الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظاهر أن الإدراك في الثمار لا يتوقف على أكثر من ذلك إلا بقليل فكان الشهر هو المعيار، والله أعلم.
[باب ما جاء في الأرض المشترك يريد بعضم بيع نصيبه]
قوله [فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه] استدل بذلك من قال لا يأخذه الشفيع بعد ما عرضه البائع عليه فأنكر ثم بدأ له (1) أن يشتري لأن الثابت له خيار الأخذ حين العرض والذي عليه أكثر الفقهاء أن له ولاية الأخذ بعد ما أنكره وقت عرضه عليه، والجواب عن ذلك الحديث أن الثابت بذلك الحديث رفع الإثم عن البائع لو باع نصيبه بعد العرض، وأما لو باع نصيبه قبل عرضه على شريكه فإنه يأثم فلا تعرض في الحديث لأخذ الشفيع ولا لعدم أخذه فأنى يتم الاستدلال، قوله [ولعله سمع منه] هذا رد على (2) ما أثبت محمد من الانقطاع بإبداء احتمال لا على سبيل اليقين، وحاصله أن الاستدلال بوفاة سليمان قبل جابر على أنه لم يحدث قتادة إنما يتم لو ثبت أن سليمان لم يحدث قتادة في حياة جابر وهذا غير
(1) قال النووي: اختلف العلماء فيما لو أعلم بالشريك بالبيع فإذن فيه فباع ثم أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابهم وغيرهم له أن يأخذ بالشفعة، وقال الحكم والثوري وطائفة من أهل الحديث ليس له الأخذ وعن أحمد روايتان كالمذهبين، انتهى.
(2)
يؤيد ما أفاده الشيخ ظاهر سياق المصنف لا سميا قوله الآتي قال وإنما يحدث إلخ لأنه يدل على أن ما قبله ليس من كلام البخاري وإلا فلا احتياج إلى إعادة قوله مال لكن ظاهر كلام الحافظ في التهذيب يدل على أن قوله، لعله سمع إلخ من كلام البخاري ولفظه: قال البخاري يقال إنه مات في حياة جابر ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر ولا تعرف لأحد منهم سماعًا إلا أن يكون عمرو بن دينار سمع منه في حياة جابر، انتهى.
ثابت فأي مانع من أن يكون قتادة سمع سليمان اليشكري ثم حضر جناب جابر فسمع عنه وكان قتادة وأبو بشر حضرا جابرًا في آخر أيامه، وأما عمرو بن دينار فلقى جابرًا أولاً وآخرًا.
[قال وإنما يحدث قتادة عن صحيفة إلخ] هذه مقولة البخاري واستدل عليها بما رواه أستاذه علي بن المديني من يحيى (1) بن سعيد من أستاذه سليمان، قوله [وإني لأرجو أن ألقي ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة] يعني لو سعرت فلعلي أحكم حكمًا يضر البيعة أو غيرهم في نفس الأمر ولو لم أكن ظالمًا في حكمي لما أني كنت قد حكمت بعد تفصح وافر واستشارة كافية إلا أن المطالبة بعد باقية لما أن المطالبة تنقسم إلى ما يمكن الخروج عن عهدة جوابه وإلى ما لا يمكن الخروج عنه والمطالبة بكلا نوعيها لا أرضاها لنفسي فهذه المطالبة وإن كانت من القسم الأول إلا أني لا أرتضيه أيضًا لنفسي عند ربي وقت اجتماع الأولين والآخرين وبذلك يعلم جواز التسعير للحاكم إذا أضر (2) أصحاب الأموال أي البيعة بأهل البلد أي بإغلاء السعر.
قوله [استقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم] لا يعارض قوله المتقدم المتضمن للنهي عنه كيف وهو معصوم أن يأخذ حق غيره حتى يفضي إلى النزاع وهو الموجب للفساد، وهذا هو الجواب عن الحنيفة في نهيهم عن استقراض الحيوان أو هو
(1) أي يحيى القطان كما ذكره الحافظ، في ترجمة سليمان التيمي.
(2)
وبذلك قالت الحنفية ففي الهداية لا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس لقوله صلى الله عليه وسلم لا تسعروا فإن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق فلا ينبغي للإمام أن يتعرض إلا إذا تعلق به دفع ضرر العامة فإن كان أرباب الطعام يتحكمون ويتعدون عن القيمة تعديًا فاحشًا وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير فحينئذ لا بأس به، انتهى مختصرًا.
محمول على ابتداء (1) الأمر فنسخ.
[فإن لصاحب الحق مقالاً] أشار إلى ذلك بقوله مطل الغني ظلم فإن المطل لما كان ظلمًا والظالم يجزئ على ما ارتكبه فله (2) أن يقوله وصاحب الحق لا يأخذ في المقال إلا بما يعلم أنه يظلمه بالمطل فكان معذورًا حسب ظنه، قوله [أعطه إياه] قد يشتبه أنه صلى الله عليه وسلم كيف آتاه من إبل الصدقة وفيه زيادة وليست مملوكة له صلى الله عليه وسلم وإنما كانت لعامة المسلمين، والجواب أنه أيضًا من المسلمين المفتقرين فكان له حق في بيت المال أيضًا.
