المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي - الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية

[بلقاسم الزبيدي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أسباب اختيار الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌جوانب الإضافة في هذا البحث على الدراسات السابقة:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌شكر وتقدير:

- ‌تمهيدتعريف الاجتهاد في المناط، وبيان أنواعه، وأوجه الجمع والفرق بينهما

- ‌المبحث الأولتعريف الاجتهاد لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف الاجتهاد اصطلاحاً

- ‌المطلب الثالث: بيان وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والإصطلاحي:

- ‌المبحث الثانيتعريف المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف المناط لغةً:

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط اصطلاحاً

- ‌العِلَّة في الاصطلاح:

- ‌التعريف الأول:العِلَّة هي: الوصف المؤثِّر في الحُكْم بِجَعْلِ الشارع لا لذاته

- ‌التعريف الثاني:العِلَّة هي: الوصف الباعث على شَرْع الحُكْم

- ‌التعريف الثالث:العِلَّة هي: الوصف المعرِّف للحُكْم بوضع الشارع

- ‌التعريف المختار:

- ‌المطلب الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌المبحث الثالثتعريف الاجتهاد في المناط وبيان أنواعه

- ‌المطلب الأول: تعريف الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الثاني: أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌النوع الأول: تحقيق المناط

- ‌النوع الثاني: تنقيح المناط

- ‌النوع الثالث: تخريج المناط

- ‌المبحث الرابعأوجه الجمع والفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الأول: أوجه الجمع بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌المطلب الثاني: أوجه الفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط

- ‌الباب الأولالاجتهاد في تنقيح المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تنقيح المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تنقيح المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التنقيح لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً

- ‌المبحث الثانيتعريف تنقيح المناط اصطلاحاً

- ‌المقارنة بين التعريفات:

- ‌التعريف المختار:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيحكم العمل بتنقيح المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأول: حكم العمل بتنقيح المناط:

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بـ "تنقيح المناط

- ‌الفصل الثالثالعلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق

- ‌المبحث الأولتعريف إلغاء الفارق لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف إلغاء الفارق لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف إلغاء الفارق اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيأقسام الإلحاق بإلغاء الفارق

- ‌القسم الأول: أن يكون الإلحاق بـ "إلغاء الفارق" بين الأصل والفرع مقطوعاً به، ويُسَمَّى "القياس الجلي

- ‌القسم الثاني: أن يكون الإلحاق بـ "إلغاء الفارق" بين الأصل والفرع مظنوناً به، ويُسَمَّي "القياس الخفي

- ‌المبحث الثالثالعلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والترجيح بينها:

- ‌الترجيح بين الاتجاهات السابقة:

- ‌الفصل الرابعالعلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم

- ‌المبحث الأولتعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف السَّبْر والتقسيم اصطلاحاً

- ‌المبحث الثانيالعلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والترجيح بينها:

- ‌الترجيح بين الاتجاهات السابقة:

- ‌الفصل الخامسطرق تنقيح المناط

- ‌أولاً: استقراء عادة الشرع في إلغاء وصفٍ عن درجة الاعتبار وعدم إناطة الحكم به

- ‌ثانياً: الإجماع على أن الشارع ألغى ذلك الوصف ولم يعتبره مؤثِّراً في الحُكْم، أو ألغى خصوصه وأناط الحُكْم بما هو أعمَّ منه

- ‌ثالثاً: كون الحُكْم ثابتاً في صورةٍ ما بالباقي من الأوصاف دون الوصف المحذوف

- ‌الباب الثانيالاجتهاد في تخريج المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تخريج المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تخريج المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التخريج لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً:

- ‌المبحث الثانيتعريف تخريج المناط اصطلاحاً

- ‌تحليل اتجاهات الأصوليين والمقارنة بينها:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيحكم العمل بتخريج المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأولحكم العمل بتخريج المناط

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بتخريج المناط

- ‌الفصل الثالثمسالك تخريج المناط

- ‌المبحث الأولتخريج المناط بمسلك المناسبة

- ‌المطلب الأول: تعريف المناسبة لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أقسام المناسب بحسب اعتبار شهادة الشرع له بالملائمة وعدمها

- ‌المطلب الثالث: حُجِّية مسلك المناسبة

- ‌المطلب الرابع: صورة تخريج المناط بمسلك المناسبة

- ‌المبحث الثانيتخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم

- ‌المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: أقسام السَّبْر والتقسيم

- ‌القسم الأول: التقسيم الحاصر

- ‌القسم الثاني: التقسيم غير الحاصر

- ‌المطلب الثالث: حجية السَّبْر والتقسيم:

- ‌المذهب الأول: أنه حُجَّةٌ للمُسْتَدِل وهو الناظر، وللمعترِض وهو المناظِر

- ‌المذهب الثاني: أنه حُجَّةٌ للمُسْتَدِل وهو الناظِر، وليس حُجَّةً على المعترِض وهو المناظِر

- ‌المذهب الثالث: أنه حُجَّةٌ للمستدِل وهو الناظِر، وللمعترِض وهو المناظِر، بشرط الإجماع على تعليل حُكْم الأصل

