الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنصارى سيما (1) وقد أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه فكان لعن اليهود في هذا الحديث ردعًا لأمته المرحومة عن اختراع الحيل في إحلال ما حرمه الله تعالى.
[باب كراهية الرجوع من الهبة]
الهبة مصدر وهبة يهب، وقد يطلق على ما يوهب فكان مصدرًا بمعنى المفعول ولذلك تراهم يستعملونه تارة بلفظ من كما في ترجمة الباب، وهي ههنا مصدر وتارة بلفظ في كما في لفظ الحديث فهي بمعنى المفعول ثم لا يخفي إنه لو عاد الواهب في هبته فإنه يملكها مع ارتكاب المحرم وأما العود في هبة ذي رحم محرم منه فغير جائز لحديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها رواه البيهقي (2) والدارقطني والحاكم، بقى المعارضة في هذا الحديث وفي قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا لوالد فيما يعطي ولده فإن الولد من أقرب قريب ذي رحم محرم والجواب أن الاستثناء ههنا منقطع، وليس أخذ الأب هبته ذلك من الرجوع في شيء إنما هو تملك من الأب لهذا الشيء كسائر أملاك الابن لا لكونه هبة بل لكونه ملك ولده وقد رخصه الشارع أن يتملك أملاك عند فاقته إليها بقوله أنت ومالك
(1) ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد مرفوعًا لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن، وفي الباب عن أبي واقد الليثي عند الترمذي، وقال في آخره: في الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة، انتهى.
(2)
قال الحافظ في الدراية: حديث إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها رواه الحاكم والدارقطني والبيهقي من طريق الحسن عن سمرة بهذا، قال الحاكم صحيح، وقال الدارقطني تفرد به عبد الله بن جعفر عن ابن المبارك عن حماد بن سلمة عن قتادة عنه وظن ابن الجوزي أنه ابن المديني فضعفه وليس كما ظن بل هو الرقي وهو ثقة، انتهى.
لأبيك، فكان قوله هذا دفعًا لضرر الامتناع عن تملك ما وهبوا لأبنائهم فإنهم لما نظروا إلى ظاهر قوله، العائد في هبته كالكلب، فلعلهم أن يستنكفوا ويأنفوا عما وهبوه الأبناء فأزال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأنفة بأن أورده بلفظ الاستثناء كأنه جوز لهم تملك ما ملكته الأبناء ولو كان ذلك رجوعًا في الهبة، قوله [مثل السوء] يصح بفتح وضم للسين، قوله [كالكلب يعود في قيئه] ومن عادته أنه إذا أكثر من أكل شيء ذهب فأدخل في حلقه شيئًا من النباتات فقاء وجعله محفوظًا ثم إذا اشتهى أكل منه والتشبيه في كونه مكروهًا طبيعيًا وفيه دلالة على جواز العود إذ لا شك أن الكلب ينتفع بفعله هذا ويحصل له شبع بما قاء أولاً فكذلك العائد في الهبة لا يحرم من التملك وإن لم تخل فعلته تلك من كراهة.
قوله [وهو قول الثوري إلخ] وذلك لأن الرواية المذكورة من قبل لم تخل عن إشارة ما إلى جواز العود في الهبة مطلقًا ثم خصص الرواية الثانية، وهو قوله عليه الصلاة والسلام الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها وقوله عليه الصلاة والسلام إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها خصص منها هبة عوض منها وهبة لذي رحم فبقى الباقي (1) على عمومه وهو جواز العود (2) في الهبة ومعنى قوله [والعمل على هذا عند أهل العلم إلخ] أنهم عملوا على هذا الحديث المار من قبل مع ملاحظة للروايات الآخر لا أنهم قصروا نظرهم على هذه الرواية فقط حتى يتوهم أن ما ذكره منهم ليس بمستنبط عن هذه الرواية صراحة ولا إشارة فكيف قال: والعمل على هذا إلخ.
(1) أي غير الهبتين المذكورتين وما في معناهما فإن الرجوع عند الإمام لا يجوز في سبعة مواضع جمعها قولهم دمع خزقه.
(2)
وبه قالت الحنفية بشرط التراضي أو قضاء القاضي كما في الكفاية وتكملة فتح القدير وغيرهما.