الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد فرغ من طوافه الأول وسعيه الأول أو انفصلوا عنه ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الطواف الثاني وأما ما رواه الطوافين وكذا السعيين فلا يتوهم بهم أنهم رووا كذلك بمحض القياس أو التوهم إذ لو حمل على ذلك لكان كذبا فلم ينقلوا عنه ذلك إلا وقد رأوه أنه طاف طوافين وسعى سعيين وأما الحديث القولي فأما ضعيف أو مأول جمعا بين الأحاديث فمن ذلك قولهم الآتي عنه صلى الله عليه وسلم من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعى واحد فالصحيح أنه مرفوعا غير صحيح وإنما هو موقوف وإن سلم رفعه فالواو فيه بمعنى أو وهو كثير شائع ولفظه جميعا وإن كان الغالب استعمالها فيما وجودها مجتمع ولكنها كثيرا ما يستعمل فيما لم تجتمع وجود لها وذلك لاعتبار الاجتماع في نفس الوجود وإلا لزم التعارض بين قوله وفعله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يحمل فعله على العزيمة وقوله هذا على الرخصة لأن هذا لا يقوله أحد فمن قال بالطوافين لم يقل باجزاء واحد ومن قال بطواف لم يقل بشرعية التكرار.
[باب مكث المهاجر بعد الصدر]
قوله [يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكه] وإنما رخص لهم دون الزيادة لأن في الإقامة هناك تعريضا لثواب الهجرة على التقليل فيكره وذلك لأنها وإن لم تبق دار الكفر غير أن إقامتها نقض بحسب الصورة لما عاهدوا الله به من مفارقة الأهل والمال ومتاركة الوطن وإن لم يكن نقضا حقيقة ولذلك يقل ثواب الهجرة إن مات أحد من الذين
هاجروا في الدار التي هجرها أولاً وإن لم يكن من عزمه القيام هناك بل كان على قصد الرجوع ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لكن البائس سعد بن خولة، وأما لو حان في أيام أداء نسكه فله في ذلك فضل كثير ولا يتناقض بذلك أجره شيئًا لأنه ليس بمقيم إلا لأداء نسكه بعد، ولا يبعد أن يقال وإن لم يرد بذلك تصريح فيما بلغني من الروايات أن الميت بمكة من المهاجرين وإن كان ينتقص من أجر هجرته شيء إلا أنه يثاب ثواب موته بمكة كما يؤتاه غير المهاجر وإن كان الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم لكن البائس سعد أن ما أوتي من الثواب لا يوازي ما نقص من ثواب هجرته ولا يكافيه إذ لو كان موافيًا له أو زائدًا عليه بشيء لم يكن ثمة بؤس ثم إن الرخصة في إقامة الثلاث لما يحتاج إليه من دفع التعب والكلال وإصلاح شأنه وشراء بعض ما يضطر إليه في سفره إلى غير ذلك والله أعلم.
قوله [وهزم الأحزاب وحده] هذا ليس حالاً من فاعل هزم وإنما (1) هو مفعول مطلق لفعل محذوف لأن الحال تكون نكرة وهذا معرفة ولما يوهمه ظاهر اللفظ على هذا التقدير من اقتصار التوحد على حين الهزم مع أن توحده
(1) اختلفت النحاة في تركيب قولهم وحده على أقوال: قال صاحب الكافية وشارحها شرط الحال أن تكون نكرة ومررت به وحده ونحوه متأول بالنكرة فلا يرد نقضًا على القاعدة، وتأويلها على الوجهين: إحداهما أنها مصادر لأفعال محذوفة أي ينفرد وحده أي انفراده فالجملة حال والمصدر منصوب على المصدرية، وثانيهما أنها معارف موضوعة موضع النكرات أي منفردًا أو نحوه فالصورة وإن كانت معرفة فهي في التقدير نكرة، انتهى، وقال صاحب المتن المتين: هي نكرة دائمًا وغير الكوفية نحو مررت به وحده، انتهى، وفي هامشه يعني لم يدخل الكوفية هذا النحو في الحال أصلاً إذ المنصوب في هذا عندهم على الظرفية كما في قولهم جاؤوا معًا بخلاف البصرية إذ هو منصوب على الحال عندهم، انتهى.