الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أنواع الاجتهاد في المناط
.
يُقَسِّمُ الأصوليون الاجتهاد بالنظر إلى مناط الحُكْم إلى ثلاثة أنواع:
الأول: تحقيق المناط.
والثاني: تنقيح المناط.
والثالث: تخريج المناط.
وقد ذكر هذا التقسيم ثلةٌ من الأصوليين منهم: الحسَن العْكْبَري (1)، والغزالي (2)، وابن قدامة (3)، والآمدي (4)، والطُّوفي (5)، والمرداوي (6)، وابن بدران الدمشقي (7)، ومحمد الأمين الشنقيطي (8).
وبيان هذه الأنواع الثلاثة - إجمالاً - على النحو الآتي:
النوع الأول: تحقيق المناط
.
ويطلق على ثلاثة معاني:
المعنى الأول: إثبات علة حكم الأصل في الفرع بعد معرفتها بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط (9).
ومثاله: أن يُجعل (الطواف) عِلَّةً لطهارة الهرّ في قوله صلى الله عليه وسلم: " إنها ليست
(1) ينظر: رسالة في أصول الفقه (80).
(2)
ينظر: المستصفى (3/ 485).
(3)
ينظر: روضة الناظر (3/ 803).
(4)
ينظر: الإحكام (3/ 379).
(5)
ينظر: شرح مختصر الروضة (3/ 233).
(6)
ينظر: التحبير شرح التحرير (7/ 3451).
(7)
ينظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (306 - 309).
(8)
ينظر: مذكرة أصول الفقه (429).
(9)
ينظر: الإحكام للآمدي (3/ 379)، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (7/ 3044)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 232)، الإبهاج للسبكي (3/ 82)، نهاية السول (4/ 143)، التلويح على التوضيح (2/ 162 - 163)، البحث المحيط للزركشي (5/ 256)، تيسير التحرير (4/ 42)، شرح الكوكب المنير (4/ 200 - 201)، إرشاد الفحول (2/ 920).
بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات " (1)، فيبين المجتهد ثبوت العِلَّة - التي هي الطواف- في صغار الحشرات كالفأرة ونحوها، ليلحقها بالهِرّ في الطهارة (2).
والمعنى الثاني: إثبات مقتضى قاعدةٍ شرعيةٍ ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباطٍ في بعض جزئياتها (3).
ومثاله: أوجب الله المِثْلَ من النَّعمَ على المُحْرِم في جزاء الصيد بقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، فالأصل الواجب هو المِثْل، والمثلية هي مناط الحكم، وقد عُلِمت بالنصّ، أما تحقُّق المثلية في البقرة عند الجناية على حمار الوحش- مثلاً - فلا يُعلَم إلا بنوعٍ من الاجتهاد والظنِّ المبني على الاستدلال بالأمارات (4).
والمعنى الثالث: إثبات معنى لفظٍ عامٍّ أو مطلقٍ تعلَّق به حكمٌ شرعيٌّ في بعض أفراده (5).
ومثاله: لفظ " الخمر " في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] فإنه لفظٌ عامٌ يتناول تحريم كل مُسْكرٍ من الأشربة والأطعمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " كل مُسْكِرٍ
(1) أخرجه أبو داود في " سننه "، كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، رقم (75)، والترمذي في " جامعة "، كتاب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، رقم (92)، والنسائي في " سننه "، كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة والرخصة فيه، رقم (367)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم في " مستدركه "(1/ 160)، وابن خزيمة في " صحيحه "، رقم (104)، والبغوي في " شرح السنة "(2/ 69).
(2)
ينظر: رسالة في أصول الفقه للعُكْبَري (83)، روضة الناظر (3/ 802)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 235)، شرح الكوكب المنير (4/ 201)، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (306 - 307).
(3)
ينظر: المستصفى (3/ 485 - 487)، روضة الناظر (3/ 801 - 802)، نهاية الوصول لصفي الدين الهندي (7/ 3044 - 3045)، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 233)، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران (302 - 303).
(4)
ينظر: المراجع السابقة.
(5)
ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (19/ 282 - 283)، درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية (7/ 337)، الموافقات للشاطبي (5/ 12).