- ‌المذهب الرابع: أنه ليس بحُجَّةٍ مطلقاً

- ‌المطلب الرابع: شروط صحة السَّبْر والتقسيم

- ‌الشرط الأول: أن يكون الحُكْم في الأصل مُعَلَّلاً

- ‌الشرط الثاني: أن يكون السَّبْر حاصراً لجميع الأوصاف التي تصلح أن تكون عِلَّةً للحُكْم

- ‌الشرط الثالث: إثبات أن الأوصاف التي أبطلها المُسْتَدِل لا تصلح للعِلِّيَّة

- ‌الطريق الأول: الإلغاء

- ‌الطريق الثاني: الطَّردية

- ‌الطريق الثالث: أن لا يظهر للوصف المحذوف مناسبةٌ للحُكْم

- ‌المطلب الخامس: صورة تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم

- ‌المبحث الثالثتخريج المناط بمسلك الدوران

- ‌المطلب الأول: تعريف الدوران لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حجية مسلك الدوران

- ‌القول الأول: أنه يفيد العِلِّيَّة قطعاً

- ‌القول الثاني: أن الدوران يفيد العِلِّيَّة ظناً بشرط عدم المُزَاحِمِ وعدم المانع

- ‌القول الثالث: أن الدوران لا يفيد العِلِّية مطلقاً

- ‌المطلب الثالث: صورة تخريج المناط بمسلك الدوران

- ‌الباب الثالثالاجتهاد في تحقيق المناط

- ‌الفصل الأولتعريف تحقيق المناط لغةً واصطلاحاً

- ‌المبحث الأولتعريف تحقيق المناط لغةً

- ‌المطلب الأول: تعريف التحقيق لغةً

- ‌المطلب الثاني: تعريف المناط لغةً

- ‌المبحث الثانيتعريف تحقيق المناط اصطلاحاً

- ‌التعريف الأول:

- ‌التعريف الثاني:

- ‌التعريف الثالث:

- ‌التعريف الرابع:

- ‌التعريف الخامس:

- ‌التعريف المختار:

- ‌المبحث الثالثوجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي

- ‌الفصل الثانيأقسام تحقيق المناط

- ‌المبحث الأولأقسام تحقيق المناط بالنظر النظر إلى نوع المناط

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط باعتباره عِلَّةً، سواءً ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط باعتباره قاعدةً شرعيَّة

- ‌القسم الثالث: تحقيق المناط باعتباره لفظاً عاماً تعلَّق به حكمٌ شرعيٌّ

- ‌القسم الرابع: تحقيق المناط باعتباره معنىً مطلقاً تعلَّق به حكمٌ شرعيُّ

- ‌المبحث الثانيأقسام تحقيق المناط بالنظر إلى وضوحه وخفائه

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط الجلي

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط الخفي

- ‌المبحث الثالثأقسام تحقيق المناط بالنظر إلى مراتبه

- ‌القسم الأول: تحقيق المناط في الأنواع

- ‌القسم الثاني: تحقيق المناط في الأشخاص أو الأعيان

- ‌الفصل الثالثحُكْم العمل بتحقيق المناط والأدلة على اعتباره

- ‌المبحث الأولحُكْم العمل بتحقيق المناط

- ‌المبحث الثانيالأدلة على اعتبار العمل بتحقيق المناط

- ‌الفصل الرابعضوابط تحقيق المناط

- ‌المبحث الأول: التصوُّر الصحيح التام للواقعة ومعرفة حقيقتها

- ‌المبحث الثانيمراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة

- ‌المبحث الثالثاعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلَّفين

- ‌المبحث الرابعمراعاة اختلاف مقاصد المكلَّفين

- ‌المبحث الخامسالموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة

- ‌القسم الأول: الموازنة بين المصالح المتعارضة

- ‌القسم الثاني: الموازنة بين المفاسد المتعارضة

- ‌القسم الثالث: الموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة

- ‌الفصل الخامس (*)مسالك تحقيق المناط

- ‌المبحث الأولالمسالك النقلية

- ‌المسلك الأول: الكتاب

- ‌المسلك الثاني: السُّنَّة

- ‌المسلك الثالث: الإجماع

- ‌المسلك الرابع: قول الصحابي

- ‌المبحث الثاني: المسالك الاجتهادية

- ‌المسلك الأول: لغة العرب

- ‌المسلك الثاني: العرف

- ‌المسلك الثالث: الحِسّ

- ‌المسلك الرابع: قول أهل الخبرة

- ‌المسلك الخامس: البيِّنات الشرعيَّةً

- ‌المسلك السادس: الحساب والعدد

- ‌الباب الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة الشرعيَّة

- ‌الفصل الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المتفق عليها

- ‌المبحث الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالكتاب

- ‌المطلب الأول: تعريف الكتاب لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة الكتاب

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالكتاب

- ‌المبحث الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بالسُّنَّة

- ‌المطلب الأول: تعريف السُنَّة لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة السُّنَّة

