الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " إن أمتي لاتجتمع على ضلالة"(1).
قال الغزالي: " وهذا من حيث اللفظ أقوى وأدلُّ على المقصود "(2).
وقد تظاهرت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بألفاظٍ مختلفةٍ على عِصْمَة الأُمَّة عن الخطأ ، واشتهر ذلك على لسان الثقات من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم تزل ظاهرةً لم يدفعها أحدٌ من أهل النقل من سلف الأُمَّة وخَلَفِها ، ولم تزل الأُمَّة تَحتَجُّ بها في أصول الدين وفروعه، وإذا ثبت أن الأُمَّة لاتجتمع على الخطأ لزم أن يكون اجتماعها على الحقّ ، وحينئذٍ يجب المصير إلى إجماعهم، وتَحْرُم مخالفته (3).
وقد ارتأيت الاكتفاء بدليل السُّنَّة في هذا المطلب لأنها" أقرب الطرق في إثبات كون الإجماع حُجَّة"(4).
المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع
.
تظهر علاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع في جوانب عديدةٍ من أهمها مايأتي:
أولاً: يُعْتَبر الإجماع من أقوى المسالك التي يثبت بها مناط الحُكْم في الأصل.
وقد ذهب جمهور الأصوليين إلى أن الإجماع مسلكٌ من مسالك العِلَّة (5).
(1) أخرجه ابن ماجه في " سننه " ، كتاب الفتن ، باب السواد الأعظم ، رقم (3950) من حديث أنس بن مالك
رضي الله عنه، قال الألباني:" حَسَنٌ بمجموع طرقه " كما في " السلسلة الصحيحة "(3/ 319).
(2)
المستصفى: (2/ 302).
(3)
ينظر: المستصفى (2/ 301 - 304) ، المحصول (4/ 79 - 83) ، الإحكام للآمدي (1/ 290 - 292) ، شرح
العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 32) ، تيسير التحرير (3/ 228) ، شرح الكوكب المنير (2/ 218 - 223).
(4)
الإحكام للآمدي: (1/ 290).
(5)
ينظر: البرهان (2/ 818 - 819) ، المستصفى (3/ 614) ،العدة (5/ 1430) ، الإحكام للآمدي (3/ 317) ، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 87 - 88) ، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (8/ 3263) ، البحر المحيط للزركشي (5/ 184) ، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 262) ، نهاية السول (4/ 75) ،تيسير التحرير (4/ 39) ، شرح الكوكب المنير (4/ 115) ، إرشاد الفحول (2/ 879).
بل إن أكثر الأصوليين قدَّم الإجماع في مبحث مسالك العِلَّة على مسلك النصّ؛ وذلك باعتبار أن الإجماع أقوى، حيث لايتطرق إليه احتمال النسخ والتأويل، بينما ظواهر الكتاب والسُّنَّة تحتمل النسخ والتأويل (1).
قال الأمين الشنقيطي: "ومرادهم بالإجماع الذي يُقَدَّم على النصِّ خصوص الاجماع القطعي دون الاجماع الظني، وضابط الإجماع القطعي هو الإجماع القولي، لا السكوتي، بشرط أن يكون مُشاهَداً أو منقولاً بعدد التواتر في جميع طبقات السَّند"(2).
وقدَّم بعضهم النصَّ على الإجماع ، وذلك باعتبار أن النصَّ أشرف من غيره، وكونُه مستند الإجماع (3).
قال الزركشي: " وهو مقدَّمٌ في الرتبة على الظواهر من النصوص؛ لأنه لا يتطرق إليه احتمال النسخ، ومنهم من قدَّم الكلام على النصِّ لشرفه"(4).
واعتبر الشوكاني تقديم مسلك الإجماع على مسلك النصّ ، أو مسلك النصِّ على مسلك الإجماع " مجرَّد اصطلاحٍ في التأليف، فلا مشاحَّة فيه"(5).
والمراد بالإجماع -هنا-: اتفاق مجتهدي الأُمَّة في عصرٍ من الأعصار بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على كون الوصف الجامع الفلاني عِلَّةً لحُكْم الأصل الفلاني (6).
(1) ينظر: العدة (5/ 1430) ، الإحكام للآمدي (3/ 317) ، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 87 - 88) ، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (8/ 3263) ، البحر المحيط للزركشي (5/ 184) ، التحبير شرح التحرير (7/ 3311) ، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 262) ، التقرير والتحبير (3/ 189) ، تيسير التحرير (4/ 39) ، شرح الكوكب المنير (4/ 115) ، فواتح الرحموت (2/ 347)، إرشاد الفحول (2/ 879 - 880).
