الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه صلى الله عليه وسلم باع بعضًا من العبد وأعتق من غير أن يأذن بذلك مالكه، وأما إذا لم يقيم عليه شهادة أو كان الدعوى بملك مطلق فلا، إذ لا يمكن جعل الحاكم منشأ لأن في الأسباب تزاحمًا وتعيين أحد منها دون الآخر يقتضي مرجحًا، واستدل الموردون (1) بهذا الحديث لكنه غير وارد إذ غاية ما يثبت بالحديث بطلان نفاذه إذا كان مداره على التقرير وبيان المدعي، وأما إذا شهدا عليه فلا تعرض له في الحديث لأنه صلى الله عليه وسلم إنما قال الحن بحجته وهذا لا يصح إلا على بيانه.
[باب ما جاء في اليمين مع الشاهد]
أي لا يعتد (2) بشاهد المدعي إذا كان واحدًا وإنما يحكم بيمين المنكر وهذا هو المراد في لفظ الحديث قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) باليمين مع الشاهد أي لم يحكم إلا باليمين مع وجود الشاهد
(1) ويمكن أن يستدل للإمام بما ذكره ابن الهمام بحثًا أن رجلاً أقام بينة على امرأة أنها زوجته بين يدي علي فقضى علي بذلك فقالت المرأة إن لم يكن لي منه بد يا أمير المؤمنين فزوجتي منه فقال شاهداك زوجاك فإن القضاء لو لم ينفذ باطنًا لأجابها فيما طلبت للحقيقة التي عندها واستدل على المسألة بدلالة الإجماع على أن من اشترى جارية ثم ادعى فسخ بيعها كذبًا وبرهن فقضى به حل للبائع وطؤها واستخدامها مع علمه بكذب دعوى المشتري مع أنه يمكنه التخلص بالعتق وإن كان فيه إتلاف ماله لأنه ابتلى بأمرين فعليه أن يختار أهونهما وذلك ما يسلم له فيه دينه، انتهى.
(2)
قالت الأئمة الثلاثة لحديث الباب أن اليمين تقوم مقام شاهد إذا كان للمدعي شاهد واحد وقالت الحنفية ومن معهم أنه يخالف الحديث المشهور البينة على المدعي واليمين على من أنكر وأولوا الحديث بوجوه، منها ما أفاده الشيخ.
(3)
على أنه فعل لا يقاوم القول لا سيما إذا تايد القول بالقرآن المجيد في قوله تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} وبسط البخاري في تأييد الحنفية في ذلك فارجع إليه.
الواحد لعدم تمام نصاب الشهادة.
[باب ما جاء في العبد (1) يكون بين رجلين إلخ] ظاهره مؤيد للصاحبين أنه لا يستسعى العبد في نصيبه الباقي إذا كان المعتق موسرًا والمعنى بالموسر ههنا القادر على إيفاء ثمن نصيب الآخر كما يدل عليه لفظ الحديث فكان له من المال ما يبلغ ثمنه لكن تأييده لهما موقوف على اعتبار مفهوم المخالفة فإن قوله صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن له مال قوم قيمة عدل ثم يستسعى يثبت باعتبار مفهوم المخالفة أن لا سعاية عليه إذا كان له مال وأنت تعلم أن أصحابنا الثلاثة لم يسلموا المفهوم فكيف لهم إثبات مرامهم به وغاية ما يثبت منه عتقه كملاً وهو مناف لما ذهب إليه الإمام أيضًا،
(1) إذا كان العبد مشتركًا فاعتق أحد نصيبه اختلفت الفقهاء في ذلك على أقوال كثيرة، ذكر النووي فيه عشرة مذاهب للعلماء والعلامة العيني أربعة عشر مذهبًا وما ذكر الإمام الترمذي من اتفاق الأئمة الثلاثة ليس بوجيه ولما اكتفى الشيخ بذكر اختلاف الإمام وصاحبيه فقد اقتفينا أثره في ذكر مسالك ائمتنا الثلاثة، ففي الهداية إذا كان العبد بين شريكين فأعتق أحدهما نصيبه عتق فإن كان (المعتق) موسرًا فشريكه بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء ضمنم شريكه قيمة نصيبه وإن شاء استسعى العبد فإن ضمن رجع المعتق على العبد والولاء للمعتق وإن أعتق (الشريك نصيبه) أو استسعى فالولاء بينهما وإن كان المعتق معسرًا فالشريك بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء استسعى العبد والولاية بينهما في الوجهين هذا عند أبي حنيفة وقالا ليس له إلا الضمان مع اليسار والسعاية مع الإعسار ولا يرجع المعتق على العبد والولاء للمعتق (على الوجهين) وهذه المسألة تبتني على حرفين (أحدهما أن العتق يتجزى عنده لا عندهما) والثاني أن يسار المعتق لا يمنع والسعاية عنده لا عندهما، انتهى بزيادة.
ويمكن الجواب عنه بأن (1)(بياض في الأصل).
قوله [وإلا فقد عتق منه ما عتق] تكلموا (2) في ذلك اللفظ أنه هل هو من الحديث أم من قتادة (3) وغرضهم بذلك أن يثبتوا بإعتاق أحد الشريكين نصيبه عتق نصيب الآخر وإن لم يعتقه الآخر وأن لا سعاية على العبد فيما إذا لم يكن المعتق موسرًا قلنا هذا وإن كان من قول قتادة إلا أنه في حكم المرفوع
(1) بياض في الأصل ههنا وأجاب عنه ابن الهمام بأن الحديث إنما يقتضي عتق كله إذا كان له مال يبلغ قيمته وليس مدعاهما ذلك بل إنه يعتق كله بمجرد اعتاق بعضه كان له مال أولاً فقد أفادت الأحاديث أن العتق مما يقتصر ولا يستلزم وجوده السراية وإن وردت في العبد المشترك واستدل أيضًا بدلالة الإجماع وهو أن المعتق إذا كان معسرًا لا يضمن بالإجماع ولو كان اعتاق البعض اعتاقًا واتلافًا له لضمن مطلقًا كما إذا أتلفه بالسيف، انتهى.
(2)
الظاهر عندي أنه وقع في كلام الشيخ إجمال مخل حتى بلغ إلى حد التخليط وتوضيحه أن ههنا لائمة الحديث كلامين أحدهما على لفظ عتق منه ما عتق، والثاني على السعاية، وجمع الشيخ في كلامه كليهما ولعل وجهه أن الجواب عنهما واحد، أما الأول فقد حكى العيني عن ابن حزم أنه قال على ثبوت الاستسعاء صحابيًا وقوله ((عتق منه ما عتق)) لم تصح هذه الزيادة عن الثقة أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أيوب ويحيى بن سعيد أهو شيء في الحديث أو قاله نافع من قبله انتهى، وأما الثاني فبسط الشيخ في البذل كلام من أثبتها ومن نفاها وتقدم قريبًا من كلام ابن حزم إثباته ومال جماعة من المحدثين إلى أنه من كلام قتادة كما في البذل.
(3)
فيه تسامح لأن المختلف فيه في كونه من قول قتادة هو أمر السعاية المتقدم ذكره، وأما اللفظ المذكور فاختلفوا في كونه من كلام نافع.