الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لترجعن عن ذلك، فإن قول السائل لمعط كريم إذا أراد أن يعطى أحدًا لا تعطه بل اعطني وقاحة لا تخفى لا سيما عند العرب الذين هم فوارس ميدان السماحة والكرم وسابقو مضامير الأنعام بأصناف النعم، ثم قوله لتكفي ما في إنائها محتمل لمعنيين على حسب ما مر إذ السؤال إن كان بطلاق المنكوحة التي هي ضرة السائلة فالإكفاء للنصف الذي كان لها، وأما النصف فللسائلة من غير طلاق، وإن كانت السائلة مخطوبة بعد فالإكفاء لجميع ما كان في إناء المنكوحة فافهم وتشكر، ثم المراد به هو إكمال كما هو الظاهر ولا يبعد أن يكون كناية عن الوطى.
[باب ما جاء في طلاق المعتوه
(1)] المراد بالمعتوه ههنا المجنون (2) لا المعنى المشهور، وهو الذي ليس برشيد وليس له كثير تجربة وخيرة وبصيرة في الأمور، ثم إن الحكم يتناول النائم والمغمى عليه والمصروع حيث لا يقع طلاقهم وربما يتوهم أن لا فرق بين هؤلاء وبين السكران (3) والجواب أن عوارض هؤلاء سماوية وسببه مكتسب منه ومع ذلك فهو معصية، والنوم وإن كان ظاهر الأمر أنه مكتسب واختياري إلا أن الأمر عند التأمل يظهر بخلافه،
(1) قال في النهاية: هو المجنون المصاب عقله، وقيل: المراد بالمغلوب السكران قاله أبو الطيب.
(2)
ولا يقع طلاق المجنون إجماعًا، حكى الإجماع عليه العيني وغيره.
(3)
قال الحافظ: ذهب إلى عدم وقوع طلاق السكران، عطاء وطاؤس وعمر بن عبد العزيز، وبه قال ربيعة والليث وإسحاق والمزني، واختاره الطحاوي، واحتج بأنهم أجمعوا على أن طلاق المعتوه لا يقع، قال: والسكران معتوه بسكره، وقال: بوقوع الطلاق طائفة من التابعين كالزهري والحسن، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة، وعن الشافعي قولان المصحح منهما وقوعه، والخلاف عند الحنابلة، لكن الترجيح بالعكس، انتهى.
ثم قد يشكل أن المسافر إذا قصد بسفره معصية كالسرقة وقطع الطريق تناولته رخصة القصر فما بال السكران لم يصفح عنه فيما بدًا منه بعد خروجه عن اختياره والعلم بحاله، وإن كان الأمر قد نيط ههنا بمعصية مع أنه لا يظهر بينه وبين المسافر فرق في أنه لم يخرج مسافرًا إلا لمعصية كالسكران لم يذهب عقله إلا لمعصية (1).
[باب] قوله [قالت كان الناس] خبره محذوف دل عليه الحال الآتية والواو في جملة والرجل (2) إلخ حالية، قوله [فاستأنف الناس الطلاق] مستقبلاً من كان طلق ومن لم يكن طلق يعني لما نزل أن المرأة إذا طلقت ثلاثً تكون حرمته غليظة ثم لا تحل حتى تنكح زوجًا غيره فاستأنف الناس حساب الطلقات من هذا الآن، ولم يعتبر بما طلقوا قبل نزول الآية من واحد إلى مائة وفيه دلالة على إهدار تصرفات الجاهلية، ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم من أين اكتسب أمواله مع أن المقامرة والربا كانا شائعين بينهم، وعلى هذا قلنا: إذا أسلم الرجل، وكان قد اكتسب أموالاً بوجوه هي محرمة كالربا والمقامرة كان حلالاً عندهم، وهو حرام عندنا، طاب له كل ما عنده ولم يؤمر برد شيء منه ولا بتصدقه، قوله [ولا نعرف للأسود] فالظاهر منه الانقطاع، قوله [وسمعت محمدًا، إلخ] فلما لم يدرك الأسود زمانه صلى الله عليه وسلم ولم يعش أبو السنابل بعده صلى الله عليه وسلم فتحقق بذلك الانقطاع في الإسناد ثم إنه مع هذا كله معمول به.
(1) هكذا في هامش الأصل اكتفى فيه بالإشكال ولعله أراد كتابة الجواب بعد ذلك ولم يتفق له، وأجاب عنه في تقرير مولانا رضى الحسن المرحوم بأن مناط الرخصة في السفر هو وجود السفر وهو متحقق في حالة المعصية وغيرها والمؤاخذة على المعصية أمر آخر باق عليه ومناط التطليق ههنا هو وجود هذه الألفاظ وهو متحقق ههنا فنيط الحكم به فتأمل.
(2)
وقال أبو الطيب: والرجل بالواو في أكثر النسخ والأقرب أن الواو زائدة في خبر كان ثم بسط الكلام على الواو الزائدة.
قوله [فقال ابن عباس تعتد، إلخ] لكنه لما سمع الحديث رجع عن مذهبه ومن ذهب (1) إلى كون عدتها أبعد الأجلين، فإنما ذهب لعدم علمه بالتاريخ حيث لم يدر أن أولات الأحمال، الآية متأخرة في النزول عن قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} الآية، وعن قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} الآية، ولعدم بلوغ الرواية المذكورة (2) ههنا.
قوله [صفرة خلوق] بإضافة أو بغيرها، والثاني أولى فيكون بيان الطيب، قوله [قال] أي حميد بن نافع [قالت زينب دخلت، إلخ] أول الأحاديث الثلاثة وقالت زينب فدخلت على إلخ، ثانيها: وقال زينب وسمعت، إلخ، ثالثها: وقوله [لا مرتين أو ثلاثًا] بيان لما مر من سؤال السائلة فالمعنى أنها سألت ثلاثًا، ولم يجب كما أجاب من المداواة بالصبر وغيره في الأسولة الآخر لما علم من عدم احتياجها إلى حد الضرورة وتيقن من قلة مرضها لا لحيث يباح لها التكحل، وأما أمثال هذه فيجوز للمعتدة أن تستعمله ليلاً وتغسلها نهارًا إذا لم يجزها شيء غير المنهي عنه أي إذا تعين للمداواة من غير حرج، قوله [ترمي بالبعرة] بينه في الحاشية (3) وكانت الدابة الممسوحة بالفرج قلما تحيى ولعل السبب في موتها
(1) وكان فيه خلاف الصحابة والتابعين ولم يبق فيه الخلاف بين أئمة الأمصار وحكى عن سحنون من المالكية أنه يقول بقول علي رضي الله عنه يعني أنها تعتد أبعد الأجلين، قال الحافظ: وهو مردود لأنه أحدث خلاف بعد استقرار الإجماع كذا في البذل.
(2)
أي الرواية التي ذكرت ههنا وهي رواية قصة سبيعة لم تبلغ إليه.
(3)
وما في الحاشية لعله مأخوذ من رواية أبي داود، فقد أخرج أبو داود هذا الحديث برواية القعنبي عن مالك وزاد في آخره قال حميد فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول، فقالت: كانت المرأة إذا توفى عنها زوجها دخلت حفشًا وليست شر ثيابها ولم تمس طيبًا ولا شيئًا حتى تمر بها سنة ثم تؤتي بدابة حمار أو شاة أو طائر فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.