الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الصيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[باب ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل]
قوله [كل ما أمسكن عليك] والعلم بذلك يحصل بتركه بعد القتل من غير أن يأكل منه بخلاف البازي فإن إمساكه عليك لا يفتقر إلى تركه الأكل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه (1) وإن أكل فلا تأكل، قوله [قلت وإن قتل إلخ] أراد تصريح ما علم من قوله أمسك (2) عليك لما استبعد ذلك، قوله [فاغسلوها بالماء] هذا مخصوص بما إذا علم نجاسته أو ظن ولم تجدوا ليس قيدًا احترازيًا بل الحكم عند الوجدان كذلك.
[باب ما جاء في صيد كلب المجوسي]
ليس المعنى على ما يتبادر من اللفظ من اختصاص الكلب بالمجوسي بل المراد صيده بالكلب سواء كان كلب مسلم أو مجوس ويجوز صيد المسلم سواء كان بكلب المسلم أو المجوسي.
قوله [قال مجاهد البزاة (3) والطير الذي يصاد به] مبتدأ خبره من
(1) فقد أخرج أبو داؤد من حديث عدي بن حاتم قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إنا نصيد بهذه الكلاب فقال لي إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك وإن قتل إلا أن يأكل الكلب فإن أكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه، انتهى.
(2)
فإن عموم قوله صلى الله عليه وسلم فأمسك عليك كان متناولاً للقتل وعدمه وقوله وإن قتل نص في ذلك.
(3)
جمع البازي قال المجد في البز والبازي ضرب من الصقور جمعه بواز وبزاة وأبؤز وبؤز كأنه من بزا يبزو إذا تطاول وتأنس انتهى، وقال أيضًا في باب الزاء الباز البازي جمعه أبؤز وبؤز وبئزان انتهى، قلت: فعلم أن اللفظ على اللغة الأولى ناقص دون الثانية وبكليهما تستعمل في الكلام.
الجوارح، قوله [فسر الكلاب والطير الذي يصاد به] هذا مقولة (1) مجاهد ومعناه أن قوله تعالى المذكور مفسر بهذين ولا يختص بأحدهما فمعنى فسر الكلاب بين الكلاب والطير في تفسير الجوارح والصيغ كلها على زنة المجهول.
قوله [فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك] هذا التعليل مشير إلى أن حرمة الأكل بوقوعه في الماء غير جارية على الإطلاق وعلى هذا قال علماؤنا إذا رماه بحيث غلب عليه ولا يسلم (2) صاحب ذلك الجرح حل أكله وإن وقع على الماء فإنه معلوم أن السهم قتله.
قوله [إنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكر على غيره] فعلم بذلك (3)
(1) وعلى هذا فلفظ فسر ببناء المجهول كما سيصرح به الشيخ ويحتمل أن يكون بلفظ المعلوم والضمير إلى مجاهد فيكون مقولة للمصنف، قال الحافظ في الفتح فسر مجاهد الجوارح في الآية بالكلاب والطيور وهو قول الجمهور إلا ما روى عن ابن عمر وابن عباس من التفرقة بين صيد الكلب والطير، انتهى.
(2)
أي بلغ الجرح منه بمبلغ لا يستطيع صاحبه السلامة بعد ذلك الجرح.
