الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلقى رداءك على جانبك الأيسر من تحت إبطك اليمنى فبقى العضد الأيمن مكشوفًا.
قوله [لم أقبلك] فعلم أن تقبيله أمر تعبدي، وأراد عمر بذلك القول دفع ما يتوهم في بادئ الرأي من التشبه بعبدة الأصنام، وحاصله أنا إنما نفعل هذا التعظيم لك لأداء السنة وإلا فأنا على يقين من أن حجر لا تقدر على شيء.
قوله [نبدأ بما بدأ الله] يعني أن الواو لما لم تكن إلا لمطلق الجمع لم يدل قوله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} إلا على الجمع بينهما غير أن التقديم الذكري لا يخلو عن شرف فندب تقديمه فعلاً أيضًا. [أجزأه وعليه دم] وهو الذي (1) اخترناه، قوله [فقال لئن سعيت فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسعى] أي في المسعى وكذلك.
قوله [ولئن مشيت فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي] أي في الممشى، وليس المراد أنه رآه ساعيًا أو ماشيًا في كل المسافة بل المراد (2) أن ما أمشى فهو مطابق للسنة بقدر ما أمشى في الممشى ولئن سعيت لكان مطابقًا للسنة ولكني شيخ كبير فترك السعي مني إنما هو للعذر وهو جائز.
[باب في الطواف راكبًا]
قوله [طاف النبي صلى الله عليه وسلم راكبًا] وهو عندنا جائز للعذر كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه والعذر له ما يتأثم به الناس للازدحام وأن يرى أفعاله لهم وأن يجيب أسألتهم ولا يمكن كل ذلك بغير الركوب وقد فهمه الصحابة رضي الله عنهم حتى لم يطوفوا بعده راكبًا إلا بعذر.
[باب في فضل الطواف قوله خمسين مرة]
(3)
وهي يحصل بسبعة أطوفة
(1) أي مشيرًا إليه بباطن كفيه كأنه واضعهما عليه ثم يقبل كفيه وفي استلام الحجر الأسود خمس مسائل خلافية مبسوطة في الأوجز.
(2)
يعني لو أمشى في الممشى وأسعى في المسعى لكان أداءً للسنة لكني تركت السعي للعذر.
(3)
قال أبو الطيب ظاهره أن المراد بالمرة الشوط ويستبعده كون خمسين شوطًا سبعة أسبوع وشوط ولم يرد في الأحاديث إلا سبعة أشواط لكل أسبوع فزيادة شوط لا يظهر له وجه، فالمراد بخمسين مرة خمسون أسبوعًا ففيه إطلاق المرة على سبعة أشواط مجازًا وهو جائز في كلامهم، وقال السيوطي حكى المحب الطبري عن بعضهم أن المراد بالمرة الشوط ورده، وقال المراد خمسون أسبوعًا، وقد ورد كذلك في رواية الطبراني في الأوسط، قال وليس المراد أن يأتي بها متوالية في آن واحد إنما المراد أن توجد في صحيفة حسناته ولو في عمره كله، انتهى، ومما يجب التنبيه عليه ما قال السرخسي يكره أن يجمع بين أسبوعين من الطواف قبل أن يصلي في قول أبي حنيفة ومحمد، وقال أبو يوسف: لا بأس بذلك إذا انصرف على وتر ثلاثة أسابيع أو خمسة أسابيع ثم ذكر الدلائل فارجع إليه.
أو ثمانية لأن بالسبعة يتم تسع وأربعون شوطًا، وليس بينها وبين خمسين كثير تفاوت فيرجى نيل الوعد، وإن أتمها ثانية كانت خمسين مع زيادة وحينئذ فله الوعد وزيادة، قوله [وقد روى عنه أيضًا] على زنة المجهول.
[باب (1) الصلاة بعد العصر إلخ] قوله [يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاه من ليل أو نهار] استدال بظاهره
(1) قال أبو الطيب وجد في كثير من النسخ بعد المغرب ولم يوجد في بعض، قال بعضهم والثواب بعد الصبح لأنه محل الكلام للاختلاف فيه وهو الموافق لآخر الكلام لكن قد يوجه نسخة بعد المغرب بأن قوله بعد العصر كناية عن الأوقات المكروهات وقوله بعد المغرب كناية عن غيرها فصار المعنى في الأوقات المكروهات وغيرها، والتنبيه بذكر فرد على جنس في بيان الأحكام شائع لا يخفى على من ينظر في كتب الأحكام فصارت الترجمة مناسبة لعموم أية ساعة في الحديث، انتهى.
الشافعية على جواز النفل (1) بمكة في الأوقات المكروهة وليس بتام فإن هذا خطاب لبني عبد مناف فإن دورهم كانت محيطة بالبيت وكانوا يغلقون الباب فلا يصل الرجل إلى البيت فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وفي قوله وصلى آية ساعة شاء ليس إلا أن لا يمنعوه حين شاء وظاهر أنه لا يشاء الصلاة في الأوقات المكروهة وإن طاف فيها وقد ثبت مثل مذهبنا عن عمر رضي الله عنه.
