المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس - الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية

[بلقاسم الزبيدي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌جوانب الإضافة في هذا البحث على الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌تمهيدتعريف الاجتهاد في المناط، وبيان أنواعه، وأوجه الجمع والفرق بينهما

- ‌المبحث الأولتعريف الاجتهاد لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف الاجتهاد اصطلاحاً

- ‌المطلب الثالث: بيان وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والإصطلاحي:

- ‌المبحث الثانيتعريف المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف المناط لغةً:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط اصطلاحاً

- ‌العِلَّة في الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:العِلَّة هي: الوصف المؤثِّر في الحُكْم بِجَعْلِ الشارع لا لذاته

- ‌التعريف الثاني:العِلَّة هي: الوصف الباعث على شَرْع الحُكْم

- ‌التعريف الثالث:العِلَّة هي: الوصف المعرِّف للحُكْم بوضع الشارع

- ‌التعريف المختار:

- ‌المطلب الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌المبحث الثالثتعريف الاجتهاد في المناط وبيان أنواعه

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الثاني: أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌النوع الأول: تحقيق المناط

- ‌النوع الثاني: تنقيح المناط

- ‌النوع الثالث: تخريج المناط

- ‌المبحث الرابعأوجه الجمع والفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الأول: أوجه الجمع بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الثاني: أوجه الفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌الباب الأولالاجتهاد في تنقيح المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تنقيح المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تنقيح المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التنقيح لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً

- ‌المبحث الثانيتعريف تنقيح المناط اصطلاحاً

- ‌المقارنة بين التعريفات:

- ‌التعريف المختار:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيحكم العمل بتنقيح المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأول: حكم العمل بتنقيح المناط:

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بـ "تنقيح المناط

- ‌الفصل الثالثالعلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق

- ‌المبحث الأولتعريف إلغاء الفارق لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف إلغاء الفارق لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف إلغاء الفارق اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيأقسام الإلحاق بإلغاء الفارق

- ‌القسم الأول: أن يكون الإلحاق بـ "إلغاء الفارق" بين الأصل والفرع مقطوعاً به، ويُسَمَّى "القياس الجلي

- ‌القسم الثاني: أن يكون الإلحاق بـ "إلغاء الفارق" بين الأصل والفرع مظنوناً به، ويُسَمَّي "القياس الخفي

- ‌المبحث الثالثالعلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والترجيح بينها:

- ‌الترجيح بين الاتجاهات السابقة:

- ‌الفصل الرابعالعلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم

- ‌المبحث الأولتعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف السَّبْر والتقسيم اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيالعلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والترجيح بينها:

- ‌الترجيح بين الاتجاهات السابقة:

- ‌الفصل الخامسطرق تنقيح المناط

- ‌أولاً: استقراء عادة الشرع في إلغاء وصفٍ عن درجة الاعتبار وعدم إناطة الحكم به

- ‌ثانياً: الإجماع على أن الشارع ألغى ذلك الوصف ولم يعتبره مؤثِّراً في الحُكْم، أو ألغى خصوصه وأناط الحُكْم بما هو أعمَّ منه

- ‌ثالثاً: كون الحُكْم ثابتاً في صورةٍ ما بالباقي من الأوصاف دون الوصف المحذوف

- ‌الباب الثانيالاجتهاد في تخريج المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تخريج المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تخريج المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التخريج لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً:

- ‌المبحث الثانيتعريف تخريج المناط اصطلاحاً

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والمقارنة بينها:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيحكم العمل بتخريج المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأولحكم العمل بتخريج المناط

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بتخريج المناط

- ‌الفصل الثالثمسالك تخريج المناط

- ‌المبحث الأولتخريج المناط بمسلك المناسبة

- ‌المطلب الأول: تعريف المناسبة لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أقسام المناسب بحسب اعتبار شهادة الشرع له بالملائمة وعدمها

- ‌المطلب الثالث: حُجِّية مسلك المناسبة

- ‌المطلب الرابع: صورة تخريج المناط بمسلك المناسبة

- ‌المبحث الثانيتخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أقسام السَّبْر والتقسيم

- ‌القسم الأول: التقسيم الحاصر

- ‌القسم الثاني: التقسيم غير الحاصر

- ‌المطلب الثالث: حجية السَّبْر والتقسيم:

- ‌المذهب الأول: أنه حُجَّةٌ للمُسْتَدِل وهو الناظر، وللمعترِض وهو المناظِر

- ‌المذهب الثاني: أنه حُجَّةٌ للمُسْتَدِل وهو الناظِر، وليس حُجَّةً على المعترِض وهو المناظِر

