الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الجنائز
(1)
لا يبعد أن يقال في توجيه ذكر هذه الأبواب ههنا وإن لم يكن للمؤلف نظر إلى أمثال هذه أن مبنى الإسلام لما كانت هي الأركان الأربعة فرغ من بيانها أولاً مسارعة إلى ما يجب على كل واحد أداؤه لكنه أراد ههنا أن لا يتأخر ذكر الجنائز عن سائر ما ليس بمثابة ما ذكر من الأركان كيف وفي أبواب الجنائز ذكر الصلاة وهي فريضة وإن كانت على الكفاية، وأيضًا فإن معظم ما في هذه الأبواب يأتي به غيره ولا يفعله بنفسه كالصلاة والدفن وإجراء الوصايا والدعاء للأموات فأولى أن يؤخر عما يفعله بنفسه وهو لابد له منه بخلاف ما سيأتي من المباحث فإن للمكلف من أكثرها غنية.
قوله [شوكة فما فوقها] والمراد بما فوق الشوكة يمكن أن يكون ما زاد عليها في الإيذاء ولكن الأولى إرادة ما قل منها كما (2) في قوله تعالى {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} إذ المراد (3) في الآية والرواية كلتيهما المبالغة في التقليل والتحقير. وهو
(1) قال أبو الطيب جميع الجنازة بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح ويقال بالفتح للميت وبالكسر للنعش عليه ميت، ويقال عكسه والجنائز بالفتح لا غير، انتهى.
(2)
فسرت الآية أيضًا بالاحتمالين قال صاحب جامع البيان: قوله {فَمَا فَوْقَهَا} في الصغر والحقارة كجناحها أو في الكبر كالذباب، انتهى، فالتشبه بالآية في كلا الاحتمالين وإليه أشار بالتعليل.
(3)
أي على الظاهر والأولوية وإلا فقد عرفت أن الآية والحديث كلاهما مفسران بالاحتمالين.
حاصل فيما قلنا لا الأول.
قوله [من نصب ولا حزن ولا وصب] والنصب ههنا ما يعرضه من الكلال والإعياء في الأمر المباح والطاعة وأمثالها، والحزن هو ما يعتري القلب على شيء قد سبق ومضى والوصب ما يعرض جسمه من المرض والجرح وغيره، قوله [حتى الهم يهمه] المستكن فيه راجع إلى الهم والمنصوب للمؤمن المقدم ذكره والهم ما اعتراك من فكر فيما يأتي من الأمور.
قوله [لم يزل في خرفة الجنة] أي يقيض له بستان يجتني منه في أخراه، وليس المراد الجنى من دون الأشجار فيطابق الحديثان، وإن حمل لفظ الجنى على ظاهره يكون تفاوت الجزاء بتفاوت العمل، قوله [واسم أبي فاختة] هذه كنية لأبي ثوير الذي روى عنه ثوير (1).
قوله [على خباب (2)] مشددًا [وقد اكتوى (3)] كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكي لما رآهم يعتقدون فيه ما لا ينبغي أن يعتقدوا فنهاهم ثم لما استقرت آراؤهم على ما ينبغي أن يستقر رخصهم في الكي إذا لم يكن يعرف الشفاء إلا فيه
(1) ثوير بضمة المثلثة مصغرًا ابن أبي فاختة بالفاء وكسر الخاء المعجمة فمثناة سعيد بن علاقة بكسر المهملة الكوفي قاله أبو الطيب والسيوطي.
(2)
بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة آخره موحدة أيضًا ابن الأرت بتشديد التاء المثناة من فوق قاله السيوطي.
(3)
قال الطيبي: الكي بالنار من العلاج المعروف في كثير من الأمراض، وقد جاء في أحاديث كثيرة النهي عن الكي فقيل النهي لتعظيم أمره ويرون أنه لا يحصل الشفاء إلا به، وأما إذا اعتقد أنه سبب للشفاء وأن الله تعالى هو الشافي فلا بأس به، ويجوز أن يكون النهي من قبيل الإرشاد إلى التوكل، وقيل النهي محمول إذا لم يكن ضرورة قاله أبو الطيب.