المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما جاء في حرمة مكة] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ٢

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في زكاة الحلي قوله تصدقن ولو من حليكن]

- ‌[باب في زكاة مال اليتيم]

- ‌[باب ما جاء في الخرص]

- ‌[باب في رضا المصدق]

- ‌[باب من تحل له الزكاة]

- ‌[باب كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم إلخ]

- ‌[باب ما جاء في حق السائل]

- ‌[باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم]

- ‌[باب المتصدق يرث صدقته قوله كان عليها صوم شهر]

- ‌[باب ما جاء في نفقة المرأة من بيت زوجها

- ‌[باب ما جاء في صدقة الفطر قوله صاعًا من طعام]

- ‌[باب في تعجيل الزكاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك]

- ‌[باب ما جاء أن الصوم لرؤية الهلال]

- ‌[باب الشهر يكون تسعًا وعشرين]

- ‌[باب ما جاء في الصوم بالشهادة]

- ‌[باب ما جاء شهرًا عيد لا ينقصان]

- ‌[باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم]

- ‌[باب ما يستحب عليه الإفطار]

- ‌[باب ما جاء في فضل السحور]

- ‌[باب ما جاء في الكفارة]

- ‌[باب فيمن استقاء عمدًا]

- ‌[باب ما جاء في الصائم يأكل ويشرب ناسيًا]

- ‌[باب في كفارة الفطر قوله فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا]

- ‌[باب السواك للصائم]

- ‌[باب الكحل للصائم]

- ‌[باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل]

- ‌[باب في إفطار الصائم المتطوع]

- ‌[باب في وصال شعبان برمضان]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الباقي من شعبان لحال رمضان]

- ‌[باب ما جاء في صوم يوم السبت]

- ‌[باب ما جاء في الحث على صيام عاشوراء

- ‌[باب ما جاء في صيام العشر]

- ‌[باب ما جاء في العمل في أيام العشر]

- ‌[باب في صوم ثلاثة من كل شهر]

- ‌[باب في فضل الصوم]

- ‌[باب في صوم الدهر]

- ‌[باب الحجامة للصائم]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الوصال في الصيام]

- ‌[باب الجنب يدركه الفجر وهو يريد الصوم]

- ‌[باب في إجابة الصائم الدعوة]

- ‌[باب في كراهة صوم المرأة إلا بإذن زوجها]

- ‌باب الاعتكاف

- ‌[باب الصوم في الشتاء]

- ‌[باب ما جاء فيمن أكل ثم خرج يريد سفرًا]

- ‌[باب في تحفة الصائم قوله الدهن والمجمر]

- ‌[باب في قيام شهر رمضان]

- ‌أبواب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في حرمة مكة]

- ‌[باب ما جاء كم فرض الحج]

- ‌[باب كم حج النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في أي موضع أحرم النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب ما جاء في إفراد الحج]

- ‌[باب ما جاء في التلبية]

- ‌[باب ما جاء في الاغتسال عند الإحرام]

- ‌[باب ما جاء ما يقتل المحرم من الدواب]

- ‌[باب في كراهة تزويج المحرم]

- ‌[باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم]

- ‌[باب ما جاء في صيد البحر للمحرم]

- ‌[باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم]

- ‌[باب ما جاء في الاغتسال لدخول مكة]

- ‌‌‌[باب في استلام الركن اليمائي والحجر دون ما سواهما]

- ‌[باب في استلام الركن اليمائي والحجر دون ما سواهما]

- ‌[باب في الطواف راكبًا]

- ‌[باب في فضل الطواف قوله خمسين مرة]

- ‌[باب في دخول الكعبة]

- ‌[باب الخروج إلى منى]

- ‌[باب تقصير الصلاة بمنى]

- ‌[باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلقة]

- ‌[باب في تقديم الضعفة جمع من بليل]

- ‌[باب ما جاء أن الجمار التي ترمي مثل حصى الخذف]

- ‌[باب في إشعار البدن]

- ‌[باب في تقليد الهدى للمقيم]

- ‌[باب ما جاء في تقليد الغنم]

- ‌[باب إذا عطب الهدى]

- ‌[باب ما جاء بأي جانبي الرأس يبدو في الحلق]

- ‌[باب الطيب عند الإحلال]