- ‌المذهب الثالث: أنه حُجَّةٌ للمستدِل وهو الناظِر، وللمعترِض وهو المناظِر، بشرط الإجماع على تعليل حُكْم الأصل

- ‌المذهب الرابع: أنه ليس بحُجَّةٍ مطلقاً

- ‌المطلب الرابع: شروط صحة السَّبْر والتقسيم

- ‌الشرط الأول: أن يكون الحُكْم في الأصل مُعَلَّلاً

- ‌الشرط الثاني: أن يكون السَّبْر حاصراً لجميع الأوصاف التي تصلح أن تكون عِلَّةً للحُكْم

- ‌الشرط الثالث: إثبات أن الأوصاف التي أبطلها المُسْتَدِل لا تصلح للعِلِّيَّة

- ‌الطريق الأول: الإلغاء

- ‌الطريق الثاني: الطَّردية

- ‌الطريق الثالث: أن لا يظهر للوصف المحذوف مناسبةٌ للحُكْم

- ‌المطلب الخامس: صورة تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم

- ‌المبحث الثالثتخريج المناط بمسلك الدوران

- ‌المطلب الأول: تعريف الدوران لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حجية مسلك الدوران

- ‌القول الأول: أنه يفيد العِلِّيَّة قطعاً

- ‌القول الثاني: أن الدوران يفيد العِلِّيَّة ظناً بشرط عدم المُزَاحِمِ وعدم المانع

- ‌القول الثالث: أن الدوران لا يفيد العِلِّية مطلقاً

- ‌المطلب الثالث: صورة تخريج المناط بمسلك الدوران

- ‌الباب الثالثالاجتهاد في تحقيق المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تحقيق المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تحقيق المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التحقيق لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً

- ‌المبحث الثانيتعريف تحقيق المناط اصطلاحاً

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌التعريف الثالث:

- ‌التعريف الرابع:

- ‌التعريف الخامس:

- ‌التعريف المختار:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيأقسام تحقيق المناط

- ‌المبحث الأولأقسام تحقيق المناط بالنظر النظر إلى نوع المناط

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط باعتباره عِلَّةً، سواءً ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط باعتباره قاعدةً شرعيَّة

- ‌القسم الثالث: تحقيق المناط باعتباره لفظاً عاماً تعلَّق به حكمٌ شرعيٌّ

- ‌القسم الرابع: تحقيق المناط باعتباره معنىً مطلقاً تعلَّق به حكمٌ شرعيُّ

- ‌المبحث الثانيأقسام تحقيق المناط بالنظر إلى وضوحه وخفائه

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط الجلي

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط الخفي

- ‌المبحث الثالثأقسام تحقيق المناط بالنظر إلى مراتبه

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط في الأنواع

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط في الأشخاص أو الأعيان

- ‌الفصل الثالثحُكْم العمل بتحقيق المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأولحُكْم العمل بتحقيق المناط

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بتحقيق المناط

- ‌الفصل الرابعضوابط تحقيق المناط

- ‌المبحث الأول: التصوُّر الصحيح التام للواقعة ومعرفة حقيقتها

- ‌المبحث الثانيمراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة

- ‌المبحث الثالثاعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلَّفين

- ‌المبحث الرابعمراعاة اختلاف مقاصد المكلَّفين

- ‌المبحث الخامسالموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة

- ‌القسم الأول: الموازنة بين المصالح المتعارضة

- ‌القسم الثاني: الموازنة بين المفاسد المتعارضة

- ‌القسم الثالث: الموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة

- ‌الفصل الخامس (*)مسالك تحقيق المناط

- ‌المبحث الأولالمسالك النقلية

- ‌المسلك الأول: الكتاب

- ‌المسلك الثاني: السُّنَّة

- ‌المسلك الثالث: الإجماع

- ‌المسلك الرابع: قول الصحابي

- ‌المبحث الثاني: المسالك الاجتهادية

- ‌المسلك الأول: لغة العرب

- ‌المسلك الثاني: العرف

- ‌المسلك الثالث: الحِسّ

- ‌المسلك الرابع: قول أهل الخبرة

- ‌المسلك الخامس: البيِّنات الشرعيَّةً

- ‌المسلك السادس: الحساب والعدد

- ‌الباب الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة الشرعيَّة

- ‌الفصل الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المتفق عليها

- ‌المبحث الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالكتاب

- ‌المطلب الأول: تعريف الكتاب لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة الكتاب

