الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذي الحجة رجعوا فجمعوا رمي يومين هذا والنفر الأول الذي كان غدًا.
قوله [وهو أصح] ولقد بينا لك وجه الصحة فيما تقدم من كونه لا يوهم ما يوهمه حديث سفيان بن عيينة من رواية أبي البداح عن عدي مع أنه رواه عن أبيه عاصم لا عن جده عدي.
[باب قوله أولاً أن معي هديًا لأحللت]
.
إنما قاله لئلا يظن بنفسه أنه سيحل كما حل سائر أصحابه صلى الله عليه وسلم ولئلا ينكر على فاطمة رضي الله عنها تحللها، وليعلم عليًا أن من ساق هديًا لا يحل ومن لم يسق فلقد حل إلى غير ذلك من الفوائد، وعلم بحديث على هذا أن من أحرم بحجة وعزم عليه وأحال صفة من صفاته على (1) غيره مثل كونه متعة أو قرانًا فهو جائز، ولا يجوز مثل ذلك في الصلاة (2) والصوم وغيرها.
قوله [يوم الحج الأكبر يوم النهر] اختلفوا في ذلك، فقيل: يوم الحج
(1) قال الحافظ: الإحرام على الإبهام جائز ثم يصرفه المحرم لما شاء لكونه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك، وهذا قول الجمهور وعن المالكية لا يصح الإحرام على الإيهام وهو قول الكوفيين، قال ابن المنير وكأنه مذهب البخاري، انتهى، قلت: ومذهب الحنفية كما في شرح اللباب ومن نوى الإحرام من غير تعين حجة أو عمرة صح ولزمه المضي في أحد النسكين وله أن يجعله لأيهما شاء قبل أن يشرع في أعمال أحدهما فإن لم يعين حتى طاف ولو شوطًا صار إحرامه للعمرة أو وقف بعرفة قبل الطواف فصار إحرامه متعينًا للحجة وإن لم ينو. انتهى.
(2)
أي أن يعلق صلاته على صلاة غيره لكنه إن علق على صلاة الإمام يصح، ففي شرح المنية: إن نوى الشروع في صلاة الإمام فقد اختلف المشايخ، والأصح أنه يجزيه قال قاضي خان: لأنه لما نوى الشروع في صلاة الإمام صار كأنه شرع فرض الإمام مقتديًا به، انتهى.
الأكبر يوم عرفة، لما أن الوقوف بعرفة فيه، والحج العرفة، وقيل: بل النهر لما أن معظم أفعال الحج فيه مثل الوقوف بالمزدلفة بعد ما صلوا الصبح بغلس ورمي جمرة العقبة والذبح والحلق وطواف الزيارة.
قوله [أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين إلخ] لم يرد بالزحام ما يتبادر منه من الزحام الذي يتأذى به الناس لأنه منهي عنه، كيف وقد ارتكبه من سلم فقاهته بين الأصحاب وتوافقت على كونه ثقة أرباب الألباب، مع أنه لا يظن به إلا ارتكاب ما ليس محظورًا شرعًا، إنما المراد بالازدحام ما يلزمه من احتمال أذى الناس في تزاحمهم وطول تلبثه منتظرًا وقت تفاقمهم.
قوله [إن مسحهما كفارة للخطايا] ولا ريب في أن من لم يستلمه لعذر ازدحام الناس واكتفى باستقباله فإنه يكفر خطاياه، إلا أنه لا يخفى التفاوت بين إتيان الطاعة نفسها، وبين أن يؤتى للرجل ثوابها منة منه سبحانه وفضلاً، فكان ابن عمر أشار بذلك القول إلى فضل الحجر، فيتضح بذلك وجه مقاساته الشدائد في الوصول إليه.
قوله [الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه إلخ].
