الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا شك أنه كفر وإن لم يكن فمجرد جريانه على اللسان عادة وكذلك جريان ما سواها من الأسماء ليس إلا صغيرة ينبغي الاحتراز عنه أو خلاف الأولى فكان حلف النبي صلى الله عليه وسلم من هذا القبيل، وأما إطلاق الشرك عليه في الرواية الآتية فلا ينافي ما ذكرنا فإنا قد أسلفنا أن الشرك دون شرك كالكفر بعض أفراده دون بعض آخر إذ لا شك في أن ذكر اسم حيث يذكر اسم الله تعالى اشتراك وإن كان في الذكر، قوله [ولا آثرًا كان] قبح تلك اللفظة استقر في قلبه حيث منعه ذاكرًا إنه لم يذكره من عند نفسه، قوله [فليقل لا إله إلا الله] ليطهر بذلك لسانه ويزيل به ما أثر هذه الكلمة في قلبه وليخرج به عن التهمة عند من سمعه يحلف باللات والعزى.
[باب في كراهية النذور]
جملة الأمر إن الاعتقاد بتأثير النذر بحيث يغني عن قدر الله تعالى شيئًا منهي عنه مطلقًا وللبخيل الذي لا ينفق إلا في النذر سبب مذمة وإن لم يعتقد التأثير كأنه لأمه على صنيعه ذلك وهو إنه لا يعطي لله إلا لغرض دنياوي وأما ما سوى هذين فلا بأس به، قوله [واحتجوا بحديث عمر أنه نذر إلخ] وجه الاحتجاج إنه ليس للصوم ذكر فيه مع أن الليلة ليست بمحل الصوم، والجواب (1) أن العرب يطلقون الليلة ويريدونها بما يتابعها من اليوم وقد
(1) قلت: في الحديث مسالتان خلافيتان أجاد الشيخ في الإرشاد إليهما بالاختصار أحدهما هل يجب الصوم للاعتكاف أولاً والخلاف فيه شهير وبالأولى قالت المالكية واختلفت الروايات عن الشافعي وأحمد ومختار فروعها عدم الوجوب وعند الحنفية فيه تفصيل وهو أنه شرط في المنذور لا المندوب واختلف في المسنون كما بسط هذا كله في الأوجز واستدل بحديث الباب من قال بعدم إيجاب الصوم لما ورد في بعض رواياته من لفظ الليل والليل ليس بمحل للصوم وأجاب عنه الحنفية وغيرهم بما أفاده الشيخ.
ورد في بعض هذه الروايات لفظ اليوم أيضًا مع أن الرواية (1) وردت أيضًا وهي لا اعتكاف إلا بصوم فوجب الجمع بين الروايات وإيفاء (2) عمر كان استحبابًا لا وجوبًا لأن الكافر ليس أهلاً للطاعة حتى يصح نذره، قوله [حتى فرجه بفرجه] تخصيصهما بالذكر تحقيق لمبالغة المقابلة وكثيرًا ما يكونان سببًا لدخول النار أيضًا.
قوله [لقد رأينا سبع أخوة] تحقيق لتوكيد أمر الاعتاق مع ما لهم من الاحتياج إليها لكونها واحدة لسبع هذا وليعلم أن الاعتاق كان سدًا لباب الظلم والتعدي على المماليك وتعليمًا لمكارم الأخلاق لهم بهذا الأمر الشديد وإلا فلا يجب اعتاق الأمة أو العبد بهذا، قوله [من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال] قال بعضهم أنه كما أظهر من النفرة عن ذلك الملة لأنه إذا أراد الامتناع عن ارتكابه إذا حلف على الآتي أو بيان استبعاده عن أن يكون ارتكبه إذا حلف على الماضي حلف بملة غير الإسلام لكون هذه الملة بالغة نهاية التنفر عنده وهذا يخالف مقصوده صلى الله عليه وسلم من النهي عن أن يحلفوا كذلك فإن في ذلك التوجيه إغراء لهم أن يحلفوا أمثال ذلك فالمعنى أنه إذا حلف وكان يعلم أن ذاك كفر وكفر وإلا فقد أتى كبيرة واجترأ على عظيمة ولا كفارة عليه سواء كان غموسًا أو منعقدة (3).
(1) ذكر تخريجه في البذل والأوجز، وقال ابن القيم لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطرًا قط.
(2)
هذا هو المسألة الثانية وهي صحة تذر الكافر والجمهور منهم الحنفية والشافعية على أنه لا يصح وأولوا الرواية على الندب، وهذا هو محكي عن محققي الشافعية.
(3)
هذا لم أتحصل بعد لما في البذل عن الهداية لو قال إن فعلت كذا فهو يهودي أو نصراني أو كافر يكون يمينًا فإذا فعله لزمه كفارة يمين قياسًا على تحريم المباح فإنه يمين بالنص، انتهى.