الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منعتنا أن نأخذ مال الغير بغير حق، وهو المعنى بقولهم ولا نحن نأخذ منهم وأما الثالث فلأنهم لا يضيفونا.
[باب في الهجرة]
قوله [لا هجرة بعد الفتح] يعني بذلك أن الهجرة من مكة لم تبق على ما كانت عليه من قبل حيث لم يكن الإيمان يقبل دونها باعتبار الأحكام الظاهرة، وأما الهجرة من غير مكة من مواضع الكفرة فلم تنسخ. بل هي باقية على اختلاف في وجوبها واستحبابها حسب اختلاف ما في تلك الدار من الأمور الموجبة لها، [ولكن جهاد ونية] أي ولكن بقى الخروج من مكة لأجل الجهاد وكذلك بقيت فيه نية الخير من طلب العلم وغيره ليثاب عليهما.
[باب في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله [على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت] وكان ذلك في الحديبية حين أخبر (1) أنهم قتلوا عثمان، وحاصل اللفظين الواردين في ذلك واحد وهو أنهم بايعوه أن لا يفروا ولو ماتوا وقتلوا فمن نفى عنهم البيعة على الموت كان غرضه الرد على من زعم أنهم بايعوا على الموت مقصودًا وليس كذلك إذ لو كان كذلك لكانوا ناكثين بيعتهم لأنهم لم يموتوا وهو خلاف مجمع
(1) وذلك لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان إلى أشراف قريش في غزوة الحديبية يخبرهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت لحرب وإنما جاء زائرًا للبيت معظمًا لحرمته، فخرج عثمان حتى دخل مكة وأتى أشراف قريش وبلغهم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاقدوه، ولما فرغ وأراد أن يرجع قالوا إن شئت أن تطوف بالبيت فطف، قال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضبت قريش وحبسته عندها، ولما أبطأ عثمان قال المسلمون طوبى لعثمان دخل مكة وسيطوف وحده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ليطوف وحده، ولما احتبس عثمان طارت الأراجيف بأن عثمان قتل، قيل إن الشيطان دخل جيش المسلمين ونادى بأعلى صوته، ألا إن أهل مكة قتلوا عثمان، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من سماع هذا الخبر حزنًا شديدًا فبايعهم، كذا في الخميس.
على خلافه، ومن أثبت منهم بيعته على الموت كان غرضه أنهم بايعوه على القتال وعدم الفرار، ولو ماتوا أو قتلوا فالفرق إنما هو في أداء العبارة وتعبير المقصود وإلا فمدعاهما واحد، وأما ما قال المؤلف في توجيه الجمع، من أنهم كانوا فريقين فجمع منهم بايعوا على الموت، وجمع آخر على عدم الفرار، إن كان غرضه التفريق بين معنى العبارتين وجعلهما فريقين حقيقة، فظاهر أن الأمر ليس كذلك لأن البيعة التي أخذها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي واحدة لا غير، وإن كان غرضه نقل الكلامين الذين تلفظ بكل (1) منهما بعض منهم والبعض الآخر بالآخر وإنما عنى كل واحد منهم معنى واحدًا وهو عدم الفرار إلى أن يموتوا فهو معنى صحيح كما بينا من قبل.
(1) هكذا في الأصل، والصواب عندي بدلها بواحد منهما، وحاصل ما أفاده الشيخ أن المصنف إن أراد بالتوجيه تفريق معنى الكلامين وجعل أهل بيعة الرضوان فرقتين حقيقة بأن صنفًا منهما بايع على هذا وصنفًا على هذا فليس بصحيح لأن أحدًا من أهل السير والحديث لم يجعلهم طائفتين بل الصحابة أنكروا البيعة على الموت، ولو وقعت بيعة جماعة منهم على الموت حقيقة لأخبروه، وإن أراد التفريق في مجرد التعبير والمؤدي واحد بأنه عبر بعضهم بهذا اللفظ والآخرون باللفظ الآخر وكلاهما أرادا أن لا يفرا فهو صحيح، وبوب البخاري في صحيحه باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت، قال الحافظ كأنه أشار إلى أن لا تنافي بين الروايتين لاحتمال أن يكون ذلك في مقامين أو أحدهما يستلزم الآخر انتهى، وتعقب العيني الأول. وقال بل المراد بالمبايعة على الموت أن لا يفروا ولو ماتوا وليس المراد أن يقطع الموت ولا بد انتهى، وبذلك جزم جمع من الشراح وعلم هذا فإنكار من أنكر من الصحابة البيعة على الموت إنكار على ظاهر معناه.