الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب من يجبي إلى الوليمة بغير دعوة]
أورد فيه حديثًا، وليس فيه ذكر الوليمة واستدل بما وقع فيه من دخوله بغير دعوة على أن دخول الوليمة بغير دعوة لا يباين حكمه حكمه، قوله [إلى غلام له لحام] الغلام ههنا العبد واللحام بائع اللحم، [فصنع طعامًا ما ثم أرسل] فعلم أن تقديم القول ليس بواجب، قوله [حين دعوا] أي حين قاموا من مجلسه صلى الله عليه وسلم للرواح إلى بيته، قوله [تزوجت امرأة إلخ] ليس المراد إني أتيت بفور التزوج بل المراد أني تزوجت فاتفق بعد قليل أو كثير أني أتيت وسجيء تفصيله في مقامه، قوله [إن أبي ترك سبع بنات أو تسعًا] كان (1) زوج اثنتين منهن فذكر تارة كلهن وتارة من يقوم عليهن، قوله [فدعا لي] لأنه اختار إصلاح أخواته على حظ نفسه فعلم أن اختيار البكر في دنياه مفيد، وإن كان التزوج بالثيب راجحًا بوجوه أخر كإحياء سنته صلى الله عليه وسلم في بلادنا وكإصلاح البنات في الحديث.
[باب ما جاء لا نكاح إلا بولي]
قال الشافعي (2) بظاهر الحديث أن «لا نكاح إلا بولي» وعندنا إما أن يكون المراد بالنكاح هو الذي لا يستغني فيه عن الولي كنكاح الصغيرة والأمة أو المراد به نفي نفاذه وتمامه بحيث لا يتيسر للولي إبطاله، إذا كان فيه إبطال حق له كما إذا تزوجت في غير كفو أو بأقل من
(1) هكذا جمع الحافظ في الفتح لكنه جمع بين روايتي تسع وست، فقال قوله تسع بنات وفي رواية الشعبي ست بنات فكان ثلاثًا منهن متزوجات أو بالعكس، انتهى.
(2)
وبقوله قال أحمد، وقال مالك إن كانت المرأة دنية يجوز لها إن تزوج نفسها أو توكل من يزوجها، وإن كانت شريفة لابد من وليها، وقال الإمام الأعظم لا يعتبر الولي في البالغة، وقال ابن الهمام، حاصل ما في الولي عن علمائنا سبع روايات روايتان عن أبي حنيفة، هكذا في البذل.
مهر مثلها جمعًا بين الروايات (1) وبينها وبين الآيات، أو يراد نفي حسنه فإن النكاح الذي لم يرض به الأولياء غير مستحسن شرعًا وعرفًا.
قوله [إيما امرأة إلخ] لما كان المراد من قوله «لا نكاح إلا بولي» لا يظهر حسب ما رامه المؤلف عقبه حديث عائشة الذي صرح فيه ببطلان النكاح بغير ولي كأنه فسر رواية أبي موسى برواية عائشة، ولذلك لم يتكلم على حديث أبي موسى بعد هـ بل تكلم على الحديثين بعد إيرادهما جميعًا لجعلهما كواحد، قوله [فلها المهر بما استحل] هذا يرد على المخالف مذهبه واستدلاله فإن النكاح لم يكن باطلاً من أصله وإلا لم يجب المهر كما في الزنا والنكاح بلا شهود فعلم أن باطل معناه أنه على شرف البطلان وبقرب السقوط إذ للولي أن يعترض فيفسخ إذا كان بغير كفو أو بمهر قليل ولهم العذر (2) بأن وجوب المهر لاعتبار صورة النكاح وكذلك
(1) قال أبو الطيب: قال ابن الهمام هذا الحديث ونحوه معارض بقوله صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك في الموطأ، فأما أن يجري بين هذا وما رواه حكم المعارضة، والترجيح أو طريقة الجمع، فعلى الأول يترجح هذا بقوة السند وعدم الاختلاف في صحته بخلاف الحديثين فإنهما ضعيفان فحديث لا نكاح إلا بولي مضطرب في إسناده كما حققه الترمذي وحديث عائشة أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الحديث أنكره الزهري، وعلى الثاني وهو إعمال طريق الجمع فبأن يحمل عمومه على الخصوص، ويجب ارتكابه لدفع المعارضة بينهما على أنه يخالف مذهبهم، فإن مفهومه إذا نكحت بإذن وليها كان صحيحًا وهو خلاف مذهبهم انتهى، مختصرًا.
