الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[قوله إيمانًا واحتسابًا] لما كان كل منهما يجوز انفكاكه عن الآخر جمعهما فإن الاحتساب يمكن من غير المؤمن أيضًا.
[باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك]
بنية دائرة بين الفريضة والنافلة كره ذلك تحريمًا لكنه إن اتفق فيه وقوع رمضان يعد من رمضان عندنا، وقال الآخرون لا يحتسب منه وأما إن صام بنية دائرة بين وجود الصوم إن كان اليوم من رمضان وعدمه، إن لم يكن منه كان ذلك لغوًا بحسب الصوم مكروهًا بحسب الحكم والمنع لتقديم رمضان بصوم أو صومين مزجرة للعوام ذبًا عن حدود الشرع أن يتصرف فيها بزيادة كما يذب عن التصرف فيها بنقصان وفضيلة صيام شعبان لمن لا يضعفه صومه في شعبان عن صيامه في رمضان والمنع لغيره وما ذكره عن وجه المنع في تقديم صوم يوم أو يومين لا يوجد ههنا، لأن النفس قلما يعتاد مثل هذه المشقة الكثيرة حتى يختل به تحديد الشرع فاجتمعت الروايات بأسرها.
[قوله أحصوا هلال شعبان] لغرض [رمضان] وأجله طلبًا لتحصيل صيامه وفضله فإن هذا الإحصاء يدل على الاستعداد لرمضان والانتظار له والاهتمام بشأنه فيثاب على ذلك كله لأنه دخل في العبادة لكون هذه الأمور تقدمه لها وبسببها اجتهد فيها.
[باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال]
هذا عند الإمام مخصوص عن غيره من المسائل، فإن اختلاف المطالع معتبر في جميع المسائل عند جميع الأئمة كالزكاة
والأضحية وأوقات الصلاة، فالمعتبر عند كل أهل بلد رؤيتهم إلا أن الإمام (1) خصص من ذلك الحكم الصيام خاصة فقال بأن رؤية أهل مطلع يجب الصيام بحسبها لكل أهل الأرض ولعله استند في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن لفظة صوموا عامة خوطب بها كل من يصلح للخطاب حيث ما كان وترك فاعل الرؤية فهي مطلقة تتحقق بتحقق الفرد الواحد أيضًا فكان المعنى يا أيها المؤمنون كلهم (2) صوموا إذا وجد الرؤية وأنت تعلم أن رؤية أصحاب بلد رؤية فأمروا بالصيام عند ذلك، ولعل الوجه في قوله صلى الله عليه وسلم ذلك البناء على الاتفاق ما أمكن فإن اتفاق الأمة في العادات والعبادات مقصود ما أمكن زمانًا أو مكانًا أو بحسبهما معًا وهذا التقرير موقوف على مزيد تدبر في مباني الأحكام، وأما رواية من روى صوموا لرؤيتكم وأفطروا لرؤيتكم فإنما المراد بذلك تختص بالأداء فإن الرجل إذا لم يطلع على رؤية من رأى من غير أهل بلده أنى يصوم برؤيتهم، فأمروا أن يصوموا على حسب رؤيتهم وأما إكمال عدة رمضان والإفطار بعده فإنما يكون على حسب ما رآه غيرهم إذا لم يروا في ذلك اليوم ورآه غيرهم مثلاً رأى الهلال أهل كلكتة في يوم الجمعة، وأصحاب مكة يوم الخميس فعند رؤية أهل مكة لم يعلموا أهل كلكنة حال رؤيتهم حتى يصوموا على حسب صيامهم ورؤيتهم ولكنهم إذا أطلعوا على رؤيتهم يجب لهم أن يقضوا صوم يوم الخميس، وأيضًا أن يعيدوا (3) على حسب يوم الخميس لا على حساب يوم الجمعة، والله الهادي إلى سواء الطريق.
(1) لم يتفرد الإمام أبو حنيفة بذلك بل المنفرد به الإمام الشافعي وبقية الأئمة الثلاثة متفقة في ذلك في المعتمد عندهم المختار في فروعهم، كما بسطت الأقوال عن فروعهم في الأوجز والعجب من الإمام الترمذي كيف أجمل اختلاف الأئمة في ذلك.
(2)
هكذا في الأصل بضمير الغائب وللتأويل مساغ.
(3)
من التعييد قال المجد عيدوا شهدوه.