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالسُّنَّة

- ‌المبحث الثالثعلاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع

- ‌المطلب الأول: تعريف الإجماع لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الإجماع

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع

- ‌المبحث الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

- ‌المطلب الأول: تعريف القياس لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية القياس

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس

- ‌الفصل الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المختلف فيها

- ‌المبحث الأولعلاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستصحاب لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الاستصحاب

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب

- ‌المبحث الثانيعلاقة الاجتهاد في المناط بشرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المطلب الأول: تعريف شرع مَنْ قَبْلَنا لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة شرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بشرع مَنْ قَبْلَنا

- ‌المبحث الثالثالعلاقة بين الاجتهاد في المناط وقول الصحابي

- ‌المطلب الأول: تعريف الصحابي لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجيَّة قول الصَّحابي

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي

- ‌المبحث الرابععلاقة الاجتهاد في المناط بالاستحسان

- ‌المطلب الأول: تعريف الاستحسان لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية الاستحسان

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستحسان

- ‌المبحث الخامسعلاقة الاجتهاد في المناط بالمصلحة المرسلة

- ‌المطلب الأول: تعريف المصلحة المرسلة لغةً، واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية المصلحة المُرْسَلة

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالمصلحة المرسلة

- ‌المبحث السادسعلاقة الاجتهاد في المناط بسدِّ الذرائع

- ‌المطلب الأول: تعريف سدِّ الذرائع لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّية سد الذرائع

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بسدِّ الذرائع

- ‌المبحث السابععلاقة الاجتهاد في المناط بالعُرف

- ‌المطلب الأول: تعريف العُرف لغةً واصطلاحاً

- ‌المطلب الثاني: حُجِّيَّة العُرف

- ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالعرف

- ‌الباب الخامستطبيقات الاجتهاد في المناطفي فقه النوازل المعاصرة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأولاستخدام مياة الصرف الصحي المُعالَجة في الطهارة

- ‌المرحلة الأولى: المعالجة الابتدائية

- ‌المرحلة الثانية: المعالجة الأولية (الفيزيائية)

- ‌المرحلة الثالثة: المعالجة الثانوية (البيولوجية أو الأحيائية)

- ‌المرحلة الرابعة: (الترشيح، والتعقيم)

- ‌المبحث الثانيتحديد أوقات الصلاة في البلدان الواقعة على خطوط العرض العالية

- ‌المبحث الثالثزكاة أسهم الشركات

- ‌المبحث الرابعاستخدام الحقن العلاجية أثناء الصيام

- ‌النوع الأول: الحقن الجلدية

- ‌النوع الثاني: الحقن العضلية

- ‌النوع الثالث: الحقن الوريدية

- ‌المبحث الخامسالإحرام بالحج أو العمرة للقادمين جواً بالطائرة

- ‌المبحث السادسالمتاجرة بالهامش في الأسواق المالية

- ‌المبحث السابعخطاب الضمان البنكي

- ‌المبحث الثامنالتورُّق المصرفي المنظَّم

- ‌المبحث التاسعتحديد النَّسْل

- ‌المبحث العاشرإنشاء بنوك الحليب البشري والرضاع منها

- ‌المبحث الحادي عشرإجراء عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب

- ‌المبحث الثاني عشرإسقاط الجنين المشوَّه خِلْقياً

- ‌المبحث الثالث عشررفع أجهزة الإنعاش عن المتوفَّى دماغياً

- ‌المبحث الرابع عشرزراعة ونقل الأعضاء التناسلية

- ‌المبحث الخامس عشرزراعة عضوٍ استُؤصِل في حدٍّ أو قصاص

- ‌خاتمة البحث

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي

رابعاً: إنَّ التابعين أجمعوا على اتِّباع الصَّحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم، والفتيا به ، من غير نكيرٍ من أحدٍ منهم، ولولا أنهم رأوا ذلك حُجَّةً ، وإلا لما أطبقوا على الاتِّباع هذا الإطباق (1).

قال العلائي: "ومن أمعن النظر في كتب الآثار وجد التابعين لا يختلفون في الرجوع إلى أقوال الصَّحابي فيما ليس فيه كتابٌ ولا سُنَّةٌ ولا إجماع، ثم هذا مشهورٌ أيضاً في كلِّ عصرٍ لا يخلو عنه مستدِلٌ بها ،أو ذاكِرٌ لأقوالهم في كتبه"(2).

ولا يقال: فيكون المخالِف في ذلك خارقاً للإجماع؛ لأن مخالفة الإجماع الاستدلالي والظنيِّ لا يقدح، وما ذكر آنفا يُعْتَبر من ذلك (3).

وقال ابن القيم: " لم يزل أهل العلم في كلِّ عَصْرٍ ومِصْرٍ يحتجُّون بما هذا سبيله من فتاوى الصحابة وأقوالهم، ولا ينكره منكرٌ منهم، وتصانيف العلماء شاهدةٌ بذلك، ومناظراتهم ناطقةٌ به"(4).

‌المطلب الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي

.

