الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم وهو ضعيف إلخ] هذه كلها مقولة الشافعي إلى آخر الباب لا مقولة الترمذي وإلا لزم التناقض في قوليه، والجواب أن المؤلف نفسه مصرح بأن الحديث السابق حسن صحيح وهو صريح في أن العمرة ليست بواجبة فلما كان هذا الحديث صحيحًا لا يضرنا ما ضعف الشافعي رحمه الله على أنه يقتضي أن فيه رواية ضعيفة، فكان مؤيدًا لما قلنا كيف ومتابعه هذا الحديث صحيح حسن، ولعل الشافعي لم تبلغه رواية جابر فلذلك قال ليس فيها شيء ثابت بأنها تطوع.
وأما قوله [حج عن أبيك واعتمر] فليس نصًا في وجوب العمرة لأن الأمر أمر إباحة فإن السؤال لعله كان من الحجة النافلة فكيف يمكن حمل الأمر على الإيجاب، وتأويل قول ابن عباس أنه كان يقول بتأكدها مع أن قول ابن عباس رضي الله عنه لا يجدي نفعًا إذا كان الحديث المرفوع صريحًا على خلافه، قوله [وكان يقال هما حجان] كأنه أشار بذلك إلى وجوبه وتأكده كالحج حتى يصح اشتراكها بالحج في التثنية وأنت تعلم أنه ليس بشيء إذ التثنية على معنى المقصد وهما مقصودان بزيارة البيت أعم من أن يكون بطريق الوجوب أو التطوع.
[باب منه]
لما كان بيان ميقات (1) العمرة مما يناسب ذكره عقيب ذكر
(1) المراد منه الميقات الزماني لأن المذكور في الباب زمان الحج، قال ابن رشد: اتفق العلماء على جوازها في كل أوقات السنة لأنها كانت في الجاهلية لا تصح في أيام الحج وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة وقال أبو حنيفة: تجوز في كل السنة إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق فإنها تكره، انتهى، وقال الحافظ: اتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسًا بأعمال الحج إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره من عرفة إلى آخر أيام التشريق، انتهى مختصرًا.
العمرة قال باب منه ولا يخفى كونه بابًا منه، قوله [إلى يوم القيامة] يعني أن هذا الدخول ليس مما يختص بي أو بزماني بل الحكم مؤبد لكل مؤمن، قوله [ومعنى هذا الحديث] إنما احتاج إلى هذا التفسير دفعًا لما يتوهم من دخول أحدهما في الآخر أن لا احتياج إلى إتيان أفعاله على حدة بأن المراد تداخل زمانيهما حتى يعتمر في أشهر الحج لا تداخل أركانهما وأفعالهما.
قوله [وأشهر الحج] بلفظ الجمع مع (1) أنهما اثنان وبعض من الثالث تسمية للكل وتوصيف له باسم الجزء ووصفه، قوله [وأشهر الحرم رجب وذو القعدة وذو الحجة كلها ومحرم] وإنما بين هذه ههنا تبعًا واستطرادًا ولئلا يقع منك خلط بينهما، قوله [لا ينبغي للرجل أن يهل إلخ] مع أن
(1) قال الحافظ: أجمع العلماء على أن المراد بأشهر الحج ثلاثة أولهما شوال لكن اختلفوا هل هي ثلاثة بكمالها وهو قول مالك ونقل عن الإملاء للشافعي أو شهران وبعض الثالث وهو قول الباقين ثم اختلفوا، فقال ابن عمر وآخرون عشر ليال من ذي الحجة وهل يدخر يوم النحر أو لا قال أبو حنيفة وأحمد نعم، وقال الشافعي في المشهور المصحح عنه لا، ثم اختلف العلماء أيضًا في اعتبار هذه الأشهر هل هو على الشرط أو الاستحباب فقال ابن عمر وغيره من الصحابة والتابعين هو شرط فلا يصح الإحرام بالحج إلا فيها وهو قول الشافعي، وقال العيني: الإحرام بالحج فيما أكمل من الإحرام فيما عداها وإن كان صحيحًا والقول بصحة الإحرام في جميع السنة مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وهو مذهب إبراهيم النخعي والثوري والليث، انتهى، وفي الروض المربع كره إحرام يحج قبل أشهره وينعقد، انتهى.