- ‌[باب ما جاء في نزول الأبطح]

- ‌[باب في حج الصبي]

- ‌[باب الحج عن الشيخ الكبير والميت]

- ‌[باب منه]

- ‌[باب في عمرة رمضان]

- ‌[باب ما جاء في الذي يهل بالحج فيكسر]

- ‌[باب ما جاء أن القارن يطوف طوافًا واحدًا]

- ‌[باب مكث المهاجر بعد الصدر]

- ‌[باب ما جاء في المحرم يموت في إحرامه]

- ‌[باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في الإحرام ما عليه]

- ‌[باب قوله أولاً أن معي هديًا لأحللت]

- ‌أبواب الجنائز

- ‌[باب ما جاء في الوصية بالثلث والربع]

- ‌[باب في تلقين المريض عند الموت والدعاء له]

- ‌[باب في التشديد عند الموت]

- ‌[باب ما جاء في كراهية النعي]

- ‌[باب الصبر في الصدمة الأولى]

- ‌[باب غسل الميت]

- ‌[باب المسك للميت]

- ‌[باب الغسل من غسل الميت]

- ‌[باب ما يستحب من الأكفان]

- ‌[باب النهي عن ضرب الخدود وشق الجيوب]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في ذلك]

- ‌[باب في قتلي أحد]

- ‌[باب فضل المصيبة إذا احتسب]

- ‌[باب التكبير على الجنازة]

- ‌[باب ما يقول في الصلاة على الميت]

- ‌[باب كيف الصلاة على الميت]

- ‌[باب في كراهية الصلاة على الجنازة، عند طلوع الشمس وعند غروبها]

- ‌[باب في الصلاة على الأطفال]

- ‌[باب الصلاة على الميت في المسجد]

- ‌[باب أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة]

- ‌[باب الصلاة على النجاشي]

- ‌[باب فضل الصلاة على الجنازة]

- ‌[باب قوله صلى الله عليه وسلم: اللحد لنا والشق لغيرن

- ‌[باب ما جاء في الثوب الواحد يلقى تحت الميت]

- ‌[باب في تسوية القب

- ‌[باب في كراهية الوطي على القبور والجلوس عليها]

- ‌[باب في كراهية تجصيص القبور

- ‌[باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر]

- ‌[باب في زيارة القبور]

- ‌[باب الثناء على الميت]

- ‌[باب في ثواب من قدم ولدًا]

- ‌[باب في المديون]

- ‌[باب ما جاء في عذاب القبر]

- ‌[باب في النهي عن التبتل]

- ‌[باب فيمن ترضون دينه فزوجوه]

- ‌[باب النظر إلى المخطوبة]

- ‌[باب في إعلان النكاح]

- ‌[باب ما يقال للمتزوج]

- ‌[باب من يجبي إلى الوليمة بغير دعوة]

- ‌[باب ما جاء لا نكاح إلا بولي]

- ‌[باب لا نكاح إلا ببنية]

- ‌[باب استيمار البكر والثيب]

- ‌[باب في الوليين يزوجان]

- ‌[باب في نكاح العبد]

- ‌[باب في مهور النساء]

- ‌[باب في نكاح المتعة

- ‌[باب النهي عن نكاح الشغار

- ‌[باب لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها]

- ‌[باب في الشرط عند عقدة النكاح]

- ‌[باب في الرجل يسلم وعنده عشر نسوة]

- ‌[باب في الرجل يسلم وعنده أختان]

- ‌[باب في كراهة مهر البغي]

- ‌[باب لا يخطب على خطبة أخيه]

- ‌[باب في العزل]

- ‌[باب القسمة للبكر والثيب]

- ‌[باب في الزوجين المشركين يسلم أحدهما]

- ‌[باب الرجل يتزوج فيموت قبل أن يفرض]

- ‌[أبواب الرضاع

- ‌[باب في لين الفحل]

- ‌[باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا في الصغر]

- ‌[باب الأمة تعتق ولها زوج]

- ‌[باب الولد للفراش]

- ‌[باب في الرجل يرى المرأة فتعجبه]

- ‌[باب في حق الزوج]

- ‌[باب في حق المرأة]

- ‌[باب في كراهية إتيان النساء في أدبارهن]

