الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكون صلة الأحق (1) فالسقب بمعنى الصفة، قوله [الشفعة في كل شيء] ليس الشيء ههنا إلا منونة بتنوين (2) التنويع.
[باب في اللقطة
إلخ] قوله قالا دعه لما سمعا من وجوب الاحتراز عن استعمال مال الغير إلا بإذنه، قوله [تأكله السباع] هذا تنصيص منه على مآخذه في اجتهاده فإن اجتهاده بين له أن استمتاع المسلم أولى من أن تأكله السباع، قوله [عرفها حولا] هذا عندنا موكول على (3) رأي الملتقط لتفاوت الملتقطات فإن من الأشياء ما يتفقده صاحبه سنين ومنها ما لا يطلبه إلا سويعات فكل ما ورد في الحديث من مدة كانت لسبب أن اللقطة المسئولة عنها كانت كذلك، قوله [وعائها وعفاصها] أي أخص ما كان منهما على البدلية لا الإجماع والمراد بالوعاء ههنا غير العفاص لذكره بجنبه والأول يعم كل وعاء والثاني يختص بوعاء (4) الجلد يكون للدراهم والدنانير.
(1) وبذلك جزم الطيبي كما حكاه عنه القارئ وصاحب المجمع إذ قال الباء صلة أحق لا للسبب أي الجار أحق بساقبه أي قريبه.
(2)
هذا توجيه للرواية عن الجمهور ولا يحتاج إلى ذلك من قال بعموم الشفعة في كل شيء كما تقدم ذكر قائله.
(3)
ففي البذل عن شمس الأئمة السرخسي أن التقدير بالحول ليس لازم في كل شيء وإنما يعرفها مدة يتوهم أن صاحبها يطلبها وذلك يختلف بقلة المال وكثرته حتى قالوا في عشرة دراهم فصاعدًا يعرفها حولا لأن هذا مال خطير يتعلق القطع بسرقته والحول الكامل لذلك حسن وفي ما دون العشرة إلى ثلاثة يعرفها شهرًا وفي ما دون ذلك إلى الدرهم يعرفها جمعة، وفي فلس أو نحوه ينظر يمنة ويسرة ثم يضعه في يد فقير، انتهى.
(4)
كونه من الجلد ليس باحتراز فقد يكون من الخرفة ونحوه نعم كونه للنفقة احتراز والوعاء أعم كما يظهر من كتب اللغة.
قوله [لك أو لأخيك] فلعله (1) يخون فيه، قوله [فعضب النبي صلى الله عليه وسلم] وكان وجه الغضب ما عرف من حال السائل أن يتطلب الخيانة فيه وليس الغرض له من سؤاله العلم بالمسألة بل التلطف في أخذ أموال الناس وهذا العرفان لعله كان من قرينة هناك ومما يدل عليه التعبير بالضالة في الإبل وباللقطة (2) في غيره فإنه لم يكن لقظه، وإنما وقع في المفازة أو أينما وقع لضلاله الطريق أو كان (3) بسؤاله عن الإبل إذ الغالب في الإبل هناك كان السلامة لما ليست مفسدات أهل الزمان النبوي كما وقعت بعد ولم تكن السباع أيضًا بحيث تأكل الإبل
(1) اختلفوا في المراد بالأخ فقبل غير اللاقط كائنًا من كان وهو مختار الشيخ وبه جزم الحافظ في الفتح، وقيل المالك قال القارئ أو لأخيك يريد به صاحبها والمعنى إن أخذتها فظهر مالكها فهو له أو تركتها فاتفق أن صادفها فهو أيضًا له، وقيل معناه إن لم تلتقطها غيرك وقوله أو للذئب أي إن ترك أخذها الذئب وفيه تحريض على التقاطها قال الطيبي أي إن تركتها ولم يتفق أن يأخذها غيرك يأكله الذئب غالبًا نبه بذلك على جواز التقاطها وعلى ما هو العلة وهي كونها معرضة للضياع انتهى، قلت والأوجه عندي في المراد بالصاحب التعميم فإن المالك لا خصيصة له بالغنم فأمره في جميع أنواع اللقطة سواء فلا وجه لذكره في ضالة الغنم خاصة دون غيرها فتأمل، انتهى.
(2)
لم أتحصله لما أن التعبير في الغنم أيضًا بالضالة فتأمل.
(3)
الضمير راجع إلى العرفان المذكور قبل ذلك ولفظ كان ليس في كلام الشيخ زدته لبعد المعطوف عليه وأصل كلام الشيخ هكذا وهذا العرفان لعله كان من قرينة هناك أو بسؤاله عن الإبل إلخ، وكان قوله ومما يدل عليه التعبير بالضالة إلخ على الهامش فلما أدخلته في المتن بعد المعطوف عن المعطوف عليه.
لكنه صلى الله عليه وسلم نبه بقوله مالك ولها، معها حذاءها وسقاؤها على العلة التي أوجبت ترك التعرض له وهو أن الغالب عليه السلامة، فأما لو كان ظن الهلاك غالبًا فالواجب هو الأخذ صيانة لأموال المسلمين عن الهلاك، وهذا هو السبب في قول الفقهاء الأفضل في لقطة البقر والإبل أخذها لما شاهدوا في زمانهم من الخيانات والمفاسد مع أن الأسد وغيرها من السباع لم تكثر فيهم كثرتهم بعد في بلاد آخر، قوله [وإلا تصدق بها] أي حيث يتصدق الصدقة الواجبة فلم تجز لغني [وكان أبي كثير المال] لكن الاعطاء المذكور كان قبل يساره (1) ولو سلم فكان بإذن الإمام.
قوله [فعرفه فلم يجد من يعرفه] هذا أيضًا غير صحيح، فإن قصة على رواها أبو داؤد بتفصيل تام كما ننقلها مالك عن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان، فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج علي فوجد دينارًا بالسوق، فجاء إلى فاطمة وأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقًا فجاء اليهودي فاشترى به دقيقًا، فقال اليهودي: أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم! قال: خذ دينارك ولك الدقيق فخرج على حتى جاء به فاطمة فأخبرها، فقال: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحمًا فذهب فرهن الدينار بدرهم لحم فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاءهم صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلت معنا من شأنه كذا وكذا، قال: كلوا بسم الله فأكلوا فبيناهم مكانهم إذ غلام ينشد إليه والإسلام الدينار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى له فسأله فقال سقط مني في السوق، فقال النبي: يا علي اذهب إلى الجزار، فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه
(1) فإنه كان في زمن من الفقراء، كما يدل عليه تصدق أبي طلحة بستان بيرحاء علي حسان وأبي مع قوله صلى الله عليه وسلم له اجعلها في فقراء أهلك فلو لم يكن فقيرًا كيف استحق صدقة بيرحاء، كذا أفاده الشيخ في تقريره أبي داؤد وحكاه شيخنا في البذل.