(2)
مذكرة أصول الفقه: (394).
(3)
ينظر: المستصفى (3/ 614) ، التمهيد للكلوذاني (4/ 21) ، الإبهاج (3/ 53) ، نهاية السول
…
(4/ 75) ، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 262) ، إرشاد الفحول (2/ 879).
(4)
البحر المحيط: (5/ 184).
(5)
إرشاد الفحول: (2/ 879).
(6)
ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 317) ، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (8/ 3263).
وهو مرتبتان بالنظر إلى طريق نقله (1):
الأولى: إجماعٌ قطعي ، وهو أن يُنْقَل نقلاً متواتراً بصريح مجموع الأُمَّة في عصرٍ من الأعصار أن الوصف الفلاني عِلَّةٌ للحُكْم الفلاني.
الثانية: إجماعٌ ظنِّي ، وهو أن يُذْكَر مايدل على إجماعهم ظنَّاً ، كما إذا نُقِل أن بعضهم قال بأن الوصف الفلاني عِلَّةً للحُكْم الفلاني ، مع علم الباقين بذلك ، وعدم إنكارهم عليه، وهو ما اصطُلِح عليه ب"الإجماع السكوتي" ، أو كما إذا نُقِل الإجماع نقلَ آحاد.
وسواءٌ كان الإجماع -على كون الوصف الفلاني عِلَّةً للحُكْم - قطعياً أو ظنِّياً فإنه يُعْتَبر حُجَّةً يجب العمل به.
ومن الأمثلة على كون الإجماع من المسالك التي يثبت بها مناط الحُكْم في الأصل ما يأتي:
- وانعقد الإجماع على أن الصِغَر عِلَّةً لثبوت الولاية على الصغير في التصرُّف بماله ، فتُلحَق ولاية النكاح للصغير بولاية المال ، والجامع بينهما الصِغَر (2).
- وانعقد الإجماع على أن العِلَّة في ضمان الغاصب ما أتلَفَ من مال هي كونه مالاً تَلِفَ تحت اليد العاديَة ، فيُلحَق به السارق وإن أقيم عليه الحدّ، بجامع كون التالف مالاً تَلِفَ تحت اليد العاديَة (3).
- وانعقد الإجماع على أن العِلَّة في تقديم الأخ من الأبوين في الإرث على الأخ لأب هي امتزاج النَّسَب -أي: كونه من الأبوين- فيُلحَق به تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب في ولاية النكاح ، بجامع امتزاج النسبين في كلٍّ منهما (4).
(1) ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 317) ، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (8/ 3263) ،فواتح
الرحموت (2/ 347).
(2)
ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 317) ، البحر المحيط للزركشي (5/ 184) ، التقرير والتحبير (3/ 146 - 147) ، تيسير التحرير (4/ 39) ، شرح الكوكب المنير (4/ 116) ، فواتح الرحموت (2/ 347).
(3)
ينظر: المستصفى (3/ 614) ، البحر المحيط للزركشي (5/ 184).
(4)
ينظر: المستصفى (3/ 614) ، الإبهاج (3/ 53 - 54) ، نهاية السول (4/ 75 - 76) ، البحر
المحيط للزركشي (5/ 184) ، شرح الكوكب المنير (4/ 116) ، فواتح الرحموت (2/ 347).
ومما يجدر التنبيه إليه أنه: لا يلزم من إجماعهم على عِليَّة وصفٍ أن لا يقع خلافٌ معها؛ لجواز أن يكون وجودها في الأصل أو في الفرع مُتَنازَعاً فيه ، كالإجماع الثابت بالآحاد أو السكوتي، أو يكون في حصول شرطها أو مانعها نزاع، أما إذا وقع الاتفاق قطعاً على ذلك كلِّه فلا يسوغ معه الخلاف (1).
ثانيا: قد ينعقد الإجماع على أن الحُكْم الفلاني منوطٌ بوصفٍ - أي: إنه مُعلَّل - ، ثم يقع الاختلاف في تعيين الوصف الذي يصلح مناطاً لذلك الحُكْم (2).
ومثاله: الإجماع على أن الرِّبا في الأصناف الأربعة البُرِّ والشعير والتمر والملح منوطٌ بوصف ، لكن وقع الاختلاف في تعيين الوصف الذي يصلح مناطاً لذلك الحُكْم ، فذهب الحنفية إلى أنه القدر والجنس (3) ، وذهب المالكية إلى أنه
الاقتيات والادخار (4) ، وذهب الشافعية إلى أنه الطُّعم (5) ، وذهب الحنابلة إلى أنه الكيل والوزن (6).