- ‌[باب في كراهية خروج النساء في الزينة]

- ‌[باب في كراهية أن تسافر المرأة وحدها]

- ‌[باب في كراهية الدخول على المغيب

- ‌أبواب الطلاق واللعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في أمرك بيدك]

- ‌[باب في الخيار]

- ‌[باب ما جاء في الخلع]

- ‌[باب ما جاء في مداراة النساء]

- ‌[باب ما جاء في طلاق المعتوه

- ‌[باب في المظاهر بواقع قبل أن يكفر]

- ‌[باب في الإيلاء]

- ‌[باب في اللعان]

- ‌[باب أين تعتد المتوفى عنها]

- ‌أبواب البيوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في ترك الشبهات]

- ‌[باب في آكل الربا]

- ‌[باب في كتابة الشروط]

- ‌[باب في المكيال والميزان]

- ‌[باب في بيع من يزيد]

- ‌[باب بيع المدبر]

- ‌[باب في كراهة تلقى البيوع]

- ‌[باب في النهي عن المحاقلة والمزابنة

- ‌[باب في كراهية بيع الثمرة قبل أن يبدو صلاحها]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة]

- ‌[باب في الصرف]

- ‌[باب ما جاء في من يخدع في البيع]

- ‌[باب ما جاء في المصراة]

- ‌[باب ما جاء في اشتراط ظهر الدابة عند البيع]

- ‌[باب في شراء القلادة فيها ذهب]

- ‌[باب ما جاء في اشتراط الولاء]

- ‌[باب إذا أفلس للرجل غريم]

- ‌[باب في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر يبيعها له

- ‌[باب ما جاء في الاحتكار]

- ‌[باب في اليمين الفاجرة]

- ‌[باب ما جاء إذا اختلف البيعان]

- ‌[باب ما جاء في بيع فضل الماء]

- ‌[باب ما جاء في كراهة عسب الفحل]

- ‌[باب ما جاء في كسب الحجام]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمار للمار بها]

- ‌[باب ما جاء في الثنيا]

- ‌[باب كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن البيع على بيع أخيه]

- ‌[باب ما جاء في بيع الخمر

- ‌[باب ما جاء في احتلاب المواشي بغير إذن الأرباب]

- ‌[باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام]

- ‌[باب كراهية الرجوع من الهبة]

- ‌[باب ما جاء في العرايا والرخصة في ذلك]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النجش]

- ‌[باب ما جاء في الرجحان في الوزن]

- ‌[باب ما جاء في الأنظار للمعسر]

- ‌[باب ما جاء في السلف في الطعام والثمر]

- ‌[باب ما جاء في الأرض المشترك يريد بعضم بيع نصيبه]

- ‌[باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو غضبان]

- ‌[باب في هدايا الأمراء]

- ‌[باب ما جاء في التشديد على من يقضي له بشيء ليس له أن يأخذه]

- ‌[باب ما جاء في اليمين مع الشاهد]

- ‌[باب ما جاء في العمري]

- ‌[باب ما جاء في الرقبي]

- ‌[باب في الرجل يضع على حائط جارة خشبًا]

- ‌[باب أن اليمين على ما يصدقه صاحبه]

- ‌[باب أن الوالد يأخذ من مال ولده]

- ‌[باب فيمن يكسر له الشيء ما يحكم له من مال الكاسر]

- ‌[باب في حد بلوغ الرجل والمرأة]

- ‌[باب فمن تزوج امرأة أبيه]

- ‌[باب في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء]

- ‌[باب فيمن يعتق مماليكه عند موته

- ‌[باب ما جاء في من زرع في أرض قوم بغير إذنهم]

- ‌[باب ما جاء في النحل

- ‌[باب ما جاء في الشفعة]

- ‌[باب في اللقطة

- ‌[باب في إحياء أرض الموات]

- ‌[باب ما جاء في المزارعة]

- ‌[أبواب الديات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في النهي عن المثلة]

- ‌[باب في المرأة ترث من دية زوجها]

- ‌أبواب الحدود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء في التلقين في الحد]

- ‌أبواب الصيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل]

- ‌[باب ما جاء في صيد كلب المجوسي]

- ‌أبواب الأضاحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب في الجذع من الضان]