تظهر علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي في جوانب عديدة، من أهمها مايأتي:

أولاً: الصَّحابة رضي الله عنهم أعرف الناس بمعاني الكتاب والسُّنَّة، وأعلمهم بمناطات الأحكام ، وأكثرهم تأهلاً للاجتهاد؛ وذلك لوجهين:

الوجه الأول: أنهم باشروا الوقائع والنوازل ، وشاهدوا تصرُّفات الرسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان أحكام الحوادث ، وشاهدوا الأحوال التي نزلت فيها

(1) ينظر: البرهان (2/ 1360) ، إعلام الموقعين (6/ 27 - 29) ، إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (66).

(2)

إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (67).

(3)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (67).

(4)

إعلام الموقعين: (6/ 29).

ص: 424

النصوص، والمحالَّ التي تتغيَّر باعتبارها الأحكام ، ووقفوا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ومراده من كلامه على مالم يقف عليه غيرهم ، فهم أعرف بالتأويل، وأعلم بالمقاصد (1).

ولذلك " فهم أقعد في فهم القرائن الحالية ، وأعرف بأسباب التنزيل، ويدركون ما لا يدركه غيرهم بسبب ذلك، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب"(2).

الوجه الثاني: أنهم عربٌ فصحاء، لم تتغيَّر ألسنتهم، ولم تنزَّل فصاحتهم عن رتبتها العليا ، فهم من أعرف الناس باللسان العربي الذي جرى عليه خطاب الشريعة (3).

وبهذين الوجهين" كانوا أقعد بمفهوم الأحوال ، ودلالات الأقوال"(4).

وبناءً على ذلك فإنه متى ثبت عن الصَّحابي قولٌ أو عملٌ يقع مواقع الاجتهاد في الشريعة، ولم يُعْلَم له مخالفٌ من الصَّحابة، لزم العمل به، والاعتماد عليه؛ لأن فهمهم في الشريعة أتمُّ وأحرى بالتقديم (5).

وقد كانوا رضي الله عنهم: " أعلم الناس بباطن الرسول وظاهره، وأخبر الناس بمقاصده ومراداته"(6).

ولهذا كان" السلف والخلف من التابعين ومن بعدهم يهابون مخالفة الصحابة، ويتكثَّرون بموافقتهم، وأكثر ما تجد هذا المعنى في علوم الخلاف الدائر بين الأئمة المعتبرين؛ فتجدهم إذا عيَّنوا مذاهبهم قوُّوها بذكر من ذهب إليها من الصحابة، وما ذاك إلا لما اعتقدوا في أنفسهم وفي مخالفيهم من

(1) ينظر: العدة (5/ 1187) ، الإحكام للآمدي (4/ 188) ، الموافقات (4/ 128) ، إجمال الإصابة في أقوال

الصحابة (64).

(2)

الموافقات (4/ 128).

(3)

ينظر: الموافقات (4/ 128).

(4)

بداية المجتهد: (2/ 67).

(5)

ينظر: الموافقات (4/ 128 - 132).

(6)

مجموع الفتاوى: (7/ 503).

ص: 425

تعظيمهم، وقوة مآخذهم دون غيرهم، وكِبَرِ شأنهم في الشريعة، وأنهم مما يجب متابعتهم وتقليدهم فضلاً عن النظر معهم فيما نظروا فيه " (1).

ومن صور ذلك: بيانهم لمعاني الكتاب والسُّنَّة.

قال الشاطبي: " فإذا جاء في القرآن أو في السُنَّة من بيانهم ما هو موضوعٌ موضعَ التفسير، بحيث لو فرضنا عدمه لم يُمْكِن تنزيل النصِّ عليه على وجهه؛ انحتم الحُكْم بإعمال ذلك البيان"(2).

وأقوال الصحابة وأعمالهم أحسَن مايستدلُّ به على معاني الكتاب والسُّنَّة.

قال ابن تيمية: " انظر في عموم كلام الله ورسوله لفظاً ومعنى، حتى تعطيه حقه، وأحسَن ما تستدلَّ به على معناه: آثار الصحابة الذين كانوا أعلم بمقاصده، فإنَّ ضَبْطَ ذلك يوجب توافق أصول الشريعة وجريها على الأصول الثابتة"(3).

ولهذا كان من عادة الإمام مالك بن أنس في "موطَّئه" الإتيان بالآثار عن الصحابة مبيِّناً بها السُّنن، وما يُعْمَل به منها وما لا يُعْمَل به، وما يُقَيَّد به مطلقاتها، أو يُخْصَّص بها عمومها (4).

ومن الأمثلة التي أوردها الشاطبي على ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يزال الناس بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْر"(5)؛ فهذا التعجيل يحتمل أن يُقْصَد به إيقاعه قبل الصلاة، ويحتمل أن لا؛ فكان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يصلِّيان المغرب قبل أن يفطرا، ثم يفطران بعد الصلاة؛

(1) الموافقات: (4/ 457).

(2)

الموافقات: (4/ 132).

(3)

القواعد النورانية: (223).

(4)

ينظر: الموافقات (4/ 131).

