الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: حُجِّية الاستصحاب
.
الاستصحاب بأنواعه الثلاثة الأولى حُجَّةٌ شرعيَّة ، ويجوز الاحتجاج به في النفي والإثبات مطلقاً (1).
وقد ذهب إلى ذلك: جمهور الأصوليين من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية (2).
أمَّا النوع الرابع - وهو: استصحاب حُكْم الإجماع في محلِّ النزاع- فقد ذهب المحققون من الأصوليين إلى عدم صحة الاحتجاج به.
قال ابن السُّبْكي: " فهذا ليس بحُجَّةٍ عند كافّة المحقِّقين"(3).
وذلك لأنه يؤدي إلى التسوية بين موضع الاتفاق وموضع النزاع وهما مختلفان (4).
(1) اختلف الأصوليون في حجية الاستصحاب على ثلاثة أقوال: القول الأول: الاستصحاب حجةٌ شرعية ، ويجوز الاحتجاج به مطلقاً ،وقد ذهب إلى ذلك: جمهور الأصوليين من المالكية، والشافعية، والحنابلة، والظاهرية. القول الثاني: الاستصحاب ليس بحجةٍ شرعية، ولايجوز الاحتجاج به مطلقاً ، وقد ذهب إلى ذلك: أبو الحسين البصري ، وابن الهمام الحنفي، وابن السمعاني. القول الثالث: الاستصحاب حجةٌ شرعية ، ويجوز الاحتجاج به في الدفع دون الإثبات، وقد ذهب إلى ذلك: جمهور المتأخرين من الحنفية، كالبزدوي ، والسرخسي ، وابن نجيم. ينظر: البرهان (2/ 1135 - 1141) ، المستصفى (2/ 406 - 411) ، الإحكام لابن حزم (5/ 2 - 5) ، السرخسي (2/ 147) ، العدة (4/ 1262 - 1268) ، الإحكام للآمدي (4/ 155/169) ، المحصول (6/ 109 - 121) ، قواطع الأدلة (3/ 365 - 367) ، شرح تنقيح الفصول للقرافي (351 - 352) ، الإبهاج (3/ 168 - 172) ، نهاية السول (4/ 366 - 373) ، البحر المحيط للزركشي (6/ 17 - 26) ، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 284 - 285) ، كشف الأسرار (3/ 377 - 383) ، شرح الكوكب المنير (4/ 403 - 407) ، إرشاد الفحول (2/ 974 - 979).
(2)
ينظر: المستصفى (2/ 409 - 410) ، الإحكام لابن حزم (5/ 2) ، المحصول (6/ 109) ، شرح تنقيح الفصول للقرافي (351) ، الإبهاج (3/ 171) ، نهاية السول (4/ 366) ، البحر المحيط للزركشي (6/ 17) ، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (2/ 284) ، كشف الأسرار (3/ 377) ، شرح الكوكب المنير (4/ 403) ، إرشاد الفحول (2/ 974 - 975).
(3)
الإبهاج: (3/ 169).
(4)
ينظر: المستصفى (2/ 412) ،الإبهاج (3/ 169) ، البحر المحيط للزركشي (6/ 22) ، شرح الكوكب المنير (4/ 406) ، إرشاد الفحول (2/ 978).
قال الزركشي: " لأن محلَّ الوفاق غير محلِّ الخلاف، فلا يتناوله بوجه، وإنما يوجب استصحاب الإجماع حيث لا يوجد صفةٌ تغيِّره، ولأن الدليل إن كان هو الإجماع فهو محالٌّ في محلِّ الخلاف، وإن كان غيره فلا مستند إلى الإجماع الذي يزعم أنه يستصحب"(1).
ومن أهم الأدلة على حجيِّة الاستصحاب بأنواعه الثلاثة مايلي:
أولاً: كلُّ ما تحقَّق ولم يُظَنَّ معارضٌ له فإنه يستلزم ظنَّ بقائه، والاستصحاب يفيد ظنَّ بقاء الحُكْم إلى الزمن الثاني، ، والعمل بالظنِّ واجبٌ في الشرعيات، فالاستصحاب يجب العمل به (2).
قال الفخر الرازي: " ولا معنى لكونه حُجَّةً إلا ذلك"(3).
ثانياً: إن العقلاء من الخاصَّة والعامَّة اتفقوا على أنهم إذا تحقَّقوا وجود الشيء أو عدمه، وله أحكامٌ خاصَّةٌ به، سوغوا ترتيب تلك الأحكام عليه في المستقبل من زمان ذلك الأمر، حتى إن الغائب يراسل أهله، ويراسلونه، بناءً على العلم بوجودهم، ووجوده في الماضي، ويُنْفِذ إليهم الأموال وغير ذلك، بناء على ما ذُكِر، ولولا أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، لما ساغ لهم ذلك (4).
ثالثاً: إن بقاء الباقي راجحٌ على عدمه، وإذا كان راجحاً وجب العمل به اتفاقاً وهو المدَّعى، ووجه رجحانه من وجهين، أحدهما: أن الباقي يستغني عن السبب والشرط الجديدين؛ لأن الاحتياج إليهما إنما هو لأجل الوجود، والوجود قد حصل لهذا الباقي، فلا يُحتَاج حينئذٍ إليهما، وإلا يلزم تحصيل الحاصل، بل يكفيه دوامها بخلاف الأمر الذي يحدث، فإنه لابدَّ له من سببٍ وشرطٍ جديدين فيكون عدم الباقي
(1) البحر المحيط: (6/ 17).
(2)
ينظر: المحصول (6/ 109) ، الإحكام للآمدي (4/ 155) ، الإبهاج (3/ 171) ، بيان المختصر للأصفهاني (3/ 264) ، نهاية السول (4/ 367).
(3)
المحصول: (6/ 109).
(4)
ينظر: المحصول (6/ 121) ، الإحكام للآمدي (4/ 156) ، شرح مختصر الروضة للطوفي (3/ 150).