قوله [قرأ في ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص] إلخ فيه تغليب ومناسبة السورتين بالطواف ظاهر لما فيهما من ذكر التوحيد كما في الطواف اختصاص به تعالى قوله [وهذا أصح] أي من المرفوع، وقوله [وعبد العزيز] إلخ دفع بذلك ما يتوهم من أن زيادة الثقة معتبرة بأنه ليس بثقة قوله [سألت عليًا بأي شيء
(1) اعلم أن في الحديث ثلاثة مسائل إحداهما جواز الطواف بعد العصرين وهو مجمع عليه قال الباجي: لا نعلم فيه خلافًا، انتهى، والثانية جواز ركعتي الطواف إذ ذاك وذكره الترمذي في بيان المذاهب، وفي التعليق الممجد وغيره مذهب الحنفية ومالك والثوري ومجاهد والحسن البصري وغيرهم الكراهة وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم إلى الإباحة والثالثة جواز النفل بمكة خاصة في الأوقات المكروهة ذهب إلى ذلك الشافعي رحمه الله والجمهور منهم الأئمة الثلاثة إلى الكراهة ذكرها الشيخ في البذل وإذا عرفت ذلك فالاستدلال بالحديث على المسألة الثانية أو الثالثة ممنوع فقد قال أبو الطيب: المراد بأي ساعة ساعة تجوز الصلاة فيها بلا كراهة وهي مختلف فيها فلا يرد أن في دلالة الحديث على المطلوب يحث كيف والظاهر أن الطواف والصلاة حين يصلي الإمام الجمعة بل حين يخطب الخطيب يوم الجمعة بل حين يصلي الإمام إحدى الصلوات الخمس غير مأذون فيهما للرجال انتهى، قلت: وما أفاده الشيخ من المنع بالاستدلال وجه آخر ويرد على الاستدلال وجوه أخر غير هذين الوجهين فالتقريب ليس بتام.
بعثت] كان النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر رضي الله عنه إلى مكة وقد جعله أمير الحاج ثم وقع في قلبه أن العرب لا تعتد بالرسالة في مثل هذا إلا إذا كان الرسول من بني أعمام المرسل أو بني أبيه فبعث لذلك عليًا لكونه ابن عمه وأمره بهذه الأربع فقط فلم يكن أبو بكر (1) عزل عن الإمارة، قوله [لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة] وكان في زعمهم أن طواف البيت مانع دخول النار وإن لم نؤمن.
قوله [ولا يطول بالبيت عريان] وكانوا قد زعموا أن الطواف في الثياب التي يرتكب فيها المآثم قبيح وإن ما وقع من الآراب حذاء البيت وتشرف بالبيت لا يأكله النار في القيامة فأراءة الأعضاء المخصوصة أول، قوله [ولا يجتمع المسلمون والمشركون] هذا وإن كان في اللفظ نهيًا عن الاجتماع إلا أنه في المعنى نهي عن أن يدخلوا مكة إذ لا يمكن بعد ذلك أن لا يأتي المؤمنون في عام الحج فكيف يمكن إتيان المشركين وعدم الاجتماع مع المؤمنين، والمنع عندنا عن الدخول على جهة الشوكة والغلبة أو في مواسم الحج لا مطلقًا.
[ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم] إلخ قد كان النبي عاهد أكثر القبائل على عشر سنين أن لا يحاربوه ولا يعينوا عليه أحدًا، فغدر الأكثرون من هؤلاء ومنهم (2) أهل مكة، وكان بعض (3) من عاهد باقيًا على عهده فهذه ثلاثة أصناف من لم يأخذ (4) منهم عهدًا أصلاً ومن (5) عاهد فغدر، ومن عاهد فوفى
(1) وسيأتي في تفسير البراءة.
(2)
في صلح الحديبية كما هو مشهور في الحديث والسير.
(3)
كما ذكرهم الله عز وجل في الاستثناء فقال: {ِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} قال صاحب الجمل وهم بنو ضميرة حي من كنانة أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإتمام عهدهم إلى مدتهم، انتهى.
(4)
كما أشار إليهم أهل التفسير قال أبو السعود في قوله تعالى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} أي كافة لآن الآذا غير مختص بقوم دون آخرين كالبراءة الخاصة بالناكثين بل هو شامل لعامة الكفرة وللمؤمنين أيضًا.
(5)
جعل صاحب الجلالين هذا النوع أيضًا ثلاثة أصناف إذ قال {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} واصلة إلى الذين عاهدتم من المشركين عهدًا مطلقًا أو دون أربعة أشهر أو فوقها ونقض العهد {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} الآية.