(5)

أخرجه البخاري في "صحيحه" ، كتاب الصوم ، باب تعجيل الفطر، رقم (1957) ، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام ،باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، رقم (1098) ، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما.

ص: 426

بياناً أن هذا التعجيل لا يلزم أن يكون قبل الصلاة، بل إذا كان بعد الصلاة فهو تعجيلٌ أيضاً (1).

والكلام في بيان الصَّحابي لمعاني الكتاب والسُّنَّة كالكلام في فتواه سواء، وصورة المسألة هنا كصورتها هناك، وهو أن لا يكون في المسألة نصٌّ يخالفه، ويقول في الآية أو الحديث قولاً لا يخالفه فيه أحدٌ من الصحابة، سواءٌ عُلِمَ لاشتهاره أو لم يُعلَم؛ لأنه من الممتنع أن يقول أحدهم في كتاب الله أو في سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم الخطأ المحض ويمسك الباقون عن الصواب فلا يتكلمون به، ، فالمحظور إنما هو خلو عصرهم عن ناطقٍ بالصواب واشتماله على ناطقٍ بغيره فقط ، فهذا هو المحال (2).

ومن ذلك: استعمالهم القياس في الوقائع والنوازل التي لانصَّ فيها، وإن كانوا لايسمُّون ذلك قياساً بحسب تسمية الأصوليين.

قال ابن القيم: " الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستعملون القياس في الأحكام، ويعرفونها بالأمثال والأشباه والنظائر، ولا يُلتفت إلى من يقدح في كلِّ سندٍ من هذه الأسانيد وأثرٍ من هذا الآثار، فهذه في تعدُّدها واختلاف وجوهها وطرقها جاريةٌ مجرى التواتر المعنوي الذي لا يُشك فيه"(3).

ومن الأمثلة على ذلك:

- أن الصحابة رضي الله عنهم جعلوا العبد على النصف من الحُرِّ في النكاح والطلاق والعدَّة؛ قياساً على ما نصَّ الله عليه (4) من قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25].

- قياس الصحابة حدَّ الشرب على حدِّ القذف، حيث إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شاور الناس في حدِّ الخمر، وقال: إن الناس قد شربوها

(1) ينظر: الموافقات (4/ 129).

(2)

ينظر: إعلام الموقعين (6/ 36 - 37).

(3)

المرجع السابق: (2/ 377).

(4)

ينظر: إعلام الموقعين (2/ 367).

ص: 427

واجترءوا عليها، فقال له علي- رضي الله عنه: إن السكران إذا سَكَرَ هذى، وإذا هذى افترى، فاجعله حدَّ الفرية، فجعله عمر حدَّ الفرية ثمانين (1).

ولما" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهدون في النوازل، ويقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره"(2) ، عُدَّ قياسهم فيما لانصَّ فيه على ما فيه نصٌّ دليلاً من أقوى الأدلة على اعتبار القياس أصلاً من أصول أحكام الشرع (3).

قال ابن السمعاني: " واعلم أن الاحتجاج بإجماع الصحابة دليلٌ في نهاية الاعتماد، وهو مما يقطع العذر، ويزيح الشبهة، فليكن به التمسُّك"(4).

وقد فتحوا بذلك التصرُّف الاجتهادي رضي الله عنهم باباً للعلماء من أعظم أبواب الاجتهاد في الشريعة.

قال ابن القيم: " فالصحابة رضي الله عنهم مثِّلوا الوقائع بنظائرها، وشبَّهوها بأمثالها، وردُّوا بعضها إلى بعضٍ في أحكامها، وفتحوا للعلماء باب الاجتهاد، ونهجوا لهم طريقه، وبيَّنوا لهم سبيله"(5).

ولما كان الاجتهاد في الشرعيات يستند إلى الظنِّ الراجح ، كان الاستناد في الظنِّيات إلى قول الصحابي الذي لم يشتهر، ولم يُعْلَم له مخالفٌ أقوى في الرجحان من غيره.

قال ابن القيم: " من تأمل المسائل الفقهية، والحوادث الفرعية، وتدَّرب بمسالكها، وتصرَّف في مداركها، وسلك سبلها ذللاً، وارتوى من مواردها عِللاً ونَهْلا، علم قطعاً أن كثيراً منها قد تشتبه فيها وجوه الرأي بحيث لا يوثق فيها بظاهرٍ مراد، أو قياسٍ صحيحٍ ينشرح له الصدر ويثلج له الفؤاد، بل تتعارض فيها الظواهر والأقيسة على وجهٍ يقف المجتهد في أكثر المواضع حتى

(1) ينظر: إعلام الموقعين: (2/ 373 - 375).

(2)

إعلام الموقعين: (2/ 354).

(3)

ينظر: إعلام الموقعين (2/ 367 - 377).

(4)

قواطع الأدلة: (4/ 53).

(5)

إعلام الموقعين: (2/ 383).

