الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله [فهو بالخيار ثلاثة أيام (1)] لأن تحقيق الواقعة في هذه المدة أتم وأبعد من شبهته الاتفاق أي من أن يكون القلة في اللبن اتفاقًا فإذا حلبها ثلاثة أيام صار على اليقين من حالها.
[باب ما جاء في اشتراط ظهر الدابة عند البيع]
استدل بذلك من جوز (2) في البيع شرطًا واحدًا، ولما كان النهي عن بيع وشرط مصرحًا به في الروايات وجب الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم وفعله، فالجواب أنه لم يكن بيعًا حقيقة بل كان تلطفًا من النبي صلى الله عليه وسلم في إعطاء مال له وكان في ذلك ما ليس في الاعطاء بصورة الاعطاء المحض الخالي عن الحيلة، ولو سلم أن المبيع كان على حقيقة فالركوب منه رضي الله تعالى عنه والاركاب منه صلى الله عليه وسلم لم يكن شرطًا دخل في صلب العقد، وإنما كان عدة ومنة، كما دل عليه قوله (3) وافقرني ظهره وهو الإعارة، فذكره الرواة بلفظ الشرط لشبه له صورة بالاشتراط ولكون ذلك العدة أغنت غناء الشرط.
قوله [باب الانتفاع بالرهن] استدل بحديث الباب مجوز الانتفاع (4)
(1) قال الحافظ: وابتداء هذه المدة من وقت بيان التصرية، وهو قول الحنابلة، وعند الشافعية أنها من حين العقد، وقيل: من التفرق ويلزم عليه أن يكون الغرر من الثلاث.
(2)
وتقدم قريبًا في حاشية قوله لا يحل سلف وبيع وههنا لطيفة مشهورة في سؤال رجل عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة عن بيع وشرط، فكل أجاب بجواب مختلف واستند بحديث يؤيده مذكورة في البذل وغيره.
(3)
وبهذا أجاب الخطابي وغيره.
(4)
وهو أحمد وإسحاق كما ذكره المصنف، وقالت الأئمة الثلاثة: لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء بل الفوائد للراهن والمؤن عليه قال ابن عبد البر هذا الحديث عند جمهور الفقهاء ترده أصول مجمع عليها وآثار ثابتة لا يختلف في صحتها ويدل على نسخه حديث البخاري لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه هكذا في البذل.
للمرتهن بالرهن وليس بشيء فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يركب ولبن الدر يشرب بلفظ المجهول يحتمل أن يكون إشارة إلى الراهن أو إلى المرتهن والمعنى إذا أريد الأول أنه خطاب للراهن بأنك تحتمل الكلف في العلف له والمرتهن ممنوع عن التصرف فيه بحكم الرهن فليس له أن ينتفع فهلا تعيره حتى ينفق عليه وينتفع به فتسلم، وإطلاق المرهون عليه حينئذ مجاز باعتبار ما كان لأنه لم يبق حينئذ رهنًا بل صار عارية إلا أن العارية تغني غناء الرهن لأن المديون ليسعى لأجل دابته في افتكاك رهنه والدائن على ثقة من وصول دينه حيث لا يمكن للمديون أن ينكر دينه فيتوى حقه والاستيثاق هو المقصود بالرهن، وإن كان الأمر إشارة إلى المرتهن فهذا تعبير منه صلى الله عليه وسلم له وتعليم له لمكارم الأخلاق بأنك تحبسه عن الراهن، وحق لك أن تحبس فهلا أذنته إذا احتاج إلى ركوبه فإنه ينفق عليه فكان حقه أن ينتفع به فلم يك رهنًا حين ركوبه ولا ضير فيه لحصول المدعي وهو الاستيثاق لأنه يعيدها إليه وإنما يعود إلى الرهن حين يعيدها المالك إليه، ويمكن في توجيهه أن يقال أيضًا: إن النبي صلى الله عليه وسلم حث الراهن والمرتهن كليهما على أمر هو أنفع لهما وليس الخطاب خاصًا بأحدهما، والمعنى أنه لا يحرم الانتفاع بالرهن للمرتهن مطلقًا بل الحرمة مقيدة بما إذا لم (1) يأذنه الراهن، فإذا أذنه فلا يحرم إذًا ثم لما علم الراهن
(1) كما عليه عامة الفروع، ففي الهداية: وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن لا باستخدام ولا سكنى ولا لبس إلا أن يأذن له المالك وفي الدر المختار (لا يجوز) الانتفاع به مطلقًا لا باستخدام ولا سكنى سواء كان من مرتهن أو راهن إلا بإذن كل للآخر، وقيل لا يحل للمرتهن لأنه ربا، وقيل إن شرطه كان ربا وإلا لا، قال ابن عابدين بعد حكايته عن عبد الله بن محمد من كبار علماء سمر قند أنه لا يحل له الانتفاع، وإن أذن له الراهن لأنه إذن في الرباء، قال ابن عابدين هذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالأذن إلا أن يحمل على الديانة وما في المعتبرات على الحكم، ثم رأيت في جواهر الفتاوى إذا كان مشروطًا صار ربا وإلا فلا بأس به، انتهى.