وغيرها، فأفردوا الإقامة فقرره النبي صلى الله عليه وسلم فالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم باعتبار التقرير كما بسطه الشيخ في البذل.
(2)
قلت: لكن أبا داود أخرج في سننه حديث أبي إسحاق من طريق شريك عنه عن سعيد بن جبير وعبد الله بن مالك قالا صلينا مع ابن عمر الحديث، وسكت عليه فالظاهر أن الحديث صحيح عنده فتأمل.
جبير غير الآخذين من ابن عمر بواسطة عبد الله بن مالك، فخلط بين الإسنادين إسماعيل (1) بن خالد حتى قال عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وإنما هو عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر أو عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عمر فتأمل وافهم.
قوله [ثم أقام فصلى العشاء] يعني أن الذي سبق من إفراد الإقامة إنما هو إذا لم يشتغل بينهما بشيء آخر وأما إذا اشتغل ببعض أمره حتى تفرق الناس ولم يبق للإقامة الأولى فائدة في الصلاة الثانية فهو يقيم ثانيًا.
[باب (2) من أدرك الإمام بجمع] قوله [ابن عمر] بفتح الميم وضمه غير منصرف وقوله [فسألوه] لم يذكر السؤال اتكالاً على ما سيفهم من النداء الآتي وكانوا سألوه (3) أنا لم نأت منى لما سمعناك قد وصلت بعرفة إفتام حجنا
(1) لكنه ليس بمفرد فقد تابعه شريك كما عرفت من رواية أبي داود.
(2)
عند الظاهرية الحضور في صلاة الفجر مع الإمام فريضة يبطل الحج بتركه وعند جماعة من التابعين الحضور بجمع فرض يفوت الحج بفوته، وأما عند الأئمة الأربعة فليسا بفرض بل ههنا أمران أحدهما المبيت وهو واجب عند الأئمة الثلاثة سنة عندنا والثاني الوقوف واجب عندنا سنة عندهم وهما أمران طالما يشتبه أحدهما بالآخر على نقلة المذاهب كما بسط في الأوجز.
(3)
[ينبغي أن يسأل السؤال ثانيًٍا] هكذا نبه الشيخ رحمه الله في هامش كتابه إشارة إلى التردد في ألفاظ السؤال والمذكور في كتب الأحاديث ألفاظ السؤال غير ما أفاده الشيخ فلفظ أبي داود من رواية عبد الرحمن ابن يعمر فجاء ناس أو نفر من أهل نجد فأمروا رجلاً فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الحج فأمر رجلاً فنادى الحج الحج يوم عرفة، الحديث، ونحو ذلك في روايات أخر والظاهر ما حكى من السؤال في الأصل وهم نعم أخرج أبو داود من حديث عروة بن مضرس وعزاه صاحب جمع الفوائد إلى أصحاب السنن قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقف يعني بجمع قلت جئت يا رسول الله من جيلى طي أكللت مطيتي أو تعبث نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، الحديث، لكنه حديث آخر غير ما في الباب فتأمل.