الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
استخدام الحقن العلاجية أثناء الصيام
الحقن العلاجية على ثلاثة أنواع: (1)
النوع الأول: الحقن الجلدية
.
وهي التي تُعطى للمريض تحت الجلد ، مثل: حقن الإنسولين التي تُعطَى في حالات زيادة السُّكر في الدم ، وحقن الجلوكاجون التي تُعطَى في حالات نقصان السُّكر في الدم.
النوع الثاني: الحقن العضلية
.
وهي التي تُعطَى للمريض في العَضَل ، كاللقاحات المختلفة، والمسكِّنات، وخافضات الحرارة، وحقن الحساسية التي تزيد من مناعة المريض تجاه مثيرات الحساسية.
النوع الثالث: الحقن الوريدية
.
وهي التي تُعطى للمريض من خلال الوريد ، وهي تعتبر من أفضل الطرق لإيصال جرعاتٍ محددةٍ من المواد الغذائية أو الأدوية بسرعة، وبطريقةٍ منظمةٍ إلى أنحاء الجسم، كما أنها أقلُّ إيلاماً للمريض في حالة إعطائه أدويةً مهيِّجة.
والحقن الوريدية نوعان:
1 -
الحقن الوريدية غير المغذية: كالصبغة الخاصة التي يُحقَن بها
(1) ينظر: الموسوعة الطبية (218)، مفطرات الصيام المعاصرة (53 - 57).
المريض لعمل الأشعّات المختلفة ، وذلك لإعطاء صورٍ أكثر وضوحاً، حيث تُحقَن الصبغة في وريدٍ صغيرٍ في اليد أو الذراع، ثم يتمّ تشغيل الجهاز والتقاط الصور المطلوبة.
2 -
الحقن الوريدية المغذية: وهي محاليل مُعَقَمَةٌ تحتوي على بعض المواد الغذائية اللازمة كالسكاكر والأملاح، تُحقَن عبر أنبوبٍ موصلٍ بإبرةٍ تُولَج في الوريد ، وتُعطَى للمرضى الذين لا يستطيعون الحصول على حاجتهم من المواد الغذائية ، أو المرضى الذين لا يستطيعون تناول الطعام ألبتة بسب مرضٍ أو حادثٍ أو عمليةٍ جراحية، أو بسبب الجفاف الناتج عن ضربات الشمس.
فهذه الحقن العلاجية بأنواعها المختلفة: هل يجوز استخدامها أثناء الصيام أم تعتبر مُفسِدةً للصوم؟
لقد بحث مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذه المسألة ضمن المُفَطِّرات في مجال التداوي ، وأصدر قراراً مفصَّلاً فيها ، وذلك في دورته العاشرة المنعقدة في جدة خلال الفترة من 23 - 28 صفر 1418 هـ 28 يونيو - 3 يوليو 1997 م.
وقد جاء في سياق قرار مجمع الفقه الإسلامي ذكر الأمور التي لا تعتبر من المفطرات وهي:
" (8 - الحُقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية ".
كما سُئِلَت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حُكْم التداوي بالحقن في نهار رمضان سواءٌ كانت للتغذية أم التداوي؟
فأجابت: "يجوز التداوي بالحقن في العَضَل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجور للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان. . . وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلاً فهو أولى"(1).
(1) فتاوى اللجنة الدائمة: (10/ 252).
ويمكن إبراز أوجه تطبيق الاجتهاد في المناط على هذه المسألة فيما يأتي:
أولاً: ثبت بالنصِّ والإجماع أن الأكل والشرب مفسدان للصيام ، وعلى الصائم أن يمتنع عنهما من طلوع الفجر الصادق- وهو الضياء المعترِض في الأفق-إلى غروب الشمس (1).
قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: « .. إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يَدَعُ طعامه وشهوته من أجلي» (2).
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مناط التفطير بالأكل والشرب هو كلُّ ماوصل إلى الجوف أو الحلق أو الدماغ ، سواءٌ كان ممايتغذَّى به البدن أو لايتغذى به، وسواءٌ كان من منفذٍ معتادٍ لوصول الطعام والشراب إلى الجوف أو من منفذٍ غير معتاد ، مع اختلافٍ بينهم في بعض المسائل كالاكتحال والاحتقان والسُّعوط والتقطير في الأذن ونحو ذلك (3).
