الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا بأس حفظًا لعرضه.
[باب في كراهة المقام بين أظهر المشركين]
قوله [فأمر لهم بنصف العقل] ووجه التنصيف إضافة موتهم إلى سببين أحدهما هدر دون الآخر وهو مقامهم بين المشركين، وقتل المسلمين إياهم ويتفرع عليه مسألة مصادمة (1) الفارسين حتى مات أحدهما.
قوله [أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين] لفظ الأظهر مقحم ووجه البراءة ما وجد فيه من عدم التنفر عن المشركين حتى لم يفارقهم ثم الهجرة من دار الكفر ليست على سنن واحد، أما هجرة أهل مكة قبل فتحها فكانت جزو الإسلام حتى لم يكن يعد من لم يهاجر مؤمنًا ولو أيقن بالرسالة وصدقه إلا من لم يقدر على الخروج فإنهم يعذرون، وأما الهجرة من غيرها من ديار الكفرة فإنما تأكدها على حسب ما يعن له من موانع عن أداء شعائر دينه فإن كان لا يستطيع أداء فرائضه افترضت الهجرة وإن منع عن الواجب وجبت أو عن السنن سنت، وأما ترك الملوك الحدود والقصاص فليست علينا حتى تؤاخذ بتركه أو يجب علينا الهجرة بتركهم إياه، غاية الأمر أنهم يأثمون بتركه إن كانوا مسلمين.
قوله [ولم قال لا ترا آي ناراهما] فيه شيء من الاختصار ومعنى هذا أن الذي أمروا به مهاجرتهم عن المشركين وترك مقاربتهم، وكان ترك ذلك الواجب سببًا لبرائته صلى الله عليه وسلم لا محالة.
[باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم]
اعلم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وعلى أصحابه وسلم كان يحب أن يرحل إلى ربه تبارك وتعالى وليس له من أمتعة الدنيا شيء كثير ولا قليل لما علم من سخطه تعالى إياها، ولما فيه من التلوث الذي
(1) وتمامه في الفروع كالدر المختار وغيره فإن لمصادمة الفارسين عدة صور تجب في بعضها نصف الدية فارجع إلى الفروع لو شئت التفصيل في ذلك.
لم تدرك حقيقته ولذلك ترى أحاديثه صلى الله عليه وسلم مشحونة بما يعلم به غاية تباعده منه ونهاية تسارعه إلى تصدق ما بقى من أقوات أهله، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث (1) ما تركنا صدقة، إزالة لما يبقى في ملكه عن ملكه حين الموت طلبًا
(1) قال ابن عبد البر عن جمع من أهل البصرة منهم ابن علية أن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل القاضي عياض عن الحسن البصري إنه عام في جميع الأنبياء، وقد ورد في الأحاديث ما يشهد لذلك، فأخرج الطبراني والنسائي في السنن الكبرى بإسناد على شرط مسلم مرفوعًا أنا معاشر الأنبياء لا نورث، وفي الباب أخبار آخر مبسوطة في كتب التخريج، هكذا في التعليق الممجد، واختلفت نقلة المذاهب في بيان مذهب ابن علية والحسن البصري، وأيًا ما كان فللعلماء فيها قولان. والجمهور على العموم ثم قال القارئ في شرح الشمائل، وقيل الحكمة في عدم الإرث بالنسبة إلى الأنبياء أن لا يتمنى بعض الورثة موته فيهلك أو لا يظن بهم أنهم راغبون في الدنيا ويجمعون المال الورثة أو لئلا يرغب الناس في الدنيا وجمعها بناء على ظنهم أن الأنبياء كانوا كذلك أو لئلا يتوهموا أن فقر الأنبياء لم يكن اختياريًا، وأما ما قيل من إنه لا ملك لهم فضعيف، وهو بإشارات القوم أشبه ولذا قيل الصوفي لا يملك ولا يملك انتهى، ثم قال العيني ما تركنا في محل الرفع على الابتداء وصدقة بالرفع خبره، وقد صحف بعض الشيعة هذا وقال ما تركنا صدقة بالنصب على الحال، ويكون المعنى ما نترك صدقة لا يورث، وهذا مخالف لما وقع في سائر الروايات وإنما اقتحموه لما يلزم على رواية الجمهور من فساد مذهبهم لأنهم يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم يورث كما يورث غيره انتهى مختصرًا، قلت: ولم يعلم الجهلة أنه لا يبقى على تصحيفهم للحديث فائدة فإن كل من يترك صدقة لا يورث فأي تخصيص وقيل لأنهم كالآباء فما لهم لكل أولادهم. لمعاشر الأنبياء على أنه يأبى تصحيفهم ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم ما تركنا فهو صدقة فهذا يبطل الحالية.