الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلذلك اكتوى خباب، وأما قوله في بيان ما قاس (1) من الشدائد فلم يك إلا بيانًا لحاله أو تحديثًا لنعمته تعالى عليه فإن المصائب على المؤمن نعم منه تعالى إذا صبر عليها.
وقوله [لقد كنت وما أجد درهمًا] بيان لنعمة الإنعام عليه بعد ما كان مقلاً ليس له درهم أو يكون هذا باين ما قاسى من قبل من الإفلاس كما يقاسي آلام الأسقام اليوم، قوله [وفي ناحيتي أربعون ألفًا] هذا لا ينافي ما ورد في بعض الروايات من الزيادة على ذلك المقدار فإن هذا بيان لما كان وقع في ناحية من البيت لا أن هذا لحصر جميع ما في بيته، قوله [أنهانا أو نهى] شك من الراوي.
قوله [دخلت أنا وثابت البناني] وكنا نتلمذ عليه [فقال] صاحبي [ثابت يا أبا حمزة] هذه كنية لأنس بن مالك [اشتكيت] متكلمًا لا بصيغة المخاطب [قال كلاهما صحيح] لأن عبد العزيز كما أخذه عن أنس بلا واسطة أخذه عن أبي سعيد بتوسط أبي نضرة فنسبه إلى كليهما ثم بين المؤلف دليلاً على صحة الروايتين معًا فقال حدثنا عبد الصمد وهذه مقولة أبي زرعة.
قوله [باب ما جاء في الحث على الوصية] الوصية نوعان: وصية ما يجب عليه أدائه كالديون والودائع وبيان ما عليه من الصلاة والصيام، وهذه الوصية واجبة على المرء وهذه هي التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلخ إلا أن حكم النوع الثاني من الوصية يعلم مقايسة عليها فإن الوصية بما يجب عليه لما كانت واجبة عليه كانت الوصية بما يستحب له فعله مستحبة، فلذلك عم المؤلف ترجمة الباب ليعلم الحث على الوصية بكلا نوعيها وقوله عليه السلام [إلا ووصيته مكتوبة] ليس المراد به الكتابة نفسها إنما المراد بها الإعلام كيف حصل.
[باب ما جاء في الوصية بالثلث والربع]
الأول على الجواز، والثاني
(1) فقد ورد في رواية اكتوى في بطنه سبعًا، قال أبو الطيب.
على الاستحباب قوله [أوصيت] سأله ليعلم أنه هل أتى بما يستحب له أم لم يأت، وعدم إتيانه بذلك يتنوع نوعين أن لا يكون أتى بالإيصاء مطلقًا أو يكون أتى به لكن لا على الوجه المستحب بأن يكون فيه إتلاف حق.
قوله [هم أغنياء بخير] وكانت له ابنة غنية (1) ذات زوج غني ومع ذلك فلم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يربي على الثلث، وفيه دلالة على ما للورثة من عظيم الحق في مال المورث وأنه لا ينظر في ذلك إلى غناء الوارث أو فقره ومعنى قول سفيان من أوصى بالثلث فلم يترك شيئًا أن المورث لما لم يكن له وقت الموت تصرف على ما زاد على الثلث لتعلق حق الورثة بالباقي كانت المنة منه على الورثة أن لو ترك شيئًا من حقه لهم فأما إن استوفى الثلث في الوصية علم أن إحجامه عن الباقي ليس لامتناعه عنه قصدًا إبقاء على الورثة بل لعدم الاختيار، وقوله لا يجوز له إلخ، علة لقوله فلم يترك شيئًا.
قوله [فما زلت أناقصه] أي أبين له أن فيما عينته يا رسول الله نقصًا لي أي لم أزل أذكر له أن الذي أمرت به قليل أو المعنى فما رلت أناقصه عما قلت أولاً من مالي كله أي لم أزل أذكر له أقل من الذي كنت ذكرته أولاً يعني تركت أولاً من كل المال قليلاً وقليلاً حتى آل الأمر إلى الثلث فافهم حتى يتضح لك الفرق بين الوجهين.
قوله [ويستحبون أن ينقص من الثلث] لقوله صلى الله عليه وسلم والثلث كبير وليكون له منة على أولاده كما أن له فضلاً على الفقراء في الإيصاء لهم، قوله [بخمس دون الربع] بيان ليتضح حال الثلث ولا يشتبه فقال الخمس الذي هو دون الربع والربع الذي هو دون الثلث أو أراد بذلك أن مراتب الاستحباب متفاوتة فالربع استحبابه دون استحباب الخمس، وعلى هذا فالربع والخمس كلاهما مستحب غير أن الخمس
(1) لما ثبت أنه لم يكن له من الأولاد إذ ذاك إلا بنت واحدة وورثته الأخر عصبة، فقوله هم أغنياء باعتبار الورثة، قاله أبو الطيب.