قال الكاساني (4): "وما وصل إلى الجوف أو إلى الدماغ عن المخارق الأصلية، كالأنف، والأذن، والدُّبُر، بأن استَعَطَّ أو احتقن أو أقطَرَ في أذنه فوصل إلى الجوف أو إلى الدماغ فسد صومه، أما إذا وصل إلى الجوف فلا شك فيه لوجود الأكل من حيث الصورة ، وكذا إذا وصل إلى الدماغ؛ لأن له
(1) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (1/ 232) ، بدائع الصنائع (2/ 90) ،المغني لابن قدامة (4/ 349 - 350) ،أحكام
…
القرآن لابن العربي (1/ 132 - 133).
(2)
أخرجه البخاري في "صحيحه"،كتاب الصوم، باب فضل الصوم، رقم (1894) ،وأخرجه مسلم في
"صحيحه"،كتاب الصيام، باب فضل الصيام ، رقم (1151) واللفظ له.
(3)
ينظر: مواهب الجليل (2/ 424 - 426) ، مغني المحتاج للشربيني (2/ 155 - 156) ، شرح منتهى
الإرادات (1/ 481) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (2/ 395 - 397).
(4)
هو: أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، علاء الدين، فقيهٌ حنفي، من مؤلفاته: بدائع الصنائع في
…
ترتيب الشرائع (ط)، والسلطان المبين في أصول الدين، وغيرهما، توفي بحلب سنة (587 هـ).
ينظر في ترجمته: الجواهر المضية (4/ 25)، الفوائد البهية (53)، الأعلام للزركلي (2/ 70).
منفذاً إلى الجوف، فكان بمنزلة زاوية من زوايا الجوف .. " (1).
وقال ابن قدامة: "فيُفطِر بكلِّ ما أدخله إلى جوفه أو مجوَّفٍ في جسده، كدماغه وحلقه ونحو ذلك، مما ينفذ إلى معدته إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرُّز منه، سواءٌ وصل من الفمّ على العادة، أو غير العادة كالوجور واللدود، أو من الأنف كالسُّعوط، أو ما يدخل في الأذن إلى الدماغ، أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل، أو ما يدخل إلى الجوف من الدُّبُر بالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه، أو من دواء المأمومة إلى دماغه، فهذا كله يُفَطِّرُه؛ لأنه واصلٌ إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل، وكذلك لو جرح نفسَه أو جرحه غيرُه باختياره فوصل إلى جوفه، سواءٌ استقر في جوفه أو عاد فخرج منه"(2).
وقال الرافعي (3): "من اسباب الفطر دخول الشئ جوفَه ، وقد ضبطوا الداخل الذى يُفَطِّر بالعين الواصل من الظاهر إلى الباطن في منفذٍ مفتوحٍ عن قصدٍ مع ذكر الصوم"(4).
وقال القرافي عند بيانه حقيقة الصوم: " وهي: الإمساك عن دخول كلِّ ما يمكن الاحتراز منه غالباً من المنافذ المحسوسة كالفمّ والأنف والأذن إلى المعدة."(5).
والتحقيق أن أدلة الكتاب والسُّنَّة الواردة في ذلك إنما تدلُّ على فساد الصوم بالأكل أوالشرب ، فيُلحَق بهما مافي معناهما مما يتغذَّى به البدن ويتقوَّى ، وماسوى ذلك لايُطلَق عليه أكل ولاشربٌ ، وليس هو في معناهما لاعرفاً ولا لغةً؛ وذلك لأن المنطوق به هو المغذِّي ، فلايقاس عليه غير المغذِّي.
قال ابن حزم: "إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل، والشرب،
(1) بدائع الصنائع: (2/ 93).
(2)
المغني: (4/ 352 - 353).
(3)
هو: عبدالكريم بن محمد بن عبدالكريم، أبو القاسم، الرافعي، القزويني، من كبار فقهاء الشافعية، من
مؤلفاته: فتح العزيز في شرح الوجيز للغزالي (ط)، والتدوين في ذكر أخبار قزوين، وشرح مسند الشافعي، وغيرها، توفي سنة (623 هـ).
ينظر في ترجمته: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي (8/ 281)، شذرات الذهب (5/ 108)، الأعلام
للزركلي (4/ 55).
(4)
فتح العزيز بشرح الوجيز: (6/ 359).
(5)
الذخيرة: (2/ 504).
والجماع، وتعمُّد القيء ، والمعاصي، وما علمنا أكلاً، ولا شربًا يكون على دُبُرٍ أو إحليلٍ أو أُذُنٍ أو عينٍ أو أنفٍ، أو من جرحٍ في البطن، أو الرأس! ! وما نُهينا قط عن أن توصل إلى الجوف - بغير الأكل والشرب - ما لم يحرم علينا إيصاله" (1).