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالكتاب

- ‌المبحث الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بالسُّنَّة

- ‌المطلب الأول: تعريف السُنَّة لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة السُّنَّة

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالسُّنَّة

- ‌المبحث الثالثعلاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإجماع لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الإجماع

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع

- ‌المبحث الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

- ‌المطلب الأول: تعريف القياس لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية القياس

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

- ‌الفصل الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المختلف فيها

- ‌المبحث الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستصحاب لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الاستصحاب

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب

- ‌المبحث الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بشرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المطلب الأول: تعريف شرع مَنْ قَبْلَنا لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة شرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بشرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المبحث الثالثالعلاقة بين الاجتهاد في المناط وقول الصحابي

- ‌المطلب الأول: تعريف الصحابي لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجيَّة قول الصَّحابي

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي

- ‌المبحث الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالاستحسان

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستحسان لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الاستحسان

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستحسان

- ‌المبحث الخامسعلاقة الاجتهاد في المناط بالمصلحة المرسلة

- ‌المطلب الأول: تعريف المصلحة المرسلة لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية المصلحة المُرْسَلة

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالمصلحة المرسلة

- ‌المبحث السادسعلاقة الاجتهاد في المناط بسدِّ الذرائع

- ‌المطلب الأول: تعريف سدِّ الذرائع لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية سد الذرائع

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بسدِّ الذرائع

- ‌المبحث السابععلاقة الاجتهاد في المناط بالعُرف

- ‌المطلب الأول: تعريف العُرف لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة العُرف

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالعرف

- ‌الباب الخامستطبيقات الاجتهاد في المناطفي فقه النوازل المعاصرة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأولاستخدام مياة الصرف الصحي المُعالَجة في الطهارة

- ‌المرحلة الأولى: المعالجة الابتدائية

- ‌المرحلة الثانية: المعالجة الأولية (الفيزيائية)

- ‌المرحلة الثالثة: المعالجة الثانوية (البيولوجية أو الأحيائية)

- ‌المرحلة الرابعة: (الترشيح، والتعقيم)

- ‌المبحث الثانيتحديد أوقات الصلاة في البلدان الواقعة على خطوط العرض العالية

- ‌المبحث الثالثزكاة أسهم الشركات

- ‌المبحث الرابعاستخدام الحقن العلاجية أثناء الصيام

- ‌النوع الأول: الحقن الجلدية

- ‌النوع الثاني: الحقن العضلية

- ‌النوع الثالث: الحقن الوريدية

- ‌المبحث الخامسالإحرام بالحج أو العمرة للقادمين جواً بالطائرة

- ‌المبحث السادسالمتاجرة بالهامش في الأسواق المالية

- ‌المبحث السابعخطاب الضمان البنكي

- ‌المبحث الثامنالتورُّق المصرفي المنظَّم

- ‌المبحث التاسعتحديد النَّسْل

- ‌المبحث العاشرإنشاء بنوك الحليب البشري والرضاع منها

- ‌المبحث الحادي عشرإجراء عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب

- ‌المبحث الثاني عشرإسقاط الجنين المشوَّه خِلْقياً

- ‌المبحث الثالث عشررفع أجهزة الإنعاش عن المتوفَّى دماغياً

- ‌المبحث الرابع عشرزراعة ونقل الأعضاء التناسلية

- ‌المبحث الخامس عشرزراعة عضوٍ استُؤصِل في حدٍّ أو قصاص

- ‌خاتمة البحث

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

و" ليس يخلو أمْرُ الله تعالى بالرد إلى كتابه وسُنَّة نبيه عند التنازع من أحد ثلاثة معانٍ: إما أن يكون أمراً بردِّ المُتنازَع فيه إلى ما نصَّ الله عليه في كتابه ورسوله في سُنَّته لا إلى غير ذلك ، فأيُّ منازعةٍ وأي اختلافٍ يقع فيما قد تولَّى الله ورسوله الحُكْم فيه نصَّاً ، فهذا لا معنى له، أو يكون أمراً بردِّه إلى ما ليس له بنظيرٍ ولا شبيه ، ولا خلاف أن ذلك لا يجوز أو يكون أمراً بردِّه إلى جنسه ونظيره مما قد تولَّى الله ورسوله الحُكْم فيه نصَّاً فيُستَدل بحكمه على حكمه ، ولا وجه للردِّ إلى غير هذا المعنى؛ لفساد القسمين الأولين، وأن لا رابع لما ذكرناه"(1).

