الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غلطه فيتنبه وليس في ذلك حجة (1) للخصم في جواز الحجر على الأحناف، فإن قولهم أحجر عليه لا يستدعي ذلك الجواز أن يكون المراد أن ينهاه عن البياعات، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أن الحجر لو كان مقصودًا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله لا أصبر، مع أن مسألة الحجر لم تكن مما يكثر ورودها حق يلزم أنهم كانوا عالمين فلعلهم سألوا الحجر عليه لما لم يعلموا أنه يجوز الحجر عليه أم لا، ولا يمكن الاحتجاج بقوله تعالى:{فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} وذلك لأن سبب الرشد وهو بلوغه خمسًا وعشرين سنة قائم مقام المسبب، فإن في تعيين الرشد لاختلاف في مراتبه تعسرًا.
[باب ما جاء في المصراة]
قد ورد (2) في ذلك ما لا يوافقه (3) القياس ووجه ذلك أن الدواب تختلف في أنواعها وأجناسها، فكم من تفاوت بين مقدار لبن المعز والضأن ولبن الجاموس، فإثبات الصاع عوضًا من لبنهما معًا لا يعقل وجهه أصلاً ولا يوافقه النصوص الآخر أيضًا، كقوله صلى الله عليه وسلم الغرم بالغنم، وفي بعضها الغنم لمن الغرم، فكان إعطاء صاع التمر وغيره في قضية مخصوصة
(1) استدل بذلك ابن تيمية في المنتقى على صحة الحجر على السفيه والمسألة خلافية كما في البذل، فقال به الشافعي ومالك وأحمد كما في الأوجز وصاحبا أبي حنيفة: وقال الإمام الهمام: لا حجر بالسفاهة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحجر عليه.
(2)
أخذ بظاهره الشافعي وأحمد، وهو رواية عن أبي يوسف ورواية عن مالك والأخرى لهما وبها قالت الحنفية إن الحديث لمخالفته الأصول لو صح يكون مخصوصًا بذلك المحل فلا يرد بذلك العيب صرح به أهل الفروع.
(3)
فقد حكى الشيخ في البذل عن العيني أن الحديث يخالف الأصول لثمانية أوجه تم بسطها مع الزيادة على كلام العيني، قلت: والعجب أنهم أقروا بترك العمل على حديث لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهونًا، كما سيأتي في كلام ابن عبد البر ولا يقبلون عن مخالفهم هذا الأصل ههنا.
لا تجوز تعدينه في غيرها، وقد تايد ذلك باختلاف الروايات في هذا ففي بعضها إعطاء صاع من التمر وفي الآخر أشياء آخر مختلفة، فتخصيص التمر من بينها ترجيح من غير دليل يقتضيه، وأيضًا فلا يمكن أن يجعل إعطاء شيء معين منها بدلاً من اللبن قليلاً كان أو كثيرًا قاعدة كلية وقانونًا يعمل به فكان الأمر مخصوصًا بمورده ولا يعلم نوعه ولالمه حتى يتعدى مثل تعدية الأحكام الغير القياسية، كنقض الوضوء بالقهقهة، فإن وإن كان غير مدرك بالقياس إلا أنه لما علم لمه عديناه إلى أفراد المورد، وإن لم يمكن تعديته إلى أنواع مورد الحكم حتى لم نقل بنقض طهارة من قهقه نائمًا أو في غير صلاة مطلقة أو كان صبيًا أو كانت الطهارة ضمنية، فوجب المصير إلى ما قلنا إنها كانت قضايا عين علم النبي صلى الله عليه وسلم بحالها، فلم يأمر إلا بما يناسبه، وأما نحن فلم يأمرنا إلا بذلك الكلية العامة، ولما لم يجتمعا بوجه من وجوه الجمع تركنا ما لم يك عندنا عامًا، فلما أخذه المشتري ظانًا لبنه أكثر مما يدره عادة ملكه عادة وشرعًا إلا أن له أن يرده إذا تحقق (1) الخداع لفوات الوصف المرغوب فيه ومع ذلك فلو هلكت الدابة وهي عند المشتري هلكت من ماله لما أن ملك المشتري قد تم فيها ودخلت في ضمانه، فكما أن المشتري انفق عليها من عنده، فكذلك له المنافع فكان لبنه وسائر منافعه له لا للبائع.
(1) هذا هو مقتضى القواعد فإنهم صرحوا قاطبة من وجد بالمبيع عيبًا أخذه بكل ثمن أو رده وما أوجب نقصان الثمن عند التجار فهو عيب وصرحوا لو اشترى عبدًا على أنه خباز أو كاتب فكان بخلافه أخذه بكل الثمن أو تركه لأن هذا وصف مرغوب فيه فيستحق بالعقد بالشرط، ثم فواته يوجب التخيير لأنه ما رضى به دونه، انتهى، لكنهم صرحوا أيضًا في مسألة المصراة أن التصرية ليست بعيب عندنا فليس له الرد بذلك ولا يرجع بالنقصان في رواية الكرخي ويرجع في رواية الطحاوي، وفي الدر المختار هو المختار للفتوى، نعم حكى النووي عن أبي حنيفة وبعض المالكية وغيرهم أن يردها ولا يرد صاعًا من تمر.