الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في الخيار]
قوله [فاخترناه أفكان طلاقًا] ردت بقولها على بعض من يجيء مذهبه من أن الطلاق واقع على تقدير اختيار الزوج أيضًا، قوله [فروى عن عمر وعبد الله، إلخ] القول الأول من قولهما يوافق الذي ذهبنا إليه ووجه ذلك أنها لما اختارت نفسها فكأنها استبدت بها، وليس ذلك إلا في البائن دون الرجعى.
[باب في المطلقة (1) ثلاثًا لا سكنى لها ولا نفقة] قوله [قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنة نبينا، إلخ] هذا يدل على أن عمر سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئًا، وإن لم يذكره ههنا فكان كتاب الله (2) مستدلاً في باب السكنى وسنة نبيه في إثبات (3) النفقة أو يكون الحكمان معًا ثابتين بالنصين عنده، فكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة لما أن رواية عمر التي سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وآية الكتاب قطعيتان فلا يترك العمل بهما بخبر الواحد، وبهذا يعلم أن مذهب عمر هو
(1) اختلف فيه الأئمة، فقال بعضهم: لا نفقة لها ولا سكنى، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور وداود وأتباعهم، وقال بعضهم: لا نفقة لها ولها السكنى، وهو قول الشافعي والجمهور، وذهب عمر بن الخطاب وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والثوري وأهل الكوفة من الحنفية وغيرهم إلى وجوب النفقة والسكنى، هكذا في البذل، وقريب منه ما حكاه المصنف.
(2)
وهو قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} الآية، وقوله تعالى:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية.
(3)
قال أبو الطيب: لا ريب في أن قول الصحابي من السنة كذا رفع فكيف إذا كان قائله عمر، وفيما رواه الطحاوي والدارقطني زيادة قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: للمطلقة ثلاثًا النفقة والسكى، فإن تعارض روايتهما روايته فأي الروايتين يجب تقديمها، انتهى.
الذي ذهبنا إليه من ترك العمل بخبر الواحد إذا لم يمكن جمعه بكتاب الله تعالى بأحد الوجوه التي يجتمع بها، وقد ارتكب مثل ذلك الشافعي أيضًا في باب السكنى لما رأى من مخالفته بالكتاب، وأما فاطمة فلم يترك العمل بما سمعته من في النبي صلى الله عليه وسلم لكونه قطعيًا في حقها وكان الحديث ناسخًا لحكم الآية في حقها ثم الاعتذار من الأحناف في حديث فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نفي الزيادة على أقفزة شعير وأقفزة بر أعطاها زوجها لكنها فهمت نفي النفقة رأسًا فعلمت وعملت وأفتت بحسبه وتأيد فهمها ذلك بقياس، كما هو مصرح في سنن أبي داود حيث عللت (1) وجوب النفقة بإمكان المراجعة فهي لما كانت مطلقة ثالثة الثلاث، كما هو مصرح في الروايات فظنت أنه لما لم يبق له حق في الرجوع لم يبق لها حق عليه إذ الغرم بالغنم، قوله [ولا طلاق له فيما لا يملك] أوردوه على مذهبنا وليس بوارد، فإن الجزئي الذي تكلموا فيه قوله إن نكحتك فأنت طالق وليس (2) فيه إيقاع الطلاق فيما لا يملك إنما هو يوقع الطلاق حين يملك لا قبل ملكه فلا يخالف الحديث مذهبنا شروي (3) نقير حتى يفتقر إلى تفتيش وتنقير.
(1) ولفظ أبي داود مختصر وهو في إنكار مروان عليها، فقالت فاطمة: حين بلغها ذلك بيني وبينكم تاب الله قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} حتى، {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} قالت فأي أمر يحدث بعد الثلاث وأصرح منه ما في جمع الفوائد حيث ذكر اختلاف روايتها وفيه فقالت فاطمة: حين بلغها قول مروان فبيني وبينكم، القرآن لا تخرجوهن من بيوتهن الآية، هذا لمن كان له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقه لها إذا لم تكن عاملاً فعلى ما تحبسونها، انتهى.
(2)
وبذلك أجاب ابن الهمام وغيره من مشايخ الفقه بالبسط ولا خفاء في أن التعليق غير التطليق.
(3)
قال المجد شروى كجدوى المثل والنقير النكتة في ظهر النواة.
قوله [في المنسوبة] يصح بالسين وبالصاد (1) لأن مآل المعنيين واحد، قوله [إنها تطلق] لعل ابن مسعود لو سئل عن غير المنسوبة لأجاب أيضًا على وفق مذهبنا، وكذلك ما ذكر بعد ذلك من المذاهب لا يخالف شيء منها مذهبنا والفرق تحكم.
قوله [إذا وقت (2) نزل] أي إذا لم يبين وقتًالا يقع الطلاق، وأما إذا قال لو نكحت في وقت كذا فهي طالق ينزل الطلاق بل نقول لا تعرض فيه عن غير الوقت فلا يخالف هذا المذهب مذهبنا شيئًا، وكذلك قوله: إذا سمى امرأة أو بلدًا إلى غير ذلك، وقد عرفت أن الفرق تحكم غير مبني على دليل [والعمل على هذا إسحاق في غير المنسوبة] أي لم يقل بوقوع الطلاق عليها، قوله [والعمل على هذا عند أهل العلم، إلخ] أي في العدة (3) لا في الطلاق لأنهم اختلفوا فيه، قوله
(1) قال أبو الطيب: المنصوبة المعينة من نصب إذا رفع لأن المعينة رفعت بالتعيين من حضيض الإبهام، وبالسين أي التي نسبت إلى قبيلة أو موضع وهو أظهر.
(2)
بالتشديد أي إذا عين المرأة يقع الطلاق، وهو المشهور عن مالك، وقال أحمد والشافعي ومالك في رواية ابن وهب: لا يقع، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يقع مطلقًا لأن التعليق بالشرط يمين فلا يتوقف صحته على وجود ملك المحل كاليمين بالله تعالى، قاله أبو الطيب.
(3)
هذا غاية التوجيه من الشيخ لكلام المصنف وإلا فظاهره وهم لأنه بوب أن طلاق الأمة تطليقتان، ثم ذكر حديث الطلاق والعدة معًا فكان الوجه لمناسبة الباب بيان مذاهب الطلاق، قال المظهر بهذا الحديث: قال أبو حنيفة: إن الطلاق يتعلق بالمرأة، فإن كانت أمة يكون طلاقها اثنين سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وكذلك إن كانت المرأة حرة يكون طلاقها ثلاثًا، وقال مالك والشافعي وأحمد: الطلاق يتعلق بالرجل فطلاق العبد اثنان وطلاق الحر ثلاث، قاله أبو الطيب.