الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك، وهذا هو المعنى بقوله فانتفخت يده فلما رأى ذلك قال، اللهم إلى آخره يعني أن يده لما انتفخت فأخذت يسيل الدم منه أو لم تسل دمًا لكنها كادت تسيل ومعنى قوله فتركه أي لم يحسم ينتظر أن يرقأ دمه من غير الحسم فلما لم يرقأ حسم أخرى، وكانت بنو قريظة عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغزوا به ولا يجاهدوا معه ولا يعينوا عليه أحدًا ثم جاؤوا بأهل مكة وواعدوهم بالنصرة على النبي صلى الله عليه وسلم وأعاتوهم غادرين خافين، وكان سعد بن معاذ حليفًا لهم إلا أنه لما رأى ذلك منهم أبغضهم في الله بحيث دعا الله سبحانه أن ينظر هلاكهم بأعينه.
قوله [أصبت حكم الله فيهم] يعني أن الذي حكمت به كان الله يحب ذلك الحكم ويرتضيه، قوله [أقتلوا شيوخ المشركين] الشيخ أعم من معناه المشهور فيشمل الشيخ والشاب إلا الصبيان وهم المعنيون بلفظ الشيوخ أو يقال الأمر بالقتل وإنما هو للشيوخ الذين اشتركوا في القتال أو كانوا ذوي رأي في ذلك لا مطلقًا، قوله [إنهم يرون الإنبات بلوغًا إلخ] والفرق بين مذهبهم وما ذهبنا إليه أنا لا نقول بكونه علامة وإنما أدير الحكم عليه في الحديث لما لم يبق إلى العلم بحالهم من سبيل فاحتاط النبي صلى الله عليه وسلم مبالغة في حقن الدم وهؤلاء يقولون إن الإنبات علامة غاية الأمر إن هذه العلامة مؤخرة في إثبات الحكم عن أختيه.
[باب ما جاء في الحلف]
قوله [أوفوا بحلف الجاهلية] المراد به ما يلائم الإسلام ولا يخالفه وعليه ينطبق الدليل، وهو قوله فإنه لا يزيده والذي نفاه هو الذي يخالف أصول الإسلام أو النهي في قوله لا تحدثوا بمعنى عدم الاحتياج إذ الإسلام من غير حلف موجب للتناصر فيما بين المسلمين.
[باب في أخذ الجزية من المجوس] قوله [إن عمر كان لا يأخذ الجزية] ولعل اجتهاده إلى حرمة الأخذ منهم وحرمة ما أخذ لأن (1) أخذ الجزية تقرير
(1) هذا توجيه وتوضيح لمنشأ تردد عمر أولاً وإن لم يصح على مسلك الحنفية ومن دان دينهم في أخذ الجزية من المشركين العجم خاصة كما قالت به الحنفية أو العرب أيضًا كما قالت به المالكية والبسط في الأوجز.
للمأخوذ منه على ما يدينه من صحيح وفاسد ولا يخفي ما في تقريره (1) أهل الشرك على الشرك من القبح والفساد، وأما أهل الأديان الآخر من اليهودية والنصرانية فإنهم وإن كانوا يشتركونهم في الإشراك بالله إلا أنهم يقرون بالأديان السماوية ويدعون كونهم على الأحكام الإلهية حسب ما أنزل إليهم، وإن كان دعواهم تلك كاذبة فلا يقاس أحد الفريقين على الآخر لبون بينهما بعيد حتى يؤخذ منهم كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، وأما إذا ثبت لعمر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم من مجوس هجر أخذ عمر (2) لثبوت الحكم بالنص.
قوله [إنا نمر بقوم فلا هم يضيفونا] قال بعضهم معنى هذا، الإجازة أنهم كانوا مأمورين بالضيافة إذا ورد المسلمون عليهم، وهذا لا يصح لأن هذا التقرء كان في زمن عمر لا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل الإجازة لهم أن يأخذوا بالقيمة كرهًا، وتوجيه الحديث أن الكفار كانوا إذا نزل المسلمون أغلقوا دكاكينهم وتركوا المبايعة إضرارًا بالمسلمين فلما رأى المسلمون ذلك شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء لا يضيفوننا ولا شكاية في ذلك أن الضيافة تبرع وإكرام، وليس حقًا ثابتًا، إنما الشكوى أنهم لا يؤدون إلينا بحق وهو الشراء والإيتاء بالقيمة فكأنهم ذكروا في كلامهم الطرق الثلاث المحتملة للأخذ، وهو الأخذ قيمة أو الأخذ بغير قيمة جبرًا منا أو إكرامًا منهم، أما الأول فلأنهم لا يبايعوننا، وأما الثاني فلأنك يا رسول الله
(1) ولا يرد على الحنفية وغيرهم لما في الدر المختار أن الجزية ليست رضا منا بكفرهم كما طعن الملحدة بل إنما هي عقوبة لهم على إقامتهم على الكفر فإذا جاز إمهالهم للاستدعاء إلى الإيمان بدونها فيها أولى، وقال تعالى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} انتهى، هكذا في الأوجز.
(2)
ولذا أباح أهل العلم منهم الأئمة الأربعة مع اختلافهم في كونهم أهل الكتاب أخذ الجزية عنهم حتى حكى جماعة من أهل العلم الاتفاق على ذلك كما بسط في الأوجز.