وما نُقِل عن بعض الصحابة مما يُستَدل به على إنكار العمل بالرأي والقياس فهو محمولٌ على القياس الباطل الذي يخالف الكتاب أو السُّنَّة أو الإجماع أو القواعد الشرعيَّة، أما ما كان مستوفياً لأركانه وشروطه فهو من القياس المُعتبَر شرعاً (2).

‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

.

يُعْتَبر دليل القياس أوثق الأدلة الشرعيَّة صلَةً بالاجتهاد في المناط ، وتظهر هذه العلاقة الوثيقة بينهما في جوانب عديدة ، من أهمها مايأتي:

أولا: الاجتهاد في المناط بأنواعه الثلاثة يُعْتَبر أهم مُتَعَلَّقات النظر والاستدلال في القياس، ومرجع ذلك إلى أمرين:

الأول: أن الاجتهاد في المناط هو المقدمة الضرورية لإجراء القياس.

والثاني: أن النظر في كلِّ الأنواع الثلاثة للاجتهاد في المناط يتوجّه إلى أهم ركنٍ من أركان القياس وهو " العِلَّة ".

(1) الفقيه والمتفقه: (1/ 469).

(2)

ينظر: الإحكام للآمدي (4/ 62 - 63).

ص: 388

وتوضيح ذلك على النحو الآتي:

أما كون الاجتهاد في المناط هو المقدمة الضرورية للقياس فذلك لأن القياس يتوقف على مقدمتين:

المقدمة الأولى: إثبات العِلَّة في حُكْم الأصل بمسلكٍ من مسالك العِلَّة المُعْتَبرة.

والمقدمة الثانية: إثباتُ عِلَّة حُكْم الأصلِ في الفرع.

فإن ثبتت العِلَّة في حُكْم الأصل بالنصِّ مع أوصافٍ أخرى لا تأثير لها في الحكم تعلَّق النظر فيها - حينئذٍ- بتنقيح المناط، وإن ثبتت العِلَّة في حُكْم الأصل بالاستنباط تعلَّق النظر فيها بتخريج المناط، وبهذا تتقرر المقدمة الأولى.

ثم إذا ثبتت العِلَّة في حُكْم الأصل بالنصِّ أو الإجماع أو الاستنباط كما في المقدمة الأولى فالنظر فيها بعد ذلك يتعلَّق بالتحقُّق من وجودها في الفرع وهو تحقيق المناط، وبهذا تتقرر المقدمة الثانية بعد تقرر الأولى.

قال الفخر الرازي: " واعلم أن الجمع بين الأصل والفرع تارةً يكون بإلغاء الفارق والغزالي يسميه تنقيح المناط ، وتارةً باستخراج الجامع ، وهاهنا لابدَّ من بيان أن الحُكْم في الأصل مُعلَّلٌ بكذا ، ثم من بيان وجود ذلك المعنى في الفرع ، والغزالي يُسمِّي الأول تخريج المناط ، والثاني تحقيق المناط "(1).

ومن خلال النظر في هاتين المقدمتين يتضح أن المقدمة الأولى لابدَّ أن تتضمن تنقيح المناط أو تخريج المناط، وأن المقدمة الثانية لابدَّ فيها من تحقيق المناط.

فإذا ثبتت المقدمة الأولى ثم ثبتت المقدمة الثانية أجرى المجتهد القياس، فأثْبَتَ مثلَ حُكْم الأصل في الفرع؛ لاشتراكهما في عِلَّة الحُكْم.

(1) المحصول: (5/ 20).

ص: 389

ومن هذا الوجه يُعْتَبر الاجتهاد في المناط المقدمة الضرورية لإجراء القياس.

أما كون الاجتهاد في المناط يتعلَّق بالنظر في أهم ركنٍ من أركان القياس فذلك لأن الأنواع الثلاثة للاجتهاد في المناط تشترك كلها في أنها تَرِدُ على العِلَّة، إما لتنقيحها إذا كانت العِلَّة منصوصةً واقترن بها من الأوصاف ما يصلح للعلية وما لا يصلح، أو لتخريجها إذا كانت العِلَّة مُسْتنبَطة، أو لتحقيقها في الفرع سواءً ثبتت العِلَّة في حُكْم الأصل بالنصِّ أو الإجماع أو الاستنباط.

وقد ذكر الأصوليون الأنواع الثلاثة للاجتهاد في المناط ضمن مباحث العِلَّة، وصرَّحوا بأن المقصود بـ" المناط" في اصطلاحهم - هنا - العِلَّة واعتبروه أحد إطلاقاتها كما تَقَدَّم (1).

