الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالظاهر إنكار السماع وهو الأصح عندنا والكلام في ذلك طويل ليس هذا موضعه فليطلب، قوله [ونحن بالأثر (1)] يريد به تذكر موته.
[باب في زيارة القبور]
[لعن زوارات القبور] ولكنه عندنا كان قبل الرخصة في الزيارة، فلما رخص (2) الرجال ترخصت النساء، وأورد عليه أن هذا خبر منه صلى الله عليه وسلم بأنه تعالى يلعن فكيف يتطرق إليه النسخ والجواب أنه يلعن لارتكابهن المحرم عليهن، فلما ارتفعت الحرمة ارتفع اللعن لارتفاع موجبه فلا ضير حينئذ في النسخ إذ لا يلزم الكذب في الأخبار، ولما كان ارتفاع الحكم بارتفاع علته قلنا يمنع النساء إذا خيف عليهن الفتنة، كما هو مشاهد في ديارنا وزماننا، [وقال بعضهم: إنما كره إلخ] ومقتضى قولهم دوام الكراهة وبقائها، قوله [ثم قالت والله لو حضرتك. إلخ] إشارة منها بالرد على من حمل جنازته من مماته إلى مكة فإن في بعد المولد من المدفن أجرًا، كما ورد في الخبر [وقولها لو شهدتك] اخترع بذلك بعضهم مذهبًا ثالثًا وهو أنه يجوز لها الزيارة إذا لم تكن شهدت وفاته وكانت محرمة للميت وأجازوا لها مرة لا غير، وهذا القول الثالث لا يساعده نقل فإن قولها هذا لم يكن إلا لأن فرط الاشتياق لم يتركني أن لا أزورك ولو كنت زرت في حياتك لم يغلبني الاشتياق غلبته الآن، وإن كان الزيارة جائزة حينئذ أيضًا، ثم اشتراطهم بكونها محرمة للميت باطل فإن عائشة لو كانت محرمة لعبد الرحمن لم تكن محرمة لأهل القبور التي عند قبره مع أن ذهابها في البقيع ثابت لا ينكر وما يقال من أن القصد والتبع يتغايران أيضًا، فزيارة عائشة لمن هناك
(1) بفتحتين وقيل بكسر فسكون، يعني التابعون لكم من ورائكم اللاحقون.
(2)
أجمعوا على أن زيارتها سنة للرجال، وأما النساء ففيه خلاف قاله أبو الطيب، قلت وفي الرجال أيضًا بعض الخلاف حكى في الأوجز كرهها بعض السلف ومقابله قول ابن حزم إنها واجبة ولو مرة واحدة في العمر.
ممن ليس بمحرم لها كانت تبعًا والكلام إنما هو في زيارة النساء قصدًا فلا يخفى بعده لأن الأحكام معللة والعلة لا تفرق بينهما، وكذلك الإجازة للزيارة فإنه لما جازت مرة جازت مرات، لأن المدار هو الفتنة فإن وجدت الفتنة في مرة كانت الزيارة حرامًا، وإلا فلا ضير في الزيارة واستعمال صيغة المبالغة في زوارات القبور ليس تنصيصًا على كونه مبالغة كم، بل الذي هو مبالغة حقيقة هو المبالغة في الكيف، فاللعن ليس إلا لمن تزور بفرط الاشتياق والمحبة للزيارة ومن لا فلا.
[باب الدفن (1) بالليل] قوله [فأسرج (2) له سراج] هذا تنبيه على أن النهي عن أخذ النار مع الميت هو النهي عن تشبه الجاهلية والكفار ولا منع عما فيه ضرورة وكان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أيضًا عن الدفن بالليل لمصالح لا تعم فهذا بيان أن النهي معلل، قوله [إن كنت لأواها، إلخ] هذا رد منه للناس أن يظنوا بالمسلمين إلا خيرًا بل الذي ينبغي لهم أن يحملوا أفعال المسلمين على الخير، فعلهم كانوا يظنون الميت مرائيًا في تأوهه وتلاوته.
(1) قال القاري: لا خلاف في ذلك إلا ما شذ به الحسن البصري وتبعه بعض الشافعية، وقال العيني: ذهب الحسن وأحمد في رواية إلى كراهة الدفن بالليل، وقال ابن حزم: لا يجوز الدفن ليلاً، إلا عن ضرورة، وذهب الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في الأصح، إلى الجواز، كذا في الأوجز.
(2)
قال أبو الطيب: ببناء المجهول والهاء للميت أو للنبي صلى الله عليه وسلم وبسراج نائب الفاعل والباء زائدة، انتهى، قلت: هذا على نسخته، وأما في نسختنا فبدون زيادة الباء في أوله.