وقال ابن تيمية: "وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة فهذا مما تنازع فيه أهل العلم ، فمنهم من لم يُفَطِّر بشيءٍ من ذلك ، ومنهم من فَطَّر بالجميع لا بالكحل ، ومنهم من فَطَّر بالجميع لا بالتقطير ، ومنهم من لم يُفَطِّر بالكحل ولا بالتقطير ، ويُفَطِّر بما سوى ذلك ، والأظهر أنه لا يفطر بشيءٍ من ذلك. . . "(2).
ثم ساق عدة أوجهٍ تؤيد ذلك من أهمها:
1 -
إن إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحاً ، وذلك إما قياس عِلَّةٍ بإثبات الجامع ، وإما بإلغاء الفارق ، فإما أن يدل دليلٌ على العِلَّة في الأصل فيُعدَّى بها إلى الفرع ، وإما أن يُعلَم أن لا فارق بينهما من الأوصاف المُعْتَبرة في الشرع ، وهذا القياس هنا منتفٍ، وذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المُفَطِّر الذي جعله الله ورسوله مُفَطِّراً هو ما كان واصلاً إلى دماغٍ أو بدنٍ أو ما كان داخلاً من منفذٍ أو واصلاً إلى الجوف، ونحو ذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحُكْم عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ويقولون إن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما جعلا الطعام والشراب مُفَطِّراً لهذا المعنى المشترك من الطعام والشراب ، ومما يصل إلى الدماغ والجوف من دواء المأمومة والجائفة ، وما يصل إلى الجوف من الكحل ومن الحقنة والتقطير في الإحليل ونحو ذلك، وإذا لم يكن على تعليق الله ورسوله للحُكْم بهذا الوصف دليلٌ كان قول القائل: إن الله ورسوله إنما جعلا هذا مُفَطِّراً لهذا قولاً بلا علم ، وكان قوله:" إن الله حرَّم على الصائم أن يفعل هذا " قولاً بأن
(1) المحلى: (4/ 348).
(2)
مجموع الفتاوى لابن تيمية: (25/ 233 - 234).
هذا حلالٌ وهذا حرامٌ بلا علم ، وذلك يتضمن القول على الله بما لا يعلم ، وهذا لا يجوز، ومن اعتقد من العلماء أن هذا المشترك مناط الحُكْم فهو بمنزلة من اعتقد صحة مذهب لم يكن صحيحاً ، أو دلالةَ لفظٍ على معنىً لم يُرِده الرسول ، وهذا اجتهادٌ يثابون عليه ، ولا يلزم أن يكون قولاً بحُجَّةٍ شرعيَّةٍ يجب على المسلم اتباعها (1).
2 -
إن القياس إنما يصح إذا لم يدل كلام الشارع على عِلَّة الحُكْم إذا سبرنا أوصاف الأصل فلم يكن فيها ما يصلح للعِلَّة إلا الوصف المعين ، وحيث أثبتنا عِلَّة الأصل بالمناسبة أو الدوران فلا بد من السَّبر، فإذا كان في الأصل وصفان مناسبان لم يجز أن يقول الحُكْم بهذا دون هذا ، ومعلومٌ أن النصَّ والإجماع أثبتا الفطر بالأكل والشرب، والجماع ، والحيض ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى المتوضِئ عن المبالغة في الاستنشاق إذا كان صائماً ، وقياسهم على الاستنشاق أقوى حججهم كما تقدم ، وهو قياسٌ ضعيف ، وذلك لأن من نشق الماء بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه وإلى جوفه ، فحصل له بذلك ما يحصل للشارب بفَمِه ، ويغذِّي بدَنَه من ذلك الماء، ويزول العطش ، ويطبخ الطعام في معدته كما يحصل بشرب الماء ، فلو لم يَرِد النصُّ بذلك لعُلِم بالعقل أن هذا من جنس الشرب ، فإنهما لا يفترقان إلا في دخول الماء من الفم ، وذلك غير معتبر ، بل دخول الماء إلى الفم وحده لا يفطر ، فليس هو مُفَطِراً ولا جزءاً من المُفَطِر؛ لعدم تأثيره ، بل هو طريقٌ إلى الفِطر ، وليس كذلك الكحل والحقنة ومداواة الجائفة والمأمومة؛ فإن الكحل لا يغذِّي ألبتة ، ولا يُدخِل أحدٌ كحلاً إلى جوفه لا من أنفه ولا فمه ،كذلك الحقنة لا تغذِّي بل تستفرغ ما في البدن ، كما لو شمَّ شيئاً من المُسَهِلات ، أو فزع فزعاً أوجب استطلاق جوفه ، وهي لا تصل إلى المعدة ، والدواء الذي يصل إلى المعدة في مداواة الجائفة والمأمومة لا يشبه ما يصل إليها من غذائه. . . فالصائم نُهِيَ عن الأكل والشرب لأن ذلك سبب التقوي ، فترك الأكل والشرب الذي يولِّد الدم الكثير
(1) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: (25/ 242 - 243).