والعِلَّة أهم ما يُعْتَنَى به في باب القياس على الإطلاق؛ لأنها ركن القياس الأعظم، وهي الطريق الموصل إلى أحكام الوقائع المتجدِّدة التي لا حصر لها (2).

ولا ريب أن القول بعدم اعتبار العلل الشرعيَّة قولٌ يفضي إلى تعطيل الشريعة في الأزمنة المتجدِّدة؛ لأنه لابدَّ من حدوث وقائع لا تكون منصوصاً على حكمها، وعند ذلك إما أن يُتْرَكَ الناسُ فيها مع أهوائهم، وهو خلاف المقصود من إنزال الشرائع والتعبُّد بها، أو يُنْظَرَ فيها بغير اعتبارٍ للمعاني والأوصاف التي أناط الشارع الأحكام بها، فيُجْمَعُ بين المُختلِفات ويُفرَّقُ بين المتماثلات، وهو مناقضةٌ لقصد الشارع، وإهدارٌ للمعاني التي علَّقت الشريعة الأحكام بها وجوداً وعدماً، ومجانبةٌ للعدل الذي أنزل الله به الكتب وأرسل من أجله الرسل.

قال ابن تيمية: " القياس الصحيح حقيقته التسوية بين المتماثلين، وهذا هو العدل الذي أنزل الله به الكتب، وأرسل به الرسل، والرسول لا يأمر

(1) ينظر: (31 - 33).

(2)

ينظر المعتمد: (2/ 692)، البحر المحيط للزركشي (7/ 142)، نبراس العقول (215).

ص: 390

بخلاف العدل، ولا يَحْكُم في شيئين متماثلين بحكمين مختلفين، ولا يُحرِّم الشيء ويُحِلُّ نظيره " (1).

وقال ابن القيم: " وهل إبطالُهُ الحِكَم والمناسباتِ والأوصافَ التي شُرِعَت الأحكام لأجلها إلا إبطالٌ للشرع جملة، وهل يُمْكِنُ فقيهاً على وجه الأرض أن يتكلَّم في الفقه مع اعتقاده بطلان الحكمة والمناسبة والتعليل وقصد الشارع بالأحكام مصالح العباد؟ وجناية هذا القول على الشرائع من أعظم الجنايات "(2).

وقال الشاطبي: " الوقائع في الوجود لا تنحصر، فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة، ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره، فلابدَّ من حدوث وقائع لا تكون منصوصاً على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد، وعند ذلك فإما أن يُتْرَكَ الناسُ فيها مع أهوائهم أو يُنْظَرَ فيها بغير اجتهادٍ شرعي، وهو - أيضاً- اتباعٌ للهوى، وهو معنى تعطيل التكليف لزوماً .. "(3).

ولهذا فإن للاجتهاد في المناط أهميةً بالغة، حيث تعلَّق النظر والاستدلال في أنواعه الثلاثة بالأوصاف والمعاني التي أناط الشارع الأحكام بها وجوداً وعدماً، وذلك من خلال تنقيح العلل المنصوصة التي اقترنت بها أوصافٌ بعضها يصلح للعِلِّية وبعضها لا يصلح، واستخراج العلل المُستنْبَطة، ثم إثبات وجودها في الفروع وآحاد الصور والجزئيات غير المتناهية ، و" العِلَّة" أهم ركنٍ من أركان القياس.

ثانياً: القياس تارةً يكون بذكر الجامع ، وتارةً يكون بإلغاء الفارق، وإلغاء الفارق من صور تنقيح المناط كما تقدم (4).

وبناءً على ذلك اعتبر جمهور الأصوليين الاجتهاد في تنقيح المناط من القياس (5).

(1) مجموع الفتاوى: (22/ 332).

(2)

شفاء الغليل: (362 - 363).

(3)

الموافقات: (5/ 38 - 39).

(4)

ينظر: نهاية الوصول (8/ 3381)، الابتهاج (6/ 2396)، البحر المحيط للزركشي (7/ 323)، إرشاد

الفحول (2/ 641).

(5)

ينظر: (77 - 78).

ص: 391

قال صفي الدين الهندي: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامٌّ يتناوله وغيرَه "(1).

واصطلح الحنفية على تسميته بـ" الاستدلال "، أو "دلالة النص"، وفرَّقوا بينه وبين القياس: بأن القياس يجري فيه إلحاق الفرع بالأصل بذكر الجامع الذي لا يفيد إلا غَلَبَة الظن، أما الاستدلال فيكون بإلغاء الفارق لما ثبت عِلَّته بالنصِّ بحذف خصوص عِلَّةً النصِّ، وهذا يفيد القطع، فيكون أقوى من القياس، فلذا أجروه مجرى القطعيات في النسخ به ونسخه (2).

