الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة]
أما أن يراد بالبيع مطلق الصفقة (1) فكان كقوله صلى الله عليه وسلم: حيث نهى عن صفقتين في صفقة وعلاقة المجاز ما في العقود من الهبة والإجارة والقسمة وغير ذلك من معنى البيع وهو مبادلة المال بالمال أو ما يقوم مقامه، وإن أريد حقيقة البيع فتخصيص البيع بالذكر مع أن النهي عام لكل عقد لما أن البيع أكثر العقود وقوعًا وأهم شأنًا من غيره، فهذا وجه اختيار هذا العنوان مع أنه لم يختص النهي بالبيع فقط، قوله [وقد فسر بعض أهل العلم، إلخ] أي بين بعض أنواعه وأقسامه وليس المراد الحصر فيه، قوله [فلا بأس إذا كان العقد على، إلخ] لما أن البيع إذًا لم يبق كما كان من قيل دائرًا بين البيعين، فكان الشافعي (2) بين بيان المثالين أن كونهما بيعين أعم من أن يكون على سبيل البدلية كما في الأول أو على سبيل الاجتماع كما في الثاني، قوله [وهذا تفارق عن بيع، إلخ] نبه الشافعي إن كان من مقالته والمصنف إن كان من مقالته بقوله ذلك على فساد آخر في هذا البيع مع كونهما بيعتين في بيعة وهو أنهما لما كانا معًا فلا يدري ثمن البيعين بانفراده عن الآخر، مثلاً إذا قال أبيعك داري هذه بألف على أن تبيعني غلامك بألف، وذلك لأنه يعطي داره بأقل من
(1) أكثر استعماله أيضًا في البيع، لكن الشيخ أراد به معناه اللغوي، وهو أن يضع أحدهما يده على يد الآخر كالمتبايعين والمراد مطلق العقد، وحاصل ما أفاده الشيخ أن النهي يعم كل عقد بيعًا كان أو غيره، فحديث الباب بلفظ البيع إما مجاز من إرادة العام بلفظ الخاص أو هذا الحديث يختص بالبيع اهتمامًا لشأنه، قلت: إن أهل اللغة وعامة الشراح فسروا حديث الصفقة أيضًا بالبيع فتأمل.
(2)
فيه أن المثال الأول ليس من الشافعي بل من بعض أهل العلم اللهم إلا أن يقال إن الأول أيضًا من أمثلته وإن لم ينسبه المصنف إليه، كما يدل عليه قوله ومن أمثلته بواو العطف.
ثمنها عنده لما يرى في العبد من ربح بثمنه الذي بين له صاحبه فيه فعلم بهذا أنه إنما يرضى بإعطاء داره بألف إذا وصل إليه الغلام بألف، وأما إذا لم يصل إليه الغلام بألف فإنه لا يرضى بإعطاء داره بألف فلا يدري ماذا قيمة الدار عنده وفي نفس الأمر مع أنهما قد جعلا فيهما قبول ما ليس بمبيع شرطًا في نفس العقد، فيفسد ولا يبعد مع أنهما قد جعلا فيهما قبول ما ليس بمبيع شرطًا في نفس العقد، فيفسد ولا يبعد أن يكون قوله هذا تفارق إشارة إلى الصورة الأولى وهي بيع الثوب نسيئة أو نقدًا وإن كان المشار إليه بعيدًا، قوله [لا تبع ما ليس عندك] يعني بيعًا فلا نقض ببيع الفضولي لأنه موقوف ووجه النهي كونه بيع غرر لأن المبيع غير مقدور التسليم وقت تمام العقد فلا يصح.
قوله [لا يحل سلف وبيع] فسره مجوزو (1) الشرط الواحد بحيث لا يكون هذا شرطًا في البيع، كما سيصرح به المؤلف والظاهر أنه نهى عن بيع وشرط والمراد لا يحل سلف وبيع بأن اشترى شيئًا بشرط أن يقرضه البائع كذا وعلى العكس فكان ذلك نهيًا عن بيع وشرط، كما أن في الجملة الثانية نهيًا عن بيع وشرطين، فإن قيل: لو كان كذلك لما احتيج إلى قوله ولا شرطان، إلخ، لما أنه علم بدلالة النص، قلنا إنما كرره لئلا يتوهم جوازه بالشرطين لأن بالشرطين تعادلا في الطرفين، وحاصله أنه كان لمتوهم أن يتوهم بذكر شرط واحد أن علة النهي ما لزم من الفضل لأحد المتعاقدين وهو صاحب الشرط، فأما إذا اشترطا شرطين فلعله يجوز لأنهما صارا سواء في الاستحقاق حيث عارض الشرط شرط الآخر فكرره النبي صلى الله عليه وسلم لدفع هذا التوهم، وإن كان الحكم ما يمكن استنباطه بدلالة
(1) وهو الإمام أحمد ومن معه، فإنهم أجازوا البيع بشرط واحد ومنعوا بشرطين للرواية الآتية ولا شرطان في بيع خلافًا للأئمة الثلاثة والجمهور فإنهم لم يجوزوا في البيع ولا شرطًا واحدًا، هذا هو المشهور بين أهل العلم إلا أن العلامة العيني بسط الكلام في الشروط، وحكى عن الإمام مالك وغيره إباحة بعض الشروط فأرجع إليه لو شئت التفصيل.
