الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مآلاً ووجه البطلان ما فيه من القمار من تعليق الملك بشرط على خطر الوجود فارتفع الخلاف بين حديثي الرقبى باطلة والرقبى جائزة فإن الجائز بمعنى آخر والفاسد بمعنى آخر، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام.
[باب في الرجل يضع على حائط جارة خشبًا]
قوله [فلا يمنعه] أراد به النبي صلى الله عليه وسلم تعليم حسن المعاملة ونفع المسلم أخاه استحبابًا ولكن أبا هريرة فهم منه الوجوب وأكد الحكم فيه ولذلك طأطأ المستمعون لروايته حيث علموا أنه لبس واجبًا كما يقول أبو هريرة مع ما فيه من المفاسد فإن الناس يجعلون ذلك وسيلة إلى ادعاء الملك ولذلك قلنا له أن يمنع إذا خاف فيه مفسدة على نفسه أو ملكه والأولى له أن لا يمنع إذا لم يخف، وأما ما نقله المؤلف من المذهبين فيمكن جميعها (1) بالحمل على ما قلنا وإن كان ظاهر سوقه أنهما مختلفان.
[باب أن اليمين على ما يصدقه صاحبه]
قوله [وروى عن إبراهيم النخعي أنه قال إلخ] وهو المختار عند الإمام ومما يدل عليه قصة إبراهيم على نبينا وعليه السلام في توريته ولم يعد كذبًا لكونه مظلومًا، وأما ما ورد عليها من لفظ الكذبات في الروايات فلأجل المشاكلة بالكذب صورة أو لكون التورية كذبًا نظرًا إلى جليل منزلته.
قوله [إذا تشاجرتم في الطريق إلخ] لأن في السبعة كفاية، ومورد الحديث ما إذا كانت في السكة دور بجانبي الشارع ثم تهدمت الدور ولا يعلم مقدار الطريق بوجه من وجوه العلم كم كان، وأما إذا علم مقداره بوجه فكما علم، وأما إذا كانت الطريق شارعًا عامًا فلا يتصرف فيه بزيادة ولا نقصان وكذلك إذا كان أحد له أرض مملوكة فإنه مخير بين ما يجعله طريقًا منها.
(1) لما في البذل عن الخطابي، قال عامة الفقهاء يذهبون في تأويله إلى أنه ليس بإيجاب يحمل عليه الناس من جهة الحكم، وإنما هو من باب المعروف وحسن الجوار إلا أحمد بن حنبل فإنه يرده على الوجوب، انتهى.
قوله [خير غلامًا بين أبيه وأمه] اعلم أن مذهب الإمام في الولد أنه يتبع خير الأبوين دينا لو اختلفا (1) دينا وإن كانا مسلمين فللأم حق الحضانة حتى يستغني عنها ثم للأب حق التربية حتى يستغني عنه بالبلوغ ثم يخير بعد ذلك وأما حديث أبي هريرة فهو بيان وقعة فلا بد أن يخص فلا يثبت به العموم في الاستحقاق حتى يكون المرجع هو التخيير فأما أن يقال كان الغلام قد ناهز الاحتلام أو يقال أن أباه كان كافرًا فخيره بينهما ودعا له اللهم أهده فخير الولد لئلا يطعنوا بالظلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال إنه لا يستحق الأب لقال أبوه في معشر الكفار، إن محمدًا أظلمني وأخذ ولدي ظلمًا وكان فيه من المفاسد ما لا يخفى فأظهر التخيير فلما ظهر من الولد ميل إلى الأب وعار به فقال اللهم أهده وقد ثبت مثلما قلنا في الرواية الصحيحة فلا ضير في حمل هذا الحديث على تلك القضية، والجواب الثاني الذي قد سبق أنه كان مراهقًا غير بعيد أيضًا لأنه ورد في هذه الرواية أنه كان يأتي بالماء
(1) هذا محل تنقير لأن ما في الفروع يدل على أنه لا فرق في حق الحضانة بين المسلمة والكافرة ففي الهداية الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخاف أن يألف الكفر للنظر قبل ذلك واحتمال الضرر بعده ولا خيار للغلام والجارية، وقال الشافعي لهما الخيار لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير ولنا أنه لقصور عقله يختار من عنده الدعة لتخليته بينه وبين اللعب فلا يتحقق النظر وقد صح أن الصحابة لم يخيروا، وأما الحديث فقلنا قال صلى الله عليه وسلم اللهم أهده فوفق لاختياره الأنظر بدعائه عليه السلام أو يحمل على ما إذا كان بالغًا، انتهى، وحديث جد عبد الحميد أخرجه أبو داؤد وغيره وقال صاحب النيل: استدل به على ثبوت الحضانة للأم الكافرة لأن التخيير دليل ثبوت الحق وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وابن القاسم وأبو ثور وذهب الجمهور إلى أنه لا حضانة للكافرة على ولدها المسلم، انتهى.