الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لما في أخر الحديث من إيتاء هذه الصدقة لزوجها حين سألت امرأة عبد الله بن مسعود عن ذلك فكان دليلاً على كونه هذه الصدقة نافلة ووجه (1) ما قلنا من وجوب الزكاة في الحلي ما سيجيء من حديث الأسورة وما فيه من الضعف منجبر بتعدد (2) الطرق.
[قوله وليس في الخضروات صدقة] وهذا عند الإمام مؤول بأن الخطاب فيه ليس للمالك وإنما ذلك حكم لعمال الصدقة إذ الواجب في الخضروات لا يأخذه السلطان وإنما يدفعه إلى الفقير بنفسه [قوله أو كان عثريًا] هذا بالثاء المثلثة من فوق، واختلفوا في معناها والصواب أن العثري ما على طرف النهر أو العين أو البحر إلى غير ذلك فيجذب الماء بعروقها ولا يحتاج في إيصال الماء إليه إلى سقي وجهد.
[باب في زكاة مال اليتيم]
.
[قوله حتى تأكله الصدقة] تأويله (3) عندنا الإنفاق على نفس اليتيم، فإنه
(1) لا زكاة في الحلي عند الشافعي في أظهر قوليه ومالك وأحمد، وأوجبها الحنفية وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين والثوري وابن حزم من الظاهرية كذا في الأوجز.
(2)
قال ابن القطان: إسناده صحيح، وقال ابن الهمام: تضعيف الترمذي مأول وإلا فخطأ، وقال المنذري: لعل الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيه كذا في الأوجز وبسطت فيها طرق روايات الباب.
(3)
مذهب الأئمة الثلاثة وجوب الزكاة في مال اليتيم كما حكاه الترمذي، ولم يذهب إليه الحنفية والثوري وابن المبارك وأبو وائل وسعيد بن جبير والحسن البصري، وحكى عنه إجماع الصحابة على ذلك، قال ابن رشد: وسبب الاختلاف اختلافهم في مفهوم الزكاة الشرعية هل هي عبادة كالصلاة والصيام أو حق واجب للفقراء على الأغنياء فمن قال بالأول اشترط فيها البلوغ، ومن قال بالثاني لم يعتبره، انتهى، وحكى السرخسي في المسألة قولاً ثالثًا أن يحصي الولي أعوام اليتيم فإذا بلغ أخبره كذا في الأوجز، فحديث الباب حجة للأولين وأوله الآخرون بما أفاده الشيخ ودلائلهم في المطولات كالأوجز.
قد يسمى صدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث تصدق على نفسك، ومن روى ههنا لفظ الزكاة بدل لفظ الصدقة بالزكاة علمًا منه أنهما واحد فكان ذلك رواية بالمعنى عنده مع أن ظاهر «تأكله الصدقة» إحاطة الصدقة كل ماله وذلك لا يكون في الزكاة، فإنها لا تجب بعود المال إلى أقل من النصاب وإن لم يكن نصابًا من أول الأمر لم تأكله الصدقة رأسًا، وأما إذا أريد بها النفقة سواء كانت نفقة نفسه أو أحد ممن يجب عليه نفقته كان ظاهرًا في معناه.
[قوله والمعدن جبار] ومعنى كونه جبارًا أن رجلاً إذا استأجر رجلاً ليحفر له المعدن فسقط عليه المعدن في حفره لا شيء على المستأجر وكذلك إذا حفر رجل معدنًا فأخذ ما أخذ وعاد ولم يسو الحفرة بالتراب وغيره فسقط فيه شيء لا شيء في ذلك على الحافر، وهذا معنى قوله والبير جبار، وهذا كله إذا لم يكونا في ملك أحد أو كانا بإجازة المالك وإلا فلابد من الدية وإهدار جرح العجماء مقيد بما إذا لم يكن معه أحد وإن كان أضيف إليه ووجب الدية.
[وفي الركاز الخمس] الفرق بين الكنز والركاز أن الأول من المخلوق، والثاني من الخالق والمعدن ما يخرج منه الركاز، ثم اعلم أن الركاز للواجد أينما وجد لكنه يخمس، وأما الكنز ففيه تفصيل إن كان في أرض غير مملوكة لأحد فالحكم فيه مثل ما مر، وإن كان في المملوكة لنفسه فلا شيء فيه عند الإمام في رواية وعند صاحبيه يخمس، أو المملوكة للغير فقال أبو يوسف إلخ، والتفصيل (1) في
(1) ونصه إن وجد ركازًا أي كنزًا وجب فيه الخمس عندهم واسم الركاز يطلق على الكنز لمعنى الركز وهو الإثبات، ثم إن كان على ضرب أهل الإسلام كالمكتوب عليه كلمة الشهادة فهو بمنزلة اللقطة، وقد عرف حكمها في موضعها وإن كان على ضرب أهل الجاهلية كالمنقوش عليه الصنم ففيه الخمس على كل حال، ثم إن وجده في أرض مباحة فأربعة أخماسه للواجد، لأنه تم الإحراز منه إذ لا علم به للغائمين فيختص هو به وإن وجده في أرض مملوكة فكذا الحكم عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد هو للمختلط له وهو الذي ملكه الإمام هذه البقعة أول الفتح، انتهى، وعلم منه أن الاختلاف فيه للطرفين مع أبي يوسف رحمه الله لا للإمام مع صاحبيه فتأمل.