(1) كما ذكره الطحاوي احتمالاً وذكر له القرائن.
(2)
أي فلصاحب الحق أن يقول ما شاء من المقال فضمير المفعول إلى المقال.
أبواب الأحكام (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[من كان قاضيًا فقضى بالعدل إلخ] ليس المراد بقوله فقضى بالعدل أنه لم يقض في سائر أيام قضائه إلا بالعدل ولم يجر عن الحق في قضية إذ لو كان كذلك فلمن الأجر الموعود، بل المراد أنه قضى بالعدل وبالجور فإن الموجبة تصدق بوجود الفعل ولو مرة وحذف المعطوف إراءة للوعد مرأى الوعيد ردعًا لهم أن يقبلوا الإمارة ويقبلوا عليها إذ لو كانت فيه المواعيد المحضة لقبلته العوام والخواص، وأقبلوا عليه محتجين بأنهم إنما يفعلون ذلك طلبًا للأجر والثواب مع ما في الأنفس من أشياء آخر لحب الطبائع الأمارة والرئاسة، قوله [وفي الحديث قصة] أي تفصيل (2) الأسئلة والأجوبة التي وقعت بينهما وحاصله ما ذكر ههنا.
(1) جمع حكم والمراد بيان آدابه وشروطه وكذا الحاكم ويتناول لفظ الحاكم الخليفة والقاضي فذكر ما يتعلق بكل منهما والحكم الشرعي عند الأصوليين خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ومادة الحكم من الأحكام وهو الإتقان للشيء ومنعه من العيب كذا في الفتح، وقال العيني هذا كتاب في بيان الأحكام وهو جمع حكم وهو إسناد أمر إلى آخر إثباتًا أو نفيًا، ثم قال بعد ذكر اصطلاح الأصوليين، وأما خطاب السلطان للرعية وخطاب السيد لعبده فوجوب طاعته هو بحكم الله تعالى، انتهى.
(2)
ففي ترغيب المنذري عن عبد الله بن موهب أن عثمان بن عفان قال لأبن عمر اذهب فكن قاضيًا قال أو تعفيني يا أمير المؤمنين قال اذهب فاقض بين الناس قال تعفيني يا أمير المؤمنين قال عزمت عليك إلا ذهبت فقضيت قال لا تعجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ قال نعم قال فإني أعوذ بالله أن أكون قاضيًا، قال وما يمنعك وقد كان أبوك يقضي قال لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان قاضيًا فقضى بالجهل كان من أهل النار ومن كان قاضيًا فقضى بالجور كان من أهل النار ومن كان قاضيًا فقضى بحق أو عدل سأل التفلت كفافًا فما أرجو منه بعد ذلك، رواه أبو يعلي وابن حبان في صحيحه والترمذي باختصار، وقال ليس إسناده بمتصل وهو كما قال فإن عبد الله بن موهب لم يسمع عن عثمان.
قوله [وليس إسناده عندي بمتصل] ولعل الوجه فيه أن ابن موهب (1) لم يشهد عثمان حين أمر ابن عمر بذاك، قوله [فقد ذبح بغير سكين] أي وقع في تعب ماله نهاية لأنه لو ذبح بسكين لكان له تعب ساعة وإذا ذبح دونه فله تعب سنين وأعوام فأما أن ينجو بدينه وماله (2) من جزيل الثواب فذلك، وإما
(1) قلت: وأيضًا لم يصرح بأنه سمعه عن ابن عمر أو غيره.
(2)
الظاهر أن ما موصولة والمعنى أما أن يخلص من العذاب بسبب دينه أي غلبة عدله وبسبب ما للقاضي من الأجر الجزيل ولعل الشيخ عبره بقوله ينجو لأن وصول القاضي إلى هذا الثواب الجزيل مشكل فأقصى ما يحصل له من ذلك أن تكون كفارة لتبعاته كما أشير إليه في الحديث السابق من كان قاضيًا فقضى بالعدل فبالحرى أن ينقلب كفافًا، الحديث، وقال ابن الهمام: أخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعًا من ولى عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه فإن حكم بما أنزل الله ولم يرتش في حكمه ولم يحف فك الله عنه غله وإن حكم بغير ما أنزل الله وارتشى في حكمه وحاف فيه شدت يساره إلى يمينه ثم رمى به في جهنم، انتهى.
يذهب يجوزه في الحكم بدينه كما ذهب بدنياه.