الذي يجري فيه الشيطان إنما يتولد من الغذاء ، لا عن حقنةٍ ، ولا كحلٍ ، ولا ما يقطر في الذَّكَر ، ولا ما يداوي به المأمومة والجائفة ، وهو متولِّدٌ عما استُنشِق من الماء؛ لأن الماء مما يتولَّد منه الدم ، فكان المنع منه من تمام الصوم ، فإذا كانت هذه المعاني وغيرها موجودةً في الأصل الثابت بالنصِّ والإجماع فدعواهم أن الشارع علَّق الحُكْم بما ذكروه من الأوصاف معارَضٌ بهذه الأوصاف ، والمعارضة تبطل كلَّ نوعٍ من الأقيسة إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العِلَّة دون هذا (1).
وبهذا يكون مناط فساد الصوم في ذلك هو: الأكل أو الشرب أو مافي معناهما مما يصل إلى المعدة أو الدم ، ويتغذَّى به البدن ويتقوَّى.
وبناءً على ذلك فقد اجتهد مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في تحقيق مناط فساد الصوم بالأكل والشرب ومافي معناهما في الحقن الوريدية المغذِّية دون الحقن الجلدية والعضلية والوريدية غير المغذية، وذلك لأنها تُغذِّي البدن وتقوِّيه ، فتقوم مقام الأكل والشرب.
حيث جاء في القرار مانصُّه: " أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات .. "
ثم ذُكِر من ضمنها: " 8 - الحُقن العلاجية: الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية ".
كما ورد تعليل الحُكْم بذلك صريحاً في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء ، حيث جاء في الفتوى مانصُّه:" يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حُكْم تناول الطعام والشراب .. "(2).
ثانياً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط التصوُّر الصحيح التام للواقعة ، ومعرفة حقيقتها ، كما تقدم (3).
(1) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/ 244 - 246).
(2)
فتاوى اللجنة الدائمة: (10/ 252).
(3)
ينظر: (223 - 228).
وقد راعى مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذا الضابط في تحقيق مناط مايفسد الصوم من الأكل والشرب ومافي معناهما في الحقن الوريدية المغذية دون غيرها ، وذلك بالاطلاع على الأبحاث والدراسات الطبية ، والاستماع إلى مناقشات الأطباء بشأن أنواع الحقن العلاجية ،وبيان حقيقتها، وصفاتها ، ووظائفها، وذلك بحسب استخداماتها في التداوي.
حيث جاء في القرار مانصُّه: " إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره العاشر بجدة بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة من 23 - 28 صفر 1418 هـ الموافق 28 حزيران (يونيو) - 3 تموز (يوليو) 1997 م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة في موضوع المفطرات في مجال التداوي، والدراسات والبحوث والتوصيات الصادرة عن الندوة الفقهية الطبية التاسعة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، بالتعاون مع المجمع وجهات أخرى، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية في الفترة من 9 - 12 صفر 1418 هـ الموافق 14 - 17 حزيران (يونيو) 1997 م، واستماعه للمناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة الفقهاء والأطباء، والنظر في الأدلة من الكتاب والسنة، وفي كلام الفقهاء، قرر ما يلي: أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: . . . . " وذكر ضمنها: " 8 - الحُقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية ".
ولاريب أن الرجوع المباشر إلى الأطباء في توصيف الحقن العلاجية ، وبيان وظائفها ، ومناقشة الفقهاء لهم في ذلك ، من أهم مدارك التصور الصحيح التام لها، ومعرفة حقيقتها ، ومايترتب عليها.
كما أن استناد مجمع الفقه الإسلامي في ذلك إلى الدراسات والأبحاث الصادرة عن مؤسسةٍ علميةٍ مختصَّةٍ مثل المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية يُعْتَبر من أوثق مدارك التصوُّر الصحيح التام لمثل تلك الأمور؛ لأن الجهود العلمية المؤسسية غالباً ما يتوافر فيها من الخبرات والمَلَكَات المتنوعة مالايتوافر في الأفراد إذا كانوا مُتَفَرَّقين.