وقال الإسنوي: " وهذا النوع عند الحنفية يُسَمُّونه بالاستدلال، وليس عندهم من باب القياس "(3).

وقد عقَّب صفي الدين الهندي على ذلك بقوله: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامُّ يتناوله وغيره، وكلُّ واحدٍ من القياسين- أعني ما يكون الإلحاق بذكر الجامع وبإلغاء الفارق - يُحْتَمَلُ أن يكون ظنياً وهو الأكثر؛ إذ قلما يوجد الدليل القاطع على أن الجامع عِلَّة، أو أن ما به الامتياز لا مدخل له في العِلِّية، وقد يكون قطعياً بأن يوجد ذلك فيه، نعم حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي فيه الإلحاق بذكر الجامع، لكن ليس ذلك فرقاً في المعنى بل في الوقوع، وحينئذٍ ظهر أنه لا فرق بينهما في المعنى"(4).

وذهب الأبياري وابن تيمية إلى أن " تنقيح المناط " خارجٌ عن باب القياس المتنازع فيه، وهو راجعٌ إلى نوعٍ من تأويل الظواهر يتناول كلَّ حُكْمٍ تعلَّق بعينٍ معينةٍ مع العلم بأنه لا يختصُّ بها، فيحتاج أن يعرف المناط الذي تعلَّق به ذلك الحُكْم.

(1) نهاية الوصول: (8/ 3381).

(2)

ينظر: نهاية الوصول (8/ 3381)، الابتهاج (6/ 2396)، البحر المحيط للزركشي (7/ 323).

(3)

نهاية السول: (4/ 141).

(4)

نهاية الوصول: (8/ 3381 - 3382).

ص: 392

قال الأبياري: " هو خارجٌ عن القياس، وكأنه يرجع إلى تأويل الظواهر"(1).

وقال ابن تيمية: " وهذا بابٌ واسع، وهو متناولٌ لكلِّ حُكْمٍ تعلَّق بعينٍ معينةٍ مع العلم بأنه لا يختصُّ بها، فيحتاج أن يُعَرْف المناط الذي يتعلَّق به الحُكْم، وهذا النوع يُسَمِّيه بعض الناس قياساً، وبعضهم لا يُسَمِّيه قياساً، ولهذا كان أبو حنفية وأصحابه يستعملونه في المواضع التي لا يستعملون فيها القياس، والصواب أن هذا ليس من القياس الذي يمكن فيه النزاع "(2).

ثالثاً: يعتبر الاجتهاد في تخريج المناط هو الاجتهاد القياسي الذي عظم فيه الخلاف بين العلماء.

قال الغزالي: " فهذا - أي: تخريج المناط - هو الاجتهاد الذي عَظُمَ فيه الخلاف "(3).

وقال صفي الدين الهندي: " وهذا النوع من الاجتهاد هو القياس المختلَف فيه بين الناس "(4).

وقال الشاطبي: "وهو- أي: تخريج المناط - الاجتهاد القياسي"(5).

وذلك لأن عِلَّة الحُكْم الذي دلَّ النصُّ أو الإجماع عليه مُستنْبَطةٌ بأحد المسالك الاجتهادية ، كالمناسبة ، أو السَّبْر والتقسيم، أو الدوران.

والقياس الذي اُستنبِطت العِلَّة فيه بأحد المسالك الاجتهادية هو محلُّ الخلاف بين المثبتين له والنافين.

أما القياس الذي ثبت عِلَّتُه بنصٍّ أو إجماعٍ فالعمل بمعناه مَحَلُّ وفاقٍ

(1) البحر المحيط للزركشي: (7/ 323).

(2)

مجموع الفتاوى: (22/ 330).

(3)

المستصفى: (3/ 491).

(4)

نهاية الوصول: (7/ 3047).

(5)

الموافقات: (5/ 22).

ص: 393

- في الجملة- عند العلماء سواءً سُمِّيَ قياساً أم لا، فالأمر في ذلك يرجع إلى الاصطلاح (1).