ثالثا: قد ينعقد الإجماع على حُكْمٍ شيء ما ، ولايوجد ما يُنَصُّ صراحةً أو إيماءً على مناط الحُكْم ، فيُجْتَهَد حينئذٍ في استخراجه بأحد المسالك المُعْتَبَرة ، كالمناسبة أو السَّبْر والتقسيم أو الدوران كما تقدم (7).
رابعا: قد يثبت الحُكْم بالنصّ ، ويدل ظاهر النصِّ على تعليل الحُكْم بوصفٍ ما، فينعقد الإجماع على حذف خصوص ذلك الوصف عن الاعتبار،
(1) ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 317) ، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (8/ 3263) ، شرح العضد على
مختصر ابن الحاجب (2/ 234) ، شرح الكوكب المنير (4/ 116) ، سلم الوصول للمطيعي (4/ 75 - 76).
(2)
البحر المحيط للزركشي (5/ 184) ، إرشاد الفحول (2/ 880).
(3)
ينظر: بدائع الصنائع (5/ 183) ، تبيين الحقائق (4/ 87).
(4)
ينظر: مواهب الجليل (4/ 346) ،شرح مختصر خليل للخرشي (5/ 57).
(5)
ينظر: المجموع للنووي (9/ 401) ، مغني المحتاج (2/ 364).
(6)
ينظر: المغني (4/ 5) ، منتهى الإرادات (2/ 65).
(7)
ينظر: (144 - 180).
ويُناط الحُكْم بالمعنى الأعم؛ لأن الوصف المذكور ليس عِلَّةً لذاته بل لما يلازمه.
وتُعَدُّ هذه الصورة إحدى صور الاجتهاد في تنقيح المناط كما تقدم (1).
ويُشْتَرط في صحة هذا النوع من التصرُّف الاجتهادي: أن لا يرجع الوصف المستنبط - العِلَّة- على حُكْم الأصل بالإبطال (2).
وذلك حتى لا يفضي إلى ترك الراجح واعتبار المرجوح؛ إذ الظنُّ المستفاد من النصِّ أقوى من المستفاد من الاستنباط؛ لأنه فرعٌ لهذا الحكم، والفرع لا يرجع على إبطال أصله، وإلا لزم أن يرجع إلى نفسه بالإبطال (3).
ومثاله: قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار"(4).
قال النووي: " ذهب العلماء كافَّةً من الطوائف كلِّها إلى أن الحَجَر ليس متعيناً ، بل تقوم الخِرَق والخشب وغير ذلك مقامَه ، وأن المعني فيه كونه مزيلاً ، وهذا يحصل بغير الحَجَر
…
ويدل على عدم تعيين الحجر نهيه صلى الله عليه وسلم عن العظام والبَعَر والرجيع ، ولو كان الحَجَر متعيناً لنهى عما سواه مطلقاً
…
" (5).
والضابط في ذلك: " كلُّ جامدٍ طاهرٍ مُزيلٍ للعين ليس له حُرْمَة ولا هو جزءٌ من حيوان "(6).
قال المرداوي: " وهو استنباطٌ يعود بالتعميم، كما في " وليستنج بثلاثة أحجار " يُعَمَّم في الخِرَق ونحوها، وفي " لا يقضي القاضي وهو غضبان " يُعمَّم في كلِّ ما يشوش الفكر، ولا يعود بالإبطال"(7).
(1) ينظر: (64).
(2)
ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 306) ، البحر المحيط للزركشي (5/ 152) ،التحبير شرح التحرير (7/ 3265) ، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 69) ، تيسير التحرير (4/ 31) ، إرشاد الفحول (2/ 874).
(3)
ينظر: المراجع السابقة.
(4)
أخرجه مسلم في "صحيحه" ، كتاب الطهارة ، باب الاستطابة، رقم (262) من حديث سلمان الفارسي
رضي الله عنه.
(5)
شرح صحيح مسلم: (3/ 157).
(6)
المرجع السابق.
(7)
التحبير شرح التحرير: (6/ 2856).
وقال الإسنوي: " يجوز أن يُستنَبط من النصِّ معنىً يزيد على ما دل عليه، وهذا هو القياس المعروف .. "(1).
ثم خرَّج على هذا الأصل مسألة: " جواز الاستنجاء بكلِّ جامدٍ طاهرٍ قالِعٍ غيرِ مُحْتَرمٍ استنبطوه من قوله عليه السلام: " وليستنج بثلاثة احجار" (2).