ص: 428

لا يبقى للظنِّ رجحانٌ بيَّن، لا سيما إذا اختلف الفقهاء؛ فإن عقولهم من أكمل العقول، وأوفرها فإذا تلدَّدوا وتوقفوا، ولم يتقدموا، ولم يتأخروا لم يكن ذلك في المسألة طريقةٌ واضحةٌ ولا حُجَّةٌ لائحة؛ فإذا وُجِد فيها قولٌ لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم والذين هم سادات الأمة، وقدوة الأئمة، وأعلم الناس بكتاب ربهم تعالى وسُنَّة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وقد شاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل ونسبة مَنْ بعدهم في العلم إليهم كنسبتهم إليهم في الفضل والدِّين كان الظنُّ والحالة هذه بأن الصواب في جهتهم والحق في جانبهم من أقوى الظنون، وهو أقوى من الظنِّ المستفاد من كثيرٍ من الأقيسة، هذا ما لا يمتري فيه عاقلٌ مُنْصِفٌ، وكان الرأي الذي يوافق رأيهم هو الرأي السداد الذي لا رأي سواه، وإذا كان المطلوب في الحادثة إنما هو ظنٌّ راجحٌ ولو استند إلى استصحابٍ أو قياس عِلَّةٍ أو دلالةٍ أو شَبَهٍ أو عمومٍ مخصوصٍ أو محفوظٍ مُطْلَق أو واردٍ على سبب؛ فلا شكَّ أن الظنَّ الذي يحصل لنا بقول الصحابي الذي لم يُخالَف أرجح من كثيرٍ من الظنون " (1).

فإذا ثبت عن الصحابي قولٌ أو عملٌ في مسألةٍ شرعيَّة ، ولم يشتهر ، ولم يُعْلَم له مخالِفٌ من الصحابة كان حُجَّةً تُقدَّم على ما سواها من وجوه الاجتهاد الأخرى الصادرة عن غير الصحابة.

وقد ذكر الشافعي أن هذه الصورة قليلة الوقوع في الأحكام الشرعيَّة ، فقال:" وقلَّ ما يُوجَد من قول الواحد منهم لا يخالفه غيرُه "(2).

وذلك لأن أكثر أقاويل الصحابة إما أن يثبت اشتهارها ولا تُسْتَنْكَر: فتكون من قبيل الإجماع السكوتي ، أو تُسْتَنْكَر: فيقع الاختلاف فيها ، وتكون موضع اجتهادٍ لايختصُّ به الصحابة دون غيرهم من المجتهدين.

قال الشاطبي: " فمتى جاء عنهم تقييد بعض المطلقات، أو تخصيص بعض العمومات؛ فالعمل عليه صواب، وهذا إن لم يُنْقَل عن أحدٍ منهم

(1) إعلام الموقعين: (6/ 17 - 18).

(2)

الرسالة: (596).

ص: 429

خلافٌ في المسألة، فإن خالف بعضهم؛ فالمسألة اجتهادية" (1).

وقال: " أما إذا عُلِم أن الموضع موضع اجتهادٍ لا يفتقر إلى ذينك الأمرين؛ فهم ومَنْ سواهم فيه شَرَعَ سواء؛ كمسألة العَوْل، والوضوء من النوم، وكثيرٍ من مسائل الرِّبا التي قال فيها عمر بن الخطاب: "مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبيِّن لنا آية الرِّبا؛ فدعوا الرِّبا والريبة" (2)، أو كما قال؛ فمثل هذه المسائل موضع اجتهادٍ للجميع لا يختصُّ به الصحابة دون غيرهم من المجتهدين"(3).

والصحابي في مذهبه قد يستند إلى القياس ،أو المصلحة المرسلة، أو العُرْف، أو سدِّ الذرائع ،ونحو ذلك من طرق الاجتهاد الأخرى ، والذي يخصُّ هذا الموضع من البحث هو مذهب الصحابي الذي استند فيه إلى القياس.

ثانياً: قول الصحابي يُعْتَبر من مسالك تحقيق المناط كما تقدَّم (4) ،فقد يدلَّ قول الصحابي على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.

ثالثاً: قول الصحابي إذا ثبت فإنه مقدَّمٌ على العمل بالأقيسة؛ لأن قول الصحابي أعلى في الرتبة من القياس ، والأخذ بأقوى الدليلين متعيِّن (5).

قال الشافعي: " العلم طبقاتٌ شتى ، الأولى: الكتاب والسُّنَّة إذا ثبتت السُّنَّة ، ثم الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتابٌ ولا سُنَّة، والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قولاً، ولا نعلم له مخالفاً منهم، والرابعة: اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والخامسة: القياس على بعض الطبقات، ولا يُصَار إلى شيءٍ غير الكتاب والسُّنَّة وهما موجودان، وإنما يؤخذ العلم من أعلى"(6).

(1) الموافقات: (4/ 128).

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده"(1/ 36) ، وابن ماجه في "سننه"،كتاب التجارات ، باب التغليظ في الرِّبا،

رقم (2276).

(3)

الموافقات: (4/ 134).

(4)

ينظر: (265).

(5)

ينظر: أصول السرخسي (2/ 110 - 111) ،إعلام الموقعين (6/ 39 - 40).

(6)

الأم: (7/ 280).

ص: 430

وبهذا يتبيَّن أن الشافعي يقدِّم قول الصحابي الذي لايُعلَم له مخالف - سواءٌ اشتهر أو لم يشتهر - على العمل بالقياس.