(3)
يعني علم أن مدار الحرمة عدم التسمية لا المشاركة فلو شاركه كلب آخر وسمى عليه أيضًا فيجوز صيدهما وقوله فلا ينافي إلخ، جواب إشكال يرد على الكلام السابق، وحاصل الاشكال أن مجرد المشاركة إذا لم يكن محرمًا فكيف قالت الفقهاء إن الكلب الثاني إذا حمل بعد ما أثخنه الأول لا يجوز أكله وإن سمى على الثاني أيضًا فعلم بقولهم هذا أن المشاركة بنفسها أيضًا محرمة مع قطع النظر عن التسمية، وحاصل الجواب أن الحرمة ههنا لعارض وهو وقوع الذبح الاضطراري على ما آض إلى الذبح الاختياري قال صاحب الهداية، إذا أرسل كلبين فوقذه أحدهما ثم قتله الآخر أكل ولو أرسل رجلان كل واحد منهما كلبًا فوقذه أحدهما وقتله الآخر أكل والملك للأول لأن الأول أخرجه عن حد الصيدية إلا أن الإرسال من الثاني حصل على الصيد والمعتبر في الإباحة والحرمة حال الإرسال فلم يحرم بخلاف ما إذا كان الإرسال من الثاني بعد الخروج عن الصيدية بجرح الكلب الأول انتهى، زا محشيه حيث لا يؤكل لأن الصيد بعد أن خرج عن الصيدية كانت زكاته بعد ذلك بالذبح فجرح الكلب في مثله موجب للحرمة، انتهى.
أن المشاركة نفسها غير محرمة فلا ينافي لفظ الحديث ما قالته الفقهاء من أن الكلب الثاني إذا حمل بعد ما اثخنه الأول وأخرجه من الصيدية فإنه يحرم لوقوع الاضطراري من الذكاة حيث تمكن من الاختياري، قوله [عن المجثمة وعن الخلية] المجثمة هي المصبورة والكراهة فيه بمعنى التنزه إن ذبحت بعد ذلك وإلا فللتحريم والكراهة في الأول لئلا يرتكبوا ذلك أو لاحتمال أن لا تبقى فيه حياة وقت الذكاة.
قوله [ذكاة الجنين ذكاة أمه] بسطه صاحب الهداية (1)، قوله [ذي
(1) ولفظ من نحر ناقة أو ذبح بقرة فوجد في بطنها جنينًا ميتًا لم يؤكل أشعر أو لم يشعر وهذا عند أبي حنيفة وهو قول زفر والحسن بن زياد وقال أبو يوسف ومحمد إذا تم خلقته أكل وهو قول الشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم زكاة الجنين زكاة أمه ولأنه إجراء من أم حقيقة لأنه يتصل بها حتى يفصل عنها بالمقراض ويتغذى بغذائها ويتنفس بنفسها وكذا حكمًا حتى يدخل في البيع الوارد على الأم ويعتق بإعتاقها وإذا كان جزء منها فالجرح في الأم زكاة له عند العجز عن زكاته كما في الصيد وله أنه أصل في الحياة حتى يتصور حياته بعد موتها وعند ذلك يفرد بالذكاة ولهذا يفرد بإيجاب الغرة ويعتق بإعتاق مضاف إليه وتصح الوصية له وبه وهو حيوان دموي وما هو المقصود من الزكاة وهو التميز بين الدم واللحم لا يتحصل بجرح الأم إذ هو ليس بسبب لخروج الدم عنه فلا يجعل تبعًا في حقه بخلاف الجرح في الصيد لأنه سبب لخروجه ناقصًا فيقام مقام الكل فيه عند التعذر وإنما يدخل في البيع تحريًا لجوازه كيلا يفسد باستثنائه ويعتق بإعتاقهما كيلا ينفصل من الحرة ولد رقيق انتهى، وفي هامشه الجواب عن الحديث إنه لا يصح الاستدلال به فإنه روى زكاة أمه بالنصب والرفع فإن كان منصوبًا فلا إشكال فإنه للتشبيه وإن كان مرفوعًا فكذلك لأنه أقوى في التشبيه من الأول عرف ذلك في علم البيان، قيل ومما يدل على ذلك تقديم زكاة الجنين كما في قوله:
وعيناك عيناها وجيدك جيدها
…
سوى أن عظم الساق منك دقيق، انتهى.