استدل بذلك من (1) قال إن الطهارة شرط للطواف، فإن التشبيه عنده
(1) قال القاري في شرح النقاية: الطهارة له من الحدثين وستر العورة واجبات عندنا لا شرائط كما قال مالك والشافعي لحديث الباب ولنا قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وهو في اللغة عبارة عن الدوران حول البيت فمن شرط الطهارة زاد على النص وهولا يجوز بخبر الواحد، فإن قيل فعله صلى الله عليه وسلم الطواف بطهارة كان بيانًا للأمر في حق الطهارة، قلنا إنما يقال بيان إذا كان النص يحتمله بوجه والأمر بالطواف لا يحتمل الطهارة فيصير زيادة لا محالة، والزيادة قد يكون لتعلق أصل الجواز وقد يكون لتعلق الكمال فلا يتعلق به الجواز للاحتمال فعلى هذا أمر الطواف بقدر ما يدل عليه فرض وما زيد عليه بالسنة واجب، انتهى ملخصًا.
مبني على ذلك وليس بسديد، فإن التشبيه إن كان مناطه الشركة ي جميع ما يشترط للصلاة لزم اشتراط الاستقبال وسترة العورة والكف عن الحركة الكثيرة والمشي إلى غير ذلك وقد أجمعوا على أنه غير مشترط وإن اختص الاشتراط في الطواف بالطهارة لهذا الحديث لزم الترجيح ولا مرجح فالحق أن المراد بذلك هو الاشتراط والمشابهة في الأجر والمثوبة ولذلك اختلف العلماء في تفضيل أحدهما على الآخر وآل الأمر إلى أن الصلاة للمكي في أيام الحج أفضل من الطواف ولغيره الأمر بالعكس أو يقال إن (1) التشبيه في ثبوت الأمرين بكتاب الله.
قوله [والله ليبعثنه الله يوم القيامة] إنما حلف النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره بذلك لما كان المخبر به مستبعدًا في الجملة فكأنه نزلهم منزلة المنكرين، فأكد الكلام باللام والقسم لدفعه، ووجه الاستبعاد كثرة المشهودين عليهم مع كون الشاهد لا يسمع فيما يبدو للناظرين ولا يبصر وليس له لسان ينطق به.
وقوله [يشهد على من استلمه بحق] لفظة على ليس للضرر وإنما هو مثل قوله تعالى (2) وقوله [بحق] متعلق بالاستلام والمراد به ما ليس فيه شائبة رياء ولا سمعة ويعلم بذلك حال المستلم بغير حق وشهادته عليه مقايسة ودلالة ولو جعل متعلقًا بالشهادة لكان صحيحًا أيضًا لكنه ليس يفيد كثيرًا ولا يبعد أن يقال في توجيهه غير ذلك، ولكن الأستاذ- أدام الله علوه ومجده وأفاض على
(1) أو يقال التشبيه في نوعية الأجر أو باعتبار بعض الأحكام على أن الحديث متكلم فيه.
(2)
بياض في الأصل بعد ذلك ولعله رحمه الله أراد كتابة آيات وقعت في القرآن المجيد بالشهادة على شيء ولا يراد فيها الضرر كما في قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} وفي قوله {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ونحو ذلك.
العالمين بره ورفده- لم يزده على الذي ذكرنا.
