الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث بتمامه وفي لفظ الحديث إنهما يتحالفان ويترادان (1) إلا أن ابن مسعود لم يذكره لعدم الافتقار إليه ووجه ذلك أنه كان باع عبدًا من أحد فاختلفا في الثمن فخلف عبد الله بن مسعود وبين الرواية فقال المشتري إني لا اشتريه فسكت عن ذكر سائره ولو أصر المشتري على الشراء بذلك الثمن الذي ادعاه عبد الله لوصلت النوبة إلى الحاكم، وبينه ابن مسعود، وهذا هو المذهب عندنا أن المشتري لو رضى بقول البائع لأدى ذلك الثمن ولو رد البيع رده، وأما إذا أصر على أخذه بغير الثمن الذي يدعيه البائع تحالفًا وترادًا وذلك لأن كلا منهما منكر فالمشتري ينكر زيادة الثمن والمدعي للزيادة ينكر استحقاق المشتري بذلك الثمن.
[باب ما جاء في بيع فضل الماء]
اعلم أن الماء إن كان من غير البيئر وأمثاله فكل الناس يشتركون فيه قبل الإحراز، وأما بعد الإحراز فهو أخص به من غيره، وأما ماء (2) البيئر وما في حكمه فصاحبه أحق به من غيره ما
(1) خرج هذه الروايات في حاشية موطأ محمد.
(2)
قال صاحب الكنز، وفي الأنهار المملوكة والآبار والحياض لكل شربه وسقى دوابه لا ارضه وإن خيف تخريب النهر لكثرة البقور يمنع، قال الزيلعي: سقى الأرض بمنع صاحب الماء عنه وإن لم يكن عليه بذلك ضرر وهو المراد بقوله لا أرضه لأن في إباحة ذلك إبطال حق صاحبه إذ لا نهاية لذلك فيذهب به منفعته فيلحقه به ضرر، ولا كذلك شربه وسقى دابته لأنه لا يلحقه بمثله ضرر عادة حتى لو تحقق فيه الضرر بكسر ضفته أو غيره كان له المنع وهو المراد بقوله وإن خيف تخريب النهر لكثرة البقور يمنع لأن الحق لصاحبه على الخصوص، وإنما أثبتنا حق الشرب لغيره للضرورة فلا معنى لإثباته على وجه يتضرر به صاحبه إذ به تبطل منفعته والشفة إذا كانت تأتي على الماء كله بأن كان جدولاً صغيرًا وفيما يرد عليه من المواشي كثرة ينقطع الماء عنه، اختلفوا فيه، قال بعضهم لا يمنع منه لإطلاق الحديث، وقال أكثرهم له أن يمنع لأنه يلحقه ضرر بذلك كسقي الأرض، انتهى ملخصًا بقدر الحاجة.
احتاج إليه وليس له بعد ذلك فيه استحقاق ولذلك منع صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء دون أصله فقوله نهى عن بيع الماء إن كان المراد به الغير المحرز منه فالنهي على ظاهره وهو التحريم، وإن كان المراد به الماء بعد الإحراز فالنهي تنزيه وتعليم لأمته مكارم الأخلاق، قوله [والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنهم كرهوا] إلخ، ظنًا منهم أن النهي عام والآخرون جوزوا البيع مطلقًا والحق ما قلنا.
قوله [لا يمنع فضل الماء إلخ] صورته رجل له مرعى وفيه بئر فأراد رجل أن يرعى فيه إبله فلم يمنعه مالك الأرض عن الرعي صراحة، وإنما تلطف في المنع بأن قال أما الكلاء فلا أمنعكم عن رعيه، وأما الماء فلا يفضل عن حاجتي حتى آذنكم فيه، والحال أنه قد كذب في هذا القول، وكان ذلك حيلة منه في منعه الكلاء فإنهم لما لم يجدوا الماء لم يرعوا الكلاء فإن الأكثر أن رعى الكلاء لا يمكن إلا ومعه سقى الماء فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ارتكاب مثل ذلك لما فيه من منع الكلاء وفضل الماء المحرمين وإخبارهم عن حال الماء أنه لا يفضل عن حاجته، وهو كذب وإنما يرتكب مثل ذلك لما أن رب الأرض الكالية (1) أسوة لسائر الناس
(1) يشكل عليه أن أصحاب الفروع صرحوا بأن حكم الكلاء والماء واحد ففي الدر المختار وحكم الكلاء كحكم الماء فيقال للمالك إما أن تقطع وتدفع إليه وإلا تتركه ليأخذ قدر ما يريد قال ابن عابدين الكلاء ما ينبسط وينتشر ولا ساق له كالأذخر ونحوه والشجر ماله ساق، والكلام في الكلاء على أوجه أعمها ما نبت في موضع غير مملوك لأحد فالناس فيه شركاء في الرعي والاحتشاش منه كالشركة في ماء البحار وأخص منه ما نبت في أرض مملوكة بلا إنبات صاحبها، وهو كذلك إلا أن لرب الأرض المنع من الدخول في أرضه وأخص من ذلك كله وهو أن يحتش الكلاء أو أنبته في أرضه فهو ملك له وليس لأحد أخذه بوجه لحصوله بكسبه، انتهى، قلت: اللهم إلا أن يقال إن في البئر لما وجد منه الصنع صار مقدمًا بخلاف الحشيش فلا صنع له فيه فلا ترجيح له وترجم البخاري في صحيحه باب من قال صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء، وفي هامشه عن العيني، قال ابن بطال لا خلاف بين العلماء أن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروي، انتهى.