مخلف] المراد به ما يصيد به لا ما له مخلب فحسب، قوله [ما قطع من الحي إلخ] لكن ما قطع من الحي الذي هو ميت حكمًا وهو (1) بقطع ما لا يمكن حياته [من قتل] وزغة لا يقال (2) جناية فرد من ذلك الجنس لا يوجب قتلها جميعًا لأن قتلها ليس بتلك الجناية بخصوصها بل بما علم بسبب تلك الجناية من مقتضى طبيعة ذلك الجنس.
(1) الضمير إلى الميت حكمًا فإن المبان من الحي الذي هو حي صورة لا حكمًا يحل وذلك بأن يبقى في المبان منه حياة بقدر ما يكون في المذبوح فإنه حياة صورة لا حكمًا وأجاد الشيخ في هذا الاستثناء وتفصيله في الهداية.
(2)
هذا إشارة إلى إشكال يرد على ما هو المشهور في سبب الأمر بقتل الأوزاغ من أن ذلك جزاء لما فعلته بسيدنا إبراهيم عليه السلام ويستنبط ذلك من بعض الروايات أيضًا، فقد حكى العيني برواية أحمد عن عائشة أنه في كان في بيتها رمح موضوع فسألت فقالت نقتل به الأوزاغ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن إبراهيم عليه السلام لما ألقى في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج البخاري برواية أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها، وقال كان ينفخ على إبراهيم، وحاصل الإشكال أنه جناية فرد أو جماعة كانت في هذا الوقت خاصة فكيف الأمر بقتل ما سيأتي إلى القيامة وهي لم تصدر الجناية عنها، وقد قال الله تعالى هلا نملة واحدة لنبي أمر بإحراق قرية النمل لما لدغته، وحاصل الجواب أن الأمر بقتل الوزغ ليس جزءًا للفعل بل لما علم بذلك خبث طبعه قال النووي: اتفقوا على أنها من الموذيات، وقال العيني يمج في الإناء فينال الإنسان من ذلك مكروه عظيم وإذا تمكن من الملح تمرغ فيه ويصير ذلك مادة لتوليد البرص، وحكى القارئ عن ابن الملك ومن شغفها إفساد الطعام خصوصًا الملح فإنها إذا لم تجد طريقًا إلى إفساده ارتقت السقف وألقت خرنها في موضع يحاذيه، انتهى.
قوله [وفي الحديث قصة (1)] قوله [أبا هريرة له زرع] أي كان قبل الهجرة صاحب زرع فسأل عنه (2) النبي صلى الله عليه وسلم أو المعنى أنه من قوم هم أصحاب الزرع فإنه دوسي فلعله سأله عن الكلب لصاحب الزرع لأجل قومه، قوله [ما لم يكن سن أو ظفر، أي قائمتين كما يعلم من الدليل مع أن الذبح بها قائمتين يكون وقذًا وخنقًا أي لا جرحًا وذبحًا لأنهما يخرجان الدم إذ ذاك بثقلما فصارا في حكم ما قتله المعراض بعرضه، قوله [أما الظفر فمدى الحبشة] هذا دليل ثان يختص بالثاني والأول مشترك فيهما.
(1) لم يذكر الشيخ هذا القول لظهوره وأنا زدته تكميلاً للفائدة والقصة أخرجها أبو داؤد مفصلاً من حديث أبي سعيد أن ابن عم له استأذن يوم الأحزاب إلى أهله وكان حديث عهد بعرس فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يذهب بسلاحه فأتى داره فوجد امرأته قائمة على الباب فأشار إليه لا لرمح فقالت لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني فدخل البيت فإذا حية منكرة فطعنها بالرمح قال لا أدري أيهما كان أسرع موتًا الرجل أو الحية الحديث.
(2)
يعني لما كان أبو هريرة صاحب زرع فلأجل ذلك سأله صلى الله عليه وسلم عن كلب الزرع وغرض الشيخ أن هذا الكلام ليس بطعن في أبي هريرة بل بيان لخصيصته بذلك الاستثناء.