(2)
فإن الصداق يجب عند الشافعية بالنكاح والوطي بالشبهة، كما في شرح الإقناع، وهل هذا داخل في الشبهة محل تأمل فإن الطيبي صرح بأن النكاح بغير شهود زنا عند الشافعي وأيضًا الحد يسقط بشبهة الطريق، والفاعل والمحل وفسر في شرح الإقناع شبهة الطريق بجوازه في مذهب من مذاهب العلماء كالنكاح بلا ولي وشهود.
لا يجب الحد لأجل الشبهة فلا حجة بهذا على أن البطلان ليس على (1) حقيقته قوله [فإن إلخ] كأنه جواب عما يرد على الشافعي ومن معه وعلى ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم إيما امرأة إلخ من أن النكاح بغير ولي، لما كان باطلاً وكثير من النساء ليس لها ولي فكيف يتصور نكاحها فأجاب بأن السلطان ولي من لا ولي لها وكذلك الحكم أن تشاجر الأولياء لأنهم سقطوا بالتعارض فكان وجودهم في حكم العدم، وكذلك فالسلطان ولي إذا تشاجر الأولياء والمرأة بأن قصدت وهم يمنعون أو قصدوا وهي تمتنع، قوله [وغير واحد من الحفاظ عن ابن جريج نحو هذا] يعني أن سفيان هذا كثيرًا ما يروى عن الزهري من غير واسطة، ولكن هذه الرواية (2) أخذه سفيان عن ابن جريج عن سليمان عن الزهري فلا يتوهم أن ذكر هذين الواسطين (3) غلط بل ذكرهما هو الصحيح، وقوله [حديث أبي موسى حديث فيه اختلاف] وحاصله (4) أن أكثر الرواة يروونه فيذكرون عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى فلا يعول على ما ذكره شعبة وسفيان من غير ذكر أبي موسى فلا يغتر
(1) لكن مع ذلك فمخالفة الروايات والآية باق على حاله وهي كافية لا يجاب التخصيص.
(2)
والأوجه عندي أن غرض المصنف تقوية هذا الطريق المذكور لما سيأتي من الاختلاف في هذا الحديث.
(3)
هكذا في الأصل بدون التاء ويمكن تصحيحه كما لا يخفى.
(4)
ذكر الترمذي ههنا اختلافين أحدهما ما أفاده الشيخ، والثاني الاختلاف على يونس ولم يذكره الشيخ بل اكتفى على الأول لأن هذا الثاني اختلاف في طريق خاص بخلاف الأول فإنه عام في جميع طرقه، وحاصل هذا الاختلاف الثاني أنه اختلف على يونس فروى عنه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى، ومنهم لم يذكر أبا إسحاق فيه ومنهم من لم يذكر أبا موسى فيه فاختلف فيه أيضًا انقطاعًا وإرسالاً.
بغزارة فضلهما، وإتقان حفظهما لأن الغلط ليس منهما بل غلط أبو إسحاق (1) حين روايته لهما فلم يذكر أبا موسى.
قوله [وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي موسى] هكذا في النسخة الأحمدية، وهذا غلط من النساخ والصحيح (2) ذكر أبي بردة مقام أبي موسى كما ذكره بعد برواية محمود بن غيلان، قوله [ولا يصح] يعني (3) أن ذكر أبي موسى في رواية سفيان لا يصح، وإن كانت الرواية الصحيحة هو هذه فقط. قوله [ومما يدل على ذلك أي السماع في مجلس واحد] ووجه الاستدلال بذلك أن السماع لما كان في مجلس واحد علم أن غلطهما غلط واحد من أبي إسحاق ولو سمعا مختلفين في مجلسين لكان يستبعد أن يغلط أبو إسحاق مرتين، قوله [ما فاتني الذي فاتني إلخ] هذا يحتمل معنيين أي لم يترك حديث سفيان إلا وقت اتكالي على إسرائيل أو بسبب (4) اتكالي عليه، أو المعنى ما فاتني شيء كما فاتني حديث سفيان،
(1) كما يظهر من رواية محمود بن غيلان الآتية.
