الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسيجيء السبب في اختياره ذلك المنزل للنزول في الصحيحين (1) قوله [إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه] هذا لا ينافي ما قدمنا فإن سبب نزوله ذلك المنزل واختياره يجوز أن يكون عدة أشياء.
[باب في حج الصبي]
قوله [ألهذا حج] اللام للانتفاع يعني أن لما نفعا في ذلك أم لا فقال نعم فعلم أن حج النفل جائز من الصبي (2) أيضًا وأما عدم إجزائه عن حجة الإسلام فلما لم يتوجه إليه الخطاب بعد وتلبسه أمه إزارًا ورداءًا وتلبى عنه ولا جناية عليه حتى يلزم دم لا عليه ولا على من يقوم به، قوله [فكنا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان] هذا الحديث إن أريد ظاهره فهو مخالف للمذاهب كلها فإن التلبية لا تجزئ عن أخر مع أن فيه إشكالاً آخر وهو أنه ليس في الحديثين اللذين قال لهما المؤلف أنهما ليسا معمولين بهما والباقي كله معمول
(1) فقد أخرج الشيخان وأبو داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من الغد يوم النحر وهو يمنى نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر يعني بذلك المحصب وذلك أن قريشًا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كذا في جمع الفوائد.
(2)
قال النووي وقال القاضي لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان، وإنما منعه طائفة من أهل البدع، ولا يلتفت إلى قولهم بل هو مردود بالحديث وبفعل الصحابة وإجماع الأمة وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حجه ويجري عليه أحكام الحج، وتجب فيه الفدية ودم الجير فأبو حنيفة يمنع ذلك ويقول إنما يجنب ذلك تمرينًا على التعليم وأجمعوا على أنه لا يقع عن الفرض، انتهى، هكذا في شرح أبي الطيب، قلت: وما حكى من خلاف الحنفية في الانعقاد ليس بصحيح إنما خلافهم في إيجاب الجناية كما عرفت في كلام الشيخ رحمه الله.
به، والجواب عنه أن جابرًا مصرح بقوله كنا نلبي ولفظ كان ظاهر الاستمرار وإن لم يكن نصًا فيه فعلم أنه ذهب إليه واختاره، والحق أن معنى الحديث أن النسوة اللاتي لم يقدرن على التلبية لمرض (1) أو إغماء كنا نلبي عنهن ولا خلاف فيه لأحد (2) والتقييد بالنساء لما أن ذلك غالب فيهن وأن الرجال كذلك في هذا الحكم فأتقن هذا واغتنم ولا تغفل، ومعنى قوله [كنا إذا حججنا معه صلى الله عليه وسلم] مع أنه لم يحج بعد الهجرة لا حجة أما أن يكون قوله هذا مبنيًا على أنه حين فعل ذلك في الحجة الواحدة، فالظاهر أنه لو حج ثانيًا لكان كذلك أو قاله باعتبار
(1) ففي شرح اللباب: من أغمى عليه أو نام وهو مريض فنوى ولبى عنه رفيقه أو غيره بأمره السابق على إغمائه ونومه صح، ثم اعلم أنه إذا أمر أصحابه ورفقاءه بذلك فلا خلاف فيه وأما إن لم يأمرهم بذلك نصًا فأهلوا عنه جاز ذلك أيضًا عند أبي حنيفة خلافًا لهما، انتهى، وما أوله الشيخ رحمه الله مبني على تسليم صحة الحديث وإلا فقد أخرج ابن ماجة في سننه برواية ابن أبي شيبة عن ابن نمير بهذا السند عن جابر قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، انتهى، وهكذا ذكر الحديث صاحب المنتقى، قال الشوكاني: حديث جابر أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة ورواه الترمذي بلفظ آخر وقال ابن القطان لفظ ابن أبي شيبة أشبه بالصواب فإن المرأة لا يلبي عنها غيرها أجمع على ذلك أهل العلم، انتهى، وذكر السيوطي في التدريب هذا الحديث مثالاً للمنسوخ بدلالة الإجماع واستدل عليه بقول الترمذي أجمع أهل العلم إلخ.
(2)
أي من الحنفية: ففي الهداية لو أمر إنسانًا بأن يحرم عنه إذا أغمى عليه أو نام فأحرم المأمور عنه صح بالإجماع قال محشيه أراد إجماع أصحابنا فإن مالكًا والشافعي وأحمد لا يجوزونه وقال النووي لا يجوز عند أبي يوسف، ومحمد سواء أذن أو لم يأذن وهذا النقل غلط، انتهى.