وذكر ابن القيم أن الأصول التي بنى عليها الإمام أحمد فتاويه خمسة وهي: (1)

أحدها: النصوص، فإذا وجد النصُّ أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ، ولا مَنْ خالفه كائناً من كان.

الثاني: ما أفتى به الصحابة، فإنه إذا وُجِد لبعضهم فتوى لا يُعرَف له مخالفٌ منهم فيها لم يَعْدُها إلى غيرها.

الثالث: إذا اختلف الصحابة تخيَّر من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسُّنَّة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبيَّن له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها، ولم يجزم بقول.

الرابع: الأخذ بالمُرْسَل والحديث الضعيف، إذا لم يكن في الباب شيءٌ يدفعه، وهو الذي رجَّحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ،ولا المنكر، ولا ما في روايته متَّهَم، بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به؛ بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسمٌ من أقسام الحَسَن، ولم يكن يقسِّم الحديث إلى صحيحٍ وحسَن وضعيف، بل إلى صحيحٍ وضعيف، والضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قولَ صاحب، ولا إجماعَ على خلافه، كان العمل به عنده أولى من القياس.

الخامس: القياس ، فإذا لم يكن عند الإمام أحمد في المسألة نصٌّ ولا قول الصحابة، أو واحدٌ منهم ، ولا أثرٌ مُرْسَل ، أو ضعيف ، عَدَلَ إلى القياس.

وبهذا يتبيَّن أن الإمام أحمد كذلك يقدِّم قولَ الصحابي الذي لم يُعلَم له مخالف

-سواء اشتهر أو لم يشتهر- على القياس.

وإن عضده القياس ولو كان ضعيفاً فأولى أن يؤخذ به حتى عند القائلين بعدم حجِّية قول الصحابي (2).

(1) ينظر: إعلام الموقعين (2/ 50 - 60).

(2)

ينظر: الفقيه والمتفقه (1/ 525).

ص: 431

قال الغزالي: "فإن لم يكن -أي: قول الصحابي- حُجَّةً فلا يبعد أن يقوى القياس به في ظنِّ مجتهد، إذ يقول إن كان ما قاله عن توقيفٍ فهو أولى، وإن كان قال ما قاله عن ظنٍّ وقياسٍ فهو أولى بفهم مقاصد الشرع مِنّا"(1).

رابعاً: قول الصحابي إذا ثبت ولم يُعلَم له مخالفٌ فإنه يخصِّص العموم الوارد في الكتاب والسُّنَّة (2).

والمراد: أن يَرِد نصٌّ عامٌّ في الكتاب أو السُّنَّة، فيخصّه الصحابي ببعض أفراده، سواءٌ كان هو الراوي في حال كونه خبراً، أو لم يكن هو راوي ذلك الخبر (3).

فمثال الأول حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ بدَّل دينه فاقتلوه"(4) ،فإنَّ لفظ "مَنْ "عامٌّ يشمل المذكَّر والمؤنث ،وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في النساء إذا ارتددن عن الإسلام:"يُحبَسَنَّ ولا يُقتَلنَ"، فخصَّ الحديث بالرِّجال (5).

ومثال الثاني حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم صدقةٌ في عبده ولا في فرسه"(6).

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه تخصيص الخيل بما يُغْزَى عليه في سبيل الله ،فأما غيرها ففيها الزكاة ، وعن عثمان رضي الله عنه تخصيصه أيضاً بالسائمة، وعن عمر رضي الله عنه نحوه أيضاً (7).

(1) المستصفى: (3/ 330).

(2)

ينظر في المسألة: المستصفى (3/ 330).

(3)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (84) ، البحر المحيط للزركشي (3/ 398).

(4)

أخرجه البخاري في "صحيحه"،كتاب استتابة المرتدين، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، رقم (6922).

(5)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (84) ، البحر المحيط للزركشي (3/ 399 - 400).

(6)

أخرجه البخاري في "صحيحه"،كتاب الزكاة ، باب ليس على المسلم في عبده صدقةٌ، رقم (1464) ،

وأخرجه مسلم في "صحيحه"، كتاب الزكاة، باب لازكاة على المسلم في عبده وفرسه، رقم (982).

(7)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (85) ، البحر المحيط للزركشي (3/ 398).

ص: 432

وقد ذهب إلى ذلك: الحنفية (1)، والحنابلة (2).

واستدلوا على ذلك بأدلةٍ ، منها:

الأول: أن قول الصحابي مقدمٌ على القياس، بدليل أنه يُترك له القياس؛ وإذا كان القياس يخصِّص العموم؛ فقول الصحابي أولى وأحرى (3).

الثاني: أن قول الصحابي يستلزم دليلاً، وإلا لكان مخالفاً لظاهر العموم من غير دليل، فيكون فاسقاً، وهو باطلٌ بالاتفاق، وحينئذٍ يكون التخصيص بدليل ، فيكون قول الصحابي مخصِّصاً للعموم (4).