قوله [كان يدهن بالزيت وهو محرم غير المقتت] هذا ينافي مذهب (1) الإمام في نهيه عن استعمال الدهن أيه كان لإزالة الشعث وفيه من الارتفاق ما لا يخفى، وجوز الصاحبان استعماله في غير الرأس فلا ينافي في مذهبهما إذا أريد بقوله كان يدهن استعماله في غير الرأس وأما إذا كان فيه طيب فلا يجوز أصلاً عند أحد
(1) الظاهر أنه وقع فيه شيء من سهو الناسخ فإن التفريق بين الرأس وغيره لم يذكره أهل الفروع من مذهب الصاحبين بل ذكروه من مذهب الشافعي رحمه الله، ففي الهداية إن أدهن بزيت فعلهي دم عند أبي حنيفة، وقالا عليه الصدقة، وقال الشافعي: إذا استعمله في الشعر فعليه دم لإزالة الشعث، وإن استعمله في غيره فلا شيء عليه لانعدامه، ولهما أنه من الأطعمة إلا أن فيه ارتفاقًا بمعنى قتل الهوام وإزالة الشعث فكانت جناية قاصرة ولأبي حنيفة أنه أصل الطيب ولا يخلو عن نوع طيب ويقتل الهوام ويلين الشعر ويزيل التفث والشعث فيتكامل الجناية بهذه الجملة فيوجب الدم وكونه مطعومًا لا ينافيه كالزعفران، وهذا الخلاف في الزيت البحت أما المطيب منه كالبنفسج يجب باستعماله الدم بالاتفاق لأنه طيب، انتهى، فقد علم منه أن الحديث مخالف لمسلك الإمام وصاحبيه معًا، والفرق في موجب الجزاء هل هو دم أو صدقة فما أجاب به الشيخ رحمه الله من جهة الإمام هو جواب عن الإمام وصاحبيه كلهم، وتوجيه استعماله في غير الرأس توجيه من جهة الشافعي ولذا بوب البيهقي على الحديث المحرم يدهن جسده غير رأسه ولحيته بما ليس بطيب، وأجاب العيني عن الحنفية في البناية وصاحب الجوهر النقي أن فرقدًا ضعيف وحكيًا تضعيفه عن جماعة، وخمله صاحب البدائع على الضرورة وقال أيضًا ليس في الحديث أنه لم يكفر فيحتمل أنه فعل وكفر، انتهى.
من الفقهاء وظاهر أنه ليس ههنا كذلك لتصريحها بكونه غير مقتت وهو المطيب من القت وهو الكسر لما أنه يكسر فيه أشياء ذات طيب كالورد والياسمين وغيرها فمحمل الحديث على مذهب الإمام أن هذا بيان لتطييبه صلى الله عليه وسلم بعد غسل الإحرام وهو آخذ في أن يحرم، فكان قوله هذا في أن المراد بهما واحد كقول عائشة رضي الله عنها طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله ولحرمه فكان هذا بيان منه للوقت الذي لم يوجد فيه مطيب الدهن فكان إذا أدهن بدهن غير مطيب استعمل الطيب على حدة وإذا وجد الدهن المطيب اكتفى به، وفيه خدشة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج معها إلا مرة فأنى يستقيم الترديد وكذلك الظاهر من حال ابن عمر أنه لم يكن معه صلى الله عليه وسلم إلا في حجة الوداع ويدفع بأنه أدهن في الشعر وتطيب في الفرق وغيره من المواقع فإن قلت قد بينت حال تطييبه فيها عائشة رضي الله عنها بما ينافي هذا الذي ذكر ههنا فكيف التوفيق، قلت: التوفيق ممكن بأن العضو الذي استعمل فيه الزيت غير الذي استعمل فيه الطيب ولا يبعد أن يكون استعمال الدهن في غير الرأس مما ليس فيه إزالة الشعث وعلى هذا لا يحتاج إلى كونه قبل الإحرام.
قوله [كانت تحمل إلخ] فيه دليل على جواز ذلك ولا يقاس عليه غيره الذي ينتقص بالأخذ وفيه ضرر لمكة أو لأهلها كالتراب فإن في أخذ التراب نقصًا بالأماكن فتصير حدودرًا (1)، قوله [افعل كما يفعل أمراؤك] يعني يترك المستحب مخالفة الشقاق. هذا آخر أبواب الحج.
(1) هذا بيان للنقص بالأماكن أي إن أخد الحجاج التراب كلهم تصير الأماكن كلها حفرات قال المجد: الحدر الحط وبالتحريك مكان ينحدر منه كالحدور وإلا حدور إلخ.