الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل إلخ] مؤدى قولهم عدم الفرق بين الإمام وغيره في الصلاة عليه، ثم اعلم أن هذا مذهب القدماء في الفرق الضالة فإنهم لم يكفروهم وقالوا فيهم إنهم من أهل القبلة فيعامل بهم معاملة المسلمين أجمع، وأما المتأخرون فإنهم لما رأوا بعض عقائدهم واصلة إلى الكفر كفروا، منهم من اعتقدها ففرقوا بين من وصل منهم إلى حد الكفر وبين من لم يصل إليه فقالوا لا يصلي على من كفر وإن صلى إلى القبلة.
[باب في المديون]
قوله [قال أبو قتادة هو على] اعلم أن الكفالة هو ضم ذمة إلى ذمة فقال الإمام لا يكفل عن الميت إذ لا ذمة حتى يضم إليها ذمة أخرى لأن الدين (1) هو الفعل حقيقة ولذا يوصف بالوجوب وإطلاق الدين على المال مجاز ولم يبق المكلف حتى يجب عليه شيء، والمال لما كان وسيلة إلى التسليم والأداء لا موصوفًا بالوجوب عليه لم يبق الوجوب ببقاء المال وقال (2) صاحباه
(1) يعني أن الدين هو صفة الفعل لا صفة المال لأن حقيقة الدين هو لزوم المال على أحد ولذا يجب عليه أداؤه فالوجوب حقيقة هو فعل الأداء وأما المال فهو متعلق الإيتاء ومفعوله وهو ظاهر.
(2)
وفي الهداية إذا مات الرجل وعليه ديون ولم يترك شيئًا فتكفل عنه رجل للغرماء لم تصح عند أبي حنيفة وقالا تصح لأنه كفل بدين ثابت لأنه وجب لحق الطالب ولم يوجد المسقط ولهذا يبقى في حق أحكام الآخرة ولو تبرع به إنسان يصح وكذا يبقى إذا كان به كفيل أو مال وله أنه كفل بدين ساقط لأن الدين هو الفعل حقيقة ولهذا يوصف بالوجوب لكنه في الحكم مال لأنه يؤول إليه في المآل وقد عجز بنفسه وبخلفه ففات عاقبة الاستيفاء فيسقط ضرورة والتبرع لا يعتمد قيام الدين، وإذا كان به كفيل أو له مال فخلفه أو الإفصاء إلى الأداء باق انتهى.
إن لم يبق ذمته في أمور الدنيا فذمته في أحكام الآخرة باقية فيضم إليها وذلك لأن فراغ الذمة إما بالأداء من المديون أو بالإبراء من الداين ولم يوجد شيء منهما وهذا الحديث سند (1) لهما، وقال الإمام إنما كان ذلك عدة من أبي قتادة حتى سأله النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء ولو لم يكن عدة بل كان كفالة لما احتيج إلى هذا السؤال فإن الكفالة لا يكون إلا للأداء والوفاء ومعنى قوله بالوفاء إن لفظ «على» كان يحتمل معنيين أن يؤدي أبو قتادة دينه من عند نفسه أو أن يستحث (2) الناس عليه حتى يلتزموا فكان المعنى على دينه إن أسعى له والسعي منى والإتمام من الله، وعلى هذا لو لم يؤته الناس شيئًا لم يكن أبو قتادة إلا أنجز ما وعده فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ليعين ماذا أراد فلما بين أنه أراد الأداء من عند نفسه صلى عليه.
قوله [أنا أولى (3) بالمؤمنين من أنفسهم] والمعنى التفضيل ظاهر فإن الميت لم يخلص نفسه من دينه حتى أسر فيه وأخلصه النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في غيره من الأمور الدينية والدنيوية فإنه أولى بنا منا في إصلاحنا وتسديدنا وهذا إذا كان الأنفس على حقيقته
(1) قال أبو الطيب: وبقولهما قال مالك والشافعي وأحمد فالحديث حجة للجمهور انتهى قلت وأنت خبير أن احتمال العدة كما تأوله الإمام باق نعم لو أنكره المتكفل وأخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم جبرًا لتكفله بذاك كان حجة لهم وإذ لا فلا قال القاري والحديث يحتمل أو يكون إقرارًا بكفالة سابقه فإن لفظ الإقرار والإنشاء في الكفالة سواء.
(2)
قال المجد حثه عليه واستحثه واحثه واحتثه وحثثه وحثحثه حضه فاحتث لازم ومتعد.
(3)
قال أبو الطيب: أشار إلى قوله تعالى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية انتهى، وهذا مخالف لما سيأتي في كلام الشيخ فتأمل.