وتخصيص العموم بقول الصحابي يتخرَّج على القول بأن مذهبه حُجَّة ، وإذا كان كذلك لم يَحْتَجْ إلى نصب استدلالٍ عليه لظهور المُدْرَك (5).

خامساً: قول الصحابي إذا ثبت ولم يُعلَم له مخالفٌ فإنه يقيِّد المُطْلَق الوارد في الكتاب والسُّنَّة (6).

والمراد: أن يرد نصٌّ مُطْلَق في الكتاب أو السُّنَّة ،فيقيِّده الصحابي ببعض أفراده، سواءٌ كان هو الراوي في حال كونه خبراً، أو لم يكن هو راوي ذلك الخبر.

و"التقيِّيد والإطلاق أمران اعتباريان، فقد يكون المقيِّد مُطْلَقاً بالنسبة إلى قيدٍ آخر، كالرقبة مقيَّدةٌ بالمِلك مُطْلَقَةٌ بالنسبة إلى الأَيمان، وقد يكون المُطْلَق مقيَّداً ،كالرقبة مُطْلَقَةٌ وهي مقيَّدةٌ بالرِّق، والحاصل أن كلَّ حقيقةٍ اعتُبِرت من حيث هي هي فهي مُطْلَقَةٌ، وإن اعتُبِرت مضافةٌ إلى غيرها فهي مقيَّدة"(7).

(1) ينظر: تيسير التحرير (1/ 326) ،فواتح الرحموت (1/ 372).

(2)

ينظر: العدة (2/ 579) ، التمهيد للكلوذاني (2/ 119) ، البحر المحيط للزركشي (3/ 400).

(3)

ينظر: العدة (2/ 579) ، التمهيد للكلوذاني (2/ 120).

(4)

ينظر: شرح تنقيح الفصول (172) ،بيان المختصر للأصفهاني (2/ 333) ، الإبهاج (2/ 193) ،فواتح

الرحموت (1/ 372).

(5)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (87).

(6)

ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (87) ،شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (2/ 48 -

49) ، التقرير والتحبير (2/ 266) ، تيسير التحرير (3/ 73) ، شرح الكوكب المنير (3/ 395) ، نشر

البنود (1/ 266).

(7)

شرح تنقيح الفصول للقرافي: (266).

ص: 433

و"ضابط الإطلاق أنك تقتصر على مُسمَّى اللفظة المفردة، نحو رقبة ،أو إنسان، أو حيوان، ونحو ذلك من الألفاظ المفردة، فهذه كلها مُطْلَقَات، ومتى زدتَ على مدلول اللفظة مدلولاً آخر بلفظٍ أو بغير لفظٍ صار مقيَّداً ،كقولك: رقبةٌ مؤمنة، أو إنسانٌ صالح، أو حيوانٌ ناطق، وهذه المُطْلَقَات هي في أنفسها مقيَّداتٌ إذا أُخذت مسمياتها بالنسبة إلى ألفاظٍ أُخَر، فإن الرقبة هي إنسانٌ مملوكٌ وهذا مقيَّد، والإنسان حيوانٌ ناطقٌ وهذا مقيَّد، والحيوان جسمٌ حسّاسٌ وهذا مقيَّد، فصار التقيِّيد والإطلاق أمرين نسبيين بحسب ما يُنسب إليه من الألفاظ، فرُبَّ مُطْلَق مقيَّد، ورُبَّ مُقيَّدٍ مُطلَق"(1).

والكلام في تقييد المُطْلَق بقول الصحابي كالكلام المتقدِّم آنفاً في تخصيص العموم بقول الصحابي وفاقاً، وخلافاً، واستدلالاً.

قال العلائي: " وأما تقييد الصحابي الخبرَ المُطْلَق فهو كتخصيصه العامَّ من غير فرق، وذلك ظاهر"(2).

وقال ابن النجَّار الفتوحي: " وهما - أي: المُطْلَق والمقيَّد- كعامٍّ وخاصٍّ فيما ذُكِر من تخصيص العموم من مُتَفَقٍ عليه ومُختلَفٍ فيه ومختارٍ من الخلاف ، فيجوز تقييد الكتاب بالكتاب وبالسُّنَّة، وتقييد السُّنَّة بالسُّنَّة وبالكتاب، وتقييد الكتاب والسُنَّة بالقياس، ومفهوم الموافقة والمخالفة، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره، ومذهب الصحابي ونحو ذلك، على الأصح في الجميع"(3).

سادسأً: إذا تعارضت عِلَّتان وكان مع إحداهما قولٌ لصحابي ترجحت العِلَّة التي تتفق مع قول الصحابي على العِلَّة الأخرى.

لأن قول الصحابي يصدر عن تعليله في مسائل الاجتهاد ، وعِلَّته أقوى من عِلَّة غيره؛ لأنه شهد التنزيل، وعرف التأويل ، فهو أعلم بتعليل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومواقع كلامه (4).

(1) شرح تنقيح الفصول للقرافي: (266).

(2)

إجمال الإصابة في أقوال الصحابة: (87).

(3)

شرح الكوكب المنير: (3/ 395).

(4)

ينظر: التمهيد للكلوذاني (4/ 228).

ص: 434