- ‌[باب في العقيقة]

- ‌أبواب النذور والإيمان

- ‌[باب في كراهية الحلف بغير الله]

- ‌[باب في كراهية النذور]

- ‌أبواب السير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب من يعطي الفئ]

- ‌[باب في طعام المشركين]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأساري والفداء]

- ‌[باب في الغلول

- ‌[باب ما جاء في خروج النساء في الحروب]

- ‌[باب ما جاء في قبول هدايا المشركين]

- ‌[باب ما جاء في سجدة الشكر]

- ‌[باب ما جاء في أمان المرأة والعبد]

- ‌[باب في الغدر]

- ‌[باب في النزول على الحكم]

- ‌[باب ما جاء في الحلف]

- ‌[باب في الهجرة]

- ‌[باب في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في بيعة النساء]

- ‌[باب في كراهية النهبة]

- ‌[باب التسليم على أهل الكتاب]

- ‌[باب في كراهة المقام بين أظهر المشركين]

- ‌[باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الطيرة

- ‌[باب في وصية النبي صلى الله عليه وسلم في القتال]

- ‌أبواب فضائل الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب الصوم في سبيل الله]

- ‌[باب من أغبرت قدماه

- ‌[باب من شاب شيبة في سبيل الله]

- ‌[باب من ارتبط فرسًا في سبيل الله]

- ‌[باب في ثواب الشهيد]

- ‌[باب من يقاتل رياء]

- ‌[أبواب الجهاد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في أهل العذر في القعود]

- ‌[باب فمن خرج إلى الغزو وترك أبويه]

- ‌[باب في الرجل يبعث سرية وحده]

- ‌[باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده]

- ‌[باب ما جاء في الرخصة في الكذب والخديعة

- ‌[باب في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب في الرايات]

- ‌[باب الفطر عند القتال]

- ‌[باب الخروج في الفزع]

- ‌[باب في الثبات عند القتال]

- ‌[باب في المغفر]

- ‌[باب ما جاء في الإمام]

- ‌[باب التحريش بين البهائم والوسم في الوجه]

- ‌[باب فيمن يستشهد وعليه دين]

- ‌[باب في دفن الشهداء]

- ‌أبواب اللباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب لبس الحرير في الحرب]

- ‌[باب في جلود الميتة إذا دبغت]

- ‌[باب في الصورة]

- ‌[باب في الخضان]

الفصل: ‌[باب ما جاء في حرمة مكة]

‌أبواب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

[باب ما جاء في حرمة مكة]

لما كانت شرافة هذه البقعة الشريفة وكرامة تلك الأماكن اللطيفة تستدعي زيارتها من غير افتقار إلى وجوب الحج وفرضيته أشار إلى ذلك أولاً ثم ذكر بعده ما هو بصدده من ذكر الحج وأركانه وشرائط وجوبه وأدائه لتستقر في القلوب بسبب وفور الرغبات إليه.

قوله [عن أبي شريح العدوى] نسبة إلى عدي قبيلة من (بياض)(1) صحابي (2)[لعمرو بن سعيد] وكان مقعدًا زمنًا عاملاً ليزيد بن معاوية أرسله على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من تخريبها وقتل أهلها وفعل ما فعل وحصل قتل حسين رضي الله عنه أرسله إلى مكة لقتل عبد الله بن الزبير وكان عبد الله بن الزبير هذا قد أخذ البيعة من أهل مكة ومن حواليها بعد موت معاوية رضي الله عنه، فذهب إليه عمرو بن سعيد وهذا الذي أشار إليه (3) في هذا الحديث بقوله وهو

(1) بياض في الأصل قال المجد عدى كغنى قبيلة وهو عدوى وعدى، وقال الحافظ في الفتح قوله [أي البخاري] عن أبي شريح العدوى كذا وقع ههنا وفيه نظر لأنه خزاعي من بني كعب بن ربيعة بطن من خزاعة ولهذا يقال له الكعبي أيضًا وليس هو من بني عدي لا عدي قريش ولا عدي مضر فلعله كان حليفًا لبني عدي بن كعب من قريش، وقيل في خزاعة بطن يقال لهم بنو عدي، انتهى.

