الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ذو عهد في عهده وفيه أنه غير مسلم ووجه عدم التسليم ظاهر فإنه يمكن أن يكون النهي عن قتل المعاهد مطلقًا ولا يقيد بلفظة بكافر فيكون حاصل المعنى لا يقتل مسلم بكافر ولا يقتل ذو عهد، وأما أن الواجب بقتل المعاهد ماذا فلا ذكر له في النص فلا يثبت مدعا أحد من هؤلاء وهؤلاء إلا أن يثبت أحد أن الرواية مسوقة لبيان القصاص وهو غير ثابت.
[باب في المرأة ترث من دية زوجها]
قوله [إن عمر كان يقول إلخ] ووجه قول إن الميت المقتول لم يترك وقت موته وهو وقت انقطاع النكاح إلا القصاص وهو حق غير مالي وإنما يتبدل بالمال بعد ذلك فلا ترث زوجته شيئًا منه، قوله [ولا دية لك] لأنه لم يقلع أسنانك بفعل منه عليك وإنما عصم يده فلزم منه خروج الأسنان، وقوله تعالى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} يعتمد المساواة ولا يمكن المساواة ههنا فكان غير داخل في مقتضى الآية، ففيه تسليم للجرح إلا أن القصاص ساقط لعدم إمكان التساوي أو المعنى أن الجرح هو الموجب للقصاص وليس ههنا جرح منه حتى يلزم القصاص. [باب ما جاء في القسامة (1)] فيه
(1) اسم بمعنى القسم وقيل مصدر يقال اقسم يقسم قسامة إذا حلف وقد يطلق على الجماعة الذين يقسمون كذا في البذل، وفي الشرع أيمان قسم بها أهل محلة أو دار وجد فيها قتيل به جراحة أو أثر خنق ولا يعلم من قتله يقسم خمسون رجلاً من أهل المحلة يقول كل واحد منهم بالله ما قتلته ولا علمت له قائلاً كذا في هامش الهداية، وقال ابن رشد وجوب الحكم بالقسامة على الجملة قال به جمهور الفقهاء مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وسفيان وداؤد وأصحابهم وغير ذلك من فقهاء الأمصار لأحاديث هذا الباب وهي صحيحة وقالت طائفة من السلف لا يجوز الحكم بها لأنها مخالفة لأصول الشرع المجمع عليها منها أن لا يحلف أحد إلا على ما علم قطعًا وغير ذلك مما بسط في الهداية.
اختلاف بين الشافعية والأحناف (1) فقالت الشافعية يبدأ بالإيمان أولياء (2) المقتول إذا كان هناك لوث وهو (3) مفسر في الفقه ثم لا يحلف أحد بعد ذلك من القسامة (4) أي أهل المحلة بل يقضي بالدية (5) وإن لم يكن ثمة لوث فمذهبهم مثل مذهبنا (6) وإن نكل أولياء المقتول حلف المدعى عليهم وإن
(1) لم يفصل الشيخ مذهب الحنفية في ذلك لشهرته وحاصله كما في الهداية إذا وجد القتيل في محلة ولا يعلم من قتله استحلف خمسون رجلاً منهم يتخيرهم الولي فإذا حلفوا قضى على أهل المحلة بالدية ولا يستحلف الولي، ومن أبى منهم اليمين حبس حتى يحلف وإن لم تكمل أهل المحلة كررت الأيمان عليهم حتى تتم خمسين، انتهى.
(2)
هكذا ذكر صاحب الهداية مذهب الشافعي فأرجع إليه لو شئت وفي فروع الشافعية تفاصيل أكثر من ذلك إلا أن كلام الشيخ أكثره مأخوذ من كلام صاحب الهداية، وحاصل ما أفاده الشيخ من مذهب الشافعية أنه إن كان هناك لوث يبدأ بأيمان الأولياء فإن حلفوا يوجب الدية على أهل المحلة وإن نكلوا أي الأولياء يستحلف أهل المحلة فإن حلفوا برؤا عن الدية وإلا يجب عليهم الدية وهذا كله في اللوث وإن لم يكن هناك لوث فمذهبهم قريب من مذهبنا.
(3)
ففي الهداية واللوث عندهما أي مالك والشافعي أن يكون هناك علامة القتل على واحد بعينه أو ظاهر يشهد للمدعي من عداوة ظاهرة أو شهادة عدل أو جماعة غير عدول أن أهل المحلة قتلوه، انتهى.
(4)
بفتح القاف الجماعة يقسمون على الشيء ويأخذونه ويشهدون كذا في القاموس.
(5)
سواء كانت الدعوى عمدًا أو خطأ هذا هو الصحيح من قولي الشافعي وفي قوله الآخر وبه قال مالك يجب القصاص في العمد في هذه الصورة كما في الهداية، والنووي.
(6)
قال في الهداية إن لم يكن الظاهر شاهدًا له فمذهبه مثل مذهبنا غير أنه لا يكرر اليمين بل يردها على الولي، انتهى.
حلفوا تبرؤا وإلا وجبت الدية عليهم، ودليلهم ما ورد في هذا الحديث من لفظ أتحلفون خمسين يمينًا فتستحقون صاحبكم، والجواب أن الروايات في ذلك مختلفة فقد ورد في بعض روايات البخاري ما يوافق مذهبنا فأخذنا به لموافقة قوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من أنكر ولموافقته على ما كانت القسامة في الجاهلية ومعنى ما ورد ههنا أتحلفون خمسين يمينًا إلخ أن هذا قول على سبيل الإنكار فإنهم لما ألحوا على أخذ القصاص من اليهود كأنهم مستيقنون بقتلهم إياه أنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنتم من الاستيقان بحيث تستحلفون أن فلانًا قتله فلو كنتم كذلك أي موقنين لكنتم مستحقين صاحبكم فقالوا يا رسول الله كيف نحلف فعلموا أن القصاص ليس مستحقًا لهم لما أنهم لم يتيقنوا ويمكن أن يكون مراده الإنكار على زعمهم وكانوا زعموا أنهم لو حلفوا استحقوا قاتلهم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم زعمهم ذلك فقال أزعمتم أن تستحلفوا فتستحقوا بذلك صاحبكم لا يكون ذلك فقالوا كيف نحلف كأنهم تبرؤا عن ظنهم الباطل.
قوله [قال يحيى وحسبت إلخ] يعني أن ظني أن بشيرًا يرويه عن رافع كما يرويه عن سهل فكان آخذًا منهما، قوله [أعطى عقله] لئلا يذهب دم امرئ مسلم هدرًا فكان ذلك منة منه لا وجوبًا وأما اليهود فلم يمكن إيجاب الدية عليهم بعد ما حلفوا (1) فإن أولياء المقتول أنكروا استحلافهم وإلا فهم لم ينكلوا.
(1) أشكل على كلام الشيخ إثبات حلفهم وعدم نكولهم ويوضح كلامه ما كتب بنفسه في تقرير أبي داؤد إذ قال: وكذلك اختلف فيها بين حلف اليهود خمسين يمينًا فمن مثبت لها ومن ناف إياها والجمع أن اليهود كتبوا إليه بحلف خمسين ولم يشهدوا ولم يطلبهم ولا معتبر بما كتبوا به إليه صلى الله عليه وسلم فإن الأيمان لا بد وإن تكون في مجلس القضاء بحضور الحاكم ولم يوجد فمن ذكرها عني بها كتابتهم ومن نفاها نفى اليمين المطابق للقاعدة انتهى، فالمراد بقوله بعد ما خلفوا أي كتبوا بالحلف وبقوله لم ينكلوا أي في مجلس القضاء.