الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ سَاغِبًا، أَوْ جَائِعًا» ، فرد على الثوب، وأمر لى بنصف وسق، أو وسق (1) .
وهذا أيضًا إسنادٌ حسن، رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث شعبة، والنسائى من حديث سفيان بن حسين كلاهما: عن أبى بشر: جعفر بن إياس به، وقد تقدمت هذه الترجمة قبل عبادة (2) .
(1) من حديث عباد بن شرحبيل فى المسند: 4/166.
(2)
يرجع إلى تخريج الخبر عندهم ص 507 من هذا الجزء.
929- (العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه
-) (1) .
هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف [بن قصى](2) ابن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤَىّ بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان: أبو الفضل القرشى الهاشمى، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصِنْوُ أبيه أىْ شقيقه (3) ، وكان أصغر ولد أبيه، وأسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وأمه نُتَيْلَةُ بنت جَنَاب بن كليب بن النمر بن قاسطٍ، وكانت أول عربية كست الكعبة الحرير، والديباج، لأنه كان قد ضاع العباس وهو صغير، فنذرت إن وجدته لتكسُوَنَّ الكعبة حريرًا، فلما وجدته فعلت ذلك.
وكانت إلى العباس السقاية، ويقال: وعمارة المسجد الحرام، وهى صيانته ممن يفعل فيه قبيحًا أو يتحدث فيه هجرًا وكان طويلاً جميلاً
(1) له ترجمة فى أسد الغابة: 3/164؛ والإصابة: 2/271؛ والاستيعاب: 3/94. والطبقات الكبرى: 4/1؛ والتاريخ الكبير: 7/2؛ وثقات ابن حبان: 3/288.
(2)
استكمال من أسد الغابة ومن الطبقات الكبرى: 1/28.
(3)
هكذا، والمعروف أن أم عبد الله بن عبد المطلب هى فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. وأم العباس نتيلة بنت جناب. الطبقات الكبرى: 1/34.
أبيض بَضًّ جهورى الصوت يسمع نداؤه من تسعة أميال.
ولما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم آمن به أخوه حمزة، واستمر هو على شركه، ولكن كان من أكف الناس عنه، بل ما كان بعد ابى طالب أحنى عليه منه، وقد شهد بيعة العقبة مع الأنصار، وأكد العقد توثقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصرة له، واحتياطًا لأمره، وكان مع المشركين يوم بدر، فوقع فى الأسر، فقُيِّد، فبات يئن فلم ينم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسئل عما يمنعه من النوم، فذكر أنين العباس، فأطلق من القيد، وفودى بأربعة آلاف، وعن عقيل بن أبى/ طالب أربعة آلاف، قيل وعن ابن أخيه الآخر نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بأربعة آلاف أخرى، وقد رد الله عليه أضعافها بعد ذلك كما ذكرناه عند قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1)، قال العباس: لقد وجدت الأولى وإنى لأرجو الآخرة (2) .
وقد قيل: إنه كان مسلمًا يكتم إيمانه من قومه، والمشهور أنه إنما أسلم قبل الفتح، وشهد فتح مكة، وأسلم على [يديه] (3) أبو سفيان: صخر بن حرب ليلة الفتح.
وقد قال أبو يعلى: حدثنا شعيب بن سلمة بن قاسم الأنصارى من ولد [رفاعة ابن] رافع بن خديج، حدثنا أبو مصعب: إسماعيل بن قيس ابن زيد بن ثابت، حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الهجرة، فقال له: «يَا عَمُّ أَقِمْ
(1) آية 70 سورة الأنفال، ويرجع إلى تفسير ابن كثير: 2/327، 328.
(2)
يعنى بذلك المقرة. المرجع السابق.
(3)
زيادة ليتصل السياق، وكانت فى المخطوطة:«وأسلم عليه» .
مَكَانَكَ الَّذِى أَنَتَ بِهِ، فَإِنَّ الله يَخْتِمُ بِكَ الهِجْرَةَ كَمَا خَتَمَ بِى النَّبِيِّين» (1)، وفى رواية:«مَقَامُك بِمَكَّةَ خَيْرٌ لَنَا» (2) لأنه كما ذكر غير واحد كان يكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخبار قريش من حيث لا يشعرون، فكان مناصحًا للإسلام وأهله، ويشهد لذلك قصة الحجاج بن علاط لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر والقصة مشهورة (3) .
ولما أسلم حسُن إسلامه جدًا، واستمرت السقاية فى يده، ثم فى يد ولده، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزمه، ويجله، ويعظمه ويحترمه. قال لعمر بن الخطاب:«أمَا شَعَرْتَ أَنَّ [عَمّ] الرجل صِنْوُ أَبِيهِ» .
وقال: «أما العباس فهى علىَّ ومِثْلُها» (4) . وقد كان استلف منه صدقة عامين.
وكان له بنون كثيرون: الفضل وبه كان يكنى، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، والحارث، وكثير، وقُثَمٌ، وعَوْنٌ، ومعبد، وتمام.
منهم عبد الله ترجمان القرآن، وحبر العلوم، وبحرها، وجد الخلفاء العباسيين الذين تملكوا أزمة الأمور بعد الأمويين فى سنة ثنتين وثلاثين بعد أول المائتين، وأفضاله ومآثره كثرة جدًا، وقد استسقى به عمر بن الخطاب عام الرمادة فسقى الله عباده بدعاء عم نبيه وكان الصديق لا يرى رأيًا إلا وافقه عليه العباس، وكان إذا لقيه فى طريق ترجل له.
(1) الخبر أخرجه أبو يعلى كما فى أسد الغابة: 3/165، وما بين معكوفين استكمال منه.
(2)
المرجع السابق.
(3)
مجمل القصة أن الحجاج بن علاط أسلم وشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم فتح خيبر، ثم ذهب إلى مكة ليجمع ماله متظاهرًا بأنه مازال على الكفر، وادعى أن المسلمين هزموا وأسر النبى صلى الله عليه وسلم، ففرح المشركون وحزن العبّاس، فأسر إليه الحجاج بالخبر. أسد الغابة: 1/457.
(4)
الخبر أخرجه أحمد من حديث أبى هريرة بلفظ: «أما علمت.. .» : المسند: 2/322، وله تخريجات أخرى. جامع الأحاديث: 2/148.