(2)

صفة لأبي شريح فهو صحابي مشهور، قال العيني: اختلف في اسمه والمشهور خويلد بن عمرو أسلم قبل الفتح وسكن المدينة ومات بها سنة 68 هـ، انتهى.

(3)

أشار الشيخ بغاية الإجمال إلى شرح قوله وهو يبعث البعوث أي يرسل الجيوش إلى مكة لقتال ابن الزبير لكونه امتنع من مبايعة يزيد بن معاوية واعتصم بالحرم وكان عمرو وإلى يزيد على المدينة، قال الحافظ: والقصة مشهورة وملخصها أن معاوية عهد بالخلافة بعده ليزيد ابنه فبايعه الناس إلا الحسين رضي الله عنه وابن الزبير فأما ابن أبي بكر رضي الله عنه فمات قبل موت معاوية وأما ابن عمر رضي الله عنه فبايع ليزيد عقب موته أبيه، وأما الحسين رضي الله عنه فسار إلى الكوفة لاستدعائهم إياه ليبايعوه فكان ذلك سبب قتله وأما ابن الزبير فاعتصم بالمحرم وغلب على أمر مكة فكان يزيد بن معاوية يأمر أمراءه على المدينة أن يجهزوا إليه الجيوش.

ص: 79

يبعث البعوث إلى مكة، ثم اعلم أن عمرو بن سعيد هذا أقام على مكة مدة يجادل ويقاتل ويرمي على أهل مكة بالمجانق والنيران حتى احترقت وانهدمت أستار الكعبة حرسها الله وجدرانها ولكنه لم يقدر على قتل ابن الزبير إلى أن وصلت إليه بشارة نعي يزيد فانصرف عنها خائبًا خاسرًا، ثم ولى الخلافة بعده معاوية بن يزيد فجمع الناس وقال لهم اعلموا أن هذه الخلافة قد ارتكب فيها جدي ما لم يكن له أن يرتكب مع ما ناله من شرف الصحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد رأيتم من يزيد ما فعلها من سوء صنيعته بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإني لا آمن على نفسي أن أنال بها مكروهًا في ديني فخلع الخلافة عن نفسه، وقال لو من شئتم فتولى مروان فلم يتيسر له قتل ابن الزبير رضي الله عنه ثم لما وصلت النوبة إلى عبد الملك بن مروان وطلب الحجاج وجعله عاملاً قتل ابن الزبير رضي الله عنه في زمنه.

قوله [ايذن لي أيها الأمير] يعلم من ههنا أن الأمر بالمعروف مقيد بما لو رجئي الآمر لقبول ولم يخف على نفسه وإنه يجب أن يكون على حسب منزلة المقول له فإن أبا شريح مع كونه صحابيًا لم يقله لعمرو بن سعيد إلا بعد استئذانه منه.

قوله [سمعته أذناي] دفع بذلك ما يتوهم من أنه لعله سمعه بواسطة أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم [ووعاه قلبي] دفع بذلك شبهة النسيان والغلط وعدم فهم

ص: 80

معنى كلامه صلى الله عليه وسلم عن نفسه [وأبصرته عيناي] حين تكلم به أي كان بمرأى مني ومسمع فلا يتوهم أني ظننت غير النبي صلى الله عليه وسلم إياه ولا أنى لبعدي منه اشتبهت (1) في شيء من كلامه.

قوله [إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس] الجملة الثانية مؤكدة للأولى والغرض من قوله هذا أن تحريمها (2) لما كان منه سبحانه وتعالى كان قطعي العمل يخاف من هتك حرمتها ما يخاف من ارتكاب المنهيات الأخر وأما لو كان التحريم من الناس لم يكن في هتكها بأس فإنهم ناس ونحن أناس.

قوله [لا يحل لإمرئ يؤمن بالله] أشار بذلك إلى أن هتك حرمة البيت ليس من شأن المؤمن فإنه إذا كان مؤمنًا بالله وبشهوده بين يديه يوم القيامة كيف يتيسر له أن يهتك حرمة بيته وهذا الإقدام منه مشعر بقلة استيقانه وضعف إيمانه.

(1) يقال اشتبه في الأمر إذا شك فيه، واشتبه عليه الأمر إذا خفى عليه والتبس.

(2)

ويشكل عليه ما ورد عند التسخين وغيرهما من قوله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة، الحديث، ويجاب عنه بأن نسبة الحكم إلى إبراهيم عليه السلام على معنى التبليغ وأن إبراهيم حرم بأمر الله تعالى لا باجتهاده أو أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض إن إبراهيم سيحرمها أو المعنى أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها أو أول من أظهر بعد الطوفان، وقال القرطبي: معناه أن الله حرم مكة ابتداء من غير سبب ينسب لأحد ولا لأحد فيه مدخل قال ولأجل هذا أكد المعنى بقوله ولم يحرمها الناس، والمراد أن تحريمها ثابت بالشرع لا مدخل للعقل فيه أو المراد أنها من محرمات الله فيجب امتثال ذلك وليس من محرمات الناس يعني في الجاهلية كما حرموا أشياء من عند أنفسهم فلا يسوغ الاجتهاد في تركه، وقيل معناه أن حرمتها مستمرة من أول الخلق وليس مما اختصت به شريعة النبي صلى الله عليه وسلم كذا في الفتح.

ص: 81

قوله [أن يسفك بها] الأولى أن يكون الدم ههنا عامًا يشمل جميع ما له (1) روح وقيل بل المراد به دم الإنسان وسائر الحيوانات تبع له أو مقيس عليه قوله [ساعة من نهار] والمراد بها (2) مطلق الوقت لا الساعة العرفية وهي في يوم فتح مكة قوله [بالأمس] المراد بالأمس الزمان المتقدم مطلقًا ولا يبعد أن يراد به الأمس بالنسبة إلى ساعة التحليل.

قوله [أنا أعلم منك بذلك] إنما قال له أعلم نسبة إلى أبي شريح لأنه لم يستثن منه ما كان يجب استثناؤه، ولعله لم يستثن إما لعدم صدق الاستثناء ههنا لأن ابن الزبير لم يكن عاصيًا ولا فارًا بدم ولا خربة لأنه لم يخالف أمام حق وسيجيء بعض بيانه عند سرد (3) هذه الرواية أو لأن مذهبه كان مثل مذهبنا في أن من فر إليها بدم أو خربة (4) أو كان عاصيًا لا يجوز قتله هناك بل يضيق عليه حتى

(1) لا يقال يجوز فيها ذبح الحيوانات كالأنعام وقتل الفواسق من الغراب والحديا وغيرهما وإقامة الحدود والقصاص من القتل ونحوه فإن امتثال هذه الأمور مستنثاة بالبداهة والنصوص والمراد غير ما استثنى.

(2)

وقال الحافظ في الفتح: مقدارها ما بين طلوع الشمس وصلاة العصر.

(3)

يحتاج إلى تفتيش ولم أجده ولا يبعد أنه رحمه الله أراد الكلام عليه في موضع آخر فلم يتفق له.

(4)

قال أبو الطيب بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء بعدها موحدة وقد حكى فيها ضم الخاء قال عياض أراه وهما قال ابن العربي وفي بعض الروايات بكسر الخاء وزاي ساكنة بعدها مثناة تحتية أي ولا فارًا بشيء يخزي أن يستحيي منه وعلى الأول هي السرقة وقيل الخيانة وقيل الفساد في الدين، وقال الطيبي: أصلها سرقة الإبل ويطلق على كل خيانة وفي صحيح البخاري أنها البلية، وقال الخليل: هي الفساد في الدين من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض وقيل هي العيب، انتهى.

ص: 82

يخرج فينتقم لعموم قوله تعالى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا} ، ومذهب عمرو بن سعيد إما أن يكون مثل مذهب (1) الشافعي رحمه الله تعالى وظن ابن الزبير عاصيًا في نفس الأمر أو يكون هذا أيضًا من مفاسد طويته وخبث نيته، ومن ثم قيل لكلام عمرو بن سعيد الذي أجاب بها أبا شريح أنها كلمة حق أريد بها الباطل لأنه لا يصدق على ابن الزبير، ثم اتفقوا على إقامة الحدود والقصاص فيمن ارتكب الجناية ثمة إنما الخلاف بيننا وبين الشافعي رحمه الله فيمن جنى ثم دخل مكة وكذلك ما دخل في الحرم من صيد غير الحرم، فإن الشافعي رحمه الله يخرج جميع ذلك من الأمن ونحن على خلافه والاستثناء المتفق عليه بما ورد من العمومات في إقامة الحدود والقصاص، وبما ثبت من عمل الصحابة رضي الله عنهم، وسيجيء بعض بيانه حيث تيسر.

قوله [تابعوا إلخ] والمراد بقوله تابعوا بين الحج والعمرة الحث على موالاتهما والترغيب في الدوام على إتيانهما لا أن يقتصر على الفريضة فحسب ولا يرغب في النافلة قوله [وليس للحجة المبرورة] وهو (2) ما ليس فيه رفث ولا فسوق ولا

(1) قال العيني حكى القرطبي أن ابن الجوزي حكى الإجماع فيمن جنى في الحرم أنه يقاد منه وفيمن جنى خارجه ثم لجأ إليه عن أبي حنيفة وأحمد أنه لا يقام عليه، قال العيني: ومذهب مالك والشافعي يقام عليه ونقل ابن جزم عن جماعة من الصحابة المنع ثم قال: ولا مخالف لهم من الصحابة ثم نقل عن جماعة من التابعين موافقتهم، انتهى.

(2)

إشارة إلى أن قوله فلم يرفث إلخ في الحديث الثاني تفسير لقوله الحجة المبرورة والفسوق مطلق المعاصي والرفث ذكر الجماع بمحضر من النساء كذا أفاده في تقرير مولانا رضي الحسن المرحوم، قلت: هذا هو المشهور في تفسير الرفث وذكر أصحاب الفروع له تفسيران آخران ففي الهداية الرفث الجماع أو الكلام الفاحش أو ذكر الجماع بحضرة النساء، انتهى.

ص: 83

غيرهما من ترك الواجب أو ارتكاب المنهي عنه [ثواب إلا الجنة] ليس المراد بذكرها نفي ما سواها إنما ذكر أعظم أجزيتها ليدخل فيه ما دونها كنفي الفقر والذنوب إلى غير ذلك والصغائر مغتفرة لا محالة، ولا ضير (1) في العموم فإن الاستغفار والندامة لازمة.

قوله [من ملك زادًا وراحلة تبلغه (2) إلى بيت الله] زاد هذه الصفة (3) لئلا يتوهم وجوب الحجة على من ملك زادًا وراحلة دون ذلك وحيث أطلق ولم يوصف فالمراد به هو هذا والمراد بالزاد هو الذي يعتاده في الحضر فلا يجب عليه لو ملك أدون من ذلك، وكذلك المراد بالراحلة هي الراحلة في جميع السفر ذهابًا وإيابًا وترك ذكر المصير اتكالاً على الفهم.

قوله [فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا] لأنه لما فعل فعلهم فإن لم يعتقد وجوب الحج فهو ظاهر وإن اعتقد ولم يحج فقد تشبه بهم وكان مثلهم في كفران نعمة الإسلام أو صار كواحد منهم لأنهم لا يعتقدون الحج لأنهم إنما يعظمون بيت المقدس لا الكعبة [وذلك أن الله تعالى يقول في كتابه إلخ] استدل بالكتاب على كلا الأمرين (4) اللذين بينهما بقول من ملك زادًا إلخ.

(1) كما سيأتي البسط في ذلك في كتاب الأمثال في باب مثل الصلوات الخمس.

(2)

بالتشديد والتخفيف من التفعيل والأفعال.

(3)

يعني أن قوله تبلغه زيد لإخراج من ملك زادًا وراحلة قليلاً بحيث لا تبلغه إلى المقصود ثم اتفقت الأئمة الثلاثة على أن الاستطاعة في الآية مفسرة بالزاد والراحلة وملكهما شرط لوجوب الحج والحديث حجة لهم وخالف في ذلك المالكية إذ فسروا الاستطاعة بإمكان الوصول إمكانًا عاديًا كما جزم به الدردير وغيره حتى قالوا من كان عادته السفر ماشيًا يلزمه الحج وإن لم يجد راحلة.

(4)

المذكور في الحديث أمران وجوب الحج باستطاعة وهي ملك الزاد والراحلة والثاني كفر من لم يحج فنبه عليهما بجزأى الآية.

ص: 84