ذلك (1) جائز له ووجه ذلك ما يلزمه من الجنايات وارتكاب المناهي لامتداد زمان الإحرام.
قوله [أن يعمر عائشة من التنعيم] فعلم أن ميقات المكي في العمرة إنما (2) هو الحل أي هل كان وإن كان الأفضل له أن يعتمر من التنعيم، قوله [فأصبح بالجعرانة (3) كبائت] وهذا هو السبب في إنكار من أنكر عمرته من التنعيم والجعرانة بكسر الجيم وسكون العين بعدها وبكسر الجيم وكسر العين بعدها وبالراء المهملة مشددة، قوله [فما زالت الشمس من الغد] أي غد يوم النزول بجعرانة وصبيحة ليل طاف فيها.
قوله [خرج في بطن سرف] وسرف هي بقعة (4) فسيحة تجتمع فيها طريقًا مكة وجعرانة إلى المدينة فلذلك قال [حتى جاء (5) مع الطريق] وهو
(1) أي عند الجمهور ومنهم الحنفية خلافًا للشافعية كما عرفت قبل ذلك.
(2)
فقد حكى الحافظ عن المحب الطبري لا أعلم أحدًا جعل مكة ميقاتًا للعمرة، انتهى، قلت: لكن مال ابن القيم إلى ذلك.
(3)
هذا هو الصواب ولفظ أبي داود فأصبح بمكة كبائت وهم كما حققه الشيخ في البذل.
(4)
ولعل صورته هكذا.
صـ 143
(5)
اختلفت الروايات في هذا اللفظ ففي الترمذي كما ترى ولفظ النسائي ومسند أحمد وغيرهما حتى جامع الطريق طريق المدينة.
طريق جعرانة الذي أتى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم [طريق] فاعل جاء وموصوف بصفة [جمع ببطن سرف] ولعل مفعول جمع محذوف أي طريقي (1) الحرمين فليسأل وكان صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة والطائف وحنين ذهب إلى أوطاس فلما فرغ منهم أتى الجعرانة.
قوله [سئل ابن عمر في أي شهر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم] لم يستوعب الرواية بل أخذ منها ما تعلق به غرضه وهو بيان عمرته صلى الله عليه وسلم في رجب ولقد علم بهذه الرواية بتمامها (2) أينما تذكر أن الرد على العالم وإن كان أدون من الراد رتبة ينبغي أن يكون بأحسن وجه كما فعلته عائشة رضي الله عنها فإنها بينت فضله أو لا بأنه لم يتخلف عنه صلى الله عليه وسلم في عمرة حتى يظن به الجهل عن حاله صلى الله عليه وسلم، ثم بينت أنه اعتراه (3) في ذلك سهو، وكيف ترى الراد (4) على ابن عمر حين رأى نفسه
(1) والأوجه طريقي مكة والجعرانة.
(2)
فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة وإذا أناس يصلون في المسجد صلاة الضحى قال فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة ثم قال له عروة كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع إحداهن في رجب فكرهنا أن نرد عليه قال وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة فقال عروة يا أماه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن قالت عائشة ما يقول قال يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات: إحداهن في رجب قالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط.
(3)
كما يدل عليه قولها يرحم الله أبا عبد الرحمن وفي رواية لمسلم يغفر الله لأبي عبد الرحمن وغير ذلك من الروايات، قال الحافظ دعت له إشارة إلى أنه نسي.
(4)
مثل مجاهد وعروة كما عرفت من رواية البخاري المذكورة.