خامسا: قد يثبت الحُكْم بالنصّ ، ويدل ظاهر النصِّ على تعليل الحُكْم بالأوصاف المذكورة فيه ، وينعقد الإجماع على حذف الأوصاف التي عُلم قطعاً أنه لاتأثير لها في الحكم، ثم يقع الاختلاف في حذف الأوصاف المظنونة التي تحتمل التأثير وعدمه، وتعيين الباقي مناطاً للحكم.
وتُعَدُّ هذه الصورة إحدى صور الاجتهاد في تنقيح المناط كما تقدم (3).
ومثاله: قصة الأعرابي الذي جامع أهله في رمضان، وجاء يضرب صدره وينتف شعره - كما في بعض الروايات - ويقول: هلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أعتق رقبة"(4).
فكونه أعرابياً، وكونه يضرب صدره، وينتف شعره، وكون الموطوءة زوجته، وكونه وَاَقَع أهله في ذلك الشهر بعينه، كُلُّها أوصافٌ عُلِم قطعاً أنها لا تصلح للعِلِّية، فانعقد الإجماع على حذفها عن درجة الاعتبار، ثم وقع الاختلاف في كونه أفسد صوماً محترماً، أو كونه وقاعُ مكلَّفٍ في نهار رمضان (5).
قال الغزالي: " فإنَّا نُلْحِق به أعرابياً آخر بقوله عليه السلام: «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (6) أو بالإجماع على أن التكلَّيف يَعمُّ الأشخاص، ولكنَّا
(1) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول: (1/ 373).
(2)
المرجع السابق: (1/ 374).
(3)
ينظر: (64 - 65).
(4)
سبق تخريجه: (66).
(5)
ينظر: (65).
(6)
هذا الحديث ليس له أصلٌ بهذا اللفظ.
ينظر: المقاصد الحسنة (192 - 193)، كشف الخفاء (1/ 436 - 437)، الفوائد المجموعة للشوكاني (185).
نُلْحِق التركي والعجمي به؛ لأنَّا نعلم أن مناط الحُكْم وقاع مكلفٍ لا وقاع أعرابي، ونُلْحِق به مَنْ أفطر في رمضان آخر؛ لأنَّا نعلم أن المناط هَتْكُ حُرْمَة رمضان لا حُرْمَة ذلك الرمضان، بل نُلْحِق به يوماً آخر من ذلك الرمضان، ولو وطئ أَمَتَه أوجبنا عليه الكفارة؛ لأنَّا نعلم أن كون الموطوءة منكوحةً لا مدخل له في هذا الحُكْم، بل يُلْحَق به الزنا؛ لأنه أشدُّ في هتك الحُرْمَة، إلا أن هذه الحالات معلومة
…
وقد يكون حذف بعض الأوصاف مظنوناً فينقدح الخلاف فيه، كإيجاب الكفارة بالأكل، والشرب؛ إذ يمكن أن يقال: مناط الكفارة كونه مُفْسِداً للصوم المُحْتَرَم، والجماع آلة الإفساد، كما أن مناط القصاص في القتل بالسيف كونه مُزْهِقاً روحاً مُحْتَرَمَة، والسيف آلة، فيُلْحَق به السِّكِّين، والرُّمح، والمُثَقَّل، فكذلك الطعام، والشراب آلة، ويمكن أن يقال: الجماع مما لا تنزجر النفس عنه عند هيجان شهوته لمجرد وازع الدين، فيُحتَاج فيه إلى كفارةٍ وازعةٍ بخلاف الأكل، وهذا مُحْتَمَل." (1).
سادسا: قد يثبت الحُكْم الشرعي ، ويثبت مناطه بطريقٍ من الطرق المُعْتَبَرة ، ثم ينعقد الإجماع على تحقُّق ذلك المناط في بعض جزئياته (2).
وانعقاد الإجماع على إثبات متعلَّق حُكمٍ شرعي في بعض أفراده هذا يستلزم الاتفاق على ثلاثة أشياء:
الأول: الاتفاق على حُكْم الأصل.
الثاني: الاتفاق على مناط الحُكْم في الأصل.
الثالث: الاتفاق على ثبوت مناط الحُكْم في ذلك الفرع.
ومثاله: اتفاق المجتهدين على تحريم وطء الحائض؛ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وهو اتفاقٌ منهم على حُكْم الأصل، ثم اتفقوا على أن
(1) المستصفى: (3/ 488 - 490).
(2)
ينظر: (264).
مناط الحُكْم في ذلك هو: القذر والنجاسة، ثم اتفقوا على أن هذا المناط - وهو القذر والنجاسة - موجودٌ في النفاس، وهو إتفاقٌ منهم على ثبوت مناط الحُكْم في ذلك الفرع (1).
(1) ينظر: المغني لابن قدامة (1/ 419)، المجموع للنووي (2/ 537)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/ 480).