الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كانت لا تكاد أن تمكن.
قوله [تزوجها في طريق مكة] وأنت تعلم ما في المدينة وميقات المدنيين من القرب فهلا نكح على زعم هؤلاء في المدينة وهو وطنه بل نكح بعد الخروج منها بقليل بل الحق أنه نكحها بسرف وأراد أن يطعم قريشًا وليمتها لكنهم لم يمكنوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الإقامة فوق ثلاث قوله [بسرف] هذا متعلق بكل من الثلاثة فلما كان نكاحها بسرف حلالا إلا حين عوده من مكة فلم يبق على قول هؤلاء إلا أن ينكحها بسرف في عوده من مكة ثم يقوم بالمدينة ما شاء الله أن يقيم من غير أن يمسها ثم لما سافر ثانيًا إلى مكة وعاد منها فحل بسرف بنى بها حلالاً وهل هذا إلا تقول بما لم يقل به أحد وذهاب إلى ما ليس له من العقل والنقل مدد.
[باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم]
اعلم أن في هذه المسألة اختلافًا (1) بيننا وبين الشافعي رحمه الله فإن اصطاد المحرم أو ذبح صيدًا حرم بالاتفاق وإن اصطاده الحلال بأمر المحرم حرم بالاتفاق وإن اصطاده الحلال لأجل المحرم وبنيته لا بأمره حرم عنده لا عندنا وهذا الذي أورده المؤلف ههنا، فأورد في الباب ما يثبت به مذهبه أولاً والذي اخترناه ثانيًا فقال صيد البر لكم الحلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم، فإن اللام يكون للغرض والسبب والمعنى أنه حلال ما لم يكن صيد لغرضكم ونيتكم وأما إذا كان كذلك فلا قلنا استعمال اللام كما أنه لأجل معنى الغرض والنية كذلك قد تستعمل
(1) في المسألة ثلاثة مذاهب: الأول المنع مطلقًا حكاه العيني عن بعض السلف والثاني المنع أن صاده أو صيد لأجله وبه قالت الأئمة الثلاثة، والثالث إن كان باصطياده أو بإذنه أو دلالته جرم وبه قالت الحنفية.
ويراد بها معنى الأمر وهو لام التوكيل كما في قوله بعت له ثوبًا واشتريت له لحمًا إذا وكلت لهما فالمعنى ههنا محتمل للحمل على كليهما فلما تفحصنا الروايات الأخر علم أن المراد باللام ههنا هو المعنى الثاني دون الأول لئلا تتعارض الآثار ويحصل العمل بكل من الأخبار.
قوله [وأقيس] هذا غير مسلم إلا إذا حمل اللام على التوكيل لأن الروايات لا تتخالف حينئذ قوله [تخلف مع بعض أصحاب له محرمين وهو غير محرم] ووجه عدم إحرامه أنه لم يكن أتى (1) بقصد مكة بل وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة داخل الميقات فلم يكن عليه أن يحرم لأنه ضار حكمه حينئذ حكم من هو داخل الميقات ويمكن أن يكون وجه عدم إحرامه أن ميقات المدنيين ميقاتان (2) وبينهما تفاوت ويجوز لمن مر على الأولى منهما أن يحرم من الأخرى فهذا أبو قتادة افتراه اصطاد الحمار لنفسه خاصة مع كبر جثته ما هو وكون أبي قتادة على سفر فليس اصطياده إياه إلا بنية أصحابه المحرمين إذا لم يكن معه أحد وهو غير محرم ثم لما أخذه فأكله بعض وامتنع عنه بعض لعدم علم المسألة فكان فعل كل منهما ظنًا وتخمينًا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا سأل أبا قتادة هل صدته لهم أو لنفسك كما سأل عنهم هل أشرتم أو دللتم أو أعنتم فعلم أن الإشارة والدلالة والإعانة محرمة ومحرمة
(1) قال أبو بكر الأثرم: كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث فيقولون كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات وهو غير محرم ولا يدرون ما وجهه حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد فيها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في وجه الحديث، قال فإذا أبو قتادة إنما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة هكذا في البذل.
(2)
ذو الحليفة والجحفة فإن الأول ميقات أهل المدينة حقيقة وبينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة والثاني ميقات أهل الشام لكنه في طريق المدينة إلى مكة بينها وبين المدينة ست مراحل كما في البذل.