قال الغزالي: " ينقسم الجامع إلى معلومٍ بالنصِّ، وإلى معلومٍ بالاستنباط، فهذا لا يمنعه وضع اللغة، فإن خُصِّص بالاصطلاح فكذلك - أيضاً - لا حجر فيه

ولكن ينبغي أن يُعْلَمَ أن حاصل الخلاف يرجع إلى أمرٍ لفظي، وإلا فَحَظُّ المعنى مُتَّفَقٌ عليه، فخرج منه: أن المُسمَّى قياساً - بالاتفاق - هو إلحاقُ فرعٍ بأصلٍ بجامعٍ مُسْتَنْبَطٍ بالفكر " (2).

ومحلُّ الاجتهاد في هذا النوع من الأقيسة هو بذل الجهد في استخراج مناط الحُكْم.

قال الحجوي: " إذا تأمت هذه الأقيسة التي تلونا عليك وجدت محلَّ الاجتهاد فيها تخريج مناط الحكم، وهو استنباط الوصف المناسب من النصِّ ليُجعَل مدارًا للحكم "(3).

ولهذا اعتبر الأصوليون استخراج عِلَّة الحُكْم في الأصل بمسلك المناسبة هو

" عمدة كتاب القياس"(4)؛ لأن أكثر الأقيسة يُلْحَق فيها الفرع بالأصل لجامعٍ مُستنْبَطٍ بمسلك المناسبة الذي يُعَدُّ أهم صور الاجتهاد في تخريج المناط.

رابعاً: يُعتَبر الاجتهاد في تحقيق المناط أعمَّ من القياس.

وذلك لأن القياس يختصُّ بالعِلل سواءٌ كانت منصوصةً أو مُجْمَعاً عليها أو مُستنْبَطة ، بينما تحقيق المناط يشمل ما إذا كان المناط عِلَّةً ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط، أو كان المناط قاعدةً كليَّةً ثبتت بنصٍّ أو إجماع أو

(1) ينظر: الإحكام للآمدي (4/ 35)، الإبهاج (3/ 83)، البحر المحيط للزركشي (7/ 24 - 25)، شرح المحلي على جمع الجوامع (2/ 204)، إرشاد الفحول (2/ 584).

(2)

أساس القياس: (109).

(3)

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي: (1/ 132).

(4)

البحر المحيط للزركشي: (5/ 206).

ص: 394

استنباط، أو كان مقتضى لفظٍ عامٍّ أو مطلقٍ تعلَّق به حُكْمٌ شرعي (1).

قال الغزالي: " الحُكْم في الأشخاص التي ليست متناهيةً إنما يتمُّ بمقدمتين: كُليَّة، كقولنا: كلُّ مطعوم ربوي، وجزئيَّة، كقولنا: هذا النبات مطعومٌ أو الزعفران مطعوم، وكقولنا: كلُّ مُسْكِرٍ حرام، وهذا الشراب بعينه مُسْكِر، وكلُّ عدْلٍ مُصَدَّق، وزيدٌ عَدْل، وكلُّ زانٍ مرجوم، وماعز قد زنى فهو إذاً مرجوم، ، والمقدمة الجزئية هي التي لا تتناهى مجاريها فيضطر فيها إلى الاجتهاد لا محالة، وهو اجتهادٌ في تحقيق مناط الحكم، وليس ذلك بقياس، أما المقدمة الكليَّة فتشتمل على مناط الحُكْم وروابطه، وذلك يمكن التنصيص عليه بالروابط الكليَّة، كقوله: كلُّ مطعوم ربويٍّ بدلاً عن قوله: لا تبيعوا البُرَّ بالبُرِّ، وكقوله: كلُّ مُسْكِرٍ حرام بدلاً عن قوله: حرّمت الخمر، وإذا أتى بهذه الألفاظ العامّة وقع الاستغناء عن استنباط مناط الحكم، واستغني عن القياس، هذا مع أنه يمكن منازعة هذا القائل بأنه لم يجب استيعاب جميع الصور بالحكم، ولم يَسْتَحِلْ خلو بعضها عن الحكم، فإنه في المقدمة الجزئية أيضا يمكن أن يُرَدَّ فيه إلى اليقين، فيقال: من تيقنتم صدقه، وما تيقنتم كونه مطعوماً أو مُسْكِراً فاحكموا به، وما لم تتيقنوا به فاتركوه على حُكْم الأصل، إلا أن هذا لا يجري في جميع الجزئيات؛ لأنه لا سبيل إلى تيقُّن صدق الشهود، وعدالة القضاة، والولاة، ولا سبيل إلى تعطيل الأحكام، وكذلك لا سبيل إلى تقديرٍ متيقَّنٍ في كفاية الأقارب، وأروش المتلفات، فإن التكثير فيه إلى حصول اليقين ربما يضرُّ بجانب الموجَب عليه كما يضرُّ التقليل بجانب الموجَب له، فالاجتهاد في تحقيق مناط الحُكْم ضرورةٌ أما في تخريج المناط وتنقيح المناط فلا"(2).