قوله [فله أجر] هو أجر الاجتهاد والسعي في طلب الإصابة وأنت تعلم أن الروايات مختلفة في باب القضاء فمنها ما هي باعثة عليها ومنها ما هي مشيرة إلى ترك الوقوع فيه فأما أن (1) يقال الأمر لأهله والنهي لغير أهله وهذا أولى أو يقال الأمر لما فيه من المثوبات العظيمة والنهي لما فيه من المخاوف الخطيرة فمن
(1) قال صاحب الهداية، يكره الدخول فيه لمن خاف العجز عنه ولا يأمن على نفسه الحيف فيه كي لا يصير شرطًا لمباشرته القبيح وكره بعضهم الدخول فيه مختارًا لقوله صلى الله عليه وسلم من جعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين والصحيح أن الدخول فيه رخصة طمعًا في إقامة العدل، والترك عزيمة، فلعله يخطئ ظنه ولا يوفق له أولاً يعينه عليه غيره إلا إذا كان هو أهلاً للقضاء دون غيره فحينئذ يفترض عليه التقلد صيانة لحقوق العباد، قال صاحب العناية: كره بعض العلماء أو بعض السلف الدخول فيه مختارًا سواء وثقوا بأنفسهم أو خافوا عليها وفسر الكراهة بعدم الجواز، قال الصدر الشهيد: ومنهم من قال لا يجوز الدخول فيه إلا مكرهًا ألا ترى أن أبا حنيفة دعى إليه ثلاث مرات فأبى حتى ضرب في كل مرة، ووجه تشبيه القضاء بالذبح بغير سكين أن السكين تؤثر في الظاهر والباطن جميعًا، والذبح بغيره يؤثر في الباطن بإزهاق الروح ولا يؤثر في الظاهر ووبال القضاء لا يؤثر في الظاهر فإن ظاهره وجاه وعظمة لكن في باطنه هلاك، وكان شمس الأئمة الحلواني يقول: لا ينبغي لأحد أن يزدري هذا اللفظ كي لا يصيبه ما أصاب قاضيًا روى له هذا الحديث فازدراه، وقال كيف يكون هذا ثم دعا في مجلسه بمن يسوي شعره فجعل الحلاق يحلق بعض الشعر من تحت ذقنه إذ عطس القاضي فأصابه الموسى وألقى رأسه بين يديه انتهى، مختصرًا.
أخذ الاحتياط لعدم الأمن على نفسه من الوقوع في زلل كان الصواب في حقه الترك ومن أمن أن ينال بمحظور كان الأولى في حقه القبول، ومن ههنا يعلم وجه رد الإمام الأول حين عرضت عليه وقبول الإمام الثاني فإن الإمام بصر بعيوب نفسه وعلم أن المستحقين لها اللائقين بها كثير، والثاني نظر إلى حوائج الناس وأن في أهالي القضاء قلة فلكل منهما وجه يشعر بفضله.
قوله [فقال له كيف تقضي] سأله عن ذلك وهو عالم بأنه عالم إذ لو لم يكن له علم بأنه عارف بأصول القضاء لما ولاه القضاء فسأله ليعلموا مزيته فيما بينهم وأن المقدم في الحكم هو الكتاب، ثم السنة ثم القياس، وهذا هو الترتيب الذي اخترناه، فإن قيل السنة في حقه كانت كالكتاب لما سمعه من في النبي صلى الله عليه وسلم ولا معنى لتأخيره عن الكتاب، كيف وقد قلتم إن السنة المشهورة والمتواترة مساوية للكتاب في القطعية، قلنا لم يكن كل السنة مسموعة له من في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن جملة من الأخبار إلا وصلت معاذًا بوسائط، قلت: أو كثرت ولم يقدم على قياسه سيرة الشيخين كما فعله سيدنا عثمان ولا آثار الصحابة كما ذهبت إليه أئمة الفقهاء لما أنها لم تكن اشتهرت بعد بل ولم تقع بحيث يعتد بها يعني أنها كانت قليلة بعد، قوله [اجتهد برائي أو اجتهد رائي] كلاهما ثابتان أي أوقع رأي في الجهد أواقع في الجهد بمعاونة رائي واستعانتي به.
قوله [ابن أخ للمغيرة] هذه صفة الحارث، قوله [وليس إسناده عندي بمتصل] لما فيه من لفظ رجال من أصحاب معاذ، وفي رواية أخرى أناس من أهل حمص وإنما قال عندي لأن مثل هذا الانقطاع يكون في حكم المتصل إذا علم اسم رواية برواية وإسناد آخر إلا أن الترمذي لما لم يعلمهم حكم بانقطاعه عنده ويمكن أن يجبر ذلك الضعف الناشئ بالانقطاع بكثرتهم وإن لم يذكر ههنا إلا سندًا واحدًا إلا أن إيراد الرجال بلفظ الجمع يخرجه من الرد إلى القبول، قوله [إمام عادل] أي من غلب صوابه ولم يحكم إلا بعد تحري الصواب والناس هم