الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا] العظم والطول باعتبار المنزلة (1)، قوله [بعيد] بلفظ التصغير وغيره ومعناهما متقارب، والغرض منه بيان سعة الصدر الدالة على الشجاعة، وهو على كونه مكبرًا ظاهر الدلالة على المراد فإن كان مصغرًا فالمعنى نفي الزيادة على الحد الممدوح من السعة.
قوله [وكان الحديث الموقوف أصح] أي ذكر السؤال عنه صلى الله عليه وسلم فيكون (2) ابتداء الرواية، قوله [الحلال إلخ] وفيه دلالة على أن الأصل في الأشياء الإباحة، والمراد بكتاب الله شريعته وإن أريد به القرآن فقط فهو محتمل أيضًا، ويكون الحديث داخلاً فيه لقوله {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية فكان العمل بمقتضاه عملاً بمقتضى الكتاب، أو يراد بالكتاب الوحي فيعم المتلو وغيره ولا يعترض بقياس المجتهد لأنه مظهر لا مثبت، والأول أولى والثاني من الثالث والله أعلم.
[باب في جلود الميتة إذا دبغت]
قوله [أيما إهاب إلخ] واستثنى منه الإنسان والخنزير لكرامة (3) الأول ونجاسة الثاني مع أن الدباغة غير ممكنة
(1) كما في ظاهر مقتضى المحل، فإنه موضع المدح ولا يبعد أن يراد به القامة فإنه رضي الله عنه كان جسيمًا.
(2)
أو المعنى أن الكل من قول سلمان فيكون الرواية مرفوعًا حكمًا لأن الحلة والحرمة والعفو ليست مما يدرك بالقياس، ولا يذهب عليك أن الفراء في الحديث يحتمل معنيين ففي المجمع، الفراء بالمد جمع فرأ حمار الوحش أو جمع فروة، وهو ما يلبس انتهى، وتبويب المصنف وذكره في اللباس يؤمي إلى أنه أراد المعنى الثاني.
(3)
كما صرح به أهل الفروع من الهداية وغيره، وفي هامشه، جلد الخنزير هل يقبل الدباغ أو لا، وكذلك جلد الآدمي، اختلف فيه فقال بعضهم جلد الخنزير لا يقبل الدباغ لأن فيه جلودًا مترادفة بعضها فوق بعض، ذكر في المحيط والبدائع، وقيل يقبل الدباغ لكن لا يجوز استعماله لأنه نجس العين، وأما جلد الآدمي فقد ذكر في المحيط والبدائع ((أن جلد الإنسان يطهر بالدباغ ولكن يحرم سلخه ودبغه والانتفاع به احترامًا له)) وقيل جلد الآدمي أيضًا لا يقبل الدباغ كجلد الخنزير، انتهى مختصرًا.
فيهما للاتصال الذي بين الجلد واللحم فلا يمكن سلخه بحيث ينفصل اللحم بأسره من الجلد ولا يمكن الدبغ ما لم يفرز الجلد عن أجزاء اللحم، وأما من شدد في جلود السباع فلما فيه من التشبه بالجبابرة وإيراث خصال السباع للملابسة لا للنجاسة وإن ذهب ذاهب إلى النجاسة كان غير مقبول القول لمخالفته عموم الحديث مع أن الميتة ليس أعلى شانًا من السبع فلما جاز في الأول جاز في الثاني ولا تنافى بين روايتي ((أيما إهاب دبغ)) وقوله ((لا تنتفعوا من الميتة بإهاب)) فإن الجلد بعد الدبغ ليس بإهاب فلم يلزم الانتفاع بالإهاب حتى يلزم المنافاة والله أعلم.
قوله [إنما يقال إهاب، لجلد ما يؤكل] وهذا لا يصح لغة (1)، قوله [لما اضطربوا في إسناده] ولا اضطراب (2) وإنا نعمل به لأن الإهاب اسم لغير المدبوغ فالحديث معمول به، قوله [يرخين شبرًا] أي من حيث إزار الرجال أي نصف الساق، قوله [ملبدًا] يحتمل التلبد للغلظة فحسب ولكثرةالترقيع إلا أن الصحيح هو الأول (3)، قوله [وعليه عمامة سوداء] أي
(1) هذا كما أفاده الشيخ قدس سره، وما حكى الترمذي عن النضر بن شميل يخالفه ما حكاه عنه أبو داؤد في سننه إذ قال: قال النضر بن شميل يسمى إهابًا ما لم يدبغ فإذا دبغ لا يقال له إهاب إنما يسمى شنًا وقربة.
(2)
يعني إذا ثبت عمل مجتهد عليه فهو علامة لرفع الاضطراب عنده كيف وقد عمل به الجمهور أيضًا إذ قالوا المراد به غير المدبوغ فالإهاب بالدباغ يطهر عند الحنفية والشافعية وكذا عند مالك وأحمد وفي إحدى الروايتين عنهما لا يطهر كذا في التعليق الممجد.
(3)
قال المناوي في شرح الشمائل المراد ههنا ما ثخن وسطه حتى صار كاللبد أو المراد مرقعًا، قال الجزري: والأرجح الأول، وكذا قال القارئ في شرح الشمائل.