خامساً: إذا كان المناط عِلَّةً ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط، وثبت المناط في حُكْم الأصل قطعاً ، ثم ثبت وجوده كذلك في الفرع كان القياس قطعياً.

(1) ينظر: (194 - 195).

(2)

المستصفى: (3/ 504 - 505).

ص: 395

أما إذا ثبت المناط فيهما، أو في أحدهما ظنَّاً، كان القياس حينئذٍ ظنِّياً.

قال الفخر الرازي: "إذا اعتقدنا كون الحُكْم في محلِّ الوفاق مُعَلَّلاً بوصف ، ثم اعتقدنا حصول ذلك الوصف بتمامه في محلِّ النزاع ، حصل لا محالةَ اعتقاد أن الحُكْم في محلِّ النزاع مثل الحُكْم في محلِّ الوفاق ، فإن كانت المقدمتان قطعيتين كانت النتيجة كذلك ،ولا نزاع بين العقلاء في صحته ، أما إذا كانتا ظنيتين ، أو كانت إحداهما فقط ظنيَّة ، فالنتيجة تكون ظنَّيةً لا محالة "(1).

وقال القرافي: " إذا كان تعليل الأصل قطعياً، ووجود العِلَّة في الفرع قطعياً كان القياس قطعياً متفقاً عليه"(2).

ومن صور الأقيسة القطعية:

- إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق من طريق الأولى.

كإلحاق الضرب والشتم بالتأفيف في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23].

وقد ذهب إلى ذلك: إمام الحرمين (3) ، والفخر الرازي (4).

وذهب جمهور الحنفية (5) ، والحنابلة إلى أنه من دلالة النصِّ (6)، واختاره الغزالي في " المستصفى "(7) ، والآمدي (8).

وقال الغزالي بعد أن اختار كونه من اللفظ دون القياس: "ومن سمَّاه قياساً اعترف بأنه مقطوعٌ به ولا مشاحةَ في الأسامي، فمن كان القياس عنده

(1) المحصول (5/ 19 - 20).

(2)

شرح تنقيح الفصول (387).

(3)

ينظر: البرهان: (2/ 786).

(4)

ينظر: المحصول (5/ 121).

(5)

فواتح الرحموت: (1/ 446).

(6)

ينظر: العدة (4/ 1333) ، شرح الكوكب المنير (3/ 483).

(7)

ينظر: (3/ 594 - 595).

(8)

ينظر: الإحكام (3/ 87).

ص: 396

عبارةً عن نوعٍ من الإلحاق يشمل هذه الصورة فإنما مخالفته في عبارة" (1).

- القطع بنفي الفارق المؤثِّر بين الأصل والفرع.

كقياس العبد على الأَمَة في تنصيف حدِّ الزنا، كما في قوله سبحانه:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25].

وضابط هذا النوع أنه لا يُحتَاج إلى التعرُّض للعِلَّة الجامعة ، بل يُتَعَرَّض للفارق، ويُعْلَم أنه لا فارقَ إلا كذا، ولا مدخلَ له في التأثير قطعاً (2).

قال الغزالي: " فإن تطرَّق الاحتمال إلى قولنا " لا فارق إلا كذا" بأن احتمل أن يكون ثَمَّ فارقٌ آخر، أو تطرَّق الاحتمال إلى قولنا " لا مدخلَ له في التأثير " بأن احتمل أن يكون له مدخل، لم يكن هذا الإلحاق مقطوعاً به بل ربَّما كان مظنوناً"(3).

- القياس الذي قُطِع فيه بأمرين: أحدهما أنَّ وصفاً معيَّنًا في الحُكْم هو عِلَّته قطعاً، وثانيهما: أنَّ ذلك الوصف موجودٌ في الفرع قطعاً (4).

وأما القياس الظني فهو أن تكون إحدى المقدمتين أو كلتاهما مظنونة، كقياس السفرجل على البُرِّ في الرِّبا، فإن الحُكْم بأن العِلَّة هي الطعم ليس مقطوعاً به، لجواز أن تكون هي الكيل أو القوت (5).

(1) المستصفى: (3/ 595).

(2)

ينظر: (90).

(3)

المستصفى: (3/ 598 - 599).

(4)

ينظر: شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 320) ، نبراس العقول (180).

(5)

ينظر: نهاية السول (4/ 27).

ص: 397