(2)
ما أفاده الشيخ هو الحق لرواية محمود بن غيلان الآتية ولأن الزيلعي حكى كلام الترمذي هذا فقال وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مرسلاً، وهكذا قال الحافظ في الدراية، ولفظه: قال وراه شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن أبي بردة مرسلاً انتهى، وحكى مولانا محمد حسن الولايتي المكي في تقريره عن الشيخ الكنكوهي، هكذا ذكره ابن الهمام وابن الصلاح في مقدمته، فقالا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.
(3)
وعلى هذا فما في بين سطور الكتاب من الحاشية غلط.
(4)
قد تقدم أن هذا هو الأوجه في معناه في نظري القاصر وغرض المصنف ظاهر يعني ترجيح رواية إسرائيل فإنه ترك بعض أحاديث سفيان ولم يتصد للأخذ عنه بتلك الروايات إلا لأجل اتكاله على إسرائيل، وكان الشيخ لم يرض عن هذا المعنى.
فلم أدر هل هو متصل أم منقطع، وإذا اتصل فكيف وصله إلا حين اتكلت على إسرائيل إذ حينئذ ذهب الفوات وعلمت بما اتصل، وأنه متصل ولكنه لا يصح صحة المعنى، الثاني (1) لأنه يستلزم أن لا يكون عبد الرحمن روى هذا الحديث عن سفيان مع أنه رواها عنه، قوله [وحديث عائشة] أراد بها الحديث الوارد بلفظ أيما امرأة نكحت إلخ، عبر بها للاختصار فإن معنى حديث عائشة هو أن النكاح لا يصح إلا بولي، قوله [قال يحى بن معين وسماع إسماعيل بن إبراهيم] هذه الجملة يعني بها قوله ثم لقيت الزهري فأنكره هي الجملة التي أنكر بها دون سماع الروايات في أنفسها، [ليس بذاك] أي صحيحًا معتدًا بها معتمدًا عليها، وإن أريد في معناه ليس بثابت معناه فإنهما في طبقة واحدة فلا بعد في روايته عنه وسماعه إلا هذه الجملة أي إن كان مراده إنكارًا لسماعه عنه في الروايات فغير مسلم، وإن أريد إنكار هذه الجملة فقط فمسلم، يعني لا يبعد أن يكون لم يسمع هذه الجملة، أما أنه لم يسمع عنه شيئًا من الروايات فبعيد مع أنه يلزم على إرادة سماع الرواية تكذيب ثقة، وهو إسماعيل فإنه مصرح بقوله: قال ابن جريج وعلى هذا فما في قوله [ما سمع من ابن جريج] موصولة (2) مفعول لقوله قبل صحح كتبه ويدل عن كتبه.
(1) وهو المذكور أولاً وإطلاق لفظ الثاني عليه مجاز.
(2)
هذا غاية توجيه كلامه احتاج الشيخ إلى تأويله تصحيحًا له، لكنه توجيه الكلام بما لا يرضى به القائل فإنه أورد دليلاً على عدم صحة السماع فالظاهر أن ما في كلامه نافية أراد بذلك تأكيدًا ما قاله أولاً أن سماعه منه ليس بذاك لكن كلامهم هذا بعيد جدًا فإن الحافظ في تهذيبه والذهبي في تذكرته وغيرهما صرحوا بأن ابن علية حدث عنه شعبة وابن جريج وهما من شيوخه، وقال النووي في تهذيبه في ابن علية سمع جماعات من التابعين، وجماعات من غيرهم منهم ابن جريج فهل إنكارهم ههنا إلا لغرض، فتأمل.