الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يتوقف فعله على شيء من العلل والأسباب، قوله [ولم يقل لا يفعل، إلخ] يعني إنه لو قال ذلك لكان نفيًا ونسخًا، وإنما قال لم يفعل بالاستفهام فكأنه لم يرض به ورآه غير مفيد وترك الأولى.
[باب القسمة للبكر والثيب]
قوله [ثم قسم بينهما بالعدل] الرواية غير صريحة في إخراج هذه الأيام من القسم فلابد له من دليل يعني أن هذا الذي ذهبوا إليه ليس لهم حجة عليه فالصحيح أن تعتبر هذه المدة في القسم.
[باب في الزوجين المشركين يسلم أحدهما]
هذا يشمل ما إذا بقى بعد الإسلام في دار الكفر ولم ينتقل إلى دار الإسلام وما إذا هاجر أحد الزوجين بعد الإسلام فعندنا لا يفرق بينهما من غير تبائن الدارين وهو الثابت بالحديث، وأما إذا سلم وبقى هناك فلا يقع التفريق بنفس الإسلام ما لم يصدر أمر ينسب (1) إليه التفريق كالآباء فإن الإسلام جامع لا مفرق ثم اعلم أن أبا العاص سبى يوم بدر فلما تقرر الأمر على أخذ الفدية من الإسراء وتركهم بعد ذلك بعث كل قريب فدية لصاحبه من مكة وبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدية زوجها وفيها قلادة لها كانت في جهازها، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم تذكر خديجة وما صنعت بالنبي صلى الله عليه وسلم فأراد أن يترك أبا العاص ويرد فديته إن ترضي الناس بذلك فترضوا فترك أبا العاص وعاهد عليه أن يرسل إليه ابنته فعهد فأرسل صلى الله عليه وسلم إليه زيد بن حارثة ورجلاً،
(1) قال ابن عباس: إذا أسلمت النصرانية قبل زوجها بساعة حرمت عليه، وبذلك قال عطاء والثوري وفقهاء الكوفة: ووافقهم أبو ثور، واختاره ابن المنذر وإليه جنح البخاري وشرط أهل الكوفة ومن وافقهم أن يعرض على زوجها الإسلام، فيمتنع إن كانا معًا في دار الإسلام وقال مجاهد إذا أسلم العدة يتزوجها وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد قاله الحافظ، قلت أي بدون تجديد العقد في العدة كما صرحوا به.
وكان زيد بن حارثة عما لها رضاعيًا وقيل أخًا للرضاع فأرسلها أبو العاص معهما فقيض أبو العاص أخاه كنانة ليوصلها إليهما فلم علم بذلك عكرمة (1) إلى فطعن في بطنها بسنان فسقطت عن الهودج فأسقطت وله الصدمة الضرب، ولذلك أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة والطعن إنما كان بعودها لا بحنيدتها فلم يكن هناك جرح ويقال إنه أفزعها وراعها بإشارة السنان فسقطت، فلما سمع بذلك عكرمة فركب سفينة، فلما أدركها الغرق قال السفان (2) أدعوا الله ولا تدعوا غيره من الآلهة فوقع في قلب عكرمة أن الآلهة التي لا تغني عنا في البحر لا تغني أيضًا في البر فالله الذي هو كاشف ضر البحر هو الإله الحق في الملك كله فآمن فعفا عنه صلى الله عليه وسلم وما ذكرنا من القصة (3) هي المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات حيث ذكر أبا العاص فقال وعد فوفى.
قوله [وهي (4) في العدة] هذا متفق عليه أن الزوج أحق بها ما دامت
(1) ولكن صاحب روضة الصفا ذكر ههنا هبارًا، قلت هكذا في هامش الأصل وهو الصواب فههنا قصتان اختلطتا في الأصل فقصة طعن زينب على ما ذكر أهل التاريخ لهبار وقصة السفينة وغيرها مما سبق لعكرمة كما بسطهما صاحب الخميس وغيره، وكان كلاهما ممن أهدر دمهم في فتح مكة.
(2)
قال المجد: سفنه بسفنه قشره ومنه السفينة لقشرها وجه الماء وصانعها سفان، انتهى.
(3)
يعني وعد أبي العاص بإرسال زينب وإيفائه إياه.
(4)
ثم قول الترمذي هذا بلفظ والعمل على هذا الحديث، إلخ، وذكر فيهم الشافعي وأحمد مشكل فإنهم لم يقولوا بهذا الحديث بل بالآتي وأول كلامه أبو الطيب، فقال: والعمل على هذا أي من حيث إن هذا الحديث يقتضي أن الرد بعد العدة يحتاج إلى نكاح جديد فالرد بلا نكاح لا يكون إلا قبل العدة، انتهى.
في العدة، وإنما الاختلاف في ابتداء العدة من أي حين هو فقلنا من وقت الانتقال إلى دار الإسلام أو الإنكار بعد العرض، وقالت الشافعية بل بعد الإسلام فحسب ولا يفتقر إلى شيء غير ذلك.
قوله [بالنكاح (1) الأول] أي بسببه وبحرمته لما رأى من حسن معاملة أبي العاص معها ولم يحدث نكاحًا مع غيره في انتظاره ولعله علم إسلامه قبل إسلامه بالوحي أو بقراين فانتظر ست سنين ولم يحدث نكاحًا لها بغيره فاجتمعت الرواية بالرواية السابقة وهذا وإن كان لا يتبادر إلى الذهن إلا أنه يحتمله العبارة من غير شك فوجب حملها عليه فرارًا عن إلغاء الحديث، واتهام الرواة ليس بأسهل من توجيه العبارة، قوله [وجه الحديث] وقد عرفته (2).
(1) هذا مختار الشافعية ومن وافقهم وأجابوا عن الإشكال الوارد عليه من أن بقاء العدة بهذه المدة مشكل بما قاله الخطابي بأن الحيض قد يبطؤ عن ذوات الإقراء لعارض، أصل هذا أجاب البيهقي، قال الحافظ وهذا أولى ما يعتمد في ذلك ومختار الحنفية الحديث السابق بنكاح جديد وأولوا هذه الرواية بما أفاده الشيخ، قال الحافظ وجنح ابن عبد البر إلى ترجيح ما دل عليه حديث عمرو بن شعيب وأن حديث ابن عباس لا يخالفه قال والجمع بين الحديثين أولى من إلغاء أحدهما فحمل قوله بالنكاح الأول أي بشروطه قال وحديث عمرو بن شعيب تعضده الأصول، وقد صرح فيه بوقوع عقد جديد ومهر جديد والأخذ بالصريح أولى من الأخذ بالمحتمل ويؤيده مذهب ابن عباس المحكي عنه أول الباب وضعف حديث ابن عباس هذا وقال في حديث عمرو بن شعيب زيادة ليست في حديث ابن عباس والمثبت مقدم، انتهى.
(2)
قال الحافظ: أشار الترمذي بذلك إلى أن ردها إليه بعد ست سنين أو بعد سنتين أو ثلاث مشكل لاستبعاد أن تبقى في العدة هذه المدة ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه حتى انقضت عدتها ومن نقل في ذلك الإجماع ابن عبد البر وإن تعقب ببعض الخلاف.