الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النسب، إلخ] يعني أن الرضاع مؤثر حيث يؤثر النسب فحيثما وجد الرضاع ينظر لو كان هناك نسب هل حرم أو لا، فإن كان محرمًا كان الرضاع محرمًا وإلا فلا والمؤثر من اختلاط الرضاع ما كان مؤثرًا من اختلاط النسب وحيث لا يؤثر اختلاط النسب بأن لا يكون هناك اختلاط فيه لا يكون اختلاط بالرضاع أيضًا، وبعد ذلك لا يحتاج إلى استثناء صور (1) أخرجتها الفقهاء فإنها خارجة من أول الأمر ثم الاستثناء في قولهم حيث قالوا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (2) إلا فلان وفلان، وإما أن يكون منقطعًا، أو هو مبني على ظاهر ما يفهم من هذه العبارة.
[باب في لين الفحل]
قوله [إنما أرضعتني المرأة، إلخ] ظنت أن اللبن لما كان في المرأة فالتعلق والجزئية بها وبمن كان منها كأبنائها وآبائها وأخوتها وعمومتها، فأما زوجها فليس له دخل فيه حتى تتعدى الحرمة إلى آبائه وأبنائه، فلما كان كذلك كان أخو زوج المرضعة أجنبيًا كزوجها، والعم ههنا على حقيقته لا كما في المحشى (3) ولعله حمل المرأة على أنها امرأة هذا الرجل بعينه فنؤهم ماتؤهم
(1) استثنى منه بعض المسائل، وقد جمعت في قوله:
يفارق النسب الرضاع في صور
…
كأم نافلة وجدة الولد
وأم عم وأخت ابن وأم
…
أخ وأم خال عمة ابن اعتمد
(2)
قال صاحب الهداية يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخته من الرضاع فإنه يجوز أن يتزوجها ولا يجوز أن يتزوج أم أخته من النسب لأنها تكون أمه أو موطوءة أبيه بخلاف الرضاع ويجوز تزوج أخت ابنه من الرضاع، ولا يجوز ذلك من النسب لأنه لما وطى أمها حرمت عليه ولم يوجد هذا المعنى في الرضاع، انتهى.
(3)
إذ قال هذا لا يخلو عن إشكال ثم أوله بأنه أبوه من الرضاعة وحكى عن الطيبي سماه لأنه بمنزلة أبيها، انتهى، والصواب ما أفاده الشيخ أنه عم لها حقيقة لا مجازًا كما هو مصرح في رواية أبي داود بلفظ قالت دخل على أفلح فاسترت منه قال تسترين مني وأناعمك قلت من أين قال أرضعتك امرأة أخي، الحديث.
لأجل ذلك، قوله [كرهوا لبن الفحل] أي جعلوه (1) سبب الحرمة، قوله [وهذا تفسير لبن الفحل] وإضافته إلى الفحل من إضافة الشيء إلى سببه، وإنما احتيج إلى تفسيره دفعًا لما يتبادر إلى الذهن من لبن الفحل أنه اللبن الذي يتنزل في تندوة الرجل مع أنه ليس بمراد لأنه ليس لبنًا حقيقة.
قوله [لا تحرم المصة ولا المصتان (2)] قد كان نزل في أول الأمر وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم عشر رضعات معلومات ثم نسخ بقوله تعالى خمس رضعات وحينئذٍ قال النبي لا تحرم المصة ولا المصتان ثم نسخ ذلك بإطلاق
(1) قال أبو الطيب: أي حكموا بالحرمة من جهة لبن الفحل واعتبروا حكم النسب منه، انتهى، وقال الحافظ في الفتح: وفيه خلاف قديم ثم بسط الاختلاف فيه، ثم قال: وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار كالأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأتباعهم إلى أن لين الفحل يحرم، انتهى.
(2)
واختلفوا في هذه المسألة، فقال الجمهور: يحرم قليل الرضاع وكثيره، وهو قول مالك وأبي حنيفة والثوري، وهو المشهور عن أحمد، وقال آخرون: الذي يحرم ما زاد على الرضعة الواحدة ثم اختلفوا، فعن عائشة عشر رضعات، أخرجه مالك في الموطأ وعنها أيضًا سبع رضعات وعنها لا يحرم دون سبع أو خمس وعنها خمس رضعات، وإليه ذهب الشافعي وهي رواية عن أحمد وبه قال ابن حزم وذهب أحمد في رواية وداود وأتباعه وغيرهم إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات لرواية لا تحرم المصة ولا المصتان، كذا في البذل.
قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} إلا أن هذا النسخ الثاني لم يبلغ عائشة رضي الله عنها وكانت تعلم أن الأمر باق على ذلك، ولذلك قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم والأمر (1) على ذلك والدليل على مقالتنا القراءات المشهورة المتواترة المنسوبة إلى القراء السبعة إذ لو كان الأمر عند وفاته صلى الله عليه وسلم على ذلك لكانت القراءة كذلك والقول بأن المنسوخ لعله اللفظ دون الحكم مجرد احتمال لابد له من دليل. قوله [وهو غير محفوظ] أي وضع الزبير موضع عائشة وتعبيره بالزيادة مجاز والمراد التبديل.
[باب في شهادة المرأة الواحدة (2) في الرضاع] فقال [أي عبد الله] ابن أبي مليكة [وسمعته من عقبة] أيضًا من غير توسط عبيد بن أبي مريم، قوله [دعها عنك] فقيل كان احتياطًا، وقيل بل علم ذلك وحيًا وهذه شخصية
(1) قال أبو الطيب: وفي شرح الموطأ ليس العمل على هذا بل على التحريم ولو بمصة وصلت إلى الجوف عملاً بظاهر القرآن وأحاديث الرضاع، وبهذا قال الجمهور: من الصحابة والتابعين والأئمة وعلماء الأمصار، حتى قال الليث أجمع المسلمون أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر الصائم حكاه في التمهيد ومن المقرر أنه إذا كان علماء الصحابة وأئمة الأمصار وجهابذة المحدثين قد تركوا العمل بحديث مع روايتهم له ومعرفتهم به كهذا الحديث فإنما تركوه بعلة كنسخ أو معارض يوجب تركه فيرجع إلى ظاهر القرآن والأخبار المطلقة وأنه متى تعارض مانع ومبيح قدم المانع لأنه أحوط، انتهى.
(2)
واختلف الناس في عدد من يقبل شهادتها في الرضاع، فروى عن ابن عباس أنه قال شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضعة ويستحلف مع شهادتها، وبه قال أحمد بن حنبل: واشترط اليمين، وقال عطاء: لا يجوز في ذلك أقل من أربع نسوة، وإليه ذهب الشافعي، وقال مالك يجوز شهادة امرأتين، كذا في البذل مختصرًا، وأما عند الحنفية ففي الدر المختار الرضاع حجته حجة المال وهي شهادة عدلين أو عدل وعدلتين ولا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي، قال ابن عابدين: أفاد أنه لا يثبت بخبر الواحد امرأة كان أو رجلاً قبل العقد أو بعده وبه صرح في الكافي، ثم حكى ابن عابدين اختلاف المشايخ في ذلك.