الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في الخرص]
اعلم أن الخرص بالمعنى الذي بينه الترمذي جوزه الإمام في العشر (1) والخراج كما في الحديث، وأما في الزرع المشترك بين الزارع
(1) هكذا حكاه والدي المرحوم عن شيخه الكنكوهي نور الله مرقدهما في تقاريره كلها من الترمذي وأبي داود وغيرهما، وهكذا في تقرير الترمذي لمولانا رضي الحسن المرحوم، ولمولانا محمد حسن الولايتي المرحوم ولمولانا داود أحمد الكنكوهي المرحوم فيما حكوا من تقرير الشيخ الكنكوهي نور الله مرقده على الترمذي من جواز الخرص في العشر والزكاة عند الإمام وعامة الشروح على بطلانه فليفتش اللهم إلا أن يقال أن مراد الشيخ إشارة إلى ما حكاه الطحاوي عن الحنفية إذ ذكر حديث الخرص ثم قال ذهب قوم إلى أن الثمرة التي يجب فيها العشر هكذا حكمها تخرص وهي رطب تمرًا فيعلم مقدارها فتسلم إلى ربها ويملك بذلك حق الله تعالى فيها، ويكون عليه مثلها مكيلة ذلك تمرًا وكذلك يفعل في العنب، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار وخالفهم في ذلك آخرون فكرهوا ذلك وقالوا ليس في شيء من هذه الآثار أن التمرة كانت رطبًا في وقت ما خرصت، وكيف يجوز أن يكون كانت رطبًا حينئذ فتجعل لصاحبها حق الله فيها بمكيلة ذلك تمرًا يكون عليه نسيئة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر في رؤوس النخل بالتمر كيلا ونهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة وجاءت بذلك عنه الآثار المروية الصحيحة ولم يستثن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا فليس وجه ما روينا في الخرص عندنا على ما ذكرتم، ولكن وجه ذلك عندنا والله أعلم أنه إنما أريد بخرص ابن رواحة ليعلم به مقدار ما في أيدي كل قوم من الثمار فيؤخذ مثله بقدره في وقت الصرام لا أنهم يملكون منه شيئًا مما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل عنهم، وكيف يجوز ذلك وقد يجوز أن يصيب بعد ذلك آفة تتلفها أو نار فتحرقها فتكون ما يؤخذ بدلاً من حق الله فيها مأخوذًا منه بدلاً مما لم يسلم له، ولكنه إنما أريد بذلك الخرص ما ذكرنا ثم ذكر الطحاوي الشواهد على ذلك وقال في آخره وبهذا نأخذ وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى، انتهى، فالظاهر عندي أن مراد من قال من الحنفية بأن الخرص باطل أراد إلزام مقدار خاص من العشر بذلك الخرص فإنه باطل قطعًا لأن الخرص تخمين وليس بحجة ملزمة ومن حكى الكراهة أراد أخذ التمر بدل الرطب بهذا الخرص فإنه من البيوع المنهية في الروايات، ومن حكى الجواز كالشيخ رحمه الله والطحاوي وغيرهما أراد جواز الخرص لمجرد التخمين والطمأنينة بغلبة الظن لئلا يتجاسر رب البستان على الغبن الفاحش بالتصرف وإضاعة العشر فتأمل، هذا ما عندي والله أعلم.
ورب الأرض فلا يجوز إلا أن يأخذ نصيبه من عين الذي يخرج من هذا الزرع كما هو رائج في زماننا، ووجه حرمته أنه محاقلة وقد نهى عنها وهي بيع السنبلة بالحنطة مع أنه فيما راج وتعاملوا به إنما يكون نسيئة ففيه من شبهة الربا إلا
أن يأخذ (1) بعد ما أنفقه الزارع في حوائج نفسه، فحينئذ لا بأس في التبديل إذ قد صار دينًا في ذمته وكان أهل خيبر يؤدون الواجب عن عين ما خرج لا يبدلونه من عندهم، وأما الاختلاف في جواز المزارعة بالثلث والربع بين الإمام وصاحبيه فمذكور في موضعه فلا علينا أن لا نشتغل بذكره ومبنى الخلاف هو معاملته صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر فحمله الإمام على أنه كان مصالحة، وقال صاحباه كان معاملة بالثلث والربع، والحق أن البعض كان كذلك والبعض كذلك.
[قوله فدعوا الثلث] منة عليهم واحتياط في بقاء حق الرجل علينا ولا ضير في عكسه وإسقاط الثلث أو الربع بعد تعيين (2) العشر وقبله سواء كأن يكون تسعين منًا فأسقطوا منه الثلث فبقى ستين وعشره ست وإن أسقطوا الثلث من عشر الكل وهو تسع كان الباقي ستًا أيضًا وهكذا في الربع ومعنى قوله فيثبت عليهم أن يكتب ذلك المبلغ الذي هو عشر الخارج ويقرره عليهم ثم يأخذه عنهم بعد ما فرغوا عن أمر زرعهم وتخيلهم.
[قوله عتاب ابن أسيد] كله (3) مكبر إلا أسيد بن زهير وأسيد بن حضير واختلفوا في أسيد بن أسيد.
[قوله العامل على الصدقة كالغازي في سبيل الله] هذا إذا لم يعين لنفسه في
(1) وكان ذلك حيلة للجواز وحاصله أن الزارع لو أعطى لرب الأرض من عند نفسه حال بقاء الزرع لا يجوز، لأنه محاقلة نعم لو صرف الزراعة في حوائجه ثم أعطى ما في ذمته من عند نفسه يجوز.
(2)
يعني بترك الثلث من العشر بعد ما تعين أو يترك الثلث من الكل بعد الخرص قبل تعيين العشر كلاهما سواء باعتبار المال.
(3)
لعله باعتبار الأكثر وإلا فأهل الرجال من صاحب المغني وغيره عدوا في المصغر والمكبر كليهما جماعة وكذا عدوا جماعة اختلف فيها تكبيرًا وتصغيرًا.