النص، ولأن لجملة الأولى إنما دلت على نهي البيع بشرط دلالة تضمنية (1) والتزامية فكرره ليدل عليه مطابقة.
قوله [قال إسحاق] وهو إسحاق بن إبراهيم (2) أستاذ إسحاق بن منصور وهذه مقولة إسحاق بن منصور يقول سألته عن أحمد فأجاب عنه بما مر ثم سألته عن إسحاق فأجاب عنه على ما أجاب أحمد، قوله [لا يكون عندي إلا في الطعام] اختلف المشايخ في تصرف المشتري في المبيع قبل القبض فعمم محمد حديث النهي في كل مبيع منقولاً كان أو غيره مطعومًا كان أو غيره، وقال الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف: يجوز تصرفه في المنقول (3) دون غيره، وقال إسحاق: في غير
(1) كذا في الأصل وكون الدلالة تضمنية مشكلة، اللهم إلا أن يقال إن المراد ضمنية باعتبار اللغة لا الاصطلاح.
(2)
المعروف بإسحاق بن راهويه المروزي وفي هامش التهذيب، قال أبو الفضل سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول قال لي عبد الله بن طاهر لم قيل لك ابن راهويه وما معنى هذا وهل تكره هذا قال: اعلم أيها الأمير إن أبي ولد في طريق مكة، فقالت المراهذة راهويه بأنه ولد في الطريق وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلست أكرهه.
(3)
هكذا في الأصل وفيه سهو من الناسخ والصواب يجوز تصرفه في غير المنقول دون المنقول، ففي الهداية من اشترى شيئًا مما ينقل ويحول لم يجز بيعه حتى يقبضه لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما لم يقبض، ولأن فيه غرر انفساخ العقد على اعتبار الهلاك، ويجوز بيع العقار قبل القبض، عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز رجوعًا إلى إطلاق الحديث واعتبارًا بالمنقول ولهما ان ركن البيع صدر من أهله في محله ولا غرر فيه لأن الهلاك في العقار نادر بخلاف المنقول والغرر المنهي عنه غرر انفساخ العقد والحديث معلول به عملاً بدلائل الجواز، انتهى، أي الحديث معلول بغرر انفساخ العقد والحديث معلول به عملاً بدلائل الجواز، انتهى، أي الحديث معلول بغرر انفساخ العقد فيكون مخصوصًا بالمنقول.
المكيل والموزون، وقال أحمد: في غير المطعوم، قوله [حديث مرسل] أي معضل، وقوله [هكذا] إشارة إلى الحديث الآتي، قوله [ورواية عبد الصمد أصح] هي التي ذكر فيها أيوب يوسف بن مالك بين ابن سيرين وحكيم بن حزام، قوله [نهى عن بيع الولاء وهبته] لأنه ليس بمال فكان كبيع الرجل أبوته وإخوته وما يحصل بسببه معدوم أيضًا يعني إن (1) كان المبيع ما استفاده المولى من المال فهو معدوم لا يصح بيعه أيضًا.
قوله [وهو وهم] حيث ذكر نافعًا (2) موضع عبد الله بن دينار، ومنشأ وهمه أن نافعًا كثيرًا ما يروى عنه عبيد الله بن عمر، قوله [نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة] إذا اتحد الجنس، وإن اختلفت الأجناس فلا كراهة (3)، وهكذا في الحديث الآتي بعد ذلك، وأما الجواب عن رواية بيع العبد بعبدين، فإنه لم يكن البيع ثمة نسيئة بل البيع إنما تحقق بعد مجيء مولاه، قوله [وبيعوا البر بالشعير كيف شئتم] هذه زيادة ليست في الحديث ولا يبعد كونه من الحديث بل الظاهر من قول الشافعي كونه منه وترك التصريح في بعض طرقه بكونه مرفوعًا لا يقتضي من قول الشافعي كونه منه وترك التصريح في بعض طرقه بكونه مرفوعًا لا يقتضي كونه أثرًا مع أنه لما كان غير مدرك بالقياس لزم القول برفعه، قوله [قال أبو قلابة بيعوا البر، إلخ] يحتمل أن يكون بإسناد متقدم أي من الأشعث عن عبادة أو غير ذلك.
(1) تفسير لقوله ما يحصل بسببه.
(2)
وسيأتي البسط في ذلك في العلل.
(3)
هذا هو مقتضى القواعد إذ علة الربا القدر والجنس منتفية إذ ذاك ويؤيده ما حكى ابن رشد من مذهب الإمام، لكن عامة نقلة المذاهب عموا الكراهة وفرقوا بين مذهب المالكية والحنفية، بأن الأولين منعوا باتحاد الجنس والآخرين مطلقًا كما في العيني وغيره، اللهم إلا أن يقال أن كلام الشيخ مبني على تعيين الحيوانين، ومبني كلامهم على عدم التعيين لكثرة التفاوت بين